بعض المساجد يؤذن فيها أذان واحد يوم الجمعة عقب صعود الخطيب المنبر، وبعضها الآخر يؤذن فيها أذانان قبل صعود الخطيب وعقب صعوده، فأيهما أصحُّ وأولى بالاتباع؟
كلا الأمرين صحيح؛ فمن جعل للجمعة أذانًا واحدًا عقب صعود الخطيب المنبر متمسكًا بفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد عمل بالسُّنَّة، ومن جعل للجمعة أذانين أحدهما قبل صعود الخطيب المنبر والثاني عقب صعوده؛ عملًا بما فعله خليفة رسول الله عثمان بن عفان رضي الله عنه فقد عمل أيضًا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكلاهما على صواب.
إن الثابت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان أذانًا واحدًا؛ يؤذن بلال رضي الله عنه على باب مسجده صلى الله عليه وآله وسلم وبعد جلوسه على المنبر وبين يديه؛ لقول السائب بن يزيد رضي الله عنه: "إِنَّ الْأَذَانَ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَلَمَّا كَانَ خِلَافَةُ عُثْمَانَ رضي الله عنه، وَكَثُرَ النَّاسُ أَمَرَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْأَذَانِ الثَّالِثِ، فَأُذِّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ، فَثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِك" أخرجه البخاري والبيهقي والأربعة.
من هذا يَبِين أنّ الغرض من الأذان الذي كان على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإعلامُ بدخول الوقت لصلاة الجمعة، ولذا كان على باب المسجد؛ ليكمل هذا الغرض، وللإعلام كذلك بقرب شروع الخطيب؛ لينصت الناس ويتركوا الكلام، وهذا سرُّ كونه بعد جلوس الخطيب على المنبر وبين يديه، وهذا الغرض هو ما يُقْصَدُ من الإقامة، فإنها للإعلام بالدخول فيها.
ثمّ لمّا كثر الناس بالمدينة وشغلتهم الأسواق رأى عثمان رضي الله عنه أن الغرض الأول من الأذان وهو الإعلام بدخول الوقت لصلاة الجمعة لم يقعْ على الوجه الأكمل، فأحدث الأذان المستحدث، وأمر بفعله على موضع بسوق المدينة يُسَمَّى الزوراء، وأقرَّه على ذلك الصحابة، فكان إجماعًا سكوتيًّا.
هذا ما حدث في الأذان ممَّا لم يكن في عهده صلى الله عليه وآله وسلم، وهو وإن كان مُحْدَثًا بعده صلى الله عليه وآله وسلم، لكنه سنة الخلفاء الراشدين التي أوصانا بها رسول الله وأمرنا بالتمسك بها والحرص عليها؛ حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» رواه أحمد. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله". وأبقى عثمان أذان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ما كان عليه ولكن صار الغرض منه خصوص الإعلام بقرب شروع الخطيب في الخطبة؛ لينصت الناس.
وعلى هذا: فإنَّ مَن جعل للجمعة أذانًا واحدًا عقب صعود الخطيب المنبر متمسكًا بفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد عمل بالسنة، ومن جعل للجمعة أذانين أحدهما قبل صعود الخطيب المنبر والثاني عقب صعوده؛ عملًا بما فعله خليفة رسول الله عثمان بن عفان رضي الله عنه فقد عمل أيضًا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ للأحاديث الواردة في هذا الشأن، وكلاهما قد أصاب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم سنة الجمعة القبلية؟
ما رأيكم في الترقية بين يدي الخطيب يوم الجمعة -أي: قراءة آية: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: 56]-؟ وما رأيكم في إمساك العصا إذا خطبنا؟
ما أفضل وقت لصلاة قيام الليل؟ ما كيفيتها؟
تعلمون فضيلتكم أنه قد يضطر القائمون على المساجد إلى إضافة أدوار عليا فوق المسجد نظرًا لضيق الأماكن، ولكن تقابلنا مشكلة تبزغ من وقت لآخر، وهي: أن المصلين في هذه الأدوار العليا لا يتمكنون من رؤية الإمام ولا المصلين خلفه بالدور الأرضي، وإنما يتابعون الصلاة عن طريق السماع فقط (بمكبرات الصوت)، ولا يخلو الأمر أحيانًا من وجود سهو في الصلاة كأن يقوم الإمام بدلًا من الجلوس للتشهد أو تكون هناك سجدة تلاوة أو سجود للسهو، وغير ذلك مما لا يفطن إليه المصلون بالأدوار العليا، فيستمرون في صلاتهم حتى يكتشفوا الخطأ فيحدث ارتباك في المسجد، بل وقد ترتفع الأصوات ويشك الناس في صلاتهم.
وقد فكرنا في الاستفادة من الأجهزة الحديثة في التغلُّب على هذه المشكلة قياسًا على الاستفادة من مكبرات الصوت والإضاءة الحديثة وقبل أن نقدم على ذلك نودُّ أن نتعرَّف على الحكم الشرعي في ذلك حتى لا نفتح بابًا للبدع في المساجد بغير قصد، لذلك نعرض على فضيلتكم اقتراحنا أولًا، ونسأل الله أن يوفقكم في الإجابة وفق ما يُحبُّه ويرضاه. وهذا الاقتراح يتمثل في الآتي:
1- تثبيت عدسة مراقبة (كاميرا تصوير) خلف الإمام فقط لمتابعة حركته من قيام وركوع وسجود، ولا تستعمل إلا عند إقامة الصلاة وتغلق عند انتهاء التسليمتين (على غرار الكاميرات المستعملة للمراقبة في الشركات والهيئات).
2- اتصال هذه الكاميرا بشاشة عرض صغيرة (كمبيوتر أو تلفزيون) أو فانوس إسقاط -بروجكتور- توضع في قِبلة الأدوار العليا بالمسجد ليتمكن المصلون من متابعة الإمام بين الحين والآخر.
فيرجى التكرم بالإفادة عن مدى شرعية هذا الأمر قبل تنفيذه.
ما حكم ترك الصلاة خلف إمام بدعوى كونه متصوفا؟ حيث يخرج عددٌ من المصلين في بلدتنا من المسجد، ولا يُؤدّون الصلاة خلف إمام المسجد بحجة أنَّه متصوفٌ وينتظم في سلك إحدى الطرق الصوفية، وأنَّه يقوم بزيارة أضرحة آل البيت والأولياء، وهو بذلك في نظرهم يكون قد أشرك، كما أنَّه يقيم حلقات الذكر وهم يرونها بدعة؛ فما حكم الشرع في فعل هؤلاء المصلين؟
هل يجوز جمع الصلاة أو قصرها للمقيم؟