هل يجوز للمعتمر والحاج بعد انتهاء المناسك أن يحلقا لأنفسهما أو لغيرهما من المعتمرين والحجيج؟
يجوز لكلٍّ من الحاج والمعتمر أن يحلق لنفسه في التحلل من الإحرام أو لغيرهما مِمَّن هو مثلهما متأهل للحلق أو التقصير؛ لعموم النصوص الشرعية الواردة في ذلك مِن مثل قوله تعالى: ﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ﴾ [الفتح: 27]، ولأن المنع من ذلك يقتضي الاحتياج إلى الغير في أداء هذه العبادة، وهذا لا مثيل له في العبادات.
لا يوجد ما يمنع من قيام المعتمر بعد انتهاء سعيه والحاج بعد دفعه من مزدلفة إلى مِنًى أن يقوم كلٌّ منهما بالحلق أو التقصير لأنفسهما أو لغيرهما مِمَّن هو مثلهما متأهل للحلق أو التقصير، بل إنه مأمور بأن يحلق أو يقصر بعمومات النصوص؛ من مثل قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ [الحج: 29]، وقوله سبحانه: ﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ﴾ [الفتح: 27]، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِم اللهُ المُحَلِّقِين، رَحِم اللهُ المُحَلِّقِين، رَحِم اللهُ المُحَلِّقِين والمُقَصِّرِين» مختصر بتصرف من رواية الحديث في "الصحيحين" عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما.
ولأننا لو لم نقل بجواز ذلك، وألزمنا أمثال هؤلاء العُمَّار والحجَّاج أن يعتمدوا على الحلال -أي غير المُحرِم- في الحلق والتقصير لجعلنا الحاج والمعتمر لا ينفك عن الاحتياج لغيره في أداء العبادة له، وهذا مما لا مثيل له في العبادات؛ فإن المُصَلِّيَ لا يحتاج لغيره لتأدية الصلاة، وكذلك الصائم والمزكِّي.
ونُقُولُ العلماء خاليةٌ من إلزام قيام الحلال بهذه الشعيرة، ولو كان هذا شرطًا لنَصُّوا على ذلك، ولا نَصَّ؛ فدلَّ ذلك على عدم لزومه، بل المطلوب هو حصوله بالنفس أو بالغير، والغير إما حلال أو مُحرِم.
وسواء أَقُلنا إن الحلق والتقصير نُسُكٌ أم استباحةُ محظورٍ -على قولي الشافعية- فإن الحكم سواء، وهو أنه يجوز للمُحرِم أن يحلق لنفسه أو لغيره من المحرمين عند هذا الحد من مناسكه ومناسكهم، وكلُّ ذلك مبني على كون الحلق أو التقصير صار في هذا الموضع من المناسك جائزًا بعد أن كان محظورًا، فهو يُقدِم على عمل مباحٍ كما لو حلق لحلال، وقد قال الحافظ النووي في "روضة الطالبين": [للمُحرِم حلق شعر الحلال] اهـ.
ولعل مَن يَتَوهَّم عدمَ جواز قيام المعتمر والحاج بذلك لأنه من المعلوم أن الأخذ من شعر الجسم من محظورات الإحرام، وهذا صحيح، ولكن هذا المحظور يظل قائمًا إلى أن تبلغ المناسك حدًّا معينًا، ويتعين على المُحرِم وقتها أن يتحلَّلَ بالحلق أو التقصير ليستبيح كل شيء كان ممنوعًا منه بعد الإحرام -إن كان تحلُّلَ العمرة أو التحلُّلَ الأكبر في الحج-، أو معظم الأشياء -إن كان التحلل الأصغر في الحج-.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
نحيطكم عِلمًا بأن صندوق خاص بإحدى الجهات الرسمية يقوم بتنظيم بعثة سنوية للحج، وذلك حسب البرنامج التالي ذكره، فبرجاء التفضل بإبداء الرأي في مدى صحة هذا البرنامج من الناحية الشرعية:
تقوم البعثة بالسفر بالملابس العادية إلى المدينة أولًا، وتمكث البعثة بالمدينة لمدة خمسة أيام، قبل التوجه إلى مكة لأداء مناسك الحج، ونقوم بشراء صكوك الهدي من المدينة، والإحرام من فندق الإقامة بنية القران بين الحج والعمرة.
