17 ديسمبر 2020 م

في فتوى جديدة لها .. دار الإفتاء المصرية: التغيب عن صلاة الجمعة جائز لمن يخشى أذى "فيروس كورونا"

في فتوى جديدة لها .. دار الإفتاء المصرية: التغيب عن صلاة الجمعة جائز لمن يخشى أذى "فيروس كورونا"

قالت دار الإفتاء المصرية: إنه في ظل انتشار «فيروس كورونا المستجد» واتجاه دول العالم إلى ضرورة التعايش مع ظروف هذا الوباء، إذا خاف الشخص الأذى والضرر بـ«فيروس كورونا المستجد» جَرَّاء الاختلاط بغيره في صلاة الجمعة، أو غَلَب على ظنه ذلك؛ فيُرَخَّص له بعدم حضور صلاة الجمعة؛ ويصليها في البيت ظُهْرًا. أمَّا مَن تَحقَّقت إيجابية حَمْلِه للفيروس؛ فيَحْرُم عليه شرعًا حضور صلاة الجمعة؛ لما في ذلك مِن تَعَمُّد إلحاق الضرر بالآخرين؛ لا سيما مع عِلْم الشخص بكون مرضه ذا طابعٍ مُعْدٍ.
وأضافت دار الإفتاء في بيان لها حول فتوى التغيب عن صلاة الجمعة وأدائها ظهرًا في المنزل: إن الشريعة الإسلامية الغراء تمتاز بالتوازن بين مقاصدها الشرعية ومصالح الخلق المرعية، وفيها من المرونة ومراعاة الأحوال والتكيف مع الواقع ما يجعل أحكامها صالحةً لكل زمان ومكان، وفي كل الظروف، وهذا يُمَكِّن المسلمَ من التعايش مع الوباء المعاصر مع الأخذ بأسباب الوقاية؛ دون أن يكون آثمًا بترك فريضة، أو مُلامًا على التقصير في حفظ نفسه وسلامتها.
ولفتت دار الإفتاء النظر إلى أن الإسلام إذ فَرَض الفرائض والشعائر والعبادات، فقد عَلَّمنا أنها لم تأتِ للمشقة، بل لتزكية النفوس وتطهيرها؛ فقال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6]، وأناطها بالاستطاعة؛ فقال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وجاءت النصوص بأن حفظ النفس هو أهم المقاصد العليا التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، وأَنَّ سلامة الإنسان في نفسه وماله أعظم عند الله حرمةً من البيت الحرام؛ فقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَار»، فإذا تعارضت سلامة الإنسان في نفسه مع واجب من الواجبات أو فريضة من الفرائض؛ قُدِّمت سلامته، وروعيت صحتُه.
وعليه قالت الدار: لذلك، فإذا أقيمت صلاة الجمعة فيجب على مَن حضرها الالتزام التام بما قَرَّرته السلطات المختصة والجهات الصحية من أساليب الوقاية وإجراءات الحماية المختلفة؛ كالتباعد بين المصلين من كل اتجاه، وارتداء الكمامة الطبية، واصطحاب السجَّادة الخاصة بالمصلي، وترك المصافحة عقب الصلاة، والتعقيم بالمنظفات والمطهرات؛ وكل ذلك حفاظًا على أرواح الناس، وحذرًا من انتشار الوباء.
وتابعت: يجوز شرعًا في هذا الصدد لـمَنْ خاف على نفسه العدوى من الفيروس أو غَلَب على ظنه عدم استطاعته أو غيره التزام إجراءات السلامة الوقائية؛ أن يتخلَّف عن أداء صلاة الجمعة؛ وذلك لأنَّ خوف الإنسان على نفسه من وقوع الضرر -ولو ظنًّا- من الأعذار التي تبيح التخلف عن حضور الجمعة في المسجد؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ؛ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ تِلْكَ الصَّلَاة الَّتِي صَلَّاهَا» قَالُوا: مَا عُذْرُهُ؟ قَالَ: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ»، (قال الإمام البيهقي: "وَمَا كَانَ مِنَ الْأَعْذَارِ فِي مَعْنَاهَما فَلَهُ حُكْمُهُمَا").
وأوضحت أن معنى العذر الوارد في الحديث واسعٌ يشمل كل حائلٍ عن الجمعة مما يُتَأذَّى به ويُخْشَى عواقبه؛ ومنها: المرض، والخوف، والمطر، والبرد، وخوف ضياع المال، وغيرها من الأعذار التي بيَّنها الفقهاء.
واستطردت الدار في تأصيل فتواها مؤكدةً أن كل ما يُسَبِّب الضرر والأذى للنفس والغير هو من الأعذار الـمُسْقِطة لفرض الجمعة في المسجد؛ ونحن مأمورون بدفع الضرر والأذى؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»؛ فالضرر باعتباره مفسدة يجب رفعه وإزالته إذا وقع، كما يجب دفعه قبل وقوعه؛ فمَنْ خاف على نفسه حصول الضرر بـ«فيروس كورونا المستجد» من الاختلاط بالآخرين إذا غَلَب على ظنه عدم تنفيذ الإجراءات الوقائية الكاملة بالصورة التي تضمن سلامته؛ فله ترك الجمعة في المسجد، ويصليها في البيت ظهرًا، والإثم والحرج مرفوعان عنه حينئذٍ.
وأكملت: لا يصح الاعتراض بأنَّ الخوف من وقوع الضرر بالفيروس محتمل؛ فكيف يصح جعله من الأعذار المسقطة للجمعة؟ وذلك لأنَّ سلامة الإنسان في هذه الحالة ليست فقط مرهونة على أخذه وحده بأساليب الوقاية، بل مرتبطة أيضًا بمَنْ سيخالطهم ويتعامل معهم، ومع تفاوت طباع البشر والاختلاف في ثقافة التعامل مع الوباء، وفي حرصهم على الالتزام بوسائل الوقاية واستكمال الإجراءات، ومع توقع تهاون البعض فيها، أو حصول التدافع غير المقصود، مع ما قد يستدعيه حضور الصلاة من المرور بالأسواق أو ركوب المواصلات العامة؛ مما قد يصعب معه الحرص على التباعد المطلوب؛ يضاف لذلك أَنَّ الضرر المحتمل هنا متعدٍّ للغير لا قاصر على الشخص نفسه؛ والقاعدة الفقهية تقول: «مظنة الشيء تقوم مقام حقيقته».
وفى نفس السياق شددت دار الإفتاء على أن مَنْ تأكَّدت إصابته بالفيروس فإنه لا تجب عليه الجمعة أصلًا؛ رعايةً للسلامة ووقايةً من الأمراض، بل يَحْرُم عليه شرعًا حضور صلاة الجمعة في المسجد؛ لأنَّ مجازفته بالحضور للصلاة ورميه وراء ظهره خطر هذا الوباء، هو من الإفساد في الأرض والإضرار بالخلق، وقد نهى الشرع الشريف عن الإفساد والضرر، قال تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، مَنْ ضَارَّ ضَارَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ».
بل إنَّ مرتكب هذا الفعل يتحمَّل تبعات جُرمه وعواقب فِعله، فقد يتسبب بذلك في موت الكثير من الأبرياء؛ فيجب عليه اتخاذ كافة الوسائل للحفاظ على نفوس الناس، باتباع تعليمات الجهات المسؤولة وأهل الاختصاص من الأطباء ونحوهم؛ إذ هم أهل الذكر الذين تجب استشارتهم في هذا الشأن، وقد أمرنا الله بالرجوع لأهل الذكر في قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
وناشدت دار الإفتاء المواطنين جميعًا وجوب الالتزام بالتعليمات الرسمية وقرارات السلطات، وأن تصبح الإجراءات الوقائية ثقافة سائدة في مزاولة حياتنا في التجمعات؛ حفاظًا على نفوس الناس وحدًّا من انتشار هذا الوباء.


المركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية 17-12-2020م
 

انطلقت منذ قليل فعاليات الجلسة الختامية للمؤتمر العالمي العاشر للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، المنعقد تحت عنوان "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، وذلك بمشاركة رفيعة من كبار العلماء والمفتين من أكثر من ثمانين دولة.


تواصلت اللقاءات الثنائية لفضيلة الأستاذ الدكتور: نظير عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم. مع ضيوف مؤتمر الإفتاء العاشر، والمنعقد بالقاهرة خلال يومي 12 و13 أغسطس الجاري؛ حيث التقى فضيلة المفتي بالدكتور: أرشد محمد، مفتي المجمع الوطني للإفتاء والشؤون الإسلامية، بجنوب أفريقيا.



انطلاقًا من حرص دار الإفتاء المصرية على المشاركة الفاعلة مع مؤسسات الدولة كافة؛ لترسيخ ثقافة الوعي والعلم والبناء، ومواجهة ما نشهده من تراجع في منظومة القيم والأخلاق، والتأكيد على أهمية الوعي في ظل ما يُحاك للأوطان من مؤامرات ومحاولات، شارك الدكتور طارق أبو هشيمة مدير المؤشر العالمي للفتوى بدار الإفتاء المصرية في مؤتمر "الوعي وركائز تحقيق التنمية المستدامة" الذي نظمته الهيئة القبطية الإنجيلية، والذي حظي بمشاركة مجموعة من الشخصيات الدينية ورجال الفكر والسياسية والإعلام، بينهم فضيلة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والقس الدكتور أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية، والدكتور عبد الهادي القصبي رئيس لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب.


شهدت الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي العاشر لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم توقيعَ بروتوكولَيْ تفاهم لتعزيز التعاون على مستوى الفتوى والنهوض بها.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :13
الشروق
6 :40
الظهر
12 : 49
العصر
4:18
المغرب
6 : 58
العشاء
8 :15