ما حكم تعجيل زكاة النقود؟ فأنا أريد أن أخرج زكاة المال مقدمًا عن وقتها؛ فهل يجوز لي ذلك؟
الأصل أن تخرج زكاة المال في وقتها؛ فإن اقتضت مصلحة الفقير أو غيره ممن هو أهل لأخذها تعجيلها لعامٍ أو أكثر فلا مانع شرعًا من ذلك.
المحتويات
جعل الله سبحانه وتعالى الزكاةَ إحدى مَبَانِي الإسلام، وأردف بذكرها الصلاةَ التي هي أحب ما افترضه الله على عباده؛ فقال تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: 43]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق عليه: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتاء الزكاة..».
ولم يوجب الله تعالى الزكاة في جميع الأموال، بل أوجبها في عدة أنواع جاء بها الكتاب والسنة؛ كالأنعام والزروع والثمار وعروض التجارة والنقود، وإنما تجب في كلٍّ من هذه الأموال بشروط خاصة حددها الفقهاء بناء على الكتاب الكريم والسنة المطهرة؛ ومن الشروط التي وجب بها الزكاة في النقود بلوغُ النصاب، وهو ما يُقدر بخمسة وثمانين جرامًا من الذهب عيار 21، وحولانُ الحول؛ أي مرور عام هجري على النصاب كاملًا، ولذلك أجمع الفقهاء على أن من لم يملك نصاب زكاة النقد فما يُخرجه من مال بنية الزكاة لا يجوز له أن يحسبه من زكاة ماله إن وجبت عليه بعد ذلك؛ فإن بلغ ما لديه من مالٍ النصابَ في عامه فلا يجوز له أن يحسب المال الذي أخرجه قبل بلوغ ماله النصاب من مال الزكاة؛ بل هو تطوع؛ قال العلامة ابن قدامة في "المغني" (2/ 471، ط. مكتبة القاهرة): [ولا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب بغير خلاف علمناه، ولو ملك بعض نصاب فعجَّل زكاته أو زكاة نصاب لم يجُز؛ لأنه تعجل الحكم قبل سببه] اهـ.
إن كان ما عنده من نقد بالغًا النصابَ فعجَّل زكاته قبل تمام الحول فقد ذهب المالكية أيضًا إلى عدم إجزائها إلا إذا كان التعجيل بشيء يسير؛ لما أخرجه الترمذي وأحمد -واللفظ له- وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لَيْسَ في مالٍ زكاةٌ حتَّى يحولَ عليه الحولُ»، ولأن الحول أحد شرطي الزكاة؛ قال العلامة ابن قدامة في المغني (2/ 471، ط. مكتبة القاهرة): [ولأن الحول أحد شرطي الزكاة؛ فلم يجُز تقديم الزكاة عليه كالنصاب، ولأن للزكاة وقتًا فلم يجُز تقديمها عليه كالصلاة] اهـ.
قال القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي في "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (1/ 386، ط. دار ابن حزم): [لا يجوز تقديم الزكاة قبل الحول] اهـ.
وقال الإمام القرافي في "الذخيرة" (3/ 137، ط. دار الغرب الإسلامي): [لا ينبغي إخراج زكاة عين ولا ماشية قبل الحول إلا بيسير] اهـ.
وذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه يجوز تعجيل الزكاة قبل حولان الحول على النصاب؛ فإن تمَّ الحول والمال بالغٌ النصابَ فيجوز له أن يحسب ما أخرجه من زكاة ماله الواجبة.
واستدل الجمهور بما أخرجه الترمذي وغيره أنه صلى الله عليه وآله وسلم استسلف صدقة العباس قبل محلها، وما رواه أبو داود وغيره من أن العباس رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له.
