13 فبراير 2019 م

العلم يشهد بوجود الله

العلم يشهد بوجود الله

تساءل الفيزيائي السويسري الشهير تشارلز يوجين جاي (1866-1942م): هل من الممكن أن تصنع الصدفةُ الكائنات الحية؟ وما نسبة الخطأ في احتمالات هذه العملية الكبيرة؟

وللإجابة عن هذا السؤال أعد بحثا إحصائيا اكتفى فيه بحساب نسبة احتمال اجتماع العناصر الكيمائية لتكوين جزيء واحد فقط من جزئيات البروتين في الكائن الحي. ومن المعلوم أن العناصر الكيميائية التي كانت قد اكتشفت في ذلك الوقت (92) عنصرًا، وأن البروتين يتألف من خمسة عناصر فقط؛ هي الكربون والهيدروجين والنتروجين والأكسجين والكبريت.. والذي كشف عنه جاي أن الفرصة لا تتهيأ عن طريق المصادفة لتكوين جزيء بروتيني واحد إلا بنسبة [1] إلى[16010]؛ أي بنسبة واحد إلى رقم عشرة مضروبًا في نفسه 160 مرة، وهو رقم لا يمكن التعبير عنه بلفظ عادٍّ.. والأكبر من هذا أن كمية المادة التي تلزم لحدوث هذا التفاعل بالمصادفة بحيث ينتج جزيء واحد أكثر مما يتسع له كل هذا الكون بملايين المرات، كما يتطلب بلايين لا تحصى من السنين تقدر بـ[24310].

وهذا الأمر هو الذي دفع الفرنسي لابلاس (ت: 1827م) قبل ذلك -وهو من كبار الفلكيين والرياضيين الأوربيين- إلى أن يجزم في كتابه "نظام العالم" بأن اعتبار هذا النظام من آثار التصادف لا يصح أن يقال إلا بنسبة واحد في أربعة تريليونات وفي المقابل يكون فرض حدوث ذلك بقدرة الله تعالى بنسبة أربعة تريليونات من الاحتمالات إلى احتمال واحد.

وأمثال هذه البحوث المتكاثرة تقف بنا على حقيقة صدع بها عالم الطبيعة جورج إيرل دافيز قبل قرن من الزمان، حينما شاع الاعتقاد بأن العلم يقف في مواجهة الدين، وأن أكثر الناس إلحادًا هم العلماء؛ حيث قال: إن هذا الاعتقاد لا يقوم على صحته دليل، بل إنه يتعارض مع ما هو ملاحظ فعلًا من شيوع الإيمان بين جمهرة المشتغلين بالعلوم.. وإن التطور الذي تكشف عنه العلوم في هذا الكون هو ذاته شاهد على وجود الله.
كلما تحرك العلم للأمام كان في ذلك تأكيد وكشف لما هو خاف من مظاهر العناية الإلهية بالأكوان.. فالحسابات الدقيقة تؤكد أن الأرض التي نعيش عليها لو كانت في حجم القمر لعجزت عن احتفاظها بالغلافين الجوي والمائي المحيطين بها، ولصارت درجة الحرارة فيها بالغة حد الموت. في حين لو كان قطرها ضعف قطرها الحالي لأصبحت جاذبيتها للأجسام ضعف ما هي عليه، مما يعني صعوبة بالغة في الحياة والتنقل.. وهذا الغلاف الجوي المحيط بالأرض يشتمل على الغازات اللازمة للحياة، وهو حجاب واق يحول دون وصول ملايين الشهب القاتلة إلينا، منقضة بسرعة ثلاثين ميلًا في الثانية.

