ما حكم القصائد التي يقولها الناس في أيام المولد النبوي الشريف وغيره من المناسبات، وهي مشتملة على الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟
حكم إنشاد القصائد التي فيها استغاثة بالنبي عليه السلام
الثابت عن علماء الأمة وأئمتها وأدبائها أنهم دائمًا ما يَنْظِمون وينشدون القصائد المشتملة على المديح النبوي، سواء اشتملت على استغاثة بحضرته صلى الله عليه وآله وسلم أو لا؛ ونصوا على أنَّ ذلك ممَّا لا خلاف ولا نقاش فيه، بل هو من المندوبات التي تواترت الأدلة الدالة عليها.
التفاصيل ....اشتهرت استغاثات العلماء والأدباء والأمراء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أشعارهم ورسائلهم إليه صلى الله عليه وآله وسلم شهرةً مستفيضة على مر العصور من غير نكير، حتى لا يكاد يوجد ممَّن مدح النبيَّ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أحدٌ يخلو شعره من الاستغاثة به صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ذلك:
- الإمام عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته القاضي عياض بن موسى اليحصبي المالكي [ت: 544هـ] صاحب كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم"، وقد أرسل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قبره رسالةً استفاضت شهرتها، يسأله فيها الشفاعة، وعُدَّت هذه الرسالة من مناقبه العالية، كما أنه تشفع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في أشعاره كما هو مبسوط في ديوانه.
- والإمام الشاعر جمال الدين يحيى بن يوسف بن يحيى الصرصري الحنبلي [ت: 656هـ] الذي وصفه الحافظ ابن رجب الحنبلي بالشدة في السُّنة والانحراف عن مخالفيها فقال عنه في "الذيل على طبقات الحنابلة" (1/ 197): [شاعر العصر، وصاحب الديوان السائر في الناس في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان حسان وقته.. قال: وكان شديدًا في السنة، منحرفًا على المخالفين لها، وشعره مملوء بذكر