الثلاثاء 16 ديسمبر 2025م – 25 جُمادى الآخرة 1447 هـ
01 يناير 2017 م

"الإمام أبو حنيفة ومشورة أصحابه"

"الإمام أبو حنيفة ومشورة أصحابه"


من الأهمية بمكان إدراكُ حقيقة نشأة المذاهب الفقهية وكيفية عملها واستنباط الأحكام بها، ومما يغفل عنه كثيرٌ من الناس أن هذه المذاهب لا تمثل رأي الإمام الذي تُعرف باسمه فقط، وإنما تمثل رأي العلماء أو الجماعة العلمية التي تُكَوِّنُ هذا المذهب أو ذاك.

وفي هذه السطور نتعرض لمذهب الحنفية الذي يُنْسَبُ للإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وقد ولد رضي الله عنه بالكوفة سنة 80 هجرية، وتوفي سنة 150 هجرية، ولقد كان عالمًا فذًّا لا يختلف أحدٌ على غزارة علمه وفطنته وذكائه، وكان الإمام الشافعي يقول: "الناس في الفقه عيالٌ على أبي حنيفة"، ومع ذلك لم يكن الإمام أبو حنيفة ينفرد برأيه دون مشورة تلاميذه الذين كانوا بدورهم أئمة كبارًا مشهودًا لهم بالعلم والفضل، بل كان يشكِّلُ بهم مَجْمَعًا علميًّا تتم فيه دراسة الرأي والتشاور حوله واستعراض أدلته وما إلى ذلك من الأمور التي تتعلق بالاستنباط وأدواته، وفي ذلك يقول الإمام الكوثري عند حديثه عن مذهب الحنفية وأنه امتدادٌ لمدرسة سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ثم الفقهاء الذين امتلأت بهم الكوفة من بعده، فقال: وقد جمع أبو حنيفة علوم هؤلاء ودوَّنها بعد أخذٍ وردٍّ سديديْن في المسائل بينه وبين أفذاذ أصحابه في مجمع فقهي كيانُه من أربعين فقيهًا من نبلاء تلاميذه المتبحرين في الفقه والحديث وعلوم القرآن والعربية، كما نص على ذلك الطحاوي وغيره.

وعن هذا الإمام الأعظم يقول ابن النديم محمد بن إسحاق، الذي ليس هو من أهل مذهبه: "والعلم برًّا وبحرًا، شرقًا وغربًا، بُعدًا وقربًا تدوينُه رضي الله عنه".

وعن ابن كرامة قال: "كنا عند وكيعٍ يومًا فقال رجل: أخطأ أبو حنيفة، فقال وكيع: كيف يقدر أبو حنيفة يخطئ ومعه مثل أبي يوسف وزفر في قياسهما، ومثل يحيى بن أبي زائدة، وحفص بن غياث، وحبان، ومندل في حفظهم الحديث، والقاسم بن معن في معرفته باللغة العربية، وداود الطائي، وفضيل بن عياض في زهدهما وورعهما؟ مَنْ كان هؤلاء جلساءه لم يكدْ يخطئ؛ لأنه إن أخطأ ردوه".

وعن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قال: "قال أبو حنيفة يومًا: أصحابنا هؤلاء ستة وثلاثون رجلًا، منهم ثمانية وعشرون يصلحون للقضاء، ومنهم ستة يصلحون للفتوى، ومنهم اثنان يصلحان يؤدبان القضاة وأصحاب الفتوى، وأشار إلى أبي يوسف وزفر".

ومن المعلوم أن المذاهب لا تقتصر على رأي إمامها فقط، بل تدخل آراء تلاميذه أيضًا، بل وآراء علماء المذهب فيما بعد ضمن آراء المذهب؛ لأن أهم شيء تُقيمه هذه المذاهب هو بناء منهج التفكير والنظر في التعامل مع النصوص وكيفية تنزيلها على الواقع ومِنْ ثمَّ استنباط الأحكام الفقهية.

وسيبقى من المهم أيضًا إدراك هذه الطبيعة المنفتحة في التعامل مع الفقه الإسلامي، التي رسَّخها هؤلاء العلماء الأجلاء في تسامحٍ وسعيٍ دائبٍ نحو الحقيقة، بمشورة واسعة لا انفراد فيها برأي أو تعصب لهوًى أو تحقيقًا لمآرب بعيدة عن الحقيقة العلمية والدينية.

إن الهدف الوحيد لكل هذا التراث العلمي الذي تركوه لنا هو معرفة مراد الله سبحانه وتعالى على النحو الذي أراد لنا به معرفته، فرضي الله عنهم وجزاهم خير الجزاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
- "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي.
- "مقالات الكوثري".

رحلة من رحلات طلب العلم ولكن هذه الرحلة لها طابع خاص، فقد جمعت هذه الرحلة أربعة من كبار العلماء في عصرهم، وهم: الإمام محمد بن جرير الطبري، هو أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، الطبري، ثم


كان سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أحد فقهاء المدينة المنورة الكبار، وكان به شبه من جدِّه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال سعيد بن المسيب رضي الله عنه: "كان عبد الله أشبه ولد عمر به وكان سالم أشبه ولد عبد الله به"، وقال عنه العلامة ابن حبان في "الثقات": [كان يشبه أباه في السمت والهدي].


هو أبو عبد الرحمن طاوس بن كيسان اليماني الحميري، وهو من كبار التابعين، فهو من أول طبقة من طبقات التابعين، والعلماء، والفضلاء الصالحين، سمع من جمع من الصحابة رضي الله عنهم، حتى إنه قال: جالست ما بين الخمسين إلى السبعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وروى عنه جماعة من التابعين، واتفقوا على جلالته وفضيلته، ووفور علمه، وصلاحه، وحفظه، وتثبته، حتى قال عنه أحدهم: ما رأيت أحدًا قط مثل طاوس.


هو عروة بن الزبير بن العوام، أبوه الصحابي الجليل الزبير بن العوام، وأمه السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق "ذات النطاقين" رضي الله عنهم جميعًا. ولد سيدنا عروة رضي الله عنه حوالي سنة 23هـ، روى عن أبيه، وعن العبادلة، ومعاوية، والمغيرة، وأبي هريرة، وأمه أسماء، وخالته عائشة، وأم سلمة رضي الله عن الجميع، وروى عنه جماعة من التابعين، وخلقٌ ممن سواهم. قال محمد بن سعد: "كان عروة ثقة، كثير الحديث، عالمًا مأمونًا ثبتًا".


هذه الأسطر تدور حول شخصية فذَّة، بما كان لديها من علم وثقافة وبلاغة وتصنيف ومكانة اجتماعية، مع خفَّة ظل. هذه الشخصيةُ هي: أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، ولد منتصف القرن الثاني الهجري سنة 150هـ أو بعدها، بالبصرة في العراق. كان الجاحظ معتزليًّا كثير الاطلاع واسع المعرفة، يشهد كثيرون له بالتفرد والتفوق على غيره في سعة ثقافته وإحاطة علمه، وكان كثير التصنيف في مختلف المجالات، فكتب عن الحيوان، والنبات، والاجتماع، والاقتصاد، والسياسة، والطرائف والنوادر؛ إذ كان ميَّالًا إلى الفكاهة والمزاح.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :44
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20