حكم التنفل بالصلاة لرفع الوباء

تاريخ الفتوى: 01 مايو 2020 م
رقم الفتوى: 5204
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم التنفل بالصلاة لرفع الوباء

ما حكم التنفل بالصلاة لرفع الوباء؛ فقد اجتاح فيروس كورونا معظم دول العالم، وأصبح وباءً عالميًّا، ومات بسببه الكثير من الأشخاص؛ من المسلمين وغيرهم: فما حكم التنفل بالصلاة لرفع هذا الفيروس الوبائي والشفاء منه؟ وما حكم الدعاء فيها؟

لا مانع شرعًا من التنفل بالصلاة لصرف مرض الكورونا؛ لِكونه نازلةً من النوازل ومصيبة من المصائب حلت بكثير من بلدان العالم، سواء كانت الصلاة لرفعه أو دفعه، والدعاء بصرف المرض والوباء يكون عامًّا؛ في الصلاة وخارجَها.

المحتويات

 

حكم التنفل بالصلاة لرفع الوباء

أجازت الشريعة الإسلامية مشروعية الصلاة والدعاء لرفع البلاء والوباء؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ»، وقال أيضًا: «فَصَلُّوا حَتَّى يُفَرِّجَ اللهُ عَنْكُمْ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح".

قال الإمام البدر العيني الحنفي في "عمدة القاري" (7/ 89، ط. دار إحياء التراث العربي): [تنبيهًا لأمته أنه إذا وقع بعده يخشون أمر ذلك، ويفزعون إلى ذكر الله والصلاة والصدقة؛ لأن ذلك مما يدفع الله به البلاء] اهـ.

وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" (6/ 203، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ»، وفي رواية: «فَصَلُّوا حَتَّى يُفَرِّجَ اللهُ عَنْكُمْ»، معناه بادروا بالصلاة وأسرعوا إليها حتى يزول عنكم هذا العارض الذي يُخاف] اهـ.

ففي هذه الروايات يعلمنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه عند حلول البلاء ينبغي على الإنسان أن يلجأ إلى ربه ويتضرع إليه ليكشف عنه البلاء، وليس أقرب من الصلاة التي يقف فيها العبد بين يدي مولاه، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.

قال الإمام ابن بطال المالكي في "شرح البخاري" (10/ 15، ط. مكتبة الرشد): [أخبرنا صلى الله عليه وآله وسلم أنه حين نزول البلاء ينبغي الفزع إلى الصلاة والدعاء، فيُرجى كشفه لقوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾ [الأنعام: 43] اهـ.

والبلاء هنا لم يقتصر على معنًى دون غيره؛ بل يشمل كل ما يقع بالإنسان من الضُّرِّ والشدة والبأس؛ كالزلازل والكوارث والأوبئة والطواعين، ونحو ذلك.

نصوص الفقهاء الواردة على جواز التنفل بالصلاة لرفع الوباء

قال العلامة فخر الدين الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (1/ 230، ط. الأميرية): [وكذا في الظلمة الهائلة بالنهار، والريح الشديدة، والزلازل، والصواعق، وانتثار الكواكب، والضوء الهائل بالليل، والثلج، والأمطار الدائمة، وعموم الأمراض، والخوف الغالب من العدو، ونحو ذلك من الأفزاع والأهوال؛ لأن ذلك كله من الآيات المخوفة، والله أعلم] اهـ.

وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (1/ 351، ط. دار الفكر): [(قوله: ودل كلامه على أن الصلاة.. إلخ) أي: للزلزلة ونحوها، أي: ويدخل في ذلك الصلاةُ لدفع الوباء والطاعون] اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (1/ 211، ط. دار المعرفة): [يستحب الإسراع إلى الصلاة عند خشية الشر؛ كما قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ [البقرة: 45] ، وكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وأمر من رأى في منامه ما يكره أن يصلي.. وفيه تحذير العالم مَن يأخذ عنه من كل شيء يتوقع حصوله والإرشاد إلى ما يدفع ذلك المحذور، والله أعلم] اهـ بتصرف.

وقال العلامة ابن الأزرق الغرناطي في "بدائع السلك" (2/ 77، ط. وزارة الإعلام العراقية):
[الوسيلة الثالثة: الصلاة، وفي السنن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أحزنه أمرٌ فزع إلى الصلاة.
قال ابن أبي حجلة: وذلك أن الصلاة يُستشفى بها من عامة الأوجاع قبل استحكامها، فمن أحس ببدء الألم من الطاعون أو غيره فبادر إلى الوضوء والصلاة وفرغ قلبه لله تعالى وجمع همته على الله في صلاته اندفع عنه ذلك الألم بإذن الله أو خفَّ، فلم يحصل له من ثقله ما حصل لمن أعرض عن الله وعن الصلاة.
قال: وبالجملة فلها أثر عجيب في حفظ صحة البدن والقلب وقواهما ودفع المواد الردية عنها، وما ابتلي رجلان بعاهة أو أذى أو محنة أو بلية إلا وكان حظ المصلي منهما أقل وعاقبته أسلم.
قال: للصلاة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا لا سيما إذا أعطيت حقها من تكميل الطهارة ظاهرًا وباطنًا، فما استدفعت شرور الدارين ولا استجلبت مصالحها بمثل الصلاة، وسر ذلك أنها صلة الله تعالى، فعلى قدر صلة العبد لله يفتح عليه من الخيرات أبوابها، ويدفع عنه من الشرور أسبابها، انتهى ملخصًا] اهـ.

وقد اتفق العلماء على مشروعية الدعاء واللجوء إلى الله تعالى والتضرع له عند حلول الوباء، وقد تواترت الأحاديث النبوية على ذلك، وهو جائزٌ في الصلاة وخارجها؛ لما تقرر عند جماعة من الفقهاء من أن كل ما جاز الدعاءُ به خارج الصلاة جاز الدعاءُ به فيها؛ كما قاله الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (3/ 471، ط. دار الفكر).

الخلاصة

بناءً على ذلك: فيجوز التنفل بالصلاة لصرف مرض الكورونا؛ لِكونه نازلةً من النوازل ومصيبة من المصائب حلت بكثير من بلدان العالم، سواء كانت الصلاة لرفعه أو دفعه، والدعاء بصرف المرض والوباء يكون عامًّا، في الصلاة وخارجَها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم جمع الجنازات للصلاة عليها جملة واحدة؟ حيث إنه نظرًا لتزايد عدد الوفيات في مستشفيات العزل ونحوها؛ بما قد تزيدُ في بعض الأيام عن العشرة في مكانٍ واحد، ووضع كل جنازة على حدتها وتقديمها للصلاة عليها يسبِّب الكثير من التعب والمشقَّة للقائمين على ذلك، فهل يمكن الصلاة عليها مجتمعة؟ وهل هذا هو الأفضل من الناحية الشرعية، أم الأفضل الصلاة على كل جنازة على حدتها؟ ولفضيلتكم جزيل الشكر والتقدير.


ما حكم صلاة العيد في البيت؟ ففي ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من فيروس (كوفيد-19) والإجراءات الاحترازية التي قامت بها الدولة، ومنها غلق دور العبادة حفاظًا على حياة الناس؛ فهل تصح صلاة العيد في البيت سواء بعذرٍ أو بغير عذرٍ، وهل تشترط الخُطْبَة بعدها، وما هي كيفية أداء صلاة العيد في البيت؟


