هل يصحّ الوضوء بالماء الـمُسَخَّن بالطاقة الشمسية؟
يَصِحُّ الوضوء بالماء الـمُسَخَّن بالطاقة الشمسية من غير كراهة اتفاقًا، ما لم يَحْصُل ضررٌ بسبب استعماله.
المحتويات
"الطاقة الشمسية" هي: الضوء والحرارة المنبعثان مِن الشمس باستخدام مجموعة مِن وسائل التكنولوجيا باستخدام ألواح الخلايا الضوئية. انظر: "توليد القدرة الكهربائية من الطاقة الشمسية" ترجمة: د. عبد الباسط علي صالح كرمان (ص: 35، ط. المنظمة العربية للترجمة-بيروت).
اتفق الفقهاءُ على أَنَّ الماء الـمُسَخَّن بالشمس طهورٌ؛ ومعنى كونه طهورًا: أنَّه يصحّ به الوضوء ويُرْفَع به الحَدَث. انظر: "البحر الرائق" (1/ 30، ط. دار الكتب العلمية)، و"فتح القدير" للعلامة ابن الهمام (1/ 36، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" للشيخ الدردير (1/ 45، ط. دار الفكر)، و"شرح الخرشي" (1/ 78، ط. دار الفكر)، و"المجموع" لإمام النووي (1/ 133، ط. دار الفكر)، و"الإنصاف" لعلامة المرداوي (1/ 24، ط. دار إحياء التراث العربي).
ومع اتفاقهم على كونه طهورًا يَرْفع الحَدَث ويُزيلُ النَّجَس، إلا أنَّهم قد اختلفوا في حكمه التكليفي؛ فمذهب الحنفية والمالكية والشافعية: كراهة استعماله في البدن بشروط:
أولها: أن يكون الماء في الأواني المنطبعة، كالنحاس والحديد والرصاص؛ لأنَّ الشمس إذا أَثَّرت فيها خَرَجت منها زُهُومة تعلو على وجه الماء قد يتضرر منه الإنسان، فلا يُكْرَه على ذلك الـمُشَمَّس في الحِيَاض والبِرَك.
وثانيها: أن يكون في البلاد الحارة.
وثالث الشروط: أن يكون استعماله في البَدَن خاصة، لا في نحو ثوبٍ وغيره.
قال العلامة البابرتي في "العناية" (1/ 366، ط. دار الكتب العلمية): [وفي "القنية": يُكْرَه الطهارة بالماء المشمس؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها حين سخنت الماء بالشمس: «لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ، لَا تَفْعَلِي فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ»] اهـ.
وقال العلامة الخرشي في "شرحه على مختصر خليل" (1/ 78، ط، دار الفكر): [هذا مُشَبَّه بالمخرج من الكراهة على ظاهر اللفظ، وعليه حمله أكثر الشُّراح، أي: فلا يكره التطهير بالماء المُشمَّس عند ابن شعبان وابن الحاجب وابن عبد الحكم؛ قال بعض: ولم أره لغيرهم، والقول بالكراهة قوي، ونقله ابن الفرات عن الإمام مالك، واقتصر جماعة من أهل المذهب عليه] اهـ.
وقال الإمام النووي في "الروضة" (1/ 10، ط. المكتب الإسلامي): [والـمُشَمَّس في الحِيَاض والبِرَك غير مكروهٍ بالاتفاق، وفي الأواني مكروهٌ على الأصح] اهـ.
واستدلوا على ذلك بحديث البيهقي الذي رواه بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد سَخَّنتُ ماءً في الشمس، فقال: «لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ».
وروى الإمام الشافعي بسنده عن جابر رضي الله عنه أَنَّ عمر رضي الله عنه كان يكره الاغتسال بالماء المشمس، وقال: "إنه يورث البرص".
وذهب الحنابلة إلى عدم الكراهة مطلقًا؛ قال العلامة ابن مفلح في "الفروع" (1/ 59، ط. مؤسسة الرسالة): [ولا يكره مُشَمَّس قصدًا] اهـ.
واستدلوا على ذلك بأنَّ الماء المسخن بالشمس يقع عليه اسم الماء؛ فالأدلة المفيدة لطهورية الماء تتناوله بعمومه، ولا دليل على خروجه من هذا العموم، كما أنَّ الأصل عدم الكراهة في الماء.
وأمَّا الماء المسخن بالطاقة الشمسية فإنَّه لا يتَعرَّض للشمس مباشرة؛ فالذي يتعرَّض للشمس هي ألواح السخانات الحرارية التي تَنْقِل الحرارة من الشمس إلى الماء؛ فلا يَسْرِي عليه هذا الخلاف السابق في الماء المشمس؛ وعلى فَرْض سريان الخلاف في الماء المشمس عليه؛ فهو -أي: استعمال الماء المسخن بالطاقة الشمسية- موافقٌ ابتداءً لـمَنْ ذَهَب إلى القول بعدم كراهة الماء المشمس مطلقًا، إضافة إلى أنَّه قد لا تثبت فيه شروط الكراهة عند القائلين بكراهة استعمال الماء المشمس؛ لأنَّه ليس في أواني منطبعة، وقد يكون في بلادٍ غير حارة، وقد يكون أيضًا استعماله في غير البَدَن لا سيما أنَّه لا يُلْحِق ضَرَرًا بالأعضاء طِبًّا.
على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنَّه يَصِح الوضوء بالماء الـمُسَخَّن بالطاقة الشمسية من غير كراهة اتفاقًا، ما لم يَحْصُل ضررٌ بسبب استعماله.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الغسل بعد عملية التلقيح الصناعي؟ فهناك طبيبة تسأل: أجريت اليوم عملية تلقيح صناعي لإحدى الزوجات، وفيها يتم تجهيز عينة من السائل المنوي للزوج وحقنها في رحم الزوجة، وأثناء ذلك سألتني: هل يلزمها الغُسل بعد حقن السائل المنوي كغُسل الجنابة؟
ما حكم التعقيم بالكحول وأثره في الطهارة؛ ففي ظل ما يعيشه العالم في هذه الآونة من خوف انتشار عدوى وباء كورونا، انتشرت بين الناس مواد التعقيم؛ كالكلور، والكحول، وصارت تعقم بها المساجد وبيوت العبادة؛ تأمينًا ووقاية لها من انتشار العدوى، كما صار الكثير من الناس يحرصون على تعقيم أيديهم عقب الوضوء، فخرج بعضهم يدعي أن ذلك حرام؛ لأن فيه تنجيسًا للمساجد، ووضعًا للنجاسة على اليد بعد الوضوء؛ بدعوى أن الكحول خمر، وأن الخمر نجسة، والصلاة يشترط فيها طهارة البدن والثوب والمكان. فما هو الحكم الصحيح في ذلك؟
ما هي الأدعية التي يستحبّ الدعاء بها بعد الانتهاء من الوضوء؟
بالنسبة للطهارة وغير الطهارة؛ قيل: إن بول الطفل الذكر طاهرٌ ولا يؤدي للنجاسة، بينما بول الطفلة بالعكس. هل هذا صحيح؟ وكيف يفسر ذلك؟
ما حكم إلقاء السلام على الشخص الذي يتوضأ؟ وما حكم رد السلام أثناء الوضوء؟
هل يجب على المستحاضة أن تتوضَّأ لكل صلاة؟ أو يكفيها وضوءٌ واحدٌ بحيث تُصلِّي به ما شاءت من الصلوات؟