14 مايو 2017 م

أبو الأسود الدؤلي وخدمته للغة العربية

أبو الأسود الدؤلي وخدمته للغة العربية

أبو الأسود الدؤلي اسمه ظالم بن عمرو، كان قاضيًا بالبصرة في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه، ولد في أيام النبوة، وحَدَّثَ عن عمر، وعلي، وأبي بن كعب، وأبي ذر، وعبد الله بن مسعود، والزبير بن العوام، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، وقال عنه أبو عمرو الداني: "قرأ القرآن على عثمان وعلي رضي الله عنهما".
ولأبي الأسود الدؤلي دور بارز في خدمة اللغة العربية وحفظ المتحدِّثين بها من الوقوع في اللَّحن والخطأ؛ ذلك أن الأجيال الجديدة من العرب ربما بسبب الفتوحات التي أدت إلى دخول أجناس مختلفة في دين الإسلام، واختلاط العرب بهم، قد نشر بينهم لحنًا في الكلام؛ فحاول أبو الأسود الدؤلي أن يُعالج هذا الأمر بتمييز الحروف المضمومة من المفتوحة من المكسورة من الساكنة من المُنَوَّنَةِ، وبيان قواعد اللغة العربية بشكل واضح مفصَّل؛ فأسْدَى بذلك معروفًا للغة العربية يذكره له علماؤها بالإِكبار والإجلال، فقد كان ذلك فاتحةَ خير لتأسيس علم النحو الذي كان له أثرٌ كبيرٌ في خدمة العلوم المرتبطة بالقرآن والسنة؛ كالتفسير والحديث والفقه وغيرها.
وتُرْوَى قصصٌ مختلفةٌ في الدافع وراء هذا الأمر، فمنها ما ذكره الإمام المازني، قال: السبب الذي وُضِعَتْ له أبوابُ النَّحو أن بنتَ أبي الأسود قالت له: مَا أَشَدُّ الحَرِّ!
فقال: الحصباء بالرمضاء -يقصد إجابتها عن نوع الحرِّ الأشد-.
قالت: إنما تعجبت من شِدَّتِه -أي أنها أرادت التعجب وليس السؤال-.
فقال: أوَ قَدْ لَحَنَ الناسُ؟!
فأخبر بذلك الإمام عليًّا رضي الله عنه فأعطاه أُصُولًا بَنَى منها، وعمل بعده عليها.
وقيل: إن سيدنا عليًّا لمَّا سمع اللَّحنَ في كلام الناس أمره بوضع شيء في النحو؛ فأراه أبو الأسود ما وضع، فقال سيدنا علي: "ما أحسن هذا النحو الذي نحوت!" فمن ثمَّ سُمِّيَ النحوُ نحوًا.
قال أبو عبيدة: أخذ أبو الأسود عن عليٍّ العربيةَ، فسمع قارئًا يقرأ: ﴿أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة: 3] -بكسر اللام في ﴿وَرَسُولُهُ﴾ بدلًا عن ضمها-، فقال: "ما ظننت أن أمر الناس قد صار إلى هذا"، فقال لزياد الأمير: "ابغني كاتبًا لَقِنًا" -أي سريع الفهم-، فأتى به، فقال له أبو الأسود: "إذا رأيتَني قد فتحتُ فمي بالحرف؛ فانقط نقطة أعلاه، وإذا رأيتني قد ضممتُ فمي؛ فانقط نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرتُ؛ فانقط نقطة تحت الحرف، فإذا أتبعتُ شيئًا من ذلك غُنَّةً؛ فاجعل مكان النقطة نقطتين"، فهذا نقط أبي الأسود.
ورُوِيَ عن أبي الأسود أنه قال: "دخلت على أمير المؤمنين علىٍّ، فرأيته مطرقًا مفكِّرًا؛ فقلت: فيم تفكر يا أمير المؤمنين؟ فقال: سمعت ببلدكم لحنًا، فأردت أن أصنع كتابًا في أصول العربيَّة، فقلت له: إن فعلت هذا أبقيتَ فينا هذه اللغة العربية، ثم أتيته بعد أيام، فألقى إلىَّ صحيفة فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم، الكلام كلُّه اسم وفعل وحرف؛ فالاسم ما أنبأ عن المسمَّى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمَّى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل".
ثم قال: تتبَّعْه وزِدْ فيه ما وقع لك، واعلم أن الأشياء ثلاثة: ظاهرٌ، ومضمرٌ، وشيءٌ ليس بظاهرٍ ولا مضمرٍ، وإنما يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بمضمر ولا ظاهر.
فجمعتُ أشياء وعرضتُها عليه، فكان من ذلك حروف النَّصب، فذكرت منها: إنَّ، وأنَّ، وليت، ولعلَّ، وكأنَّ، ولم أذكر لكنَّ، فقال: لم تركتَها؟ فقلت: لم أحسبها منها، فقال: بلى هي منها، فزدها فيها".
وقال محمد بن سلام الجُمَحي: "أبو الأسود هو أول من وضع باب الفاعل، والمفعول، والمضاف، وحرف الرفع والنَّصب والجر والجزم، فأخذ ذلك عنه يحيى بن يعمر"، وإن كان بعض المعاصرين يشكك في قيام أبي الأسود بوضع هذه الأبواب على هذا النحو؛ بدعوى أنه يتنافى مع طبيعة نشأة العلوم التي تنشأ في صورة بسيطة ساذجة غير مركبة أو مرتَّبة، لكن المتفق عليه أنه أول من وضع نقط الإعراب في القرآن الكريم.
وقد مات أبو الأسود في طاعون الجارف بالبصرة، سنة 69هـ، وهذا هو الصحيح، وقيل: مات قُبيل ذلك، وعاش حوالي خمسٍ وثمانين سنة.
المصادر:
- "سير أعلام النبلاء" لابن الأثير (4/ 81).
- "إنباه الرواة على أنباه النحاة" للقفطي (1/ 39).
- "أبو الأسود الدؤلي" للدكتور أحمد كشك ضمن "موسوعة أعلام الفكر الإسلامي"، (ص: 96-97، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).
 

