يقول السائل: يدّعي بعض الناس أنَّ المديح لشخص الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم من الأمور المستحدثة التي لم تكن موجودة على عهده صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومن ثمَّ فإنها لا تجوز؛ فهل هذا صحيح شرعًا؟
ظهر مدح المسلمين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ بداية العهد النبوي؛ حيث مدحه أصحابه وعلى رأسهم سيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه، وقد مدحته أم معبد في الجاهلية ووصفته بمحاسن الصفات، وقد ازدهر شعر المديح النبوي وحقق وجودًا متميزًا في بيئة المتصوفة أواخر القرن السابع وأوائل القرن الثامن الهجري في عصر الدول والإمارات المتتابعة، واستمر حتى يوم الناس هذا من غير نكير من العلماء المعتبرين.
ظهر المديح النبوي في العصر النبوي المبارك؛ حيث كان الشِّعر من الأسلحة المقالية التي يستخدمها العرب حينئذٍ بين الهجاء والثناء، فكان الشعراء من المشركين يهجونه صلى الله عليه وآله وسلم، فكان المدح النبوي يردّ على هذا الهجاء، ومن هؤلاء الشعراء الذين دافعوا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومدحوه، وأَقرَّهم على ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حسانُ بن ثابت رضي الله عنه؛ فقد روى الشيخان عن البراء بن عازب رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لحسَّانَ: «اهْجُهُمْ -أَوْ قَالَ هَاجِهِمْ- وَجِبْرِيلُ مَعَكَ».
ولم يقتصر مدحه صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتشار الإسلام وظهوره، بل إنه قد مُدِح أيضًا في الجاهلية، فقد مدحته أم معبد ووصفت أخلاقه وخُلُقه الكريم لزوجها بقولها: "مَرَّ بِنَا رَجُلٌ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ، مَلِيحُ الْوَجْهِ، فِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ، وَفِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ، وَفِي صَوْتَهِ صَحَلٌ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ، لَا تَشْنَؤُهُ مِنْ طُولٍ، وَلَا تَقْتَحِمُهُ مِنْ قِصَرٍ، لَمْ تَعْلُوهُ ثُجْلَةٌ، وَلَمْ تَزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ، كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ، إِذَا نَطَقَ فَعَلَيْهِ الْبَهَاءُ، وَإِذَا صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ، كَلَامُهُ كَخَرَزِ النَّظْمِ، أَزْيَنُ أَصْحَابِهِ مَنْظَرًا، وَأَحْسَنُهُمْ وَجْهًا، مَحْشُودٌ غَيْرُ مُفْنَدٍ، لَهُ أَصْحَابٌ يَحُفُّونَ بِهِ، إِذَا أَمَرَ تَبَادَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا نَهَى انْتَهَوْا عِنْدَ نَهْيِهِ. قَالَ -أي زوجها-: هَذِهِ صِفَةُ صَاحِبِ قُرَيْشٍ، وَلَوْ رَأَيْتُهُ لَاتَّبَعْتُهُ، وَلَأَجْهَدَنَّ أَنْ أَفْعَلَ" رواه الطبراني في "المعجم الكبير".
وقد مدحه أيضًا بعض شعراء الكفار مثل الأعشى؛ حيث يقول في مدحه صلى الله عليه وآله وسلم:
نَبِيٌّ يَرى ما لا تَرَونَ وَذِكرُهُ أَغارَ لَعَمري في البِلادِ وَأَنجَدا
لَهُ صَدَقاتٌ ما تُغِبُّ وَنائِلٌ وَلَيسَ عَطاءُ اليَومِ مانِعَهُ غَدا
وقال بعض الباحثين: إن شعر المديح النبوي فنٌّ مستحدثٌ لم يظهر إلا في القرن السابع الهجري مع البوصيري وابن دقيق العيد، والحق أنَّ المديح النبوي ظهر في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على يد حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وكعب بن زهير، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم، وقد أقرَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ بدليل أن كعب بن زهير بن أبي سُلمى أنشد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد قصيدته المشهورة التي مدح فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتي مطلعها:
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُـفْـدَ مَكبولُ
ويقول فيها:
أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللهِ أَوعَدَني وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللهِ مَأمولُ
مَهلًا هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ الـ ـقُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ
لا تَأَخُذَني بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم أُذِنب وَلَو كَثُرَت عَنِّي الأَقاويلُ
ثم ظل يمدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى نهاية القصيدة، ومن الأبيات التي يمدحه بها قوله:
إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللهِ مَسلولُ
فأقرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم مدح كعب بن زهير له ولم ينهه عن مدحه ولا عن إنشاده في المسجد، بل كساه بردة.
ينظر: "الإصابة في تمييز الصحابة" للحافظ ابن حجر (5/ 444، ط. دار الكتب العلمية).
وروى الطبراني في "المعجم الكبير" عن خُرَيْم بن أوس بن حارثة بن لام رضي الله عنه قال: كُنَّا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له العباس بن عبد المطلب رحمه الله: يا رسول الله، إني أريد أن أمدحك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هَاتِ، لا يَفْضُضِ اللهُ فَاكَ»، فأنشأ العباس يقول شعرًا؛ منه قوله:
وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الْأَرْ ضُ وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الْأُفُقُ
وَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي سُبْلِ الْهُدَى وَالرَّشَادِ نَخْتَرِقُ
فنجد أن النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم أقرَّ عمَّه أن يمدحه ولم يعترض عليه، فهذا دليل على مشروعية مدحه صلى الله عليه وآله وسلم.
وعليه: فمدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم ظهر منذ بداية العهد النبوي، بل حتى في الجاهلية كما ذكرنا من مدح أم معبد ووصفها له صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ازدهر شعر المديح النبوي وحقق وجودًا متميزًا في بيئة المتصوفة أواخر القرن السابع وأوائل القرن الثامن الهجري في عصر الدول والإمارات المتتابعة، واستمر حتى يوم الناس هذا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إساءة معاملة الزوجة والأولاد في الإسلام؟ فقد حاول زوجي إقناعي أن ما يصدر من الزوج لزوجته من اعتداء عليها وتهديدها وترويعها وكذلك الأولاد هو أمر جائز وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية. ورغم أنني أقرأ القرآن دائمًا فإنني استشعرت عدم صحة ذلك، ولمست بالعكس سماحة الإسلام وبشره، فما صحة ما يدعيه زوجي؟
يقول السائل: يدَّعِي بعض الناس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقض العهد في صلح الحديبية حينما اتفق مع قريش على أن يردّ عليهم كلَّ رجلٍ منهم جاء إليه ولو كان مسلمًا؛ فما الرد على هذه الدعوى؟
سائل يقول: بعض خطباء المساجد ذكر في خطبةٍ حديثَ سيدنا سلمان رضي الله عنه الذي ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطبهم في آخر يوم من شعبان.. وقد اعترض عليه أحد الحضور علنًا أمام الجمهور بقوله: بأن حديث سلمان من الموضوعات؛ آمل من سماحتكم الفتوى عن صحة قوله من عدمه.
نرجو منكم بيان فضل تعلم القرآن وتعليمه، وما القدر الذي يجب على المكلف حفظه من القرآن الكريم؟
ما حكم مشروعية استقبال النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستدبار القبلة عند الدعاء أمام المقام الشريف؟
يقول السائل: أعرف رجلًا يُكثِر من الأعمال الصالحة وفعل الخير، ولكنه يتباهى مُعجبًا بذلك أمام الناس، ويرى أنه أفضل من غيره، فما التوجيه الشرعي فيما يفعله هذا الرجل؟