الثلاثاء 16 ديسمبر 2025م – 25 جُمادى الآخرة 1447 هـ
29 أغسطس 2019 م

علم الاحتساب

علم الاحتساب

من إبداعات الحضارة الإسلامية التي نشأت تلبية لنداء الشريعة بضرورة الحفاظ على النظام الاجتماعي وشيوع العدل والفضيلة في كافة مناحي الحياة (علم الاحتساب).
وقد ذكرنا في مقال سابق أن أمر الحسبة خطير، وأنها أحد وجوه التطبيق العملي لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنها إن لم تنضبط بميزان الشرع فقد تأتي بنتائج سلبية تكر على المقصود منها بالبطلان، وبدلًا من أن تؤدي إلى استقرار المجتمعات تؤدي إلى اضطرابها. وآية ذلك ما نرى من بعض المتشددين الذين لم ينالوا من العلم والدين القدر الكافي، ويسعون في الأرض بغير هدى ولا علم؛ ظانين أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وعَلِمْنَا أيضًا أنه: باتساع الدولة الإسلامية أصبح للحسبة ولاية خاصة كولاية القضاء وولاية المظالم، ووضعت لها القواعد، وحددت لها الاختصاصات، بحيث صارت الحسبة وظيفة يعين لها ولي الأمر من يقوم بها.
فكانت هذه الأمور وغيرها الدافع الذي استثار أهل العلم لتخصيص مساحة علمية لتناول قضية الحسبة بالدراسة، فأخذت الحسبة من الوجهة التقعيدية النظرية جزءًا من كتب "السياسة الشرعية" وكتب "الأحكام السلطانية" كما فعل العلامة الماوردي الشافعي (ت: 450هـ) والعلامة ابن الفراء الحنبلي (458هـ)، وكذلك اهتم الإمام الغزالي (ت: 505هـ) في الإحياء بالتقعيد لها وذكر ضوابطها وشروط القائم بها.
ومع التركيز على الوجهة العملية التطبيقية وُضِعَ (علم الاحتساب) الذي يمكننا أن نعرفه بأنه علم بأصول يعرف بها شروط المحتسب ومحل الحسبة وقواعد الاحتساب.
ويكفينا في معرفة أهمية هذا العلم وخطورة الحسبة ما صدر به صاحب كتب "نهاية الرتبة" أول أبواب كتابه، حيث قال: "لما كانت الحسبة أمرًا بمعروف، ونهيًا عن منكر، وإصلاحًا بين الناس، وجب أن يكون المحتسب فقيهًا، عارفًا بأحكام الشريعة، ليعلم ما يأمر به، وينهى عنه. ورب جاهل يستحسن بعقله ما قبحه الشرع، فيرتكب المحظور، وهو غير عالم به".
وقد بلغت عناية المسلمين بالتنظيم للحسبة في هذا العلم أن بحثوا عن الأمور الجارية بين أهل البلد في معاملاتهم، وما يجري لأصحاب التجارات والمهن والحرف وللناس في الأسواق من وجوه للغش والتدليس والغبن وأكل الحقوق، مع تخصيص كل مهنة أو حرفة أو عمل أو تجارة بذكر ما يقع فيها من هذه المخالفات.
ولا يتوقف الأمر عند ذكر وجوه المخالفات في الأعمال، وإنما يشفع ذلك –إذا اقتضى الأمر- بذكر المنهج الذي يسلكه المحتسب في مواجهة هذه المخالفات.
كما يقدم للمحتسب تفصيلًا بالأنواع والأشكال المختلفة للسلع المبيعة مع ذكر الجيد والمتوسط والردئ والغالي والرخيص، وكذلك وجوه الحسن والقبح في المصنوعات على اختلافها، وفي ذلك يقدم أحيانًا دقائق الصناعات والأعمال، والطرق التفصيلية التي تخرج بها على الوجه الأتم.
كما يزود هذا العلمُ المحتسبَ بالطرق التي يكتشف بها الغش في الأسواق، وبالوسائل التي تعينه على اختبار السلع مهما خفيت كالأعشاب، وتعينه على كشف الغش في المصنوعات مهما دقت كالعقاقير الطبية.
ومن أبرز الكتب التي صنفت في هذا العلم، كتاب "نهاية الرتبة الظريفة في طلب الحسبة الشريفة" لأبي النجيب جلال الدين العدوي الشيزري الشافعي (ت: 590هـ) وقد جعله في أربعين بابًا، وكتاب "معالم القربة في طلب الحسبة" لابن الأخوة القرشي محمد بن محمد بن أحمد بن أبي زيد المتوفى (ت: 729هـ) وقد جعله في سبعين بابًا.
المراجع:
"الأحكام السلطانية" للماوردي.
"الأحكام السلطانية" لابن الفراء الحنبلي.
"معالم القربة في طلب الحسبة" لابن الأخوة القرشي.
"نهاية الرتبة الظريفة" لجلال الدين الشيزري الشافعي.
 

