زوجان تزوجا منذ ست سنوات ولم يحدث إنجاب، وثبت أن الضعف من جانب الزوج، والزوجة ترغب في الأمومة ولا تستغني عنها، فإذا انتهى الرأي بالطلاق. فما هي حقوق الزوجة شرعًا وقانونًا؟ مع العلم أنها هي التي تطلب الطلاق والزوج متمسك بها ولا يريد الطلاق.
إن الحياة الزوجية مبنية على المودة والسكن والرحمة بين الزوجين كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].
ولقد شرع الطلاق ليكون مخرجًا من الضيق وفرجًا من الشدة في زوجية لم تحقق ما أراده الله سبحانه من المودة والرحمة والسكن النفسي والتعاون في الحياة؛ لذلك ينبغي ألا يلجأ إليه الزوج إلا عند الضرورة التي يقدرها الزوجان.
وإذا طلبت الزوجة الطلاق -لأسباب شرعية أو لاعتبارات نفسية أو اجتماعية- فإن لها حقوقها الشرعية من مؤخر صداقها ونفقة عدتها ما لم يتراضيا على غير ذلك؛ نظرًا لأن طلب الطلاق جاء من جانبها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما مدى وقوع الطلاق من عدمه عن طريق كتابة الزوج لفظ الطلاق في رسالة إلكترونية (رسائل الـ Sms، أو الواتساب، أو البريد الإلكتروني، ونحوها)؟
ما حكم يمين الفور بالطلاق؟ فقد سأل كاتب أورطة السكة الحديد السودانية بحلفا معسكر في أنه ذات ليلة كان جالسًا خارج باب المنزل القاطن به بحلفا مع بعض أصدقائه لتناول العشاء، وإذا برسول أتاه من قبل أهل بيته، فقام ودخل، فوجد زوجته لابسة ملابسها ومستعدة للخروج من البيت لزيارة بعض الجيران، واستاذنته في الخروج، فحصل عنده انفعال شديد لغيابه من وسط إخوانه لهذا الأمر، فحلف عليها بالطلاق الثلاث أنها لا تخرج من البيت إلا إلى بلده بالقطر المصري، وقد امتنعت من الخروج إلى أن توجهت إلى بلده بمصر وعادت، فهل الآن يصح لها الخروج دون أن يقع عليه شيء؛ لأنه لم يقع في ذهنه أنها بعد ذهابها إلى البلد بمصر ترجع أو لا ترجع، وقال إن البيت ليس ملكه، واستفهم عما إذا كان يجوز له بعد دخولها البيت أنه ينتقل إلى بيت آخر، والتمس الجواب عن ذلك.
ما حكم طلب الزوجة الطلاق بسبب دخول زوجها السجن؟ حيث يوجد زوج محكوم عليه بالسجن المشدد، ولزوجته منه أولاد، وقد مضى من مدة سجنه عدة أعوام؛ وهي لم تعد تستطيع الحياة على هذا النحو؛ ماديًّا ونفسيًّا وجسديًّا، فماذا تفعل، وهل يحق لها طلب الطلاق؟
تقول السائلة: طلقني زوجي طلاقًا بائنًا بينونة صغرى ووثقه لدى المأذون، ثم علمت أنه أعادني إلى عصمته على يد المأذون الذي وثق طلاقي منه دون علمي، وبدون مهر جديد، علمًا بأن هذه الرجعة قد تمَّت بعد انقضاء العدة بثلاثة قروء. فما حكم هذه الرجعة؟
ما حكم يمين بالطلاق؛ فالسائل يقول: أولًا: على إثر مشادة بينه وبين حماته قال: عليّ الطلاق لأنا متجوز، وعمري ما أنا داخل لكم بيت، ثم تزوج ودخل البيت.
ثانيًا: أراد ابنه أن يتزوج ممن لا يرغب هو فيها فقال: عليّ الطلاق إذا لم تمش في طوعي وأجوزك على كيفي وبمعرفتي ما أنا ماشي لك في طريق زواج ثم مشى له في زواج من أرادها ابنه رغم هذا اليمين.
