حكم وقف الأسهم وتسبيل عوائدها ؟ فرجل يملك أسهمًا في عدة شركات وبنوك، ويرغب في حبس أصول هذه الأسهم وتسبيل منفعتها للجهات التي ستصرف إليها من وارث وجهات خيرية من أرحام وفقراء وعمارة مساجد ونحو ذلك من أعمال البر وفقًا للشريعة الإسلامية وحفاظًا على الأصول وانتفاعًا مستمرًّا بعوائد الأسهم لمستحقيها؟
لا مانع شرعًا من ذلك؛ لأن المطلوبَ في العين الموقوفة إمكانُ بقائها وديمومة الانتفاع بها لأطول مدة ممكنة، وهو متحقق في حبس الأسهم وتسبيل عوائدها.
اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في وقف ما لا يُنتَفع به إلا بالإتلاف كالذهب والورق -أي الدراهم والدنانير لا الحلي- والمأكول والمشروب، فقال جمهورهم بعدم جواز وقفه، وعللوا ذلك بأن الوقف تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة، وأن ما لا ينتفع به إلا بالإتلاف لا يصح فيه ذلك.
قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني": [ما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه كالدنانير والدراهم والمطعوم والمشروب والشمع وأشباهه لا يصح وقفه في قول عامة الفقهاء وأهل العلم، إلا شيئًا يُحكى عن مالك والأوزاعي في وقف الطعام أنه يجوز، ولم يَحكِه أصحاب مالك، وليس بصحيح] اهـ.
ولكن -وخلافًا لما قاله ابن قدامة- حكى ذلك المالكية في كتبهم، فقال العلامة الخرشي في "شرح مختصر خليل": [المذهب جواز وقف ما لا يُعرَف بعينه كالطعام والدنانير والدراهم كما يفيده كلام الشامل، فإنه بعدما حكى القول بالجواز حكى القول بالكراهة بـ: "قيل"، والقولُ بالمنع أضعف الأقوال، ويدل للصحة قول المؤلف في باب الزكاة: "وزُكِّيَت عَين وُقِفَت للسَّلَف] اهـ.
وقال الشيخ علي بن أحمد الصعيدي العدوي في "حاشيته على هذا الشرح": [الدنانير والدراهم يجوز وقفهما للسَّلَف قطعًا] اهـ. وأمثال هذا النقل موجود في "التاج والإكليل لمختصر خليل"، وفي "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" وغيرهما.
ومن المعلوم أن غرض الشرع الشريف في الوقف هو عدم التصرف في محل الوقف -أي العين الموقوفة- وديمومةُ الانتفاع به لأطول مدة ممكنة؛ ولذلك رفض الجمهور مسألة وقف الدنانير والدراهم وأمثالها مما تذهب عينها مع الانتفاع بها، ولما وجد المالكية نفعًا من الدراهم والدنانير لا يُذهِب عينهما إلا في الصورة فقط، أجازوا الوقف فيهما في السَّلَف؛ لأنهما بالسلف يبقيان حكمًا وإن ذهبت أعينهما.
نقل الشيخ الصعيدي العدوي في "حاشيته على الخرشي" عن اللَّقاني قال: [الوقف ما يُنتفع به مع بقاء عينه حقيقة أو حكمًا كالدراهم والدنانير] اهـ.
وقال العلامة الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير": [ويُنَزَّلُ رَدُّ بدله منزلة بقاء عينه] اهـ.
وإذا نظر الفقيه الآن في مسألة حبس الأسهم وتسبيل عوائدها يرى باستخدام قاعدة غلبة الأشباه أن حبس الأسهم قريب من حبس الدراهم والدنانير التي أباحها المالكية للسَّلَفِ، والقُرب وعدم المشابهة الكاملة إنما هو لكون الدراهم والدنانير أعيانًا، وأما الأسهم فهي أعداد، وعندما كره المالكية ذلك -والمكروه جائز بالمعنى الأعم- فسبب كراهيتهم هو احتمال ضياع هذه الدراهم والدنانير، ولكن في حالة الأسهم تبقى مدة قد تصل إلى خمسين عامًا أو يزيد باستقراء الأحوال المصرفية المستقرة المُقَنَّنة المعمول بها والمتداولة حاليًّا، فتَحَقَّقَ للأسهم الديمومةُ والبقاءُ النسبيان المطلوبان للشرع الشريف من عقد الوقف، وهو ما يشجعنا على القول بجواز حبس ووقف الأسهم وتسبيل عوائدها الذي هو محل سؤال السائل واستفتائه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تغيير النية من بناء مسجد إلى أغراض خيرية أخرى؟ حيث أني اشتريت قطعة أرض معدة للسكن في مدينة العاشر من رمضان وذلك منذ سنوات عديدة، ولما شعرت أنني لست بحاجة إليها كما أنني لن أُعَمِّرها بالبناء والتأجير بسبب هجرتي خارج البلاد آنذاك اتصلت بإدارة المدينة عن طريق وكيل وأبلغتهم أنني أرغب في تخصيصها لبناء مسجد، فأجابوني بأن الأرض تقع في منطقة مخصصة للسكن فقط، وأنه يمكنني عرضها للبيع ثم تخصيص ثمنها لبناء مسجد أو للإسهام في بناء مسجد في الأمكنة المخصصة لذلك في المدينة، ووافقت على ذلك الاقتراح، وعرضتها للبيع. ولكنني عندما عدت من الهجرة، وتبين لي أن هناك العديد من أوجه الخير المُلِحَّةِ والأَوْلَى من بناء المساجد، فَكَّرتُ في توجيه ثمن الأرض في جهات خيرية أخرى، من بينها الإسهام في أوقاف مخصصة لأعمالٍ فكريةٍ إسلامية، وكفالة يتامى، وتمويل مشروعاتٍ اجتماعية في قريتنا، وغير ذلك مما كان بعيدًا عن إدراكي وأنا في الغربة.