يعد الكميائيون المسلمون من أول من استخدم المنهج العلمي في توصيف ما يحدث في تفاعلات المواد وتحولات الفلزات، وعرف العلماء المسلمون بواسطة الترجمة أعمال الكيميائيين الإغريق التي تُعنى بشكل خاص بالمعادن،


نحن أُمَّةٌ متدينة، امتزجت حضارتنا بعقيدتنا، فكان الدينُ أساسَها وروحَها وموَجِّهَها وسببَ ازدهارها وباعثَ حياتها عبر العصور.


الحضارة مشتقة من (الحضر) وهو المكان الذي يكون فيه عمران واستقرار لأهله من ساكني المدن، بخلاف أهل البداوة الذين يعيشون على التنقل في الصحراء وبواديها بحسب الظروف المعيشية المتوفرة لهم. ومفهوم الحضارة واسع يشمل مختلف أنواع وعوامل التقدم والرقي، سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية أو متعلقة بنظم الإدارة وممارسات الحياة العامة بأشكالها المتنوعة. ومن المظاهر الحضارية التي اعتنى بها المسلمون الاهتمام بالطب والتداوي، فلم يكن المسلمون في ميادين الطب والصيدلة مجرد ناقلين ومقلدين لخبرات الأمم الأخرى في هذا المجال، بل ترجموا ونقلوا وجربوا وهذبوا وابتكروا


تحتل الأسرة منزلة كبيرة، وتؤدي دورًا محوريًّا في بناء المجتمعات، ويؤثر وضعها وحالتها على وضع وحالة المجتمع؛ فهي اللَّبِنَةُ الأولى في بنائه؛ ذلك أن الفرد بمفرده لا يُنمِّي المجتمع ويمده باحتياجاته البشرية، فذلك إنما يتحقق من خلال الأسرة فحسب، فضلًا عن أن الفردية التي انتشرت بسبب الفلسفات، والأفكار الحداثية، تؤدي إلى الانعزال والتقوقع داخل الذات، وتتسبب في وقوع كثير من المشكلات الاجتماعية، والحضارية.


تعد الرقابة والمحاسبة من أسس العمل الناجح، الذي تنبني عليه قيمة هذا العمل ومدى إمكانية تحقيقه للنتائج المرجوَّة منه، ولقد اهتمَّت الرؤية الإسلامية بهذا الأمر، وأوْلَته ما يستحقُّ من عنايةٍ واهتمامٍ. إن المسلم ينشأ على اعتقاد أن الله سبحانه وتعالى يراقبه ويطَّلع على دقائق أعماله، فلا يكون في كونه سبحانه وتعالى إلا ما أراد، وأن كلَّ ما في الكون بحسابٍ وتقديرٍ، وليس فيه شيءٌ خلقه الله سبحانه زائدًا لا فائدة منه أو مفتقرًا إلى استكمال؛ فينشأ المؤمن الذي في ذهنه هذا التصور على منهجٍ يدفعه


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :44
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20