المنهج العلمي الحديث يبطل المادية
إذا كان الماديون ينكرون وجود الإله تحت دعوى أنه شيء وهمي لا يدخل تحت الحس والتجربة، فإن نظريات العلم الحديثة التي تلاحقت في القرنين الأخيرين جعلت العقل الحديث لا يحصر دائرة العلم في تلك الوقائع التي يمكن تجربتها مباشرة، وإنما تطور هذا المفهوم ليعتبر أن أية قرينة منطقية تستند إلى تجارب ومشاهدات غير مباشرة يمكنها أيضًا أن تصبح حقيقةً علميةً بنفس درجة الحقائق العلمية التي نتمكن من مشاهدتها مباشرة.
لقد قبل الماديون فكرة تطور الكائنات لدارون، واعتبروها نظرية علمية تفسر كثيرًا من الغموض الذي يحيط بالكون، ولا يوجد لنظرية داروين أي واقع محسوس تعتمد عليه لتعذر وضع ما مضى من الكائنات تحت المجهر، وإنما هي مجرد شواهد غير مباشرة واستدلالات وقرائن منطقية.
ولقد آمن العالم كله بالإليكترون كحقيقة علمية في الوقت الذي لم يتمكن أحد فيه من رؤيته بالعين المجردة ولا بالآلات التي عرفها العصر.
فإذا كان العلم التجريبي نفسه وهو منصب على العالم المادي المحسوس يؤسس النظريات على الآثار والقرائن، فلم لا يعتمد العقل على الآثار والقرائن في التسليم بوجود الله تعالى، وهو خارج عن هذا العالم المحسوس!!
وإذا كان العلم التجريبي نفسه يُخضع كل ظاهرة للتفسير، فلم يقف عند الظاهرة الكبرى، وهي العالم، ويرجعها للصدفة العقيم!!!
المراجع
• "الله يتجلى في عصر العلم" ترجمة الأستاذ الدكتور/ الدمرداش سرحان.
• مقال بعنوان "الكشوف العلمية تثبت وجود الله" بقلم جورج دافيز، ضمن مقالات "كتاب الله يتجلى في عصر العلم".
• "العلم في مواجهة الدين" لوحيد الدين خان.
 

البقاء من صفات الجلال والعظمة التي يجب على المسلم أن يعتقد اتصاف الله تعالى بها، ومعنى البقاء في حق الله تعالى أنه لا آخر لوجودِه ولا نهاية ولا اختتام، فلا يتصور في جانب المولى عز وجل انتهاء أو فناء أو انقطاع عن الوجود، بل هو سبحانه باقٍ بقاءً لا يلحقه عدم.


إن كل شيء في الكون يهدي إلى الله تعالى، ولو أن الإنسان تُرك وفطرته التي يولد بها لاهتدى إلى الحق من أقرب طريق. وقد ميز الله تعالى النوع الإنساني بالعقل المفكر والنفس الملهمة التي هي الفطرة السليمة. وإن العقل الواعي مع الفطرة السليمة عند عدم العوائق لديهما القدرة على الوصول إلى الله تعالى والتسليم له والإيمان به.


الإنسان العاقل توقن نفسه بأنه صنعة الله تعالى الذي خلقه بقدرته، ووهبه الحياة وأسبابها، وهيأ له سبل العيش في هذا الكون الفسيح، وتوقن نفسه أيضًا بأن كل شيء في الكون من سماء وأرض ونجوم وأفلاك وبحار وأنهار وكائنات لا تحصى مفتقرة محتاجة في وجودها إلى الله تعالى الذي أوجدها من العدم.


إن العبد عبدٌ لا يتجاوز نقص العبودية، والرب ربٌ لا ينقص عن كمال الألوهية، وهناك فارق بين المخلوق والخالق، وحيث ثبت أن الله تعالى هو رب العالمين وأنه خالق كل شيء فلا سبيل إلى التعرف على ذاته وصفاته إلا بما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما نزل عليه من كلام الله تعالى وهو القرآن وما أوحي إليه من السنة المشرفة.


اتفق العقلاء على وجود الله سبحانه وتعالى، وقالوا: إن هذا العالم المعجز في صنعته لا يمكن أن يصدر عن نفسه، ولا يمكن أن يكون للصدفة عمل فيه، ولا فيما هو دونه، وإنما العالم صنعة إله قادر خارج عن هذا العالم، وليس جزءًا منه، ولا فردًا من أفراده، ولا تسري عليه أحکامه، وإنما هو إله حكيم ذو علم غير محصور وإرادة تامة وقدرة مطلقة يفعل ما يشاء ويترك ما يشاء.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 مايو 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :11
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :58