ما حكم الصلاة في البيت لعذر؟ وما الأجر المترتب على ذلك؟ فقد تلقَّينا خبرَ وقف الصلوات في المساجدِ بسبب فيروس كورونا بحزنٍ شديد؛ حيث إننا ولله الحمد والمنَّة من المحافظين على صلاة الجمعة والجماعة في المسجد مهما حدث من ظروف؛ طمعًا في ثوابها وقبولها، والآن حُرِمنا هذه الفضيلة، وقد سمعنا أنه إذا حال بيننا وبين صلاة الجماعة أمرٌ خارجٌ عنا وصلينا في البيت، فحينئذٍ نأخذ أجر الجماعة، فهل هذا صحيح؟
أنت معذورٌ في ترْك الجمعة والجماعة في هذه الآونة العصيبة التي انتشر فيها وباء كورونا، وهو عذرٌ معتبرٌ شرعًا، ولذلك فأنت مأجورٌ في صلاتك في بيتك، كما لو كنت تصليها في المسجد؛ لأنك كنت من المحافظين عليها، ويزداد أجرك ويعظم إذا نويت بذلك طاعة ولي الأمر الذي يعمل على مصلحة رعيته، وكذلك إذا نويت الحفاظ على نفسك وغيرك من الأمراض المعدية، غير أننا ننبهك على أن الجمعة -حال وقف الصلوات في المساجد- لا تُصلى في البيت، وإنما تُصلَّى ظهرًا أربع ركعات، وتؤجر في ذلك أجْرَ مَنْ أدَّاها جمعة إن شاء الله.
المحتويات
إنَّ الداعي إلى غلق المساجدِ في هذه الآونة من قِبل الجهات المختصة، ومنْع التجمُّعات للصلاة فيها وفي غيرها من الأماكنِ المعدَّة للصلاة: هو هذا المرض الوبائي المنتشر، والخوف من أذاه، والحد من انتشار عدواه، وهو أمرٌ اعتبره الشرع الشريف؛ حيث أسقط الجماعة عن المسلمين حالَ الخوف أو المرض أو ما كان في معناهما، وقرَّر في هذا الشأن أنَّ درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِي، فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ، لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّاهَا» قَالُوا: مَا عُذْرُهُ؟ قَالَ: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ» أخرجه أبو داود والدارقطني في "السنن"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، و"الصغرى"، و"معرفة السنن والآثار" قال الإمام البيهقي "السنن الصغرى" (1/ 191): [وَمَا كَانَ مِنَ الْأَعْذَارِ فِي مَعْنَاهَا فَلَهُ حُكْمُهُمَا] اهـ.
قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (16/ 244، ط. أوقاف المغرب): [وأما قوله في الحديث: «مِن غَيرِ عُذْرٍ»: فالعذر يتسع القولُ فيه، وجملته: كل مانعٍ حائلٍ بينه وبين الجمعة مما يتأذى به ويخاف عدوانه، أو يبطل بذلك فرضًا لا بدل منه، فمن ذلك السلطان الجائر يظلم، والمطر الوابل المتصل، والمرض الحابس، وما كان مثل ذلك] اهـ.
وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 300، ط. إحياء التراث العربي): [(ويُعذَر في ترك الجمعة والجماعة المريض) بلا نزاع، ويُعذَر أيضًا في تركهما لخوف حدوث المرض] اهـ.
فيدخل ضمن الأعذار كل ما يسبب الضرر بالنفس أو بالغير، ونحن مأمورون بدفْع الضرر؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه الدارقطني والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصحَّحه على شرط مسلم، والدينوري في "المجالسة".
والحالة التي تمرُّ بها البلاد جرَّاء فيروس كورونا الوبائي تدخلُ تحت هذه الأعذار، بل هي أبلغُ عذرًا وآكَدُ منعًا لاشتمالها على معنى الخوف الشديد والمرض المميت، ولتعلُّقها بالحفاظ على النفوس والأرواح؛ فإن العالم كلَّه أصبح يواجِهُ وباءً قاتلًا ذهب ضحيتَه آلافُ البشر، وانتشر في عشرات البلدان، وهو فيروس كورونا "كوفيد-19" (COVID-19).
يجب على المؤمن أن يعلم أنَّ صبره على هذا البلاء وثباته والتزامَه بالتعليمات من قِبَل الجهات المختصة سيكون سببًا لتكفير سيئاته ورفْع درجاته، وقد جعل الشرع أجْرَ صلاة المسلم في البيت لعذرٍ كأجر صلاته في المسجد؛ لأن المعذور مأجور، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا، فَشَغَلَهُ عَنْهُ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ، كُتِبَ لَهُ كَصَالِحِ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ» أخرجه أبو داود في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
وفي رواية: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» أخرجه الإمام البخاري في "الصحيح"، وأحمد في "المسند".
قال الإمام ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (1/ 502، ط. دار الغرب الإسلامي): [والمشهور في المَرْضَى والمسجونين أنهم يجمعون؛ لأنهم مغلوبون على ترك الجمعة.. وقال ابن القاسم في المجموعة: إنهم لا يعيدون، وقاله أصبغ في المتخلفين من غير عذر، وهو الأظهر، إذ قد قيل: إنهم يجمعون؛ لأنهم وإن كانوا تعدَّوا في ترك الجمعة فلا يحرموا فضل الجماعة] اهـ.
وقال العلامة عميرة في "حاشيته" (1/ 260، ط. دار الفكر): [وصحح في شرح المهذب عدم حصول الثواب عند العذر، وخالف الإسنوي وغيره، ونقلوا الحصول عن الأحاديث وعن جَماعةٍ من الأصحاب، أقول: وقد يؤيد بأن من صلى قاعدًا لعجزٍ فله مثل أجر القائم، واختاره السبكي فيمن كان له عادة ثم حبسه العذر] اهـ.
بناءً على ذلك: فأنت معذورٌ في ترْك الجمعة والجماعة في هذه الآونة العصيبة التي انتشر فيها وباء كورونا، وهو عذرٌ معتبرٌ شرعًا، ولذلك فأنت مأجورٌ في صلاتك في بيتك إن شاء الله تعالى، كما لو كنت تصليها في المسجد؛ لأنك كنت من المحافظين عليها، ويزداد أجرك ويعظم إذا نويت بذلك طاعة ولي الأمر الذي يعمل على مصلحة رعيته، وكذلك إذا نويت الحفاظ على نفسك وغيرك من الأمراض المعدية، غير أننا ننبهك على أن الجمعة لا تُصلى في البيت، وإنما تُصلَّى ظهرًا أربع ركعات، وتؤجر في ذلك أجْرَ مَنْ أدَّاها جمعة إن شاء الله.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم منع من لا يرتدي الكمامة من دخول المسجد؟ فمع احتياج دول العالم إلى الحراك المجتمعي المقيَّد ولجوئها للتعايش الحذِر مع وباء كورونا، صدرت القرارات بإلزام جميع المواطنين بارتداء الكمامات في أماكن التجمعات العامة، وقامت كثير من الدول الإسلامية بفتح المساجد أمام مرتاديها لإقامة الجمع والجماعات، بشرط التزامهم بإجراءات الوقاية وارتدائهم الكمامات وتعقيم المساجد. فهل يجوز منع من لم يرتد الكمامة من دخول المساجد؟
ما حكم تحديد الجهات المنظمة للحج لأعداد الحجيج وسنِّهم واشتراط حصولهم على اللقاحات؟ فمع اقتراب موسم الحج وفي ظل تزايد أعداد مريدي الحج، نجد أن الجهات المعنية بشئون الحج والعمرة تقوم بإِصْدار قرارات تنظيمية لفريضة الحج، نحو: تحديد أعداد الحجيج وأعمارهم، واشتراط حصولهم على بعض اللقاحات، فهل هذا متفق مع أحكام الشريعة ومقاصدها الإسلامية؟
ما حكم تقسيم الأراضي التي ضاعت حدودها بداغستان؟ حيث تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: ما حكم أراضي قرى داغستان اليوم بعد الدعوة إلى إعادتها إلى أيدي مُلَّاكها من أهل القرية، وقد ضاعت الحدود والحقوق في أغلب القرى، ومات الأجداد الذين كانوا يعرفون الحدود وحقوق الجيران من طرقٍ ومسيلات ماء، وما هو الواجب في كيفية تقسيمها؟
ما حكم التطعيم بلقاح كورونا؛ فقد ورد طلب مُقدَّم من معالي السيد/ وزير الشؤون الإسلامية بماليزيا، والمتضمن:
توافقًا وتماشيًا مع القضايا الفقهية المستجدة المعاصرة لواقعنا، وانطلاقًا من قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، تلتمس وزارة الشئون الإسلامية بماليزيا تبيين وتوضيح أحكام جائحة (كوفيد-19) كورونا المستجد، ومع ترقب إطلاق لقاح فيروس (كوفيد-19)، وما له من أهمية وأثر بالغين، وحيث إن موضوع الحل والحرمة أمر حساس، وله شأن كبير لدى المسلمين عامة، والماليزيين خاصة؛ فإننا نلتمس من دار الإفتاء المصرية المحترمة موافاتنا بحكم استخدام اللقاح بشكل فقهيٍّ منضبط ومؤصل، وذلك حرصًا لخدمة الدين الحنيف، ومواءمة لروح العصر وأحكامه؟ شاكرين لكم حسن إسهامكم لخدمة دين الله وأحكامه، ومشاركتكم لنا في ذلك.
هل يجوز للإنسان أن يتبرع ببعض خُصَل من شعر رأسه لمستشفى سرطان الأطفال؛ بغرض صنع باروكة يلبسها أولئك الأطفال، بعد أن تسبب العلاج الكيماوي في تساقط شعر رؤوسهم؛ من باب المساهمة في تخفيف الألم النفسي عليهم؟ مع العلم أن بعض الناس يقول: إن ذلك غير جائز؛ لأنه مِن وَصْل الشعر المُحَرَّم شرعًا الملعون فاعله، ولأن المشروع في الشعر المنفصل عن الإنسان أن يُدفن، واستعماله بعد انفصاله ينافي التكريم المطلوب لأجزاء الإنسان، وكذلك لا يجوز هبة ذلك الشعر؛ لأنه ليس مملوكًا لصاحبه، ويعترضون كذلك بأنه لو كان ذلك الشعر من امرأة فإنه سيحرم النظر إليه؛ لأنه من العورة.
ما حكم غسل الرجل لزوجته المتوفاة بفيروس كورونا؟ حيث إنه بسبب تزايد أعداد المتوفين بهذا الوباء اضطر كثير من الرجال لتغسيل زوجاتهم؛ لعدم سهولة توفير من يُغسِّلهن من النساء؛ نظرًا للخوف من العدوى؟