كما احتجوا بأنه بكمال النصاب حصل الوجوب؛ لاجتماع شرائط الزكاة من النصاب النامي، وغنى المالك، وحولان الحول؛ قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (2/ 177، ط. دار المعرفة): [(ولنا) ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه استسلف من العباس صدقة عامين، ثم بكمال النصاب حصل الوجوب على أحد الطريقين لاجتماع شرائط الزكاة من النصاب النامي، وغنى المالك، وحولان الحول، تأجيل وتعجيل الدين المؤجل صحيح، وعلى الطريق الآخر: إن سبب الوجوب قد تقرّر وهو المال والأداء بعد تقرر سبب الوجوب جائز؛ كالمسافر إذا صام في رمضان، والرجل إذا صلى في أول الوقت جاز؛ لوجود سبب الوجوب وإن كان الوجوب متأخرا] اهـ.
وأجابوا عن استدلال المالكية بأن للزكاة وقتًا كالصلاة والصوم بما قاله العلامة ابن قدامة في "المغني" (2/ 471): [وقولهم: إن للزكاة وقتا. قلنا: الوقت إذا دخل في الشيء رفقًا بالإنسان، كان له أن يعجله ويترك الإرفاق بنفسه؛ كالدين المؤجل، وكمن أدى زكاة مال غائب، وإن لم يكن على يقين من وجوبها، ومن الجائز أن يكون المال تالفًا في ذلك الوقت، وأما الصلاة والصيام فتعبد محض، والتوقيت فيهما غير معقول، فيجب أن يقتصر عليه] اهـ.
بعد اتفاق الحنفية والشافعية والحنابلة على جواز تعجيل زكاة النقد لعامه اختلفوا في جواز التعجيل لأكثر من عام؛ فذهب الحنفية، وهو وجه عند الشافعية ورواية عند الحنابلة، إلى أنه يجوز تعجيل الزكاة بشروطه لسنة أو أكثر؛ قال الإمام ابن مودود الموصلي الحنفي في "المختار للفتوى بشرحه الاختيار" (1/ 103، ط. الحلبي): [ومن ملك نصابًا فعجَّل الزكاة قبل الحول لسنة أو أكثر أو لنُصُب جاز] اهـ.
وقال الإمام العمراني الشافعي في "البيان" (3/ 379، ط. دار المنهاج): [وهل يجوز تعجيل الزكاة لعامين، أو أكثر؟ فيه وجهان] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 473): [إذا عجل الزكاة لأكثر من حول ففيه روايتان؛ إحداهما: لا يجوز؛ لأن النص لم يرد بتعجيلها لأكثر من حول. والثانية: يجوز] اهـ.
واحتجوا بما رواه ابن خزيمة في "صحيحه" وأبو عبيد في "الأموال" وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من العباس صدقة عامين.
وأجيب بأن تأويله أنه تسلف منه زكاة عامين في وقتين، أو تسلف منه زكاة عامين لمالين، كالماشية والأثمان؛ ولذلك لم يُجز الشافعية في الأصح والحنابلة في رواية تعجيلَ الزكاة إلا لحول واحد فقط؛ قال الإمام النووي في "منهاج الطالبين" (1/ 73 ط. دار الفكر): [لا يصح تعجيل الزكاة على مالك النصاب، ويجوز قبل الحول، ولا تعجيل لعامين في الأصح] اهـ.
واستدل الشافعية ومن وافقهم على ذلك بأنه دفع زكاة قبل انعقاد حولها، فلم تصح، كما لو لم يملك النصاب.
وأُجيب بما ورد من حديث العباس السابق؛ قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (2/ 177): [والمعنى فيه أن ملك النصاب سبب لوجوب الزكاة في كل حول ما لم ينتقص عنه، وجواز التعجيل باعتبار تمام السبب، وفي ذلك الحول الثاني كالحول الأول بخلاف ما قبل كمال النصاب] اهـ. ورُدَّ بما سبق من تأويل الحديث.
وتوسط الحنابلة فأجازوا التعجيل لعامين فقط لحديث العباس رضي الله عنه، ولأن التعجيل مخالف للقياس فيُقتصر فيه على ما ورد به النص؛ قال العلامة البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 451، ط. عالم الكتب): [ويجزئ تعجيلها؛ أي: الزكاة -وتركه أفضل- (لحولين)؛ لحديث أبي عبيد في "الأموال" عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعجل من العباس صدقة سنتين، ويعضده رواية مسلم: «فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا»، وكما لو عجل لعام واحد (فقط)؛ أي: لا أكثر من حولين، اقتصارًا على ما ورد مع مخالفته القياس] اهـ.
