يقول سائل: نجد في الكتب العقائدية مصطلح "أهل الفترة" فما المقصود من هذا المصطلح؟
بيان المعنى المراد من مصطلح "أهل الفترة"
كلمة "الفترة" في معهود كلام العرب تدور على معانٍ عدة؛ حيث تشير وتدل على: "الضعف"، و"الانقطاع"، و"السكون"؛ قال العلامة الراغب الأصفهاني في "المفردات في غريب القرآن" (1/ 622، ط. دار القلم) عن مادة فتر: [الفُتُورُ: سُكونٌ بعد حِدَّةٍ، ولِينٌ بعد شِدَّةٍ، وضَعفٌ بعد قُوَّةٍ] اهـ، وقال العلامة ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (4/ 470، ط. دار الفكر): [(الفاء والتاء والراء): أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ضعفٍ في الشيء] اهـ.
وانطلاقًا من هذه المعاني يأتي التعبيرُ بالفترة عن حالة الضعف والسكون في الزمن الذي يقعُ بين رسولين من رسل الله تعالى صلى الله عليهم وآلهم وسلَّم؛ يقول العلامة المرتضى الزَّبيدي في "تاج العروس" (13/ 294، ط. دار الهداية): [والفَتْرَةُ -بالفتح- ما بين كل نبيين، وفي "الصحاح": ما بين كل رسولين من رسل الله عز وجل من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة] اهـ.
وأهل الفترة هم الأمم الكائنة في الزمن الذي يقع بين رسولين؛ حيث لم يُرسل إليهم الأول، ولا أدركهم الثاني، وقد أشار إلى صفتهم العلامة الإمام القضاعي في "تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل" (1/ 413، ط. دار الإمام مالك) فقال: [وأهل الفترة: هم الناس الذين يكونون بين أزمنة الرسل، كما بين زمن عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم؛ إذ لم يكن بينهما رسول إلى الخلق] اهـ.
وأهل الفترة بهذا المفهوم تحديدًا قد انقرضوا وانقضى زمانهم بمبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن تجري أحكام أهل الفترة على كل مَن لم تبلغه الدعوة؛ إذ لا فرقَ بين من لم تبلغْه الدعوة وبين أهل الفترة بهذا المعنى، وبناءً على ذلك يطلق العلماء المحققون اسم أهل الفترة على كل مَن لم تبلغه الدعوة ممَّن لم يدرك الرسل عليهم الصلاة والسلام ولا بلغته دعوتهم، كمَن يعيش في الغابات أو الأماكن المنعزلة أو الأماكن التي لم يدخلها المسلمون ولم يتيسر لهم فيها تبليغ دين الله تعالى ممَّن يعيشون في أدغال إفريقية وأمثالهم، أو بلغته على حال لا تقوم عليهم الحجة بها، كمَن بلغته الصورة عن دين الإسلام مشوهة على أنه دين إرهاب وقتل واستعباد للمرأة وحقوقها.. إلخ كما هو حال كثير من الناس اليوم، لا سيما في بلاد الغرب.
وعلى هذا: فأهل الفترة هم كلُّ مَنْ لم يدرك الرسل عليهم الصلاة والسلام ولا بلغته دعوتهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.