ما الرأي الشرعي في تأجير رحم امرأة ليكون بديلًا عن رحم زوجتي التي لا يمكنها الحمل مستقبلًا؟ على أن يوضع في هذا الرحم البديل الحيوانات المنوية الخاصة بي والبويضات الخاصة بزوجتي لا الخاصة بصاحبة الرحم البديل، وذلك تحت الضوابط الطبية ذات الشأن.
لا يجوز شرعًا أن تستنبت المرأة في رحمها بويضةً من امرأةٍ أخرى مخصبة؛ سواء كانت مخصبةً من زوجها أو من غيره، وسواء كانت صاحبة البويضة امرأة أجنبية أو قريبة أو ضرة تشترك معها في الزوج نفسه، وقد أجمع الفقهاء المعاصرون أثناء بحث هذه المسألة على حرمتها؛ لأن هناك طرفًا ثالثًا غير الزوج صاحب النطفة والزوجة صاحبة البويضة، ولا يمكن الجزم مع وجود الطرف الثالث بتحديد الأم الحقيقية لهذا الطفل: فهل الأحق به صاحبة البويضة التي تخلق منها الطفل وحمل كل خصائصها الوراثية؟ أو الأحق به الأم الحاضنة صاحبة الرحم الذي تم فيه نموه وتطوره وتبدله حتى صار جنينًا متكاملًا؟ فكان هذا الفعل حرامًا، والقول بالتحريم هو ما عليه قرار مجمع البحوث الإسلامية بمصر وقرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة.
مع التطور العلمي الهائل في شتى المجالات العلمية صرنا نتسامع كل يوم باكتشاف جديد، والطب عمومًا من أخصب المجالات التي ظهر فيها هذا التطور، وفرع الإنجاب الصناعي خصوصًا من الفروع الطبية سريعة التطور، فلا تكاد تمر فترة وجيزة إلا وتحمل لنا الوسائل الإعلامية بعض الاكتشافات الطبية والعلمية الجديدة فيه.
وكانت شرارة البدء في هذا المجال عندما ولدت أول طفلة بطريق تلقيح صناعي في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، فكان هذا الحدث هو موضوع الساعة وقتئذٍ. ومن ذلك الحين وطب الإنجاب الصناعي في ثورة مستمرة وتطور دائم.
ومن طفرات هذا الفرع من فروع الطب ما يعرف بـ"الرحم البديل"، وصورته: أن تلقح بويضة المرأة بماء زوجها ثم تعاد اللقيحة إلى رحم امرأة أخرى، وعندما تلد البديلةُ الطفلَ تسلمه للزوجين.
وأسباب اللجوء إليه متعددة؛ كمن أزيل رحمها بعملية جراحية مع سلامة مبيضها، أو أن الحمل يسبب لها أمراضًا شديدة؛ كتسمُّمِ الحمل، أو للمحافظة على تناسق جسدها، وتخلصها من أعباء ومتاعب الحمل والولادة.
وهذه الصورة قد انتشرت مؤخرًا في الغرب بشكل ملحوظ، وصارت المرأة التي تبذل رحمها لتحمل بويضة غيرها تفعل هذا في مقابل مادي فيما عرف بـ مؤجرات البطون، وقد بدأت هذه الممارسات في محاولات للتسلل إلى عالمنا الإسلامي.
والذي تضافرت عليه الأدلة هو حرمة اللجوء إلى طريق الرحم البديل سواء أكان بالتبرع أم بالأجرة، وهذا هو ما ذهب إليه جماهير العلماء المعاصرين، وبه صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية بمصر رقم 1 بجلسته المنعقدة بتاريخ الخميس 29 مارس 2001م، وقرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثامنة المنعقدة بمقر رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 28 ربيع الآخر 1405هـ إلى يوم الإثنين 7 جمادى الأولى 1405هـ الموافق من 19 - 28 يناير 1985م.
ومن الأدلة على ذلك: قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ • إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ • فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: 5 - 7]، ولا فرق في وجوب حفظ الفرج بين الرجال والنساء، وحفظ الفرج مطلق يشمل حفظه عن فرج الآخر وكذلك عن مَنِيِّه.
ومن الأدلة كذلك: أن الأصل في الأبضاع التحريم، ولا يُباح منها إلا ما نص عليه الشارع، والرحم تابع لبُضع المرأة، فكما أن البُضع لا يحل إلا بعقد شرعي صحيح، فكذلك الرحم لا يجوز شغله بغير حمل الزوج، فيبقى على أصل التحريم.
ومنها: أن الرحم ليس قابلًا للبذل والإباحة، فإن الشارع حرَّم استمتاع غير الزوج ببُضع المرأة؛ لأنه يؤدي إلى شغل رحم هذه المرأة التي استمتع ببُضعها بنطفة لا يسمح الشرع بوضعها فيها إلا في إطار علاقة زوجية يقرها الشرع، فيكون الرحم أيضًا غير قابل للبذل والإباحة من باب أولى؛ وذلك للمحافظة على صحة الأنساب ونقائها. وما لا يقبل البذل والإباحة لا تصح هبته، وكذلك إجارته؛ لأنَّ الإجارة: عقد على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم، وقد نصَّ الفقهاء أن قولهم في التعريف: قابلة للبذل والإباحة؛ للاحتراز عن منفعة البُضع، فإنها غير قابلة للبذل والإباحة.
