15 سبتمبر 2020 م

دار الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول مسألة " التجارب السريرية" وتؤكد: التجارب الطبية على الإنسان مباحة بشروط

دار الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول مسألة " التجارب السريرية" وتؤكد: التجارب الطبية على الإنسان مباحة بشروط

حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل الدائر حول مسألة "التجارب السريرية" بإجراء تجارب طبية على جسد الإنسان، وأكدت في فتوى جديدة لها، أن اختبار الدواء على جَسَد الإنسان هو ما يطلق عليه: «التجارب السريرية»، والتي تعرفها منظمة الصحة العالمية بـ «التقييم الفعلي لفَرْض طبي - دوائي أو جراحي- جديد»، وهذا جزء من المفهوم الشامل للتجارب الطبية، التي تعني: الانحراف عن الأصول الطبية المتعارف عليها لجمع معطيات علمية أو فنية، أو اكتساب معارف طبية جديدة بهدف تطوير العلوم الطبية والبيولوجية والحيوية.

 وأوضحت دار الإفتاء في فتواها أن هذه الاختبارات الطبية في مجملها تتماشى مع حَثِّ الشرع الشريف على التداوي من الأمراض وإرشادِه إلى البحث عن العلاج؛ فقد روى أبو دواد والبيهقي في "سننيهما"، والطبراني في "المعجم الكبير" حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الله عز وجل أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا، ولا تداووا بحرام»، وعند الإمام أحمد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه؛ قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الله لم ينزل داءً إلا أنزل له شفاءً، عَلِمه مَن عَلِمه، وجهله مَن جهله».

 وفصَّلت الدار فتواها مؤكدة أن إجراء التجارب الطبية على الإنسان لا يعدو ضررها أن يكون مُحَقَّقًا أو لا؛ فإن كان ضررها ثابتًا ويُشَكِّل خَطَرًا على حياة الإنسان أو على وظيفةِ عضوٍ من أعضائه؛ وذلك كالتجارب الدوائية التي تُجرَى لمعرفة آثار الدواء الجانبية السلبية، ومعرفة مدى الضرر المحتمل من استخدام بعض المواد الخطرة أو الفَتَّاكة، أو بعض السموم؛ فكل هذه التجارب مُحرَّمة شرعًا؛ لأنَّ الشريعة الإسلامية حَرَّمت كل ما يُؤدِّي إلى إتلافِ البدن وإزهاقِ الروح، فأَمَرَتْ الإنسان بالمحافظة على نفسه وجسده مِن كل ما يُهْلِكه، ونَهت عن أن يقتل الإنسانُ نفسَه أو يُنزِلَ بها الأذى؛ فلا يجوز لأحدٍ أن يتصرَّف في جسده تصرفًا يُؤدي إلى إهلاكه أو إتلافه -كما يقول الإمام الشاطبي في "الموافقات" (2/376، ط. دار المعرفة)-، وكُلُّ إنسانٍ وإن كان صاحب إرادةٍ -فيما يَتعلق بشخصه- إلا أنها مُقَيَّدةٌ بالحدود التي شرعها الله تبارك وتعالى كما في قوله سبحانه: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]، وقوله عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].

 وتابعت الدار أن الإمام البيضاوي قال في تفسيره: «ينهانا الله عن قتل النفس وإهلاكها بارتكاب ما يؤدي إلى قتلها أو باقتراف ما يذلها ويرديها فإنه القتل الحقيقي للنفس»، كما روى الترمذي في "سننه" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسُمٍّ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا أَبَدًا».

 وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ» (متفقٌ عليه).

