01 يناير 2017 م

رحلة المحامد الأربعة

رحلة المحامد الأربعة


رحلة من رحلات طلب العلم ولكن هذه الرحلة لها طابع خاص، فقد جمعت هذه الرحلة أربعة من كبار العلماء في عصرهم، وهم:
الإمام محمد بن جرير الطبري، هو أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، الطبري، ثم البغدادي، ولد في أواخر سنة 224ه، وقيل أول سنة 225هـ، وتوفي يوم السبت لأربع بقين من شوال سنة 310ه.

والإمام محمد بن نصر المروزي، وهو أبو عبد الله المروزي الفقيه صاحب التصانيف الكثيرة والكتب الجمة، وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة، ومَن بعدهم في الأحكام، ولد ببغداد سنة 202ه، ونشأ بنيسابور، ورحل إلى سائر الأمصار في طلب العلم، واستوطن سمرقند وتوفي بها سنة 294ه.

والإمام محمد بن هارون الروياني، وهو الإمام الحافظ الثقة، أبو بكر محمد بن هارون الروياني، صاحب "المسند" المشهور، توفي 307ه، له تصانيف في الفقه، وكان من الثقات.

والإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة، هو محمد بن إسحاق بن خزيمة بن صالح بن بكر، الحافظ، الحجة، الفقيه، شيخ الإسلام، إمام الأئمة، ولد سنة 223ه، عُني في حداثته بالحديث والفقه، حتى صار يُضرب به المثل في سعة العلم والإتقان، توفي سنة 311ه.

هؤلاء الأئمة الأعلام جمعتهم رحلة في طلب العلم بمصر، وكانوا مجتمعين في مكان واحد، ولهم موقف عظيم في هذه الرحلة، وهو:
"أن رحلة جمعت بين ابن جرير، وابن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمد بن هارون الروياني بمصر، فأرملوا -نفد ما معهم من طعام- ولم يبقَ عندهم ما يقوتهم، وأضرَّ بهم الجوع، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه، فاتفق رأيهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام، فخرجت القرعة على ابن خزيمة، فقال لأصحابه: أمهلوني حتى أصلي صلاة الخيرة، قال: فاندفع في الصلاة، فإذا هم بالشموع وخصي -أي عبد- من عبيد والي مصر يدق الباب، ففتحوا، فقال: أيكم محمد بن نصر؟ فقيل: هو ذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارًا، فدفعها إليه، ثم قال: وأيكم محمد بن جرير؟ فأعطاه خمسين دينارًا، وكذلك للروياني، وابن خزيمة، ثم قال: إن الأمير كان قائلًا (نائمًا بالقيلولة) بالأمس، فرأى في المنام أن المحامد (كل واحد اسمه محمد) جياع قد طووا كشحهم (باتت بطونهم خاوية من الجوع)، فأنفذ إليكم هذه الصرر، وأقسم عليكم إذا نفدت هذه الأموال منكم ولم تكفِ نفقتكم، فابعثوا إلي أحدكم".

في هذا الموقف من هذه الرحلة التي كانت في طلب العلم، التي جمعت بين كوكبة من العلماء الأجلاء وهم المحامد الأربعة كما أطلق عليهم؛ لأنهم يجمعهم اسم محمد، جمعت الإمام المروزي البغدادي، والإمامين الطبري والروياني اللذين كان مولدهما في بلدة آمل من بلاد فارس، والإمام ابن خزيمة النيسابوري من بلاد فارس أيضًا، ومع اختلاف بلادهم جمعهم العلم في مكان واحد، ولكن ليس هذا فحسب وإنما جمعهم الجوع أيضًا، وعندما أرادوا أن يسألوا أحدًا إطعامهم أقرعوا فيما بينهم لكي لا يفرض الأمر على أحد منهم دون رغبة، وبعد أن يقترعوا فيما بينهم وتخرج القرعة على الإمام ابن خزيمة أول ما يفعل يلجأ إلى الله، فانظر إلى فضل اللجوء إلى الله تعالى وأن الله عز وجل لا يضيِّع أولياءه، وكيف لا وقد جمعهم إخلاصهم الشديد وصلاحهم في طلبهم للعلم، فجاء العطاء من الله دون أن يسألوا الناس برؤيا يلقيها الله سبحانه وتعالى على الوالي ويخبره بوجود المحامد الأربعة، ويخبره بحالهم، ثم يرشده الله سبحانه إلى مكانهم، فيكرمهم ويعطيهم ويقسم عليهم أن الأموال إذا نفدت فعليهم أن يرسلوا أحدهم إليه ليعطيهم مرة أخر، فلننظر إلى العلم وكيف يعز الله سبحانه وتعالى العالم ويرفع قدره بسبب علمه وتقواه، فرحم الله المحامد الأربعة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.
- سير أعلام النبلاء للذهبي.
- طبقات الشافعية للسبكي.
- التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد لابن نقطة الحنبلي.
- شذرات الذهب لابن العماد.

