13 سبتمبر 2017 م

إسهامُ الحضارةِ الإِسلاميَّة في عِلمِ التَّشريِح

إسهامُ الحضارةِ الإِسلاميَّة في عِلمِ التَّشريِح

لم يَخْلُ ميدانٌ من ميادين النُّهوض والتَّقدُّم إلا وأسهم فيه المسلمون إسهامًا متميِّزًا؛ ومن هذه الإسهامات ما قدَّموه في ميدان علم التَّشريح، الذي يُعْنَى بالبحث في أعضاء الكائن الحيِّ وتركيبِها وكيفيَّةِ عملِها؛ حيث اعتبروا ممارسة التَّشريح أمرًا ضروريًّا ليس فقط لفهم وظائف أعضاء الجسد، بل ولسلامة التَّشخيص وتقرير العلاج الناجع أيضًا.
وقد استفاد العلماءُ المسلمون في ميادين الطِّبِّ والتَّشريح بمؤلفاتِ سابقيهم من أهل اليونان، ولكنهم لم يُسَلِّموا بما فيها، بل درسوها بعناية واختبروا مدى صِحَّتها وقاموا بتعديلِ ما يلزم منها وَفق ما تبيَّن لهم من معرفة وخبرة ودراية بفنِ التَّشريح، ومن أهم مَن ألَّفَ في علم التَّشريح: الأئمة: أبو بكر الرَّازي، وابن سينا، وابن الهيثم، وعلي بن عيسى الكَحَّال، وغيرهم.
وقد توصَّل الإمام عبد اللَّطيف البغدادي إلى أنَّ الفَكَّ الأسفَلَ عَظْمَةٌ واحدةٌ بدونِ مِفصل، وليس من عَظْمتينِ كما قال جالينوس، وحينما علم بوجود تَلٍّ من الهياكل العظميَّة البشريَّة في مكانٍ مَا بالقاهرةِ ذَهبَ إليه وفحص الآلاف منها فحصًا دقيقًا.
وألَّفَ الإمام أبو بكرٍ الرَّازي كتابَ "المنصوري" حوالي عام 293هـ-905م، وهو عشر مقالات في تشريح أعضاء الجسم كلِّها، وقد نُشِرَت لهذا الكتاب عدَّةُ ترجماتٍ في العصور الوسطى وطبعت ترجمته اللاتينية في عصر النَّهضة الأوروبية عام 1489م.
ثم جاء الإمام ابن سينا من بعد الرَّازي ووضع عِلْمَ التَّشريحِ في المكانِ اللَّائِق به، وهو أنَّه بداية لدراسة الطب، وذلك قبل مئات السنين من عصر النهضة في أوروبا، وقد توصَّل ابن سينا إلى معرفة واكتشاف بعض العديد من الحقائق المتعلِّقة بتركيب جسم الإنسان وأعضائه المختلفة؛ من عظام وعضلات وأوردة وشرايين، وميَّز الأربطة من الأعصاب وسمَّاها الأوتارَ وغيرَ ذلك، ونجده قد تحدَّث عن العضلات السِّتِّ المحرِّكة للعين، والعضلة الرَّافعة للجفنِ العلويِ، وعرَّف القناة التي تنقل الدَّمع إلى الأنف، ووصف حركات تقلُّص الحدقة واسترخائها.
لقد درس ابن سينا ما جاء به الطبيب اليوناني جالينوس في علم التشريح، وأضاف إليه وعلَّقَ عليه.
ثم جاء من بعده الإمام ابن النَّفيس، فاستفاد مما ذكره جالينوس وابن سينا، وبنى عليه، في عمليَّةِ مراكمةٍ معرفيَّةٍ متميِّزة، ولم يُسلِّم بكُلِّ ما قالاه، بل صحَّحَ ما تبيَّن له خطؤه ومجانبته الصَّواب؛ فقد اهتدَى ابن النفيس إلى أن اتِّجاه الدَّم ثابتٌ، وأنه يمرُّ من التَّجويف الأيمن إلى الرِّئة حيث يخالط الهواء، ومن الرئة عن طريق الشريان الوريدي إلى التَّجويف الأيسر، فاكتشف ابن النفيس الدورَة الدَّمويَّة الصُّغرى بعد أن عرف تشريح الشَّرايين والأوردة في الرِّئة، وبيَّن ذلك في كتابٍ مشهورٍ له في التَّشريح هو "شرحُ تشريحِ القانون"، وقد توصًّلَ إلى اكتشاف أوعيةٍ شَعيرية، لم يتوصَّل إليها علماءُ الغرب إلا بعد عدَّة قرون واختراع العدسة المكبِّرة، وتوصل ابن النفيس أيضًا من تشريح عيون الحيوانات إلى أنَّ منفعةَ العين كآلةٍ للإبصار لا تتم إلا بعصبٍ يأتي من المُخِّ ويميِّزُ المرئيات، وهو ما يسمَّى في العلم الحديث بالعصب النُّوري أو البَصَري.
وبالرَّغم من عدم التأكد من معرفة مدى ممارسة هؤلاء العلماء لعمليَّة التَّشريح بأنفسهم، لكن ما ذكروه من تفاصيل يُشير إلى اطِّلاعٍ دقيقٍ ربما لم يُصرِّحوا به في حينه.
المصادر:
- "التراث العلمي للحضارة الإسلامية" للدكتور أحمد فؤاد باشا (ص: 168، 169، 177).
- "إسهام ابن سينا في علم التشريح الإنساني إبان العصور الوسطى" للدكتور يونيسكو ميهاي، والدكتور أكثم قدور، مجلَّة التراث العربي (مجلد 2، عدد 7، سنة 1982م، (ص: 215-220).
- "تشريح القانون لابن النفيس" للدكتور بول غليونجي، كتاب/ مجلة تراث الإنسانية، العدد الأول، سنة 1963م، (ص: 67-76).
- "التشريح" للدكتور أحمد فؤاد باشا، ضمن "موسوعة الحضارة الإسلاميَّة" (ص: 528-530) . ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).

