ما حكم زكاة المال المحتجز لخطابات الضمان البنكية؟ فإنه يوجد رجل لديه مبلغ محتجز في البنك لغرض إصدار خطاب ضمان لصالح إحدى الشركات التي هو شريك فيها، والمبلغ المحجوز عليه واقع تحت تصرف البنك منذ أكثر من عشرين سنة؛ حيث يقوم البنك بتجديد خطابات الضمان بشكل تلقائي كل سنة لصالح تلك الشركة، مع العلم أن العميل لا يجني أي عائد من وراء هذا المبلغ، ولا يمكنه الاستفادة منه.
المبالغ المحتجزة لدى البنك لغرض تغطية خطابات الضمان البنكية لا زكاة فيها إلا لعام واحد بعد قبضها.
المحتويات
خطاب الضمان هو عبارة عن عقد كتابي يتعهد البنك بمقتضاه بالدفع عن عميل معين خلال مدة معينة في حدود مبلغ معين تجاه طرف ثالث بمناسبة التزام ملقى على عاتق العميل؛ ضمانًا لوفائه تجاه ذلك الطرف.
والقول في الزكاة في محل السؤال متفرع عن تملك العميل لهذا المبلغ تملكًا تامًّا خلال مدة العقد.
وقد تعرض الفقهاء للكلام عن الملك التام أو الملك المطلق؛ فالملك: هو تمكن الإنسان شرعًا بنفسه أو بنيابة من الانتفاع بالعين أو المنفعة، ومن أخذ العوض، أو تمكنه من الانتفاع خاصة. ينظر: "حاشية ابن الشاط على فروق القرافي" (3/ 209، ط. عالم الكتب).
والملك التام -أو المطلق- هو ما اجتمع للإنسان فيه الملك والقدرة على التصرف في المملوك.
يقول الشيخ الحدادي في "الجوهرة النيرة" (1/ 113، ط. المطبعة الخيرية): [الملك التام هو ما اجتمع فيه الملك واليدُ] اهـ.
ويقول الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 9، ط. دار الكتب العلمية): [الملك المطلق هو أن يكون مملوكًا له رقبة ويدًا] اهـ.
ويقول العلامة البهوتي في "كشاف القناع" (2/ 170، ط. دار الكتب العلمية): [الملك التام عبارة عما كان بيده لم يتعلق به غيره بتصرف فيه على حسب اختياره وفوائده حاصلة له] اهـ.
قد نص الفقهاء على أن الملك التام شرط من شروط وجوب الزكاة.
قال العلامة الحدادي من الحنفية في "الجوهرة النيرة" (1/ 113): [الملك التام هو ما اجتمع فيه الملك واليد، وأما إذا وجد الملك دون اليد؛ كملك المبيع قبل القبض، والصداق قبل القبض، أو وجد اليد دون الملك؛ كملك المكاتب والمديون، لا تجب فيه الزكاة] اهـ.
وقال الشيخ الخرشي في شرح "المختصر" من كتب المالكية (2/ 179، ط. دار الفكر): [شرط الزكاة في العين وغيرها أن يكون المال مملوكًا ملكًا تامًّا؛ فلا زكاة على غاصب ومودع وملتقط؛ لعدم الملك، وعبد ومدين؛ لعدم تمامه، ولا على السيد فيما بيد عبده؛ لأن من ملك أن يملك لا يُعَدّ مالكًا، ولا في غنيمة قبل قسمها؛ لعدم قراره] اهـ.
وقال الشيخ الخطيب الشربيني الشافعي في "الإقناع" -في بيان شرائط وجوب زكاة النعم- (2/ 315 -مع "حاشية البجيرمي"-، ط. دار الفكر): [(و) الثالث: (الملك التام) فلا تجب فيما لا يملكه ملكًا تامًّا] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 170): [من شروط الزكاة: (تمام الملك) في الجملة -قاله في "الفروع"-؛ لأن الملك الناقص ليس نعمة كاملة، وهي إنما تجب في مقابلتها؛ إذ الملك التام عبارة عما كان بيده لم يتعلق به غيره، يتصرف فيه على حسب اختياره وفوائده حاصلة له] اهـ.
