10 مارس 2020 م

عفة الجوارح

عفة الجوارح

 العفة في الجوارح هي إمساكها عن الحرام، وكفها عن كل ما لا يحلُّ وكل ما لا يَجْمُل من خوارم المروءة، وقد ذكرنا في مقال سابق أن الإسلام يأخذ بيد الإنسان لتحصيل الفضائل والوقوف على منطقة الكمال من قواه الإنسانية، وأن المجتمعات التي تتمسك بالعفة مجتمعات مثالية.
ولما كانت العفة هي منطقة الكمال في القوة الشهوية عند الإنسان أعلى الإسلام من شأنها، وجعلها عمادًا من أعمدة الأخلاق الإسلامية، وجعلها الملاذ الآمن للمسلمين عند حصول الدواعي التي تسوق بها القوةُ الشهويةُ الإنسانَ نحو الحرام.. فينادي القرآن على من تتوق أنفسهم للزواج ولا يملكونه أن يتمسكوا بالعفة، فيحفظوا أبصارهم وفروجهم حتى لا يقعوا في الفاحشة: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 33]، ويأمر الأغنياء أن يكفوا أيديهم بالعفة عن أموال من تحت وصايتهم: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ﴾ [النساء: 6] وجاء التعبير في الموضعين بالفعل (استعف) وهو أبلغ من الفعل (عف) فكأنه أمر بالمبالغة في طلب المزيد من العفة.
وقد كان من دعائه صلى الله عليه وآله وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى» رواه مسلم، وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن (اليدَ العليا) في قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق عليه: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»- هي اليدُ المتعففة.
فمن عفة الجوارح كف اليد عن السرقة وأكل أموال الناس بالباطل وأكل أموال اليتامى ظلمًا، وكفها عن إيذاء الخلق بضرب أو غيره. ومن عفة الجوارح كفُّ البصر عن النظر للحرام، وكف الأذن عن أن تسمع الحرام، وكف الرِّجل أن تمشي في الحرام.
ومن عفة الجوارح كف الفرج عن أن ينال حرامًا، وقد مدح القرآن المرأةَ العفيفة التي لم تقرب الفاحشة وسماها المحصَنة، وأشار إلى ذلك في قوله عن مريم عليها السلام: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ [التحريم: 12]، وفي قوله تعالى: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾ [النساء: 25] أي: عفيفات لا يقربن الفواحش.. وَعَدَّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فيمن يظلهم الله تعالى بظله: «وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ» رواه البخاري، وهذا إشارة لمبلغ أجر عفة الفرج.
ومن عفة الجوارح كف اللسان عن إيذاء الخلق بأي صورة من صور الإيذاء، وهو المشار إليه في قول الله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83] والمصرح به في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ» رواه الترمذي.
المراجع:
• "تفسير الإمام القرطبي".
• "شرح الإمام النووي على صحيح الإمام مسلم".
• "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" لبدر الدين العيني.
• "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" للحافظ ابن حجر.

الإنصاف خلق كريم، يُقرِّر حق كل شخص تجاه نفسه وتجاه غيره، فهو تطبيق لقيمة العدل، الذي هو أصل منظور الإسلام للكون والحياة، الذي تقوم عليه فلسفة الإسلام ومنهجه، وهذا الخلق الراقي يقتضي أن ينظر الإنسان إلى نفسه وغيره نظرًا موضوعيًّا متوازنًا، فيعرف حق نفسه عليه، فيما ينبغي أن يوفره لها من علم وقرب إلى الله وسياسة جسده حتى يقوى على تحمل ما يلزمه من واجبات وما يتطلع إلى تحقيقه من طموحات وتقدير ما يمكنه القيام به وما لا يمكنه


لا يستغني الإنسان عن العلاقة بغيره، فهو كائنٌ اجتماعيٌ، وخلق الله الناس في حاجةٍ بعضِهم لبعض، ومَنْ مَنَحَهُ الله ميزةً وقدرةً على القيام بأمور معينة مَنَعَهُ القدرة على القيام بأمور أخرى. وإذا كان الإنسان ينشأ في البداية بين أهله وأقربائه عادةً؛ فإنه -بمرور الوقت والاحتكاك بالآخرين- تنشأ له دوائر علاقات أخرى أكثر تنوُّعًا وتشعُّبًا؛ فيحب ويَكره، ويثق ويشك، ويأمِّن ويخوِّن، فيزداد من البعض دُنوًّا وقربًا، ومن آخرين نفورًا وبعدًا، وقد نَبَّهَ القرآن إلى هذه الحقيقة الاجتماعية في التنوُّع والتَّعارف في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13].


الكذب من الأخلاق الذميمة التي يقع فيها كثير من الناس للأسف الشديد، وهو خُلُقٌ يجعل صاحبه يقول الشيء على غير حقيقته، ويخالف الواقع الذي هو من خلق الله سبحانه وتعالى. والكذب من صفات المنافقين، يقول تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: 1]، وفي الحديث الشريف: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ» رواه البخاري، فالمؤمن ينقص إيمانه بالكذب


والصِّدِّيق: الرَّجل الكثير الصدق، وهو من أخلاق الأنبياء عليهم السلام، قال تعالى في حقِّ إبراهيم عليه السلام﴿إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا﴾ [سورة مريم: 41]، وقد أمر الله تعالى بالصدق فقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119] . وعن أخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم، فكان يُلقب قبل البعثة بالصادق الأمين، فعن عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214]، صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ


خُلُقُ المُدَاراةِ من الأخلاق المهمَّةِ في إقامة العلاقات الإنسانية التي تنزع فتيل التوتُّر وتدرأُ عواقب الخلاف والشِّقاق وإبداءِ الكراهية، وهي تعني: لينُ القولِ والتَّجاوزِ عن البُغضِ تجاهَ شخصٍ ما في التعامل معه؛ اتِّقاءً لشرِّه وأذاه، دون أن يكون في هذا السلوك موافقة على باطلٍ يقوم به.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 مايو 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :11
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :58