وصية وديون على المحكوم عليه بالعته

وصية وديون على المحكوم عليه بالعته

 رجل في ‏حال صحته وسلامة عقله أوصى لابن ابنه بمثل ‏نصيب ابنه المتوفَّى قبله في جميع ما يكون متروكًا ‏عنه يوم موته، وحرّر بذلك إشهادًا لدى قاض ‏شرعي، ثم قام أحد أولاد الموصي وقدَّم إلى مدير ‏المديرية عرضًا يذكر أن والده بلغ من العمر نحو ‏خمس وتسعين سنة، وبهذا السبب صار معتوهًا، ‏وبناءً على ذلك طُلِبَ الموصي أمام القاضي، ‏وبامتحانه وجد على حسب ما ذكره ابنه المذكور، ‏وبذلك حكم القاضي عليه بالعته، وكان بين العته ‏وثبوت العته أقل من سنة، وسلَّم جميع ما يمتلكه إلى ‏قيم عينه المجلس، ثم توفي الموصي المذكور على ‏هذه الحالة بعد مدة أقل من سنة أيضًا، وبين طرء ‏العته والوفاة نحو سنة ونصف، وأجرى الورثة ‏تقسيم التركة بينهم على حسب الفريضة الشرعية، ‏إلا أن بعض الورثة تبرع له بشيء معين، وصار ‏كل منهم يتصرف فيما آل له من بيع وشراء ورهن ‏مدة تزيد عن خمس عشرة سنة من غير منازع ولا ‏مخاصم تلك المدة، والآن قام رجل يدَّعي أن له ديونًا ‏قبل الموصى له المذكور، وينازع الورثة بقيمة ‏الوصية المذكورة، فهل تكون الوصية المذكورة ‏باطلة؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب.‏

 في "الخانية" ما نصه: رجلٌ أوصى بوصية، ثم أخذه ‏الوسواس، وصار معتوها، فمكث كذلك، ثم مات بعد ‏ذلك؟ قال محمد رحمه الله تعالى: وصيته باطلة. انتهى.
وفي "رد المحتار" بعد نقلٍ هذا ما نصه: وانظر: هل تعتبر فيه المدة المعتبرة في الجنون؟ ‏والظاهر نعم؛ إذ لا فرق بينهما. اهـ.
وفي "التنوير" ‏وشرحه "الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار": أوصى بوصيةٍ، ثم جُنّ؟ إن أطبق الجنون ‏حتى بلغ ستة أشهر بطلت، وإلا لا. انتهى.
وفي ‏"الأنقروية" بعد كلام ما نصه: والفتوى على أنه لا ‏يوقَّت فيه بشيء، بل مفوضٌ إلى رأي القاضي كما ‏هو قول أبي حنيفة، وإن مسَّت الحاجة إلى التوقيت ‏فالفتوى على أن الجنون المطبق في حق التصرفات ‏يقدر بِسَنَةٍ؛ لأنه لَمَّا حال عليه الفصولُ الأربعةُ ولم ‏يفق منه علم استحكام جنونه حينئذ. انتهى.
ومن ذلك يُعلَم أنه حيث كان الأمر كما ذكر في هذا ‏السؤال، وجرينا على التوقيت بِسَنَةٍ عند الاحتياج ‏إليه، ومضت المدةُ المذكورةُ في السؤال على ‏الموصي المذكور وهو معتوهٌ ثم مات كذلك كانت ‏هذه الوصية باطلة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.‏

اقرأ أيضا