هل ورد في الشرع تحذير من الكذب في الرؤى والمنامات وادعاء حصولها ويكون الأمر بخلاف ذلك؟
التحذير من الكذب فيما يراه الإنسان من الرؤى والمنامات
ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ» رواه البخاري.
وقوله: «تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ» تكلف الحلم أو ادعى أنه رأى حلمًا.
و«كُلِّفَ»: أي يوم القيامة، وذلك التكليف نوع من العذاب.
و«يَعْقِدَ» يوصل.
و«لَنْ يَفْعَلَ» لن يقدر على ذلك، وهو كناية عن استمرار العذاب عليه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مِنْ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يُرِىيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ» رواه البخاري.
قوله: «أفْرَى الفِرَى» أشد الكذب وأكذب الكذبات، والفِرَى جمع الفِريَة وهي الكذبة الفادحة التي يُتعجَّب منها.
و«يُرِي عَيْنَيْه» يدَّعي أنه رأى رؤيا وهو لم ير شيئًا.
وقد عقد البخاري في "صحيحه": (باب من كذب في حُلمه)، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (12/ 428، ط. دار المعرفة): [قوله: باب من كذب في حُلمه؛ أي: فهو مذموم أو التقدير: بابُ إِثمِ من كذب في حُلمه، والحُلم -بضم المهملة وسكون اللام- ما يراه النائم.. والمراد بالتكلف نوع من التعذيب.. وأما الكذب على المنام فقال الطبري: إنما اشتد فيه الوعيد مع أنَّ الكذب في اليقظة قد يكون أشدّ مفسدة منه إذ قد تكون شهادة في قتل أو حد أو أخذ مال لأن الكذب في المنام كذب على الله أنه أراه ما لم يره، والكذب على الله أشد من الكذب على المخلوقين؛ لقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ﴾ [هود: 18]، وإنما كان الكذب في المنام كذبًا على الله لحديث: «الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ»، وما كان من أجزاء النبوة فهو من قبل الله تعالى] اهـ ملخصًا.
وممَّا سبق يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.