ثم نقوم بعد ذلك بالتوجه إلى الحرم المكي لأداء طواف القدوم والسعي بعده، فهل يجزئ هذا السعي عن سعي الحج؟
في يوم التروية نذهب ليلًا مباشرة إلى عرفة، ولا نبيت بمِنى ولا ندخلها، ونبيت ليلة عرفة بمقر البعثة بعرفة والذي يكون داخل حدود عرفة، ونمكث بالمخيَّم داخل عرفة دون الذهاب إلى جبل الرحمة، وعند غروب الشمس نبدأ في التحرك إلى المزدلفة، فنصل إليها ليلًا، ونصلي المغرب والعشاء جمع تأخير مع قصر العشاء، ونسرع بجمع الحصى من المزدلفة، ثم نبادر بعد ذلك وفي منتصف الليل بمغادرة المزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى، ويمكن لكبار السن والسيدات التوكيل في رمي الجمرات، ثم نتوجه إلى مكة المكرمة لطواف الإفاضة، وبعدها نتوجه إلى الفندق لأخذ قسط من الراحة.
ثم نتوجه في ظهيرة يوم النحر من مكة إلى منى للمبيت بها حتى الساعة 12 صباحًا، ثم نقوم برمي الجمرات ليلة أول أيام التشريق وثاني أيام العيد، ثم التوجه إلى فندق الإقامة لمَن يرغب. وفي ظهر أول أيام التشريق وثاني أيام العيد نتوجه إلى منى ونقيم بها حتى نرمي جمرات اليوم الثاني من أيام التشريق في حدود الساعة 12 صباحًا، ونتعجل اليوم الثالث، ونقوم بمغادرة مِنى إلى مكة ليلة ثاني أيام التشريق بعد رمي الجمرات.
ننصح الكثير من أعضاء البعثة وخاصة كبار السن بالذهاب بعد العشاء بساعة أو ساعتين ليلة 12 من ذي الحجة بالذهاب إلى الجمرات ورمي جمرات اليوم الأول، ثم يمكثون إلى أن ينتصف الليل ويرمون لليوم الثاني. كما ننصح كبار السن والنساء ومن لا يستطع الذهاب إلى منى أن يبقى بمكة ويوكِّلَ من يرمي عنه الجمرات. ويمكن لمن أحب عمل أكثر من عمرة أن يقوم بذلك بعد الرجوع إلى مكة والتحلّل الأكبر، ويقوم أعضاء البعثة بطواف الوداع في يوم 13 من ذي الحجة، أي: قبل المغادرة بيوم.
كما ننصح كبار السن والمرضى أن يجمعوا في طواف الإفاضة بين نية الإفاضة ونية الوداع.
وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام
ما حكم الحج عن الوالدين؟ حيث سأل رجل وقال: إن والديه توفيا ولم يؤدِّيا فريضة الحج، ويريد أن يؤدي عنهما هذه الفريضة بنفسه، علمًا بأنه سبق أن أدَّى فريضة الحج، وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعي في ذلك، وإذا كان ذلك السائل يبدأ بالحج عن والده أو والدته، وهل يصح أن يحج عنهما في عام واحد؟
ما كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد مرات الطواف وليس من عادته الشك؟ حيث حجَّ رجلٌ، وأثناء طواف القدوم شَكَّ في عدد ما أدَّاه مِن أشواط الطواف، هل طاف ثلاثًا أو أربعًا، ولا يَغلب على ظَنِّهِ أحدُهما، فماذا عليه أن يفعل لتكملة أشواط الطواف سبعًا؟ علمًا بأنه غير دائم الشك.
ما الحكم الشرعي في إسراع المرأة المشي في الطواف عند أداء العمرة؟ فهناك امرأةٌ أكرمها الله تعالى بالعمرة، ولاحظَت في الطواف أن بعض المعتمرين يمشون مشيةً سريعةً في بعض أشواط الطواف، وأن البعض الآخر لا يفعل ذلك، فسألت بعض الناس، فقيل لها: هذا هو الرَّمَل؛ فهل على هذه المرأة إسراع المشي في الطواف عند أداء العمرة أو لا؟
ما حكم الاستدانة للحج وزيارة المدينة؟ فقد حججت بيت الله تعالى وأخذت في طريقي لذلك من أخي خمسمائة ريال سعودي، ولم أردها حتى الآن، ولم أذهب إلى المدينة المشرفة على ساكنها الصلاة والسلام، وقد توفي أخي، فهل حجي صحيحٌ؟ وكيف أردُّ دَيْن أخي؟
هل يجوز للمسافر الذي وصل إلى مكة صائما أن يفطر ليتقوى على أداء العمرة؟ فهناك رجلٌ سافر في رمضان قبل الفجر لأداءِ العمرةِ، على أن يمكُثَ في مكَّة ثلاثةَ أيامٍ وفي المدينة مثلَها، ثمَّ إنه نوى الصيام وهو في الطائرةِ وشَرَع فيه، ولمَّا وصل إلى مكَّة أراد أن يتقوى على أداءِ العمرةِ بالفطر، فهل يجوز له ذلك شرعًا؟