 وفي سياق متصل شددت دار الإفتاء على أنَّ استخدامَ الإنسان كأداةٍ لإجراء مثل هذه التجارب التي تؤذيه أو تُودِي بحياته قطعًا يتنافى مع التكريم الذي جعله الله سبحانه وتعالى للإنسان في قوله: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾، أما إذا كانت هذه التجارب لا ضرر فيها على الإنسان، أو فيها ضرر يُحْتَمَل بحيث لا يُشَكِّل خَطَرًا على حياة الإنسان أو على عضو من أعضائه؛ وذلك كالتجارب التي يتم اختبارها مُسَبَّقًا على غير الإنسان، وعُلِم أنَّه لا ضرر فيها إذا ما أجريت على الإنسان، مع أخذ كل التدابير لمنع الخطر في إجرائها عليه، كما في التجارب التي تُجرَى على الإنسان لمعرفة المزيد عن تفاصيل وظائف الأعضاء، أو الجرعات المناسبة وكميتها من دواء معين؛ فهذه التجارب جائزة شرعًا.

 ودللت دار الإفتاء على جواز هذا النوع من التجارب على البشر بقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ موضحة أن إجراء هذه التجارب على بعض البشر للاستفادة من نتائجها في خدمة الإنسانية فيه إحياء للآخرين، ورعاية لمصالحهم الصحية، كما ساقت الاستدلال على الجواز بعموم الأدلة التي أَمَر فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتداوي، حيث يُبَيِّن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّ الله عز وجل خَلَق الأمرين الداء والدواء، وحَثَّ البشر جميعًا على البحث عن هذا العلاج، ولا يتم ذلك إلا بإجراء مثل هذه التجارب غير المضرة بالإنسان.

 وأشارت دار الإفتاء في فتاواها إلى أن الـمُشَرِّع المصري حرص على تقنين التجارب الطبية على البشر؛ فوافق مجلس النواب في جلسته بتاريخ 24/8/2020م بشكل نهائي على مشروع قانون يقضي بتنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية، وأَوْدَع فيه الـمُشَرِّع -وَفْق آخر تعديلٍ- اثني عشر فصلًا، واشتملت هذه الفصول على خمس وثلاثين مادة قانونية؛ قَنَّن فيها الـمُشَرِّع جواز إجراء التجارب الطبية على الإنسان باشتراط أن تسبق هذه التجارب على البشر جميع الاحتياطيات الكافية لضمان تكوين بيئة صالحة لنجاح التجربة، وأن يكون القائم بالتجربة من أهل الاختصاص، كما اشترط الـمُشَرِّع أيضًا الحصول على موافقة مُسبَّقة على البحث من قِبَل هيئة الدواء المصرية، وموافقة واعتماد المجلس الأعلى لمراجعة أخلاقيات البحوث الطبية الإكلينيكية، وكذا موافقة واضحة "مستنيرة" من المبحوث ومن الممثل القانوني عن الفئات المستحقة حماية إضافية من المبحوثين.

 كما نوهت الدار بأن مشروع القانون جرَّم أيضًا في الفصل الأخير مِن فصوله: كل مَن أجرى بحثًا طبيًّا إكلينيكيًّا دون الحصول على الموافقة المستنيرة من المبحوث، أو لم يُقَدِّم الرعاية الطبية اللازمة لأي من المبحوثين أثناء البحث الطبي وبعده، أو ساهم بأي صورةٍ كانت في خروج عينات بشرية تستخدم في الأبحاث الطبية الإكلينيكية أثناء إجرائها أو بعد انتهائها دون الحصول مسبَّقًا على الموافقات المتطلبة وَفْقًا لمنصوص مواد هذا المشروع.

 وفي ختام فتواها أكدت دار الإفتاء المصرية أن مسألة خضوع الإنسان للتجارب السريرية وتجربة الأبحاث واللقاحات عليه لا تُمْنَع برمتها، ولا تباح أيضًا برمتها، بل منها ما تجيزه الشريعة ومنها ما تمنعه؛ فيَحْرُم منها ما يُؤدِّي إلى موت الإنسان أو ذهاب جزءٍ من منافع أعضائه قطعًا، وكذا كل ما يُؤدِّي إلى تغيير هيئته وصورته البشرية التي ارتضاها الله له مما فيه إهدار لكرامته، ولا يجوز أن يتطوع الشخص بنفسه في ذلك؛ فالإنسان غير مأذونٍ له بقتل نفسه ولا أن يُفَوِّت منفعة عضو من أعضائه قطعًا.

