هل يعتبر بناء الإنسان من خلال التدريب والتأهيل والتعليم صدقة جارية، مثال: تدريب القائمين على رعاية الأيتام من أطفال وشباب في دور الرعاية؟
التدريب والتأهيل والتعليم من وجوه الصدقة الجارية؛ لأنه عمل نافع يجري نفعه إلى غير فاعله، ويستمر نفعه زمنًا، ويزيد من استحسان الأمر اختصاص هذا التدريب والتعليم بالقائمين على رعاية الأيتام؛ لما فيه من إكرام اليتيم والإحسان اليه، بتأهيل من يقوم عليه، حتى يتضاعف نفعه منه في الإصلاح والإكرام، وهذا مأمور به شرعًا.
المحتويات
الصدقة الجارية: هي كل ما يفعله المسلم من وجوه الخير ويجري نفعه إلى غيره، فيكون ذلك سببًا في دوام أجره واستمراره.
قال القاضي عياض المالكي في "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (1/ 145، ط. المكتبة العتيقة): [صدقة جارية: أي يجري نفعها وأجرها ويدوم] اهـ.
وقال العلامة القاري في "مرقاة المفاتيح" (1/ 285، ط. دار الفكر): [يجري نفعها فيدوم أجرها، كالوقف في وجوه الخير] اهـ.
فكل ما يفعله المسلم من خير يثاب عليه، فإذا تجاوز نفعه إلى غيره كان مثابًا على ذلك أيضًا إلى أن ينتهي أثر فعله.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي، فَقَالَ: «مَا عِنْدِي»، فقال رجل: يا رسول الله، أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
تواردت النصوص على أن العلم النافع هو مما يتناقل أثره، ويدوم أجره، والتدريب وتأهيل وتعليم القائمين على الشباب والأطفال في دور الأيتام هو من العلم النافع؛ لما في تدريبهم وتعليمهم من تناقل النفع عنهم إلى الأيتام، مما يكون له الأثر الدائم في حياتهم، ثم في حياة من يخالطونهم.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» أخرجه ابن ماجه في "سننه". وابن خزيمة في "صحيحه"، والبيهقي في "شعب الإيمان"
قال القاضي عياض المالكي في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (5/ 373، ط. دار الوفاء): [وذلك لأن عمل الميت منقطع بموته، لكن هذه الأشياء لما كان هو سببها؛ من اكتسابه الولد، وبثّه العلم عند من حمله فيه، أو إيداعه تأليفًا بقى بعده، وإيقافه هذه الصدقة، بقيت له أجورها ما بقيت ووجدت] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" (11/ 85، ط. دار إحياء التراث): [قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه كان سببها؛ فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف.. وفيه دليل لصحة أصل الوقف وعظيم ثوابه، وبيان فضيلة العلم، والحث على الاستكثار منه، والترغيب في توريثه بالتعليم والتصنيف والإيضاح، وأنه ينبغي أن يختار من العلوم الأنفع فالأنفع] اهـ.
العلم في ذلك ليس مقتصرًا على العلوم الشرعية، بل يشمل كل علم نافع يجري نفعه لغيره، ومن ذلك تدريب العاملين وتأهيلهم لأعمالهم، فإذا كان ذلك التدريب والتأهيل يجري نفعه على الأيتام، كان أجره عند الله أعظم؛ لشدة عناية الإسلام بالأيتام وحثه على إكرامهم والإحسان إليهم.
كما أن الصدقة باب واسع من أبواب العبادات، لم يحدد الله لها مصارف مخصصة كالزكاة، فيجوز صرفها في كل سبل الخير الممكنة، فإذا تخير المسلم من هذه السبل دفعها للتدريب والتأهيل والتعليم، فقد جمع في ذلك بين أمرين حسنين. وهما: عبادة التصدق، وعبادة الحرص على نشر النفع بالعلم وتأهيل القائمين على أعمالهم؛ لما في ذلك من بناء للإنسان، والذي هو مقصد من مقاصد الزكاة مع ضيق مصارفها، فالصرف عليه من الصدقات هو من باب أولى.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ عِلْمًا ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ» أخرجه ابن ماجه في "السنن"، وحسنه المنذري في "الترغيب والترهيب".
قال العلامة المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 184، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [«أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ عِلْمًا» أي: شرعيًّا، أو ما كان آلة له «ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ» فتعليم العلم لغيره صدقة منه عليه، وهو من أفضل أنواع الصدقة؛ لأن الانتفاع به فوق الانتفاع بالمال لأنه ينفد والعلم باق] اهـ.
يزيد من استحسان الأمر اختصاص هذا التدريب والتعليم بالقائمين على رعاية الأيتام؛ لما فيه من إكرام اليتيم والإحسان اليه، بتأهيل من يقوم عليه، حتى يتضاعف نفعه منه في الإصلاح والإكرام، وذلك مما هو مأمور به شرعًا؛ قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾ [البقرة: 220]، وقال تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ﴾ [الفجر: 17].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ، وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ» أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وابن ماجه في "السنن"، والطبراني في "الوسط".
