حكم صرف الزكاة في تعليم وتأهيل ذوي الهمم

تاريخ الفتوى: 04 يونيو 2012 م
رقم الفتوى: 7043
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: الزكاة
حكم صرف الزكاة في تعليم وتأهيل ذوي الهمم

هل يجوز صرف أموال الزكاة في تعليم وتدريب وتأهيل ذوي الهمم من المكفوفين وضعاف البصر؟

يجوز شرعًا الإنفاق من أموال الزكاة على ذوي الهمم من أصحاب الاحتياجات الخاصة من المكفوفين وضعاف البصر في تعليمهم وتأهيلهم وتدريبهم على المهارات المختلفة التي يحتاجون إليها في حياتهم، وخاصة إذا كان الدخل المالي لهم لا يُغطي نفقات تعليمهم وتدريبهم؛ لدخول ذلك في مصارف الزكاة الشرعية، فإذا انضم إلى ذلك مراعاة حالتهم الخاصة التي لحقت بهم كان احتياجهم إلى تخصيص قدر أكبر من الزكاة في تدريبهم وتعليمهم ومزيد العناية والاهتمام أولى لهم ولمجتمعاتهم.

المحتويات

 

حكم الزكاة في الإسلام

الزكاة ركن من أركان الإسلام، نظم الشرع الشريف كيفية أدائها بتحديد مصارفها في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، والمقصود الأعظم من الزكاة: هم الفقراء والمساكين؛ ولذلك خصهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالذكر في حديث معاذ رضي الله عنه في "الصحيحين" لمَّا أرسله إلى اليمن وقال له: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»؛ وهذا يعني أن الزكاة مشروعة لبناء الإنسان وكفاية حاجته، وما يتصل بأمور معيشته وحياته؛ كالزواج، والتعليم، وغير ذلك من ضروريات الحياة وحاجياتها؛ أي: أنها للإنسان قبل البنيان، وللساجد قبل المساجد.

حد العطاء من الزكاة في الإسلام، وأولى مصارفها

والمحققون من العلماء يرون أنَّ حد العطاء في الزكاة هو الإصلاح؛ فيجوز إعطاء الإنسان من الزكاة حتى تُخرِجه من حدّ الحاجة إلى حدّ الغنى، وعند الشافعية أنه يُعطَى ما يُغنيه عمرَه كلَّه بتقدير العمر الغالب لأمثاله؛ فإن كان صاحب حرفة أُعطِيَ من الآلات في حرفته ما يكفيه لتمام النفقة عليه وعلى عياله، وإن كان صاحب علم أُعطيَ من المال ما يُغنِيه وعيالَه ويُفَرِّغه لهذا العلم طيلةَ عمره من كُتُب وأُجرةِ تعلُّمٍ ومعلِّمٍ وغيرها، ومن ذلك مِنَحُ التفرغ التي تُعطَى لِمَن أراد الحصول على مؤهل علمي معين يناسب كفاءته العلمية وقدرته العقلية، أو حتى لمَن يحتاج إلى هذا المؤهل العلمي للانسلاك في وظيفة تُدِر عليه دخلًا يكفيه ومَن يعوله؛ حيث اقتضت طبيعة العصر وابتناء الوظائف وفرص العمل فيه على المؤهلات العلمية أن صار المؤهِّل بالنسبة له كالآلة بالنسبة للحِرفي علاوة على ما يكتسبه في ذلك من علم يفيده ويفيد أمته.. وهكذا.

وكلَّما زادت حاجة الإنسان زاد استحقاقُه من الزكاة؛ لأن ازدياد الرعاية يتناسب مع ازدياد الضعف طردًا وعكسًا؛ فالإنفاق على تعليم المكفوفين وضعاف البصر وتدريبهم وتأهيلهم له مدخلان في مصارف الزكاة:

أولهما مصرف الفقراء والمساكين؛ وذلك بإعدادهم وبنائهم بناءً يُغنيهم عن تكفف الناس، ويمكِّنهم من ممارسة حياتهم الطبعية التي تكفل انخراطهم في عجلة المجتمع وانسلاكهم في بنائه، وضمان دخولٍ ثابتة تكفيهم ومَن يعولون.

وثانيهما مصرف: ﴿فِي سَبِيلِ اللهِ﴾؛ فإن هذا المصرف يدخل فيه الجهاد باللسان والسنان، والجهاد بالسنان يكون لصد العدوان ورفع الطغيان، أما باللسان فيكون بالدعوة إلى الله تعالى وطلب العلم، ومن العلماء مَن جعل الصرف على طلبة العلم داخلًا أيضًا في مصرف الفقراء والمساكين؛ حيث جعلوا من مصارف الزكاة كفايتَه ومَن يعول لتمكينه من التفرغ لطلب العلم؛ صرح بذلك الحنفية والشافعية والحنابلة، وهو مقتضى مذهب المالكية.

أقوال الفقهاء في الإنفاق على طالب العلم من الزكاة

نقل العلّامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 340، ط. دار الفكر): عن "جامع الفتاوى" ما نصه: [وفي "المبسوط": لا يجوز دفع الزكاة إلى مَن يملك نصابًا إلا إلى طالب العلم والغازي ومنقطع الحج] اهـ.

ونقل الإمام النووي في "المجموع" (6/ 190، ط. دار الفكر) عن الأصحاب أنهم قالوا: [ولو قدر على كسب يليق بحاله إلا أنه مشتغل بتحصيل بعض العلوم الشرعية بحيث لو أقبل على الكسب لانقطع من التحصيل حلَّت له الزكاة؛ لأن تحصيل العلم فرض كفاية] اهـ.

وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "دقائق أولي النهى" (1/ 454، ط. عالم الكتب): [(وإن تفرغ قادرًا على التكسب للعلم) الشرعي، وإن لم يكن لازمًا له (وتعذر الجمع) بين العلم والتكسب (أُعْطِيَ) من الزكاة لحاجته] اهـ.

ونقل الإمام البهوتي أيضًا في "دقائق أولي النهى" (2/ 134): [أن الشيخ ابن تيمية سُئِل عمن ليس معه ما يشتري به كتبًا للعلم يشتغل فيها، فقال: يجوز أخذه منها ما يحتاج إليه من كتب العلم التي لا بد لمصلحة دينه ودنياه منها، ثم قال الإمام البهوتي: ولعل ذلك غير خارج عن الأصناف؛ لأن ذلك من جملة ما يحتاجه طالب العلم، فهو كنفقته] اهـ. بتصرف.

وهو مقتضى مذهب المالكية؛ قال الإمام الخرشي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 215، ط. دار الفكر): [جاز دفع الزكاة لقادرٍ على كسبِ ما يكفيه بصنعةٍ أو بغيرها لو تكلَّفَه؛ لوجود ما يحترف به بالموضع مع الرواج] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنه يجوز الإنفاق على ذوي الاحتياجات الخاصة من المكفوفين وضعاف البصر في تعليمهم وتأهيلهم وتدريبهم على المهارات المختلفة التي يحتاجون إليها في حياتهم، وخاصة إذا كانت دخولهم لا تغطي نفقات تعليمهم وتدريبهم؛ لدخول ذلك في مصارف الزكاة الشرعية، فإذا انضم إلى ذلك حالة العجز التي لحقت بهم كان احتياجهم إلى تخصيص قدر أكبر من الزكاة في تدريبهم وتعليمهم ومزيد العناية والاهتمام أولى لهم ولمجتمعاتهم؛ فالعجز مظنة الاحتياج والفقر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الصرف مِن أموال الزكاة والصدقات لآل البيت الموجودين في باكستان؛ حيث إن السلطات هناك قامت بالحيازة على بعض ممتلكاتهم، مِمَّا أَثَّر على حياتهم الاجتماعية تأثيرًا بالِغًا؟


هل يجوز دفع زكاة المال أو الزروع أو المواشي كلها إلى قريب نزلت به كارثة أو كان مدينًا أو كان محتاجًا لزواج أو غيره مما يعجز عن القيام بتكاليفه؟


 يطلب السائل الحكم الشرعي عن الآتي:
أولًا: كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعَة بالبنك؟ وهل الزكاة تكون على قيمة الشهادات وحدها، أو على قيمتها مضافًا إليها العائد؟
ثانيًا: هل تدخل المساهمات العينية والنقدية التي يُعطيها الوالد لأولاده الذين يستقلون بمعيشتهم ضمن الزكاة المفروضة؟ علمًا بأن دخلهم لا يكفي.
ثالثًا: هل تدخل الصدقات للمحتاجين وغير القادرين والأقارب من ضمن الزكاة المفروضة؟
رابعًا: هل يجوز إخراج زكاة أزيد من المفروض لتطهير الذمة من شبهة دخول أيّ حق للغير فيها بنية احتسابها من الزكاة لهم عند إخراجها؟


هل يجوز للشركة علاج بعض العاملين بها من زكاة المال المفروضة عليها شرعًا؟ علمًا بأن العاملين مُؤَمَّن عليهم تأمينًا صحيًّا، ولكن أحيانًا يتم إخطارنا بأنَّ ظروف العامل أو الموظف لا تسمح بعلاجه على نفقته، وأنَّ التأمين الصحي لا يقوم بالخدمات الطبية الكافية.


تابعت مؤخرًا أحد البرامج التليفزيونية لفضيلتكم حيث أشرتم إلى موافقتكم على رأي فيما يتعلق بزكاة الأموال المودعة في البنوك؛ من حيث اعتبار هذه الزكاة كزكاة الأرض واحتساب الزكاة على العائد فقط وبنسبة 10%؛ وذلك منعًا لتآكل الأصل. أرجو التكرم بموافاتي بنص هذه الفتوى بالكامل.


ما حكم زكاة المال المحتجز لخطابات الضمان البنكية؟ فإنه يوجد رجل لديه مبلغ محتجز في البنك لغرض إصدار خطاب ضمان لصالح إحدى الشركات التي هو شريك فيها، والمبلغ المحجوز عليه واقع تحت تصرف البنك منذ أكثر من عشرين سنة؛ حيث يقوم البنك بتجديد خطابات الضمان بشكل تلقائي كل سنة لصالح تلك الشركة، مع العلم أن العميل لا يجني أي عائد من وراء هذا المبلغ، ولا يمكنه الاستفادة منه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 مايو 2025 م
الفجر
4 :28
الشروق
6 :5
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 38
العشاء
9 :4