ذكر الفقهاء أن من الصور التي يتخلف فيها تحقق الملك التام ما يعرف بـ"مال الضِّمار"، ومال الضِّمار: هو كل مال يتعذر الوصول إليه مع قيام الملك له. ينظر: "المبسوط" للإمام السرخسي (2/ 171).
وعَرَّفه الإمام القرافي في "الذخيرة" (3/ 38): بأنه: [هو كل مال أصل ملكه متحقق، والوصول إليه ممتنع] اهـ.
قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 9) -في بيان وجه التسمية-: [مأخوذ من البعير الضامر الذي لا ينتفع به لشدة هزاله مع كونه حيًّا، وهذه الأموال غير منتفع بها في حق المالك؛ لعدم وصول يده إليها، فكانت ضمارًا] اهـ.
والحنفية يرون أنه لا زكاة فيه في هذه الحالة؛ قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 9): [لأن المال إذا لم يكن مقدور الانتفاع به في حق المالك، لا يكون المالك به غنيًّا، ولا زكاة على غير الغني] اهـ.
وأما المالكية فيرون أنه وما شابهه يزكى لعام بعد قبضه؛ جاء في "الجامع لمسائل المدونة" لابن يونس (4/ 81، ط. دار الفكر): [ابن المواز: قال ابن القاسم عن مالك: وإذا قبضه الوكيل فحبسه سنين، ثم قبضه منه ربه، لم يزكه إلا لعام واحد، وقال أصبغ: بل لكل عام مضى، قال محمد: بل لعام واحد؛ لأن حبس الوكيل إياه تعديًا ضمنه به، وكذلك لو كان له عذر من خوف طريق أو نحوه مما لا يقدر أن يأتي ولا يصل ربه إليه، فأما إن كان معه في بلد يقدر على أخذه فتركه، أو حبسه بإذنه، أو كان مفوضًا إليه فليزكه لماضي السنين ] اهـ.
والشافعية يرون ثبوت الزكاة فيه، ولكن لا يجب دفعها حتى يعود المال، فإن عاد أخرجها صاحبه عن السنوات الماضية كلها، وحكي أن المذهب القديم يقول بعدم الوجوب.
جاء في "المنهاج" للإمام النووي و"شرحه" للعلامة المحلي [2/ 49، ط. دار إحياء الكتب العربية]: [(و) تجب -أي: الزكاة- (في المغصوب والضال والمجحود)؛ كأن أودع فجحد، أي: تجب في كل مما ذكر (في الأظهر) ماشية كان أو غيرها. (ولا يجب دفعها حتى يعود) فيخرجها عن الأحوال الماضية، ولو تلف قبل التمكن سقطت. والثاني -وحكي قديًما-: أنها لا تجب في المذكورات لتعطل نمائها وفائدتها على مالكها بخروجها من يده وامتناع تصرفه فيها] اهـ.
والمختار عندنا هو مذهب المالكية، والمبالغ المدفوعة للبنك لغرض إصدار خطاب ضمان من هذا القبيل.
عليه وفي واقعة السؤال: فإن المبالغ المحتجزة لدى البنك لغرض تغطية خطابات الضمان البنكية، والتي بقيت لدى البنك أكثر من عشرين سنة، ويد صاحبها مكفوفة عنها لا يستطيع التصرف فيها على ما ذكر في السؤال: لا زكاة فيها إلا لعام واحد بعد قبضها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم دفع الزكاة لدور المسنين؟ فأنا أريد أن أدفع زكاة مالي لدار المسنين المجاورة لمحل سكني، وسمعتُ في بعض الدروس الدينية أنَّه لا يجوز ذلك، فهل هذا صحيح؟
أرجو من سيادتكم إفادتي بخصوص الزكاة على قطعة أرض معدة للبناء ومتروكة بغرض البيع مستقبلًا بنية أن يزداد ثمنها؛ هل أخرج عنها زكاة مُقَدِّرًا ثمنها كل عام؟
ما حكم التبرع من أجل القضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي من الزكاة؟ فأنا أتشرف أن أتقدم لسيادتكم بخالص التحية والتقدير لما تبذلونه من مجهودات لإعادة المرجعية الوسطية للفتوى لمجتمعنا المصري؛ ونظرًا إلى أن تحقيق العدالة الاجتماعية من أهم أولويات الحكومة المصرية فقد تم إنشاء صندوق تحيا مصر بالقرار الجمهوري 84/2015 والذي ينص في المادة السادسة على أن يختص الصندوق بمعاونة أجهز الدولة في إقامة مشروعات خدمية وتنموية في مجالات تطوير العشوائيات، والحد من ظاهرة أطفال بلا مأوًى التي تساهم في دعم الموقف الاجتماعي والاقتصادي بالدولة، وإقامة مشروعات تنموية تقوم عليها شركات جديدة مملوكة ملكية تامة للصندوق، أو يساهم في رأس مالها طبقًا للقواعد والضوابط التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء.
