ما حكم الشفعة للجار في أرض ومنزل تم بيعهما؟ فالرجل يملك قطعة أرض ومنزلًا باعهما دون علم الجيران، وقد أبدى الجيران رغبتهم في شراء الأرض وأنهم أحق من المشتري الغريب وبنفس السعر دون بخس. فهل من حق الجيران الاعتراض على هذا البيع؟ وهل من حقهم أخذ الأرض والمنزل عن طريق الشفعة بصفتهم مجاورين للأرض والمنزل وأن المشتري ليس بجار للأرض ولا للمنزل؟ ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي.
حكم الشفعة للجار في أرض ومنزل تم بيعهما
إذا كان هؤلاء الجيران ملاصقين لقطعة الأرض والمنزل محل البيع ويخشون الضرر من المشتري البعيد فإن من حقهم طلب الشفعة فيهما إذا توافرت الشروط والإجراءات المقررة قانونًا بشأن الأخذ بالشفعة، ويتم ذلك بالتراضي فيما بينهم وبين المشتري أو عن طريق القضاء.
التفاصيل ....المحتويات
المقصود بالشفعة وبيان حكمها وصفتها
الشفعة شرعًا: هي تملك البقعة جبرًا على المشتري بما قام عليه، وسببها: اتصال ملك الشفيع بالمشتري؛ لأنها تجب لدفع ضرر الدخيل، وشرطها: أن يكون العقد عقد معاوضة مال بمال، وركنها: أخذ الشفيع من أحد المتعاقدين عند وجود سببها وشرطها.
وحكمها: جواز الطلب عند تحقيق السبب.
وصفتها: أن الأخذ بالشفعة بمنزلة شراء مبتدئ حتى يثبت بها ما يثبت بالشراء؛ مثل الرد بخيار الرؤية والعيب، وتجب للخليط في نفس المبيع، ثم للخليط في حق المبيع كالطريق والشرب إن كان خاصًّا، ثم للجار الملاصق؛ لما روى جابر رضي الله عنه قال: "قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكٍ لَمْ يَقْسِمْ؛ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يُؤَذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» رواه مسلم والنسائي وأبو داود.
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قَضَى بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرَضِينَ وَالدُّورِ" رواه عبد الله بن أحمد في "المسند".
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ غَيْرِهِ» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، هذا ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه.
وقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل: إن الشفعة لا تجب إلا للشريك القاسم. فإذا وقعت الحدود وعُبِّدت الطرق فلا شفعة؛ لقول جابر رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قضى بالشفعة في كل مال لم يقسم.
من كل هذه النصوص يتبين أن حق الشفعة يثبت للخليط في حق المبيع، ثم للجار الملاصق عند فقهاء الحنفية وذلك إذا تحقق سببها وشرطها وركنها، وقد وجبت على هذا الترتيب المذكور عند فقهاء المذهب الحنفي لدفع الضرر الدائم الذي يلحق الشفيع من جهة المشتري.
فكل ما كان أكثر اتصالًا كان أخص بالضرر فكان أحق بها لقوة الموجب لها.
الخلاصة
على ذلك وفي واقعة السؤال: إذا كان الجيران لقطعة الأرض والمنزل وهم جيران ملاصقون لهما ويخشون الضرر من المشتري البعيد كان من حقهم طلب الشفعة في الشيء المبيع، ويتحقق تملكهم للأرض والمنزل بالأخذ إذا سلمهما المشتري رضاء أو بحكم من المحكمة المختصة عند النزاع في الأحقية؛ لأن ملك المشتري قد تم بالشراء فلا يخرج عنه إلى الشفيع إلا برضاه أو بحكم قضائي باعتبار أن القضاء ولاية عامة.
وعلى الشفيع التحقق من توافر الشروط والإجراءات المقررة في القانون المدني في شأن الأخذ بالشفعة إذ إنها موافقة في الجملة لما اشترط الفقهاء. ومما ذكر يعلم الجواب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.