وعُلم من ذلك أن جمهور الفقهاء على جواز تعجيل الزكاة قبل تمام حوله الذي هو فيه، وأجاز بعضهم تعجيلها لعامين، وأجاز آخرون أكثر من عامين.
بناء على ذلك: فيجوز تعجيل الزكاة إن كان في تعجيلها مصلحةٌ للفقير أو لغيره ممن هو أهلٌ لأخذها، وتعجيلها لعام أو لأكثر يختلف باختلاف هذه المصلحة، وإلا فالأولى إخراجُها في وقتها ليجد المستحق حاجته من المال في كل وقت؛ فإنه إذا عجَّل الجميعُ إخراجَها في عامٍ، فإذا جاء الآخر عُدمت أموال الزكاة، وهذا يُخالف مقصود الشارع منها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
قمنا -نحن مجموعة من الناس- بإشهار جمعية تنمية المجتمع بالقرية رسميا، فهل يجوز للجمعية جمع زكاة المال والزروع؟ وما هي مصارفها الشرعية؟ وهل يجوز أن تدخل هذه الأموال في البنية الأساسية للجمعية؟
ما حكم إعطاء الأخ من الزكاة؟ فأخي الكبير دخله كبير، ولكن مصاريفه أكثر. فهل يستحق شيئًا من الزكاة؟
هل على ذهب الزوجة زكاة إذا أخذه الزوج فباعه واشترى غيره مستغلا ارتفاع الأسعار وانخفاضها؟ فقد قمت ببيع الذهب الخاص بزوجتي لما ارتفع ثمن الذهب عن وقت شرائه، وبعد فترة خفت من إنفاق المبلغ فاشتريت به كمية أخرى من الذهب، وشجعني على ذلك عودة السعر للانخفاض عن السعر الذي اشترينا به مؤخرًا، فحدثني أحد الأصدقاء بأن هذا التصرف أخرج الذهب من كونه للزينة إلى هدف التجارة، مع العلم أن الكمية الأولى بلغت النصاب، فما الحكم؟
كيفية الزكاة على فيزا المشتريات؟ لأنه لديَّ بطاقة ائتمانية (Credit Card)، يتيح لي البنك من خلالها في رصيدي مبلغًا من المال حوالي مائة ألف جنيه، وأستخدمها كمشتريات، وأسدد قبل نهاية المدة المحددة، فهل يجب إخراج الزكاة عليها؟ وهل يجب عليَّ ضم هذه المبالغ -إذا لم تبلغ قيمتها النصاب- إلى مجموع المبالغ التي أملكها وأحسب زكاتي عليها؟
ما حكم الزكاة في المال الموقوف على جهة عامة؟ حيث تمتلك لجنة زكاةٍ بمسجدٍ مشروعَ مستشفًى خيري ملحق به صيدلية داخلية للتيسير على أهالي المنطقة، ويترتب على هذا المشروع عائدٌ ماليٌّ يُنفَق منه على احتياجات المستشفى وتطويره بالأجهزة الحديثة، ويتبقى من هذا العائد مبلغ يتجاوز النِّصاب، ويحُولُ عليه الحَوْل، فهل على هذا المال زكاة؟
وتقوم لجنة الزكاة بالمسجد بالإنفاق لتجهيز دارٍ للمناسبات العامَّة للتيسير على الأهالي، كما قامت اللجنة بشراء بعض الأجهزة الطبية للمساعدة في سدِّ العجز بالمستشفى العام، وهذا الإنفاق يتمُّ من عائد مشروع المستشفى الخيري والصيدلية الملحقة به والمشار إليها سابقًا.
فهل تعتبر قيمة هذه الأجهزة المتبرَّع بها إلى المستشفى المذكورة، والمبالغ التي أُنفقت على تجهيز دار المناسبات العامة من زكاة المال المستحقَّة على عائد تلك المشروعات إذا كان في عائدها زكاة؟
ما ضابط الحاجة الأصلية في الزكاة؟ وهل تتسع مشمولاته لأدوات الكسب؟