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الصدقة الجارية تشمل كل عمل نافع يجري نفعه إلى غير فاعله، ويستمر نفعه زمنًا، وتعليم العلم من وجوه الصدقة الجارية، ومن ذلك تدريب القائمين على رعاية الأيتام والأطفال ونحوهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الصيام والصدقة بنية الشكر؟ فقد مَنَّ الله عليَّ بوظيفة مرموقة والآن أريد أن أصوم شهرًا بنية شكر الله تعالى على تلك المنَّة، كما أنِّي أُريد أن أتصدَّق أيضًا بقيمة شهرين من راتبي.
ما حكم الصرف مِن أموال الزكاة والصدقات لآل البيت الموجودين في باكستان؛ حيث إن السلطات هناك قامت بالحيازة على بعض ممتلكاتهم، مِمَّا أَثَّر على حياتهم الاجتماعية تأثيرًا بالِغًا؟
الذبائح التي يتم ذبحها كصدقة وليس كضحية هل يتم خصمها من زكاة المال؟ ولسيادتكم جزيل الشكر وفي انتظار الرد الكريم من سيادتكم.
هل الاحتفال بيوم الأم فيه مخالفة للشريعة الإسلامية؟ لأن هناك من يدَّعي أنه بدعةٌ محدَثَةٌ تخالف تعاليم الإسلام.
ما حكم التبرع من أجل القضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي من الزكاة؟ فأنا أتشرف أن أتقدم لسيادتكم بخالص التحية والتقدير لما تبذلونه من مجهودات لإعادة المرجعية الوسطية للفتوى لمجتمعنا المصري؛ ونظرًا إلى أن تحقيق العدالة الاجتماعية من أهم أولويات الحكومة المصرية فقد تم إنشاء صندوق تحيا مصر بالقرار الجمهوري 84/2015 والذي ينص في المادة السادسة على أن يختص الصندوق بمعاونة أجهز الدولة في إقامة مشروعات خدمية وتنموية في مجالات تطوير العشوائيات، والحد من ظاهرة أطفال بلا مأوًى التي تساهم في دعم الموقف الاجتماعي والاقتصادي بالدولة، وإقامة مشروعات تنموية تقوم عليها شركات جديدة مملوكة ملكية تامة للصندوق، أو يساهم في رأس مالها طبقًا للقواعد والضوابط التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء.
وحيث إن الاهتمام بصحة المواطن المصري عامة ومريض فيروس سي خاصة من أهم أولويات الحكومة المصرية، ودعمًا للارتقاء بمستوى الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين، واستمرارًا للجهود المبذولة في البحث عن أفضل العلاجات لمرض الالتهاب الكبدي الفيروسي سي في مصر، قام صندوق تحيا مصر بالتنسيق مع وزارة الصحة وجهات أخرى شريكة بتبني البرنامج القومي للقضاء على فيروس سي ، وذلك من خلال إنشاء مراكز علاج متخصصة، وتوفير أحدث علاج متوافر عالميًّا، بالإضافة إلى الرعاية المتكاملة للمريض حتى يشفى.
لذا أرجو من سيادتكم التكرم بدراسة مدى إمكانية اعتبار التبرع من أجل القضاء على الالتهاب الكدي الفيروسي سي في مصر بابًا من أبواب الزكاة. ونشكر لسيادتكم حسن تعاونكم. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.
ما حكم المضاربة اليومية في البورصة؟ فأنا أرغب في شراء وبيع الأسهم عن طريق المتاجرة اليومية في البورصة الأمريكية أو ما يسمى (سكالبنج- scalping) أو (Day trading) وذلك عن طريق شراء السهم وتملكه بالكامل من مالي الخاص في محفظتي على منصة التداول ثم بيعه عندما يرتفع ثمنه وذلك بغرض التجارة وليس بغرض التلاعب لرفع سعره أو ما شابه وسأقوم بذلك عن طريق تحليل ودراسة سوق الأسهم ثم القيام بالبيع بعد الشراء خلال ثواني أو دقائق أو ساعات أو أيام حسب الحركة السعرية للسهم وحسب التحليلات الفنية بدون استخدام طرق التجارة المحرمة مثل الشورتنج أو المارجن أو التجارة في العقود الآجلة أو ما شابه.
- فهل هذه التجارة وبهذه الصورة تعتبر من قبيل المضاربة المحرمة أو النجش أو الغرر أو المقامرة، مع العلم أن هدفي هو الربح من الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع وليس تلاعبًا بالسوق؟
- وهل توجد حرمة إن كانت هذه الشركات الأمريكية مالكة الأسهم تعتمد في تمويلها على القروض من البنوك؟