01 يناير 2017 م

"حكمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مشهد إعادة بناء الكعبة"

"حكمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مشهد إعادة بناء الكعبة"


جاء عن مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ لِي مَوْلَايَ عَبْدُ اللهِ بْن السَّائِبِ: "كُنْتُ فِيمَنْ بَنَى الْبَيْتَ، فَأَخَذْتُ حَجَرًا فَسَوَّيْتُهُ، فَوَضَعْتُهُ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، قَالَ: فَكُنْتُ أَعْبُدُهُ، فَإِنْ كَانَ لَيَكُونُ فِي الْبَيْتِ الشَّيْءُ أَبْعَثُ بِهِ إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمًا لَبَنٌ طَيِّبٌ فَبَعَثْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَصَبُّوهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّ قُرَيْشًا اخْتَلَفُوا فِي الْحَجَرِ حِينَ أَرَادُوا أَنْ يَضَعُوهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ بِالسُّيُوفِ، فَقَالَ: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ أَوَّلَ رَجُلٍ يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالُوا: هَذَا الْأَمِينُ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ "الْأَمِينَ"، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ رَضِينَا بِكَ. فَدَعَا بِثَوْبٍ فَبَسَطَهُ وَوَضَعَ الْحَجَرَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ لِهَذَا الْبَطْنِ، وَلِهَذَا الْبَطْنِ -غَيْرَ أَنَّهُ سَمَّى بُطُونًا: لِيَأْخُذْ كُلُّ بَطْنٍ مِنْكُمْ بِنَاحِيَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، فَفَعَلُوا، ثُمَّ رَفَعُوهُ، وَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَوَضَعَهُ بِيَدِهِ" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِ.

وهذا مشهدٌ جديدٌ من مشاهد التعامل بالحكمة والموعظة الحسنة في سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان هذا الحدث قبل مبعثه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره الشريف، وقد حصلت أحداث هذا المشهد إبَّان بناء قريش للكعبة؛ حيث إنه كان قد تهدَّم جزء منها بسبب السيل، فأرادت قريش أن تعيد بناءها وترفع بنيانها وتصنع لها سقفًا حتى لا تتهدم ثانية، فاجتمعوا واتفقوا على ذلك، وأيضًا اتفقوا على أن لا يدخل في بنائها إلا الأموال الطيبة، فلا يدخل فيها مهر بغيٍّ ولا حُلوان كاهنٍ ولا مال حصل عليه صاحبه بظلمٍ.

وبدءوا العمل ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الخامسة والثلاثين من عمره إذ ذاك، وكان معهم يشاركهم نقل الحجارة مع عمه العباس رضي الله عنه، وكانت كلُّ قبيلة مسئولة عن أحد جوانبها، ثم لما حان وقت نقل الحجر الأسود ووضعه في مكانه دَبَّ الشجار والخلاف بينهم؛ لأن كلَّ قبيلة تريد أن تنال شرف وضع الحجر في مكانه، ثم اتفقت كلمتهم أن يُحَكِّموا بينهم أول داخل عليهم، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أول داخل ففرحوا وطلبوا منه صلى الله عليه وآله وسلم أن يفصل بينهم، فأجابهم وطلب منهم أن يُحضِروا رداءً ثم بسطه وطلب من كلِّ قبيلة أن تأخذ بطرفٍ منه ثم وضع صلى الله عليه وآله وسلم الحجر بيده الشريفة حتى نقلوه إلى مكانه ووضعه صلى الله عليه وآله وسلم فيه بيده الشريفة، وقد قَصُرت بقريشٍ النفقة الحلال عن أن يتموا البناء كلَّه كما كان؛ ولذا فقد بقي الجزء المسمى "حِجْرَ إسماعيل" خارج البناء، ولكنه من الكعبة.

ومما يستفاد من هذه الواقعة أن رسولنا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان محلَّ تقديرٍ واحترامٍ من قريشٍ، بدليل ارتضائهم لتحكيمه، وأن تدخُّلَه صلى الله عليه وآله وسلم الحكيم كان سببًا في حقن دمائهم وجمع كلمتهم، وهكذا يجب أن يكون المصلحون بين الناس.

جاء عن حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو رِفَاعَةَ: "انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ غَرِيبٌ، جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا، قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا". رواه مسلم. يحمل هذا الحديث رافدًا جديدًا من روافد التعامل مع المواقف وفق منهج الحكمة والموعظة الحسنة؛ فها هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقطع خطبته لأمرٍ من المؤكد أنه من الأمور الهامة، وإلا لما قطع خطبته.


عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلَانٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ» رواه البخاريُّ.


عَنِ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلاةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّهَا ضَلالَةٌ؛ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» (رواه أصحاب السنن الأربعة).


عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ»، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ» رواه البخاري.


عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال: «لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، قال: فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :39
الظهر
12 : 50
العصر
4:21
المغرب
7 : 2
العشاء
8 :20