إذا كان الأب له معاش، وله ابن في مراحل التعليم، فهل النفقة على الأب أم على ابنه الأكبر الذي لم يؤدِّ الخدمة العسكرية؛ لأنه عائل الأسرة؟ وهل على الأب نفقة ابنته البالغة التي لا تجد عملًا؟
اتفق الفقهاء على وجوب إنفاق الأب على أولاده إذا كانوا معسرين لا مال لهم ولا كسب؛ لقول الله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، ولا يسقط ذلك عنه إلا إذا كان عاجزًا بحيث تكون نفقته على غيره.
وعليه: فيجب على الأب المذكور أن يُنفق على ابنه الذي هو في مراحل التعليم وعلى ابنته البالغة التي لا تجد عملًا، وإن كان المعاش لا يكفي فيُكمِل ابنُه الأكبر على قدر استطاعته، وله أن يرجع بعد ذلك على الأب بما أنفقه على أخيه وأخته إن أيسر.
المحتويات
اتفق الفقهاء على وجوب إنفاق الأب على الولد المباشر؛ لقول الله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، والمولود له هو الأب، فأوجب الله تعالى عليه رزق النساء من أجل الولد؛ فلأن تجب عليه نفقة الولد من باب أَولى، ولقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لهند امرأة أبي سفيان رضي الله عنها في الحديث الذي رواه البخاري وغيره عن عائشة رضي الله تعالى عنها: «خُذِي ما يَكفِيكِ ووَلَدَكِ بالمَعرُوف».
فلولا أنَّ إنفاق الآباء على الأبناء حق ما أباح لها النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الأخذ من ماله؛ لحرمة مال المسلم.
شرط وجوب هذه النفقة على الأب أن يكون ميسورًا أو قادرًا على الكسب بما يزيد على نفقة نفسه، ولا يسقط وجوب النفقة إلا إذا كان الأب عاجزًا بحيث تكون نفقته على غيره من الأصول والفروع، فإنه في هذه الحالة يسقط الوجوب عنه ويُعَدُّ في حكم المعدوم؛ لأنه لا يسوغ أن تجب عليه نفقة غيره وهو يأخذ النفقة من غيره.
وعلى هذا قالوا بالنسبة لنفقة الولد على أبيه، إنه لا يشارك الأب في الإنفاق على ابنه أحد؛ لأنه منسوب إليه، وهو جزء منه، فالإنفاق عليه لا يسقط عنه، فلذلك كان إحياء ولده واجبًا عليه لا يسقط عنه إلا عند العجز.
إن كان مُعْسِرًا وليس له كسب يؤمر مَن تجب عليه النفقة لو لم يكن الأب موجودًا كالجد والأخ والعم وأبنائهما بالإنفاق، وتكون النفقة دَيْنًا على الأب يرجع عليه مَن أنفق عند اليسار.
النفقة تجب للأولاد إذا كانوا معسرين لا مال لهم ولا كَسب، فمن كان قادرًا على الكسب لا تجب نفقته على أبيه؛ والطالب في مراحل تعليمه في مجتمعاتنا المعاصرة يكون عاجزًا عن الكسب لانشغاله بالطلب الذي يؤهله في المستقبل للكسب.
المعمول به في الفتوى والقضاء أن النفقة تجب على الحواشي، وهم الأقارب من غير عمودَي النسب: كالإخوة والأخوات وأولادهم والأخوال والخالات والأعمام والعمات من كل ذي رحم محرم؛ لقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: 233]، وفي قراءة ابن مسعود الشاذة "وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك"، وهو مذهب الحنفية بشرط اليسار بها، لا القدرة على الكسب؛ لأن وجوب نفقات الأقارب من قبيل الصلات، والصلات لا تجب على غير ذَوِي اليسار، ويشترط أيضًا أن تكون قد ثبتت بقضاء القاضي؛ قال في "بدائع الصنائع" (4/35، ط. دار الكتب العلمية): [والثالِثُ -أي مِن شروط المنفَق عليه- أَنَّ الطَّلَبَ والخُصُومةَ بين يَدَي القاضِي في أَحَدِ نَوعَي النَّفَقةِ، وهي نَفَقةُ غيرِ الوِلادِ، فلا تَجِبُ بدُونِهِ؛ لأَنَّها لا تَجِبُ بدُونِ قَضاءِ القاضِي، والقَضاءُ لا بد له مِن الطَّلَبِ والخُصُومةِ] اهـ.