والسؤال هو: هل يجوز لي شرعًا تغيير النية من بناء مسجد إلى أغراض خَيرٍ أخرى مختلفة في طبيعتها وغير قاصرة على مدينة العاشر من رمضان؟
ما حكم بناء مسجد على أرض زراعية تحايلًا للبناء عليها؟ حيث صدر قانون لمنع البناء على الأراضي الزراعية، ويلجأ بعض الأهالي إلى بناء مسجد (بناء مسجد أو معهد ديني تعليمي) ثم منازل حوله -تحايلًا على القانون-. فهل بناء المسجد بهذا الشكل حرام أم حلال؟
ما هو حق الورثة في أرض تبرعت بها المتوفاة حال حياتها؛ حيث تبرعت امرأة حال حياتها وهي بكامل صحتها بقطعة أرض -قدرها قيراط وقصبتان- من ميراثها لوالدها مُبَيَّنة المعالم والحدود بعقدِ تبرُّع مُحَرَّرٍ وَقَّع عليه الشهود؛ لبناء مسجد لله تعالى، ولم يتم بناء المسجد حتى وفاتها، فهل لأحد من الورثة حقّ في قطعة الأرض المذكورة؟
سأل وكيل إدارة إحدى الجرائد في واقفٍ وقف وقفه على نفسه مدة حياته، ثم من بعده على أولاده.. إلخ ما هو مدون بحجة الوقف الذي جعل آخره لجهة بر دائمة، وجاء ضمن الشروط التي اشترطها ما نصه:
أنه إذا اشتغل أحد المستحقين بالربا أخذًا أو إعطاءً أو استعمل الخمور أو الزنا حرم من نصيبه في الوقف سنةً، وقد اتهم أحد المستحقين بأنه قد وجد معه ورقة هورائين -نوع يشبه الكوكايين- قيل أنه وجد معه داخل حذائه، وتقدم إلى المحاكم وحكم عليه بعشرة جنيهات، وهو غير شارب للخمر ولم يتهم به، فهل ينطبق عليه هذا الشرط بحيث يحرم من نصيبه سنة قياسًا على الخمر، أم يكون الأمر واقفًا عند مورد النص بحيث لا يقاس عليه غيره، سيما وأن ما ثبت استحقاقه بيقين لا يمنع استحقاقه بشبهة، على أنه إذا تعارض ما يقتضي الإعطاء والحرمان غلب ما يقضي الإعطاء على ما يقضي الحرمان؟ هذه هي حجة الطرفين قد أدلينا بها لفضيلتكم؛ فإن النظار يقولون بالحرمان، والمستحق يقول بعدمه، وحجة كل من الطرفين هو ما أوضحناه؛ فنرجو بيان ما تنطبق عليه الحقيقة، ومن الذي يوافق قوله النصوص الشرعية؟
ما حكم نقل الأثاث الموقوف من مسجد إلى آخر؟ فالمسجد الذي نصلي فيه جُدِّد سَجَّادُه ومصابيحُه وغيرُ ذلك، فهل يجوز نقل ما استُغني عنه من هذه الأشياء إلى مسجدٍ آخَر في حاجة إليها؟
أنا مسلم ياباني في مدينة ميازاكي -جزيرة كيوشو اليابانية- ونحن كمسلمين هنا أسَّسنا رابطةً تسمى "رابطة مسلمي ميازاكي"، وعلى مدار ما يقرب من عشر سنوات نجمع الصدقات من بعضنا ومن الآخرين لبناء مسجد في مدينتنا، وأسمينا المشروع "مشروع مسجد ميازاكي".
وفي يوم 30 من يونيو عام 2009م كان شخص ما يعيش هنا ورحل إلى أحد البلاد العربية، ومن هناك أرسل تبرعًا قيمته مليون ين -ما يعادل 12.5 ألف دولار أمريكي- وقال: هذا للمسجد.
ومنذ أسبوعين تقريبًا أرسل نفسُ الشخص بريدًا يقول فيه إنه يريد استرجاع المبلغ؛ لأن شخصًا من عائلته يواجه مشكلة مالية.
وعلى هذا اجتمع المسلمون هنا للرد: هل نرد الصدقة أم لا؟ واحتكمنا لرأي الدين والشرع في هذا الموضوع. فهل له حق المطالبة بردِّ الصدقة؟ وهل علينا أن نردَّ له الصدقة أم لا؟ وهل نتحمَّل وزر إرجاع صدقة لأي شخص تبرع بها للمسجد؟ علمًا بأننا ما زلنا نجمع الصدقات والتبرعات لبناء المسجد.