ومن الأدلة أيضًا: وجود شبهة اختلاط الأنساب؛ لاحتمال أن تفشل عملية التلقيح بعد وضع اللقيحة في الرحم المؤجر، ويحدث الحمل عن طريق مباشرة الزوج لزوجته، فيُظَنُّ أن الحمل والوليد للمستأجر، مع أنه في الواقع ليس له.
وكذلك تَرِدُ هذه الشبهة في حالة استمرار الزوج في مباشرة زوجته وهي حاملة للبويضة الملقحة؛ لأن الجنين يتغذى بماء الزوج، كما يتغذى من الأم الحامل، وقد ورد النهي الصريح عن وطء الحامل التي هي من هذا القبيل، فعن رُوَيفِع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يَحِلُّ لامرئ يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ أَن يسقِيَ ماءَه زَرعَ غيرِه» رواه الإمام أحمد في "مسنده" وأبو داود في "سننه"، يعني: إتيان الحُبالى. وفي رواية: «فلا يسقِ ماءَه وَلَدَ غيرِه».
وقال ابن القيم: [فالصواب أنه إذا وطئها حاملًا صار في الحمل جزءٌ منه؛ فإن الوطء يَزِيدُ في تخليقه. قال الإمام أحمد: الوطء يزيد في سمعه وبصره، وقد صرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا المعنى في قوله: «لا يحل لرجل أن يسقي ماءه زرع غيره». ومعلوم أن الماء الذي يسقى به الزرع يزيد فيه، ويتكون الزرع منه] اهـ. "عون المعبود" (6/ 136، ط. دار الكتب العلمية).
ولا يمكن أن نقول بمنع الزوج من وطء زوجته مدة الحمل؛ لما في هذا من منعه من واجب عليه إذا لم يكن له عذر، كما هو منصوص مذهب المالكية والحنابلة، بل قد يكون واجبًا عليه بالإجماع إذا خاف على نفسه الوقوع في الزنا، والمنعُ من الواجب حرام، وما يؤدي إلى الحرام يكون حرامًا.
كما أنَّ اشتراط منع الزوج من وطء زوجته شرطٌ باطلٌ؛ لمخالفته لمقتضى العقد.
ونزيد على ذلك من الأدلة أن التلقيح بهذه الطريقة مستلزمٌ لانكشاف عورة المرأة، والنظر إليها ولمسها. والأصل في ذلك أنه محرم شرعًا، لا يجوز إلا لضرورةٍ أو حاجةٍ شرعيتين، ولو سلَّمنا بقيام حالة الضرورة أو الحاجة في حق صاحبة البويضة، لم نسلمها في حق صاحبة الرحم البديل؛ لأنها ليست هي الزوجة المحتاجة للأمومة.
أضف إلى ذلك أن الإجارة لا يجوز التوسع فيها بالقياس؛ لأنها شُرِعَت على خلافِ الأصل، فإن الأصل في التمَلُّك هو تملك الأعيان والمنافع معًا، وليس تملك المنافع دون الأعيان، والإجارة عقد على تملك المنافع فقط، فكانت مشروعيتها على خلاف الأصل، وما شرع على خلاف الأصل لا يجوز التوسع فيه بالقياس عليه، بل يُقتَصَرُ فيه على مورد النص المُجِيزِ فقط. فإذا كانت الإجارة بصفة عامة لا يجوز التوسع فيها بالقياس عليها، فإجارة المرأة للرضاع لا يجوز التوسع فيها بالقياس عليها من باب أَوْلَى.
كما أننا يمكنا التدليل على تحريم تأجير الأرحام بالضرر الذي سيقع على المرأة المؤجِّرة لرحمها، فإنها لا تخلو من إحدى حالتين:
إما أن تكون متزوجة، وإما أن تكون غير متزوجة، فإن كانت متزوجة: جاءت شبهة اختلاط الأنساب.
وإن كانت غير متزوجة: عرضت نفسها للقذف وقالة السوء، كما أن القول بإجازة الحمل لحساب الغير فيه إزالة لضرر امرأة محرومة من الحمل بضرر امرأة أخرى هي التي تحمل وتلد، ثم لا تتمتع بثمرة حملها وولادتها وعنائها، والقاعدة المقَرَّرة: أن "الضرر لا يُزال بالضرر".
ومن الأسباب التي تدعونا للقول بالحرمة أيضًا: غلبة المفاسد المترتبة على هذه العملية.