كان عبد الله بن المبارك من كبار العلماء الصالحين الزُّهَّاد الذين ازْدَانَ بهم تاريخُ المسلمين، وكان أحدَ علاماته المضيئة، ولد سنة 118هـ، وتوفي سنة 181هـ، ومن سماته العظيمة أنه كان رضي الله عنه -مع علمه وورعه وزهده وتقواه- فارسًا شجاعًا، ومقاتلًا مغوارًا؛ فعن عبدة بن سليمان المروزي رضي الله عنه قال: "كنا سرية مع ابن المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدو، فلما التقى الصفَّان، خرج رجل من العدو، فدعا إلى المبارزة، فخرج إليه رجل فقتله، ثم آخر فقتله، ثم آخر فقتله، ثم دعا إلى المبارزة،


هو أبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه، الإمام الفقيه الأمير، أبو سعد ابن أمير المؤمنين أبي عمرو الأموي، المدني. سمع من أبيه، وزيد بن ثابت. وحَدَّثَ عنه: عمرو بن دينار، والزهري، وأبو الزناد، وجماعة رضي الله عن الجميع، وله أحاديث قليلة. وكانت له الولاية على المدينة سبع سنين، وكانت الولاية قبله عليها ليحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أميَّة على المدينة، الذي كان عاملًا لعبد الملك بن مروان.


التابعي الجليل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود رضي الله عنه أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، كان جده عتبة أخًا للصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو من أعلام التابعين، ولد عبيد الله بن عبد الله بن عتبة رضي الله عنه في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أو بُعَيْدهَا.


من الأهمية بمكان إدراكُ حقيقة نشأة المذاهب الفقهية وكيفية عملها واستنباط الأحكام بها، ومما يغفل عنه كثيرٌ من الناس أن هذه المذاهب لا تمثل رأي الإمام الذي تُعرف باسمه فقط، وإنما تمثل رأي العلماء أو الجماعة العلمية التي تُكَوِّنُ هذا المذهب أو ذاك. وفي هذه السطور نتعرض لمذهب الحنفية الذي يُنْسَبُ للإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وقد ولد رضي الله عنه بالكوفة سنة 80 هجرية، وتوفي سنة 150 هجرية، ولقد كان عالمًا فذًّا لا يختلف أحدٌ على


هذه الأسطر تدور حول شخصية فذَّة، بما كان لديها من علم وثقافة وبلاغة وتصنيف ومكانة اجتماعية، مع خفَّة ظل. هذه الشخصيةُ هي: أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، ولد منتصف القرن الثاني الهجري سنة 150هـ أو بعدها، بالبصرة في العراق. كان الجاحظ معتزليًّا كثير الاطلاع واسع المعرفة، يشهد كثيرون له بالتفرد والتفوق على غيره في سعة ثقافته وإحاطة علمه، وكان كثير التصنيف في مختلف المجالات، فكتب عن الحيوان، والنبات، والاجتماع، والاقتصاد، والسياسة، والطرائف والنوادر؛ إذ كان ميَّالًا إلى الفكاهة والمزاح.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57