وحيث إن الاهتمام بصحة المواطن المصري عامة ومريض فيروس سي خاصة من أهم أولويات الحكومة المصرية، ودعمًا للارتقاء بمستوى الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين، واستمرارًا للجهود المبذولة في البحث عن أفضل العلاجات لمرض الالتهاب الكبدي الفيروسي سي في مصر، قام صندوق تحيا مصر بالتنسيق مع وزارة الصحة وجهات أخرى شريكة بتبني البرنامج القومي للقضاء على فيروس سي ، وذلك من خلال إنشاء مراكز علاج متخصصة، وتوفير أحدث علاج متوافر عالميًّا، بالإضافة إلى الرعاية المتكاملة للمريض حتى يشفى.
لذا أرجو من سيادتكم التكرم بدراسة مدى إمكانية اعتبار التبرع من أجل القضاء على الالتهاب الكدي الفيروسي سي في مصر بابًا من أبواب الزكاة. ونشكر لسيادتكم حسن تعاونكم. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.
هل يجوز صرف الزكاة للمرضى ضعاف السمع في زراعة قوقعة الأذن؛ فهناك الكثير من الأطفال يُولدون ضعاف السمع ويحتاجون لإجراء عملية زراعة قوقعة بالأذن، والتي إذا لم تتم خلال الأشهر الأولى للولادة يحدث فَقْدٌ نهائيٌّ للسمع والنطق كذلك، وتتكلف العملية ما يقرب من مائة ألف جنيه، وتقوم الدولة مشكورة مُمَثَّلة في الهيئة العامة للتأمين الصحي بتوفير مبلغ خمسة وأربعين ألف جنيه فقط لا غير، وعلى أسرة المريض تدبير باقي المبلغ؛ مما يُمَثِّل عبئًا كبيرًا على كثير من الحالات؛ لذلك تقدمت لجنة الإغاثة بنقابة الأطباء بالتعاون مع الهيئة العامة للتأمين الصحي بإطلاق مشروع زراعة قوقعة الأذن. ونرجو إفادتنا عن جواز إخراج زكاة المال لهذا الغرض؟
هل يُحسب مال الإيفاء بالنذر من جملة زكاة المال؟ حيث قام السائل بإيداع مبلغ خمسمائة ألف جنيه في أحد البنوك للإيفاء بنذور قد قطعها على نفسه إن فرَّج الله كربه، وهي ذبح ذبيحة بمبلغ خمسة آلاف جنيه وتوزيعها على الفقراء والمساكين، ونذر إخراج مبلغ ستمائة جنيه، كما قام ببناء قبرين صدقةً: أحدهما للرجال، والثاني للنساء من فقراء المسلمين بمبلغ عشرين ألف جنيه، كما نذر أداء عمرة له ولبناته الثلاث بمبلغ ثلاثين ألف جنيه، كما ساهم في بناء مسجد بمبلغ ثمانية آلاف جنيه، كما أخرج مبلغ سبعة آلاف جنيه لمرضى السرطان، وألفَي جنيه لدار أيتام، وثلاثة آلاف جنيه للفقراء والمساكين. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في هذه المبالغ: هل تدخل ضمن زكاة المال؟ وهل تحسب فيما عليه من زكاة لأكثر من حَوْل؟ وما هي قيمة الزكاة المفروضة على هذا المبلغ المودع بالبنك وهو خمسمائة ألف جنيه؟
ما حكم تعجيل زكاة النقود؟ فأنا أريد أن أخرج زكاة المال مقدمًا عن وقتها؛ فهل يجوز لي ذلك؟