 

 

يعد الكميائيون المسلمون من أول من استخدم المنهج العلمي في توصيف ما يحدث في تفاعلات المواد وتحولات الفلزات، وعرف العلماء المسلمون بواسطة الترجمة أعمال الكيميائيين الإغريق التي تُعنى بشكل خاص بالمعادن،


التكايا والزوايا من المؤسسات المهمة التي أنتجتها الحضارة الإسلامية؛ لتقدم نموذجًا فريدًا في خدمة المجتمع والرسالة الدينية والقيم الإنسانية، وقد كانت –تحديدًا- من ثمار التفاعل الصوفي مع الواقع وتيسير أفضل السبل لتحقيق الغاية من سلوك طريق التصوف. وهناك عددٌ من المفاهيم لا بد من بيانها قبل الحديث عن أثر هذه المؤسسات الصوفية في الحضارة الإسلامية


أدرك المسلمون خطورة القضاء وأهميته في انتظام الحياة وتحقيق العدالة التي أمر بها الإسلام، فكان من روائع ما أبدعته حضارة الإسلام تحويل مسائل القضاء من مبحث جزئي يتناوله الفقه الإسلامي بصورة غير مستوعبة في بعض أرباعه إلى علم مستقل ذي موضوع مميز، وثمرةٍ وحدٍّ مميزين.


بالتأمل في الغاية التي خلق الله سبحانه وتعالى من أجلها الإنسان نجد أنه يمكن تلخيصها في أمرين اثنين: -الأمر الأول: العبادة؛ قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، والعبادة يأتي في المقدمة منها الشعائر التي يؤديها العبد؛ من صلاة وصيام وزكاة وحج وغير ذلك من شعائر العبادات. -أما الأمر الثاني فهو: عمارة الأرض؛ قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61]، فتعمير الأرض من الأمور التي كلفنا الله بها، وهو يشمل كل عمل مفيد يؤدي إلى التعمير،


من إبداعات الحضارة الإسلامية التي نشأت تلبية لنداء الشريعة بضرورة الحفاظ على النظام الاجتماعي وشيوع العدل والفضيلة في كافة مناحي الحياة (علم الاحتساب). وقد ذكرنا في مقال سابق أن أمر الحسبة خطير، وأنها أحد وجوه التطبيق العملي لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنها إن لم تنضبط بميزان الشرع فقد تأتي بنتائج سلبية تكر على المقصود منها بالبطلان، وبدلًا من أن تؤدي إلى استقرار المجتمعات تؤدي إلى اضطرابها. وآية ذلك ما نرى من بعض المتشددين الذين لم ينالوا من العلم والدين القدر الكافي، ويسعون في الأرض بغير هدى ولا علم؛ ظانين أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 مايو 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :11
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :58