ما حكم الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة للعمل؟ وهل هذا يُعدُّ من الواجبات شرعًا؟
ينبغي على كُلٍّ من العامل وصاحب العمل الالتزامُ بما اتُّفق عليه في عقد العمل، كما ينبغي مراعاة اللوائح والقوانين المُنظمة لذلك؛ لعموم الأمر بالوفاء بالعقود والعهود.
حَثَّت الشريعة الإسلامية على ضرورة الوفاء بالعقود، والمحافظة على العهود؛ قال الله تعالى: ﴿ٰٓيَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا﴾ [البقرة: 177].
يقول الإمام القرطبي: [فَأَمَرَ اللهُ سُبْحَانَهُ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ، قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي بِذَلِكَ عُقُودَ الدَّيْنِ، وَهِيَ مَا عَقَدَهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ بَيْعٍ، وَشِرَاءٍ، وَإِجَارَةٍ، وَكِرَاءٍ، وَمُنَاكَحَةٍ، وَطَلَاقٍ، وَمُزَارَعَةٍ، وَمُصَالَحَةٍ، وَتَمْلِيكٍ ... وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ، مَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ خَارِجٍ عَنِ الشَّرِيعَةِ، وَكَذَلِكَ مَا عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ للهِ مِنَ الطَّاعَاتِ؛ كَالْحَج،ِّ وَالصِّيَامِ، وَالِاعْتِكَافِ، وَالْقِيَامِ، وَالنَّذْرِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ طَاعَاتِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ] اهـ. انظر "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (6/ 32، ط. دار الكتب المصرية).
وعن عمرو بن عَوف الـمُزَني رضي الله عنه: أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا». رواه أبو داود والترمذي.
والعلاقة بين العامل وبين صاحب العمل تُكَيَّف من الناحية الفقهية على أنها علاقة إجارة؛ لأنَّ الإجارة هي: عقدٌ على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبَذْل والإباحة بعِوَضٍ مَعلوم. ينظر: "مغني المحتاج" للشربيني (3/ 438، ط. دار الكتب العلمية)، ويستوي في هذا كون العمل عامًّا حكوميًّا أو خاصًّا.
وتعتبر تلك العلاقة إجارة واقعة على منفعة متعلقة بعين؛ لأنّها متعلقة بشخص مُحَدَّد مُعَيَّن، وقد تكون على الذمة إذا تعلقت بعمل مُحَدَّد يُطلب إنجازه.
يقول الإمام النووي في "منهاج الطالبين" (ص: 159، ط. دار الفكر): عن الإجارة: [وهي قسمان: واردة على عين؛ كإجارة العقار، ودابة أو شخص مُعَيَّنَيْنِ، وعلى الذمة؛ كاستئجار دابة موصوفة، وبأن يلزم ذمته خياطة أو بناءً] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (5/ 321، ط. مكتبة القاهرة): [إنَّ الحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان، فلما جاز العقد على الأعيان، وجب أن تجوز الإجارة على المنافع، ولا يخفى ما بالناس من الحاجة إلى ذلك، فإنَّه ليس لكل أحد دار يملكها، ولا يقدر كل مسافر على بعيرٍ أو دابة يملكها، ولا يلزم أصحاب الأملاك إسكانهم وحملهم تطوُّعًا، وكذلك أصحاب الصنائع يعملون بأجر، ولا يمكن كل أحد عمل ذلك، ولا يجد متطوِّعًا به، فلا بدَّ من الإجارة لذلك، بل ذلك مما جعله الله تعالى طريقا للرزق، حتى إن أكثر المكاسب بالصنائع] اهـ.
والذي يضبط العلاقة بين العامل وصاحب العمل في الإجارة هو العقد المبرم بينهما، فيجب على كلٍّ منهما الالتزام بما تضمَّنه من بنود، والتقيُّد بما فيه من شروط؛ علاوة على ضرورة مراعاة ما تنص عليه اللوائح والقوانين المنظمة للعمل والمحققة لمصالح أطرافه؛ لعمومات الأمر بالوفاء بالعقود والعهود، وهذا ما أخذ به "القانون المدني المصري" حيث نَصَّ في المادة (147) على أنَّ: [العقد شريعة المتعاقدين؛ فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتِّفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون] اهـ.
وبناءً على ما سبق: فإنَّه ينبغي على كُلٍّ من العامل وصاحب العمل الالتزام بما اتُّفق عليه في عقد العمل، كما ينبغي مراعاة اللوائح والقوانين الـمُنظمة لذلك؛ لعمومات الأمر بالوفاء بالعقود والعهود.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صلاة الجمعة لمَن أدرك الإمام في التشهد؟ حيث يوجد رجلٌ أدرك مِن صلاة الجمعة السجدتين والتشهد مع الإمام، فلما سلَّم الإمام أتمَّ صلاتَه ركعتين، فهل ما فعله صحيحٌ ومجزئٌ له عن الجمعة شرعًا؟
سائل يقول: شخص حلف بالله على شيء يظنه كما حلف، فبان هذا الأمر بخلاف ما قسم. فهل تجب عليه كفارة اليمين؟
يقول السائل: أعرف رجلًا يُكثِر من الأعمال الصالحة وفعل الخير، ولكنه يتباهى مُعجبًا بذلك أمام الناس، ويرى أنه أفضل من غيره، فما التوجيه الشرعي فيما يفعله هذا الرجل؟
هل تجب على اليمين الغموس كفارة؟ فأنا حلفت بالله وأنا كاذب؛ لكي أرفع الحرج عن نفسي في موقفٍ ما؛ إذ لو علمه أبي لغضب مني. والآن أنا تبت من هذا الذنب، فهل يجب عليَّ كفارة يمين؟
هل ورد في السنة النبوية المطهرة ما يُفِيدُ أنَّ المسلمَ إذا سلَّم على أخيه المسلم أو صافحه غفر الله لهما قبل تفرقهما؟
ما هي حدود التعارف بين الرجل والمرأة قبل الخِطبة والضوابط الشرعية لذلك؛ حيث إنني شاب أدرس في إحدى الجامعات ولي زميلات تعرَّفت عليهنَّ أثناء الدراسة، وكثيرًا ما يحدث بيني وبين بعضهنَّ كلام، أكثره يتعلَّق بأمور الدراسة، وقد يتطرق أحيانًا للحديث عن بعض الأمور العامة، وأتحرى في حديثي معهنَّ دائمًا ألَّا يخرج الكلام عن حد الأدب والذوق العام، غير أنِّي ربَّما أحادث إحداهنَّ وأنا أنوي أن أتعرَّف على شيءٍ من طبائعها وطريقة تفكيرها وثقافتها بغرض أن أتقدَّم لخطبتها فيما بعد لو ظهر لي منها ما أرجو، وذلك من غير أن أصرِّح لها بذلك ومن غير أن أعِدَها بخطوبة ولا زواج؛ فما حكم الشرع في فعلي هذا؟