الإمام أبو عبيد هو القاسم بن سلام البغدادي اللغوي الفقيه، الأديب المشهور صاحب التصانيف المشهورة والعلوم المذكورة، كان أبو عبيد فاضلًا في دينه وفي علمه ربانيًّا، متفننًا في أصنافٍ من علوم الإسلام من القرآن والفقه والعربية والأخبار، وكان حافظًا للحديث وعلله، عارفًا بالفقه والاختلاف، رأسًا في اللغة، إمامًا في القراءات، له فيها مصنف، ولد 157ه، ومات بمكة سنة 224ه، رحمه الله تعالى. من كتبه المصنفة بضعة وعشرين كتابًا في القرآن والفقه وغريب الحديث والغريب المصنف والأمثال


شريك بن عبد الله بن الحارث النخعي، ولد في بخارَى سنة 95ه تقريبًا، كان فقيهًا وعالمًا بالحديث، اشتهر بقوَّة ذكائه وسرعة بديهته، ولَّاهُ المنصور العباسي القضاءَ على الكوفة سنة 153ه ثم عزله، وأعاده المهدي، فعزله موسى الهادي، وكان عادلًا في قضائه، ويقال إنه قال: ما وَليتُ القضاء حتى حَلَّت لي الميتة.


الإمام يحيي بن معين هو الإمام الحافظ، الجهبذ، سيد الحفاظ، وشيخ المحدثين، أبو زكريا، يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام ولد في بغداد سنة 158ه، ونشأ في بغداد، وكتب العلم وهو ابن عشر سنين، وكان أبوه معين من نبلاء الكتَّاب لعبد الله بن مالك على خراج الري، فخلف له ألف ألف درهم، فأنفقها كلها على تحصيل الحديث حتى لم يبقَ له نعل يلبسه، سمع الحديث من عبد الله بن المبارك، وهشيم بن بشير، وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وعبد الرزاق الصنعاني باليمن،


الإمام، شيخ الإسلام، عالم زمانه، وأمير الأتقياء في وقته، روى عبد الله بن المبارك كثيرًا، وطلب العلم، وصنف كتبًا كثيرة في أبواب العلم وصنوفه، حملها عنه قوم، وكتبها الناس عنهم، وسمع علمًا كثيرًا وكان ثقة، مأمونًا، إمامًا، حجةً، كثير الحديث، وكان من الربانيين في العلم، الموصوفين بالحفظ، ومن المنادين بالزهد، وقد سئل ابن المبارك عن أول زهدة فقال: إني كنت يومًا في بستان، وأنا شاب مع جماعة من أقراني، وذلك في وقت الفواكه، فأكلنا وشربنا، وكنت مولعًا بضرب العود، فقمت في بعض الليل، وإذا


ولد الإمام مالك بن أنس، إمام المدينة المنورة، على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام، سنة 93 هـ تقريبًا، وطلب العلم وهو صغير، على عدد من الأئمة من أبرز علماء المدينة المنورة، مثل: نافع، وسعيد المقْبُرِيِّ، وعامر بن عبد الله بن الزبير، وابن المنكدر، والزهري، وعبد الله بن دينار، وربيعة بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي. وللإمام مالك قصة مشهورة مع أبي جعفر المنصور، الخليفة العباسي آنئذٍ، حين طلب منه اعتماد كتابه "الموطأ" في مختلف البلاد الإسلامية، يقول الإمام مالك: "لما حج أبو جعفر المنصور دعاني، فدخلت عليه، فحدثني وسألني، فأجبته، فقال: إني عزمت أن آمر بكتبك


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 يوليو 2025 م
الفجر
4 :22
الشروق
6 :4
الظهر
1 : 1
العصر
4:37
المغرب
7 : 57
العشاء
9 :28