أَمَّا غير ذلك من حالات التجارب الطبية؛ فيجوز إجراؤها على الإنسان، وللشخص نفسه أيضًا أن يتطوَّع لإجرائها، وهو ما يراه المشرع المصري أيضًا؛ شريطة الحصول على الموافقات الرسمية المطلوبة في هذا الشأن التي تضمن وتراقب اتخاذ جميع الاحتياطيات الكافية لضمان تكوين بيئة صالحة لنجاح التجربة، أو التقليل من مخاطرها، بل تُجَرِّم كل الخروقات الحاصلة قبل التجربة وأثناءها وبعدها أيضًا.

كان قد ورد طلب فتوى لدار الإفتاء المصرية نصه: "في ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من "فيروس كورونا المستجد"، تسعى المراكز البحثية بالتعاون مع الشركات العالمية لإيجاد الأدوية المناسبة التي تُنْقِذ الإنسانية من هذا الوباء؛ وفي سياق ذلك تقوم هذه المراكز بإجراء التجارب الدوائية لمنتجاتها على جَسَد الإنسان للتَّأكُّد من صلاحيتها في العلاج، السؤال: ما حكم الشرع في إجراء مثل هذه التجارب الطبية على جَسَد الإنسان؟" وهو الأمر الذي ردت عليه الدار في فتوى رسمية اليوم.

المركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية 15-9-2020م


 

يتقدَّم فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بخالص العزاء، إلى صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح،


أكد فضيلة أ.د نظير محمد عياد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن المواقع الدينية تشكل جزءًا أصيلًا من تراث الإنسانية الزاخر بالقيم المعرفية والإنسانية الخالدة، كما أنها تمثل تاريخًا كبيرًا لحضارات إنسانيةً ودينيةً تعاقبت على مر التاريخ، ومن ثم كان من الضروري أن نحافظ عليها، وأن نورثها للأجيال اللاحقة، كما حافظ عليها وتركها لنا أسلافنا على مر العصور، موضحًا أن حماية هذه المواقع تمثل رسالة الأديان جميعًا في ترسيخ قيم السلام والتسامح، لذا فقد جاءت الشريعة الإسلامية واضحة في حماية دور العبادة مستشهدًا بقوله تعالى ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا﴾ [الحج: 40]، كما شدد على أن الإسلام نهى عن هدم أماكن العبادة حتى في أوقات الحروب، مستدلًا بوصايا أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعدم المساس بالكنائس والبيع


يدين فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بأشد العبارات، التصريحات المتهورة التي أدلى بها بعض قادة الكيان الصهيوني بشأن ما يسمونه بـ"إسرائيل الكبرى"، واصفًا إياها بأنها أكذوبة سياسية لا أساس لها من الواقع، وخرافة قديمة يعاد إحياؤها لتبرير مشاريع التوسع والهيمنة في المنطقة، مؤكدًا أن هذه المزاعم تكشف عن ذهنية استعمارية ما زالت أسيرة احلام اليقظة.


عُقدت، اليوم الأربعاء، الورشة الرابعة ضمن فعاليات مؤتمر الإفتاء العالمي العاشر، التي جاءت بعنوان: "جلسة عصف ذهني لاستشراف مستقبل الإفتاء في ظل التطورات المتوقَّعة للذكاء الاصطناعي"، ونظَّمها مركز الاستشراف الإفتائي بدار الإفتاء المصرية. ترأس الجلسة الدكتور عبد اللطيف المر أستاذ الصحة العامة بكلية طب الزقازيق والأمين المساعد للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت، وأمانة الدكتور محمود البيطار، مدير مركز الاستشراف الإفتائي بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر العالمي العاشر للإفتاء.


شاركت القافلة الدعوية لدار الإفتاء المصرية التي انطلقت أمس الخميس، إلى محافظة شمال سيناء، في العديد من الفعاليات واللقاءات المهمة بالمحافظة، وذلك في إطار دورها الدعوي والتوعوي لتعزيز الوعي الديني وتصحيح المفاهيم ونشر قيم الوسطية والاعتدال. 


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :13
الشروق
6 :40
الظهر
12 : 49
العصر
4:18
المغرب
6 : 58
العشاء
8 :15