ثالثًا: قال لزوجته: عليّ الطلاق ما أنا حديك الغلة وفلوسك تأخذيها من القطن ثم أعطاها القمح رغم أنه حلف أن لا يعطيها قمحًا. وطلب السائل بيان الحكم بالنسبة لهذه الصيغ، هل تعتبر طلاقا أو لا؟
بِاسم رئيس وأعضاء المجلس الإسلامي للإفتاء في الداخل الفلسطيني نرفع أسمى معاني الشكر والتقدير لهيئة وإدارة وعلماء مجمعكم الكريم ونسأل الله تعالى لكم الثبات والسداد والرشاد.
وإننا -وإذ نبارك هذه الجهود الطيبة المباركة- نتوجه إليكم بطرح هذه المسألة التي عمَّت بها البلوى وشاعت في حياتنا الاجتماعية على مختلف الأقطار والأمصار؛ وهي مسألة طلاق الغضبان والطلاق البدعي؛ حيث إنه وكما هو معلوم لديكم ونظرًا لانتشار ظاهرة التلاعب بألفاظ الطلاق على ألسنة الأزواج بصورة لم يسبق لها مثيل من قبل، ومعظم هؤلاء الذين يتلفظون بالطلاق لا يقفون عند حدوده وآثاره، ثمَّ يبحث بعد ذلك يلتمس الفتوى ويطرق أبواب المفتين، ولعل الذي يتوسل أمام باب المفتي عادةً هي الزوجة التي وقع عليها الطلاق.
ويقف المفتي حائرًا بين أمرين أحلاهما مر:
إمَّا أن يفتي بوقوع طلاق الغضبان ما دام أن الزوج يدرك ويعي ما يقول، وإما أن يقلد قول بعض أهل العلم ممن لا يوقعون طلاق الغضبان في حالة الغضب الشديد ولو كان يدرك ما يقول، أو أن يقلد قول من يقول بعدم وقوع الطلاق البدعي؛ وذلك من باب لمِّ شمل الأسرة، ونظرًا لانتشار هذه الظاهرة المقيتة. وتستدعي الحاجة والضرورة تقليد هؤلاء الأئمة في الانتهاء لا في الابتداء؛ أي عندما تتوقف الحياة الزوجية على تقليدهم وذلك في الطلقة الثالثة، وإلا لترتب على القول بوقوع الطلاق -عملًا بقول المذاهب الأربعة- أن تعيش آلاف البيوت بلا مبالغة في الحرام في بلادنا.
الأمر الذي دفع المجلس الإسلامي للإفتاء أن يبحث عن رخصة فقهية ولو مرجوحة للحفاظ على الأسرة، وإلا لتمزقت الأسر بسبب تهور الأزواج والعبث غير المسؤول.
ولمَّا كانت هذه المسألة من الحساسية بمكان، ولا يتصور أن تُبحث على نطاق مجلسنا الضيق، كما أنه لا يمكن بسبب ظروف بلادنا السياسية إجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية الذي ينص تقليدًا للمذهب الحنفي على وقوع الطلاق البدعي والطلاق في حالة الغضب، بل إن القضاة عندما يتوصل الطرفان إلى اتفاق على استمرارية الحياة الزوجية وإغلاق ملف الطلاق يوجهونه علينا كمجلس إفتاء لاستصدار فتوى بإمكانية الاستمرار. وإننا في المجلس الإسلامي للإفتاء نقف حائرين ومضطربين أمام هذه المسائل لأن المنهجية عندنا عدم الخروج عن المذاهب الأربعة إلا بموجب قرار صادر عن مجمع فقهي، ولذا قررنا أن نتوجه لمجمعكم الكريم بتعميم هذه المسألة على أعضاء المجمع كي نخرج برأيٍ جماعيٍّ تطمئن النفس باتباعه وتطبيقه بخصوص هذه المسألة، ونؤكِّد سلفًا أن المجلس لن يعمم هذه الفتوى، بل ولن يفتي بها ابتداءً، وإنِّما ستكون من قبيل الإفتاء الخاص المعيَّن، وذلك في حالة توقف الحياة الزوجية على قول من يقول بعدم وقوع الطلاق البدعي والغضب الشديد في الطلقة الثالثة وليس في المرتين الأوليين.
وختامًا نسأل الله تعالى لكم التوفيق في الدارين. والله وليُّ المؤمنين.