ومنها: إفساد معنى الأمومة كما فطرها الله وعرفها الناس، وصَبغُها بالصبغة التجارية، مما يناقض معنى الأمومة التي عظمتها الشرائعُ وناطت بها أحكامًا وحقوقًا عديدة، ونَوَّه بها الحكماء، وتَغَنَّى بها الأدباء. وهذا المعنى وذلك التعظيم لا يكون من مجرد بويضة أفرزها مبيض امرأة ولَقَّحَها حيوان منوي من رجل، إنما تتكون من شيء آخر بعد ذلك هو الوَحَم والغثيان والوهن في مدة الحمل، وهو التوتر والقلق والطلق عند الولادة، وهو الضعف والهبوط والتعب بعد الولادة. فهذه الصحبة الطويلة هي التي تُوَلِّد الأمومة؛ كما أن تغطية الأمومة بهذا الحاجز الضبابي يؤدي إلى تنازع الولاء عند الطفل بعد الإنجاب: هل سيكون ولاؤه لصاحبة البويضة، أو للتي حملته وأرضعته من ثدييها؟ مما قد يعرضه لهزة نفسية عنيفة، إذ إنه لن يعرف إلى من ينتمي بالضبط: إلى أمه الأولى أم أمه الثانية؟ و"درء المفاسد أولى من جلب المصالح".
لهذه الأدلة وغيرها، ولِمَا قررته المجامع الفقهية، نخلص إلى القول في واقعة السؤال إلى حرمة تأجير الرحم محل السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائلة تسأل عن حكم الحقن المجهري وتحديد نوع الجنين، وتطلب بيان حكم الشرع في ذلك.
سأل رجل قال: إن امرأة تزوجت من رجل على أن تكون عصمتها بيدها تطلق نفسها متى شاءت، وقد طلقت نفسها طلقة أولى رجعية بتاريخ 14 يونيه سنة 1955م وأثبتته رسميا، وبتاريخ 20 يونيه سنة 1955م طلقت نفسها طلقة أخرى، وبتاريخ 25 يونيه سنة 1955م طلقت نفسها طلقة ثالثة ولم تثبت الطلاقين الأخيرين، وقد توفيت الزوجة المذكورة وهي لا تزال في عدة الزوج بتاريخ 8 نوفمبر سنة 1955م عن: مطلقها المذكور، وأخيها الشقيق، وأختيها الشقيقتين فقط. فهل يرث زوجها المذكور في تركتها شرعًا، أم لا يرث؟ وما مقدار نصيب كل وارث؟
ما رأي الشريعة الإسلامية في ختان الإناث؟
ما حكم إنكار عدوى كورونا؟ حيث يستنكر البعض الخوف والتحذير من عدوى كورونا، مستدلين بأن المرض من الله وحده وأنه لا عدوى في الإسلام، فكيف نرد على ذلك؟
ما حكم التبرع بالدم؟
ما حكم أخذ جزء من بنكرياس الخنزير وزراعته في إنسان؟ حيث إن داء البول السكري ينشأ عن نقص مادة الأنسولين من غدة خاصة بالبطن تسمى البنكرياس، ويسبب هذا المرض بمرور الوقت حدوث مضاعفات عديدة للمريض من بينها الفشل الكلوي وهبوط القلب والشلل والعمى وضعف الدورة الدموية بالأطراف مما ينتج عنه غرغرينا تستلزم إجراء عملية بتر لإحدى الساقين أو كليهما، ومعظم تلك المضاعفات يصعب منع حدوثها مع أساليب العلاج المتبعة حاليًا، وهناك طائفة من مرضى السكر يتعرضون لخطر الموت عند عدم علاجهم بالحقن بالأنسولين، وفي محاولة علاج هذا المرض لم يكن متاحًا لدى الأطباء سوى استخدام مادة الأنسولين المستخرجة من غدة البنكرياس لحيوان الخنزير؛ لأنها شديدة الشبه بالمادة التي يكونها البنكرياس البشري بخلاف المادة المستخرجة من بنكرياس الأبقار.
ساهم استخدام هذه المادة لعدة سنوات في تخفيف معاناة مرضى السكر إلا أن هذه الطريقة لا تلبي احتياجات الجسم بدقة وتجرى الأبحاث للتوصل إلى السبيل الأمثل لعلاج هذا المرض منها نقل البنكرياس من حديثي الوفاة وزراعة البنكرياس عن طريق نقل الخلايا المتخصصة من البنكرياس والتي تقوم بإفراز مادة الأنسولين، وكانت تلك التجارب على الحيوان وأتت بنتائج مرضية عرضت في مؤتمرات علمية عالمية، ونقول يمكننا الآن بدء تطبيق هذه الطريقة على متطوعين من مرضى السكر بعد إحاطتهم علمًا بتفاصيل هذا الأسلوب الجديد في العلاج، وعلى ذلك سوف يتم أخذ الخلايا المتخصصة في إفراز الأنسولين من غدة بنكرياس حيوان الخنزير، ولملاءمتها للمواصفات الخاصة المطلوبة.
برجاء التكرم بالإفادة عن مشروعية هذا العمل الطبي الذي يمكن أن يسهم في تخفيف المعاناة عن آلاف المرضى في مصر والعالم من وجهة نظر الدين الإسلامي.