اطلعنا على كتاب مدير العلاقات العامة بوزارة الأوقاف الذي طلب فيه الإفادة بالرأي على ما نشر بجريدة الأخبار ضمن باب يوميات الأخبار بعنوان "قرآن عربي بحروف لاتينية"، وملخص ما نشر بالجريدة المذكورة: أن أحد المحاسبين يقوم بإعداد مشروع يرمي إلى تمكين المسلمين في كل أقطار العالم من قراءة القرآن الكريم وتلاوته تلاوة صحيحة مهما اختلفت جنسياتهم ولغاتهم؛ وذلك عن طريق كتابته بحروف لاتينية تطابق في نطقها النطق العربي السليم للآيات الكريمة مع الاستعانة بتسجيلات صوتية للتلاوة والتفسير يستعين به قارئو الكتاب الكريم، ويقول المحاسب: إن عملية التمويل سيقوم بها بنك الأفكار بالإضافة إلى بعض الحكومات الإسلامية التي تبدي اهتمامها بالإسهام في هذا العمل.


أفاد المتخصصون أن جسمَ المتوفى بفيروس كورونا يظلُّ حاملًا لفيروس مدَّة بعد وفاته، ولذلك فإن عمليةَ تجهيزه يقومُ بها متخصصون من وزارة الصحَّة، ولا يسلمون المتوفى لأهله إلا بعد إتمام التعقيم والتغسيل والتكفين، ومما يقومون به في التكفين أنهم يضعون المتوفى في كيس مُعَدٍّ غير منفذ للسوائل، فهل هذه الطريقة كافية في تكفينه شرعًا؟


ما حكم دفن المتوفى بفيروس كورونا في تابوتٍ مُعَدٍّ لذلك؛ خوفًا من انتقال العدوى للأصحاء؟


ظهرت في الآونة الأخيرة لعبة تسمى "لعبة الحوت الأزرق" أو "Blue Whale"، وهي متاحة على شبكة الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية، تطلب من المشتركين فيها عددًا من التحديات، وهذه التحديات تنتهي بطلب الانتحار من الشخص المشترك، أو تطلب منه ارتكاب جريمةٍ ما، ويطلب القائمون عليها أن يقوم اللاعب بعمل "مشنقة" في المكان الذي يكون متواجدًا فيه قبل الخوض في تفاصيل اللعبة، وذلك للتأكد من جدية المشترك في تنفيذ المهام التي تُطلَب منه.
والمشاركة في هذه اللعبة تكون عن طريق تسجيل الشخص في التطبيق الْمُعَدِّ لها على الإنترنت أو الأجهزة المحمولة الذكية "Smart Phone"، وبعد أن يقوم الشخص بالتسجيل لخوض التحدي يُطلب منه نقش الرمز "F57" أو رسم "الحوت الأزرق Blue Whale" على الذراع بأداةٍ حادة، ومِن ثَمَّ إرسال صورةٍ للمسؤول للتأكد من أن الشخص قد دخل في اللعبة فعلًا، لتبدأ سلسلةُ المهامّ أو التحديات، والتي تشمل مشاهدةَ أفلام رعبٍ والصعود إلى سطح المنزل أو الجسر حقيقةً بهدف التغلب على الخوف، وقتل حيوانات وتعذيبها وتصويرها ونشر صورها، لتنتهي هذه المهام بطلب الانتحار؛ إما بالقفز من النافذة أو الطعن بسكين، فإن لم يفعل يهدد بقتل أحد أفراد عائلته أو أحد أقرانه، أو نشر معلومات شخصية مهمة عنه. وقد أكدت تقارير رسميةٌ تأثيرَ هذه اللعبة وخطورتها على المشاركين فيها بشكلٍ حقيقيٍّ؛ حيث أقدم بعضهم على الانتحار في بعض الدول الأوربية والعربية.
ومخترع هذه اللعبة هو "فيليب بوديكين"، وقد طرد من عمله وتم القبض عليه، فقال بعد اعترافه بجرائمه: إن هدفه منها تنظيف المجتمع من النفايات البيولوجية، وأن هؤلاء ليس لهم قيمة.
فما حكم الشرع في ممارسة هذه اللعبة والمشاركة فيها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 12 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :9
الشروق
6 :41
الظهر
11 : 49
العصر
2:37
المغرب
4 : 56
العشاء
6 :19