بخصوص الشخص الذي له رخصة التيمم بسبب عدم توفر الماء أو بسبب مرض يمنعه من استعمال الماء؛ هل يُشْتَرَطُ في حقه تَكرار التيمم لكل فريضة، أو يجوز له أن يصلي بالتيمم الواحد أكثر من فريضة كما هو الحال في الوضوء؟
مَنْ له رخصة التيمم -بسبب فقدِ الماء أو بسبب المرض أو نحوه- مُطالَبٌ بالتيمّم لكل فريضة يريد أداءها. فإن اجتمع في حقه فريضتان أو أكثر، وشقَّ عليه التيمم لكلٍّ منها؛ جاز له أن يصلّي بِتَيَمُّمِهِ ما شاء من الفرائض ما لم يخرجْ وقت الفريضة التي تيمم لها أو وَجَدَ الماء.
وإن دخل عليه وقت صلاةٍ أخرى أو أكثر فشق عليه التيمم لكل صلاةٍ؛ جاز أن يصلي بالتيمم الواحد ما وسعه من الفرائض من غير التقيد بوقتٍ دون وقتٍ حتى ينتقض وضوؤه أو يجد الماء كما هو الحال في الوضوء.
وهذا التدرج في رفع المشقة عمن له رخصة التيمم؛ إنما سلكناه مراعاةً لما تقرر في قواعد الشرع: أن "الخروج من الخلاف مستحب"، وما يقابله: أن "من ابتلي بشيء من المختلف فيه فليقلد من أجاز" ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
المحتويات
جاءت الشريعة الإسلامية بالتَّيسير ورفع الحرج عن المكلفين؛ فقال تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6]، وقال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بكمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وأناطت التكليف بالاستطاعة؛ فقال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» متفق عليه.
ومن مظاهر التَّيسير ورفعِ الحرج في الشريعة: أن جُعل التيممُ عِوَضًا عن الماء في التطهر لاستباحة ما لا يُستباح إلا بالطهارة؛ من صلاةٍ أو تلاوةِ قرآنٍ أو سجودِ تلاوةٍ أو نحوها؛ وذلك عند عدم وجود الماء حقيقةً، أو عند العجز عن استعماله مع توفره لمرضٍ أو خوف أو نحو ذلك؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: 6].
التيمم من الخصائص التي فضَّل اللهُ تعالى بها النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم على سائر الأنبياء، وامتنَّ به على أمته من بين الأمم؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ» أخرجه البخاري -واللفظ له- ومسلم في "الصحيح".
قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (1/ 146، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ثم اعلم أن التيمم لم يكن مشروعًا لغير هذه الأمة، وإنما شرع رخصة لنا] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 206، ط. دار الفكر): [وهو رخصة وفضيلة اختصت بها هذه الأمة -زادها الله شرفًا- لم يشاركها فيها غيرها من الأمم كما صرحت به الأحاديث الصحيحة المشهورة] اهـ.
كيفية التيمم في الجملة: أن يضرب المُحدِث بباطن كفيه على الصعيد الطاهر ضربتين: ضربة يمسح بها وجهه، وضربة لليدين ويمسحهما إلى المرفقين؛ اليمنى باليسرى، واليسرى باليمنى، مع استحضار النية؛ لقول الله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة: 6].
وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك"، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
قال العلامة ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري" (1/ 492، ط. مكتبة الرشد): [هو ضربتان: ضربة للوجه يمسح بها وجهه، وضربة لليدين يمسحهما إلى المرفقين اليمنى باليسرى، واليسرى باليمنى، روى هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما، والشعبي، والحسن، وسالم، وهو قول مالك، والثوري، والليث، وأبى حنيفة وأصحابه، والشافعي، وذكره الطحاوي عن الأوزاعي، وهؤلاء كلهم لا يجزئه عندهم المسح دون المرفقين] اهـ.
أجمع الفقهاء على مشروعية التيمم، إلا أنهم اختلفوا في مسألةِ: هل يجزئ التيمم الواحد لأكثرَ مِن فرضٍ ما لم يُحدث المتيمم كما هي الحال في المُبْدَل منه وهو الوضوء؟ أم يُشْتَرَطُ التيمم لكل فريضة لكونه خِلافَ الأصل ولا يخاطَب به إلا عند فَقْدِه؟
فأما الإجماع على مشروعيته: فقد نقله غير واحد من الفقهاء؛ كالإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 36، ط. دار المسلم)، والعلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (1/ 44، ط. دار الكتب العلمية)، والإمام النووي في "المجموع" (2/ 206).
وأما الاختلاف في استباحة أكثر من فريضةٍ بتيممٍ واحدٍ؛ فهو على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن التيمم كالوضوء؛ فيجوز للمتيمم أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض، في الوقت وبعده، ما لم يجد الماء أو يُحْدِثَ؛ ذلك أن الحدث الواحد لا يلزم له تَطَهُّران؛ وهو مذهب الحنفية وقولٌ للإمام أحمد؛ لما ورد في الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ» متفقٌ عليه.
قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 55، ط. دار الكتب العلمية): [إذا تيمم في الوقت: يجوز له أن يؤدي ما شاء من الفرائض والنوافل، ما لم يجد الماء أو يُحْدِثَ] اهـ.
وقال العلَّامة بدر الدين العيني الحنفي في "منحة السلوك" (ص: 79، ط. وزارة الأوقاف): [(ويصلِّي بِتَيَمُّمِهِ) أي: بتيممه الواحد (ما شاء من الفرائض والنوافل جميعًا) لأنها طهارة مطلقة كالوضوء] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي في فقه الإمام أحمد" (1/ 125، ط. دار الكتب العلمية): [وعنه: يصلي بالتيمم حتى يُحْدِثَ؛ قياسًا على طهارة الماء] اهـ.
القول الثاني: أنه يلزمه طلب الماء لكل فريضة، فإذا عُدِمَهُ خُوطِبَ بالتيمم، ولا يجمع بين فريضتين بتيممٍ واحدٍ ولو في وقت الصلاة الواحدة؛ سواء أكانت الفريضتان متفقتين كصلاتين إحداهما أداء والأخرى قضاء، أم مختلفتين كصلاة وطواف، وإن تيمم لنافلةٍ فليس له أن يؤدِّيَ بها فريضةً؛ وهذا معتمد مذهب الشافعية.
قال الإمام الماوردي الشافعي في "الإقناع" (1/ 209، ط. دار المنهاج): [ولا يجمع بتيممٍ واحدٍ بين صلاتَي فرْضٍ، ويصلي بتيمم الفرْض ما شاء من نفْل] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (2/ 293، ط. دار الفكر): [مذهبنا: أنه لا يجوز الجمع بين فريضتين بتيمم] اهـ.
وقال أيضًا في "روضة الطالبين" (1/ 116، ط. المكتب الإسلامي): [فيما يؤدى بالتيمم: لا يصلي بالتيمم الواحد إلا فريضة واحدة، وسواء كانت الفريضتان متفقتين أو مختلفتين؛ كصلاتين، وطوافين، أو صلاة وطواف، أو متفقين؛ كظهرين، أو مكتوبة ومنذورة، أو منذورتين] اهـ.
وقال أيضًا في "المجموع شرح المهذب" (2/ 242): [إذا تيمم لنافلةٍ في وقتها استباحها وما شاء من النوافل، ولا يستبيح به الفرض على المذهب والمنصوص في "الأم"] اهـ.
القول الثالث: أنه يلزمه التيمم لوقت كل صلاة مكتوبة، فإذا تيمم لدخول الوقت جاز له أن يؤدي بِتَيَمُّمِهِ هذا ما شاء من الفرائض حتى يخرج الوقت، فيلزمه حينذاك التيمم لدخول الوقت التالي إن استمر في حقه فَقْدُ الماء، وهكذا يفعل لدخول وقت كل صلاة؛ وهو مذهب المالكية وظاهر مذهب الحنابلة.
قال الإمام ابن عبد البر القرطبي المالكي في "الكافي في فقه أهل المدينة" (1/ 183، ط. مكتبة الرياض): [يلزمه التيمم لكل صلاة مكتوبة؛ لأنه يلزمه الطلب للماء إذا دخل وقت الصلاة، فإذا عدم الماء دخل فيمن خوطب بالتيمم بقول الله عز وجل: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: 43]، ولا يُصَلِّي صلاتَيْ فرضٍ ولا صلواتٍ مكتوبةً بتيممٍ واحدٍ إلا أن يكون في وقتٍ، ومن فاتته صلواتٌ فَذَكَرَهَا في غير وقتها فجائزٌ أن يصلِّيَهَا كلَّها بتيممٍ واحد] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 193، ط. مكتبة القاهرة): [(وإذا تيمم صلى الصلاةَ التي حَضَرَ وقتُها، وصَلَّى به فوائتَ إن كانت عليه، والتطوعَ، إلى أن يدخل وقتُ صلاةٍ أخرى) المذهب أن التيمم يَبْطُلُ بخروج الوقت ودخوله] اهـ.
وقال أيضًا في "الكافي في فقه الإمام أحمد" (1/ 125): [وإن تيمم لمكتوبةٍ في وقتها فله أن يصلِّيَهَا وما شاء من النوافل قبلها وبعدها، ويقضي فوائت، ويجمع بين الصلاتين؛ لأنها طهارةٌ أباحَتْ فرضًا فأباحت سائر ما ذكرناه كالوضوء، ومتى خرج الوقت بطل التيمم في ظاهر المذهب؛ لأنها طهارةُ عذرٍ وضرورةٍ، فتقدرت بالوقت كطهارة المستحاضة] اهـ.
قال العلامة الزركشي الحنبلي في "شرحه على مختصر الخرقي" (1/ 362، ط. دار العبيكان): [وعلى المذهب: يصلي الصلاة التي تيمم لها وما عليه من منذورة وفائتة، ويجمع بين الصلاتين، ويتطوع، ويصلي على الجنازة إلى أن يدخل وقت التي تليها فيبطل] اهـ.
ويتلخص مما سبق: أن التيمم في مذهب الحنفية وقول للإمام أحمد: كالوضوء؛ يجزئ لأداء وقضاء ما شاء المتيمم من الفرائض حتى يُحدث أو يجد الماء. وفي معتمد مذهب الشافعية: يتيمم لكل فرضٍ على حدة. وعند المالكية وظاهر مذهب الحنابلة: يتيمم لوقت كل صلاة، ويجزئه هذا التيمم ما دام وقت الصلاة باقيًا، فإن خرج الوقت الذي تيمم له أو دخل غيره بطل تيممه.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالشخص الذي له رخصة التيمم -لفقده الماء حقيقةً بعدم توفره أو حكمًا لمرض أو نحوه- مُطالَبٌ بالتيمم لكل فريضة يريد أداءها ولو كانت داخل الوقت الذي تيمم فيه، فإن اجتمع في حقه فريضتان أو أكثر وشق عليه التيمم لكلٍّ منها؛ جاز له أن يصلي بِتَيَمُّمِهِ ما شاء من الفرائض ما لم يخرجْ وقت الفريضة التي تيمم لها أو يجدِ الماء، وإن دخل عليه وقت صلاةٍ تلو الآخر فشق عليه التيمم لكل وقت صلاةٍ؛ جاز أن يصلي بالتيمم الواحد ما وسعه من الفرائض من غير التقيد بوقتٍ دون وقتٍ حتى يُحْدِثَ أو يجد الماء كما هي الحال في الوضوء.
وهذا التدرج في رفع المشقة عمن له رخصة التيمم؛ إنما سلكناه مراعاةً لما تقرر في قواعد الشرع: أن "الخروج من الخلاف مستحب"، وما يقابله: أن "من ابتلي بشيء من المختلف فيه فليقلد من أجاز" ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صلاة تحية المسجد والإمام يخطب الجمعة؟
هل التدخين ينقض الوضوء أم لا؟
سائل يسأل عن حكم صلاة المأمومين خلف الإمام الذي يصلي جالسًا بسبب المرض؟
هل من باب اللياقة والذوق والأدب أن يقف الإنسان في حضرة الإله سبحانه وتعالى لابسًا حذاءه وقت الصلاة، بينما الولد يخفي سيجارته من أبيه عند حضوره؟ أرجو من فضيلتكم إفادتي عن هذا السؤال بالأدلة من السنة الشريفة، ولفضيلتكم وافر شكري سلفًا.
ما حكم الإشارة بأصبع السبابة اليُمنى وتحريكها في الصلاة
سائل يقول: هناك من يزعم أنه لا يجوز تحريك أصبع السبابة أثناء التشهد في الصلاة، فهل هذا صحيح؟
ما حكم صلاة الجمعة بأقل من أربعين في زمن الوباء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما بعد..
فإن من نوازل العصر ومتقلبات الأحوال: جائحة كورونا التي أصابت العالم بأسره، أسأل الله تعالى السلامة منه لجميع الناس.
وهذه الأزمة تجعل المتغيرات إلى المرونة والتمسك بيسر الدين الإسلامي وملامح رحمته ومحاسن تشريعه، فيما نقوم به من الطاعات كالجمعة والجماعة والتجمع لأداء العبادات والتباعد في الصفوف، وتقليل عدد التجمع في الأماكن العامة ودور العبادات.
وقد أعلنت وزارة الصحة التابعة لسيريلانكا والجهات المختصة بمنع التجمع بأكثر من خمسة وعشرين شخصًا في الأماكن العامة ودور العبادات، وفي إطار هذه الأزمة أفتت هيئة الإفتاء التابعة لجمعية علماء سيريلانكا بإقامة الجمعة في أماكن مختلفة، وذلك بناءً على جواز تعدد الجمعة في بلدٍ واحدٍ عند الحاجة في المذهب الشافعي.
ولكن لا يزال العلماء يناقشون مسألة التجمع بأقل من أربعين رجلًا في هذه الحالة الراهنة، علمًا بأن المعتمد في المذهب الشافعي أن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا فأكثر، فاختلفت آراء العلماء على اتجاهين:
الاتجاه الأول: الإنكار بإقامة الجمعة بأقل من أربعين رجلًا؛ اعتمادًا على القول الراجح المعتمد في المذهب الشافعي، وتعليلًا بأن العدد غير مكتمل.
الاتجاه الثاني: تنفيذ إقامة الجمعة بالعدد المسموح؛ تعظيمًا لشعائر الله، ومراعاة للمصلحة الدينية.
وبينما هو كذلك قد عثرتُ على مخطوطٍ لعالم جليل وعلم من كبار علماء سيريلانكا، وركن من أركان علم الفلك، ومؤسس الكلية الحسنية العربية الشيخ العلامة عبد الصمد رحمه الله، الذي كان رئيسًا لجمعية علماء سيريلانكا فترة طويلة، وله عدة مؤلفات من المطبوع والمخطوط.
وقد ألف كتابًا في عام 1912م، بخطه وسماه بـ "ضوء الشرعة بعدد الجمعة"، وقد ناقش الأدلة والآراء ورجح القول بأن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا فأكثر.
وما حاصله: وإذا كان أهل البلد أقل من الأربعين، فإن كانوا (الشافعية) بأربعة فصاعدًا وأرادوا تقليد الإمام أبي حنيفة في صحة الجمعة بأربعة، فيجوز أن يصلوا الجمعة إن قلدوه تقليدًا صحيحًا؛ بأن يحافظوا كلهم على جميع الشروط المعتبرة عنده، ولكنه تُسنّ إعادتها ظهرًا خروجًا من الخلاف القوي. وإذا أرادوا أن يعملوا باختيار بعض الأئمة الشافعية في صحة الجمعة بدون أربعين وصلوا الجمعة فلا بأس بذلك، ولكن يلزمهم أن يعيدوا الظهر بعدها لوجوب العمل بالراجح، فإن لم يعيدوا الظهر جماعة أو فرادى فينكر عليهم إنكارًا شديدًا.
أطلب من سماحتكم إبداء موقف دار الإفتاء في إعادة الظهر بعد الجمعة: هل هي لازمة إذا عملوا في هذه المسألة على المرجوح في المذهب الشافعي؟ أو هل هي مسنونة إذا قلدوا في هذه المسألة مذهب الحنفية أو المالكية حفاظًا على جميع شروطهم؟ ولكم جزيل الشكر ومن الله حسن الثواب.