على ذلك وفي واقعة السؤال: تجب نفقة الابن الذي في مراحل التعليم والبنت البالغة التي لا تجد عملًا في أي مكان على الأب الذي له معاش إذا كان المعاش يكفي لنفقتهما، فإن لم يكفِ ما معه إلا لبعض ذلك فليُنفِقه عليهما على أن يُكمِل ذلك ابنه الأكبر إن كان قادرًا، فإن لم يكن معاش الأب يكفي لهذه النفقة فيقوم بها ابنه الأكبر إن أمكنه ويرجع على الأب بما أنفقه في الحالتين إن أيسر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم نفقة الأب على علاج بنته المريضة؟ فلإحدى المطلقات بنتٌ من مطلقها، وهي في حضانتها، ولها نفقة مقررة على أبيها بحكم شرعي، إلا أن هذه البنت مريضة بالقلب، وحالتها ذات خطر، ويقوم بمعالجتها أطباء قرروا وجوب إقامتها في جهة معينة مراعاةً لصحتها، ولم يراعَ مرضها في تقدير النفقة المقررة، فهي لا تشمل أجرة الأطباء ولا ثمن الدواء ولا مصاريف الإقامة بالجهة المعينة، بل هي قاصرة على مقابل الطعام والكسوة، والأب ممتنع عن الإنفاق عليها فيما عدا ذلك، وهو غني قادر على الصرف عليها عن سعة، بينما الأم فقيرة، فاضطر خال البنت إلى الإنفاق عليها؛ لأن حالتها لا تحتمل انتظار الحكم لها على أبيها بنفقة العلاج. فهل الأب ملزم بنفقة العلاج والدواء والمسكن الصحي علاوة على نفقة الطعام والكسوة أو لا؟ وهل للخال الرجوع على الأب بما أنفقه وينفقه على البنت في سبيل ذلك إلى أن يقوم الأب بهذه النفقة أو لا؟ نرجو أن تفتونا بحكم الشرع في ذلك، ولكم الأجر والثواب.
طلب من المحكمة يتضمن الإفادة بفتوى بالرأي الشرعي في مدى أحقِّية القيِّم في تطليق زوجة المحجور عليه طلقةً أولى رجعية؛ لبطلان قيام المحجور عليه شرعًا بطلاق زوجته، ولترك الزوجة للزوج المحجور عليه دون رعايته، وحصولها على حكمٍ بنفقةٍ زوجيةٍ ضده رغم تفويتها عليه حَقَّ احتِباسِها وطاعتِه مُدة سبع سنوات، وعدم قبول طلبه قانونًا في إنذارها بالدخول في طاعته بحُجة أنه محجورٌ عليه. وذلك حتى تتمكن المحكمة من الفصل في الدعوى.
هل بنت العم تجب نفقتها على ابن عمها الشقيق الذي لا يوجد لها سواه من الأقرباء؟ وهل إذا رفعت أمرها للقضاء يحكم لها عليه بالنفقة مع عدم المحرمية؟
هل مجرد معاشرة الزوجة لزوجها مبطل لنفقتها المقررة عليه بحكم شرعي من المحكمة الشرعية أم لا؟
ما حكم انتهاء نفقة العدة بإسقاط الحمل؟ حيث يوجد مطلقة طلقت في مارس 1948م طلاقًا بائنًا مكملًا للثلاث، واعترفت بالحمل بخطاب رسمي بخط يدها لدينا، علاوة على اعترافها في مجلس الطلاق بالحمل، ثم وصل إلينا خطاب آخر بخط والدتها تقسم فيه بأنها عرضتها على دكتور وقرر أنها حامل، وكنا قد اتفقنا اتفاقًا وديًّا على أن تأخذ نفقة قدرها ثلاثة جنيهات شهريًّا ابتداءً من تاريخ الطلاق حتى انقضاء عدتها وهي مدة سنة، ولكنها اعترفت في أكتوبر 1948م بأنها أجهضت في سبتمبر 1948م، وكان هذا السقط كامل الخلقة، وحددت أنه ذكر على مسامع الناس في مجالس عدة. فهل بسقطها هذا خرجت من العدة أم لا؟ وهل بانقضاء عدتها لها حق المطالبة بالنفقة؟
نرجو منكم بيان كيف حث الشرع الشريف على الاعتدال في الإنفاق والتحذير من البخل والإسراف.