05 فبراير 2020 م

وظيفة الإفتاء (1) الإفتاء وظيفة دينية

وظيفة الإفتاء (1) الإفتاء وظيفة دينية

نحن أُمَّةٌ متدينة، امتزجت حضارتنا بعقيدتنا، فكان الدينُ أساسَها وروحَها وموَجِّهَها وسببَ ازدهارها وباعثَ حياتها عبر العصور.

وأساس ديننا الاستسلام لرب العالمين؛ فلا يصدر فعلٌ أو قولٌ، ولا ينشأ تَرْكٌ أو كفٌّ إلا وهو متلبسٌ بمراعاة مراد الله تعالى منا؛ فإنَّ لله تعالى في كل شيءٍ -مهمَا عظُم أو صغر- حكمًا شرعيًّا لا يخرج عن الوجوب أو التحريم أو الاستحباب أو الكراهة أو حتى الإباحة، فهي حكم بالحل والجواز.

ومن ثم كان من الوظائف المهمة في الدولة الإسلامية -منذ عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإلى وقتنا هذا- بيانُ الأحكام الشرعية في الوقائع والمسائل التي تحدث للمسلم المعين أو لطائفة معينة من المسلمين، فيبحث أو يبحثون -بمقتضى الاستسلام لله رب العالمين- عن حكم الشرع فيها.. وهذا البيان المخصوص هو الذي قامت به وظيفة الإفتاء في حضارة الإسلام عبر العصور بلا توقفٍ في زمانٍ أو مكانٍ.

والمفتي في حضارة الإسلام هو من يضطلع بهذا البيان بما أُوتيه من إجازات علمية وخبرات معرفية تؤهله لهذه الوظيفة الشرعية.

والفرق بين حكم المفتي وحكم القاضي أن حكم المفتي في الواقعة المسئول عنها ليس واجبَ التنفيذ، بخلاف حكم القاضي فإنه محاطٌ بسياج الإلزام الذي يُوجب التنفيذَ، ولذلك فقد صحب السلطةَ القضائية في دولة الإسلام -كغيرها- السلطةُ التنفيذيةُ لأحكام القضاء.

وإن وجود الإفتاء في حضارة الإسلام إنما هو تحقيقٌ لفرض أوجبه الشرع على عموم المسلمين؛ بأن يكون بينهم من يُبَيِّنُ حكم الله تعالى في الوقائع والمسائل لمن يحتاج إلى ذلك من المسلمين؛ فهو -كالقضاء- فرضُ كفاية، يجب على المسلمين في كل زمان ومكان أن يَعُدُّوا له من يقوم به على وجهه.. حتى ذهب الشافعية إلى أنه يجب أن يكون في كل مكان من دولة الإسلام مفتٍ؛ بحيث لا تخلو مساحة تساوي مسافة قصر الصلاة عن مفتٍ واحد على الأقل؛ أي بحيث لا يزيد ما بين كل مفتيين على مسافة القصر.

وأول من قام بهذا المنصب الشريف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فكان يُفتي عن الله تعالى بوحيه المبين، وكان كما قال له أحكم الحاكمين: ﴿قُلْ مَا أَسأَلُكُمْ عَليهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المتكَلِّفِينَ﴾ [ص: 86] فكانت فتاويه صلى الله عليه وآله وسلم جوامعَ الأحكام، ومشتملةً على فصل الخطاب، وكان يعاونه صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك أهلُ العلم من الصحابة كما تُفيد الروايات الصحيحة.

وبعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان علماء الصحابة هم من حملوا لواءَ الفتوى، فكان منهم الـمُكثر من الفتوى والمتوسط والمقلُّ. والمكثرون منها قلائل لا يتجاوزون العشرة، منهم عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعائشة أم المؤمنين، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم. وهؤلاء لو كُتِبَتْ فتاوى كل واحدٍ منهم لكانت وحدها كتابًا ضخمًا. وأما المقلون فتجاوزوا المائةَ، ولا يروى عن الواحد منهم إلا المسألة والمسألتان، منهم سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وأبو منيب، وقيس بن سعد، وعبد الرحمن بن سهل، وسمرة بن جندب، وسهل بن سعد الساعدي، رضي الله عنهم أجمعين.

------

المراجع:

- "إعلام الموقعين" لابن قيم الجوزية.

- "آداب الفتوى والمفتي والمستفتي" للإمام النووي.

- "تحفة المحتاج" لابن حجر الهيتمي.

 

الحضارة مشتقة من (الحضر) وهو المكان الذي يكون فيه عمران واستقرار لأهله من ساكني المدن، بخلاف أهل البداوة الذين يعيشون على التنقل في الصحراء وبواديها بحسب الظروف المعيشية المتوفرة لهم. ومفهوم الحضارة واسع يشمل مختلف أنواع وعوامل التقدم والرقي، سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية أو متعلقة بنظم الإدارة وممارسات الحياة العامة بأشكالها المتنوعة. ومن المظاهر الحضارية التي اعتنى بها المسلمون الاهتمام بالطب والتداوي، فلم يكن المسلمون في ميادين الطب والصيدلة مجرد ناقلين ومقلدين لخبرات الأمم الأخرى في هذا المجال، بل ترجموا ونقلوا وجربوا وهذبوا وابتكروا


مثَّلت المراعي الطبيعية موردًا مهمًّا لتغذية الحيوانات وتربيتها، ولا تزال تحظى بأهمية كبيرة للحفاظ على الثروة الحيوانية وتنميتها، ولقد كان الإنسان منذ القدم يهاجر من أرضٍ إلى أرضٍ بحثًا عن أنسب الأماكن التي تصلح للرعي والزراعة والتجارة، واستيفاء ما ينقصه من وسائل العيش وتهيئة ظروف الأمن والاستقرار.


بالتأمل في الغاية التي خلق الله سبحانه وتعالى من أجلها الإنسان نجد أنه يمكن تلخيصها في أمرين اثنين: -الأمر الأول: العبادة؛ قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، والعبادة يأتي في المقدمة منها الشعائر التي يؤديها العبد؛ من صلاة وصيام وزكاة وحج وغير ذلك من شعائر العبادات. -أما الأمر الثاني فهو: عمارة الأرض؛ قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61]، فتعمير الأرض من الأمور التي كلفنا الله بها، وهو يشمل كل عمل مفيد يؤدي إلى التعمير،


اهتمت الحضارة الإسلامية بإعمار الأرض انطلاقًا من المنظور القرآني لوظيفة الإنسان في الكون وفي الحياة؛ وهو الاستخلاف في الأرض لعمارتها وإقامة عبادة الله عز وجل في ربوعها، فالإنسان هو خليفة الله في أرضه؛ قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: 30]، وقال تعالى: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ﴾ [ص: 26] وقال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾ [هود: 61]. ونهى الله تعالى الإنسان


اعتنى الإسلام بأمر الصحة بعامة، وأرشدنا الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام إلى جملة من الآداب التي ارتقى بعضها إلى عبادات واجبة؛ ليكون المجتمع الإسلامي مجتمعًا صحيًّا آمنًا بنسبة كبيرة من الأمراض والأوبئة، وتقليص فرص ظهورها قدر الإمكان، مما ينعكس بشكل إيجابي على كفاءة أفراد المجتمع وطاقته الإنتاجية وقوته وفتوَّته.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :42
الشروق
6 :18
الظهر
1 : 1
العصر
4:37
المغرب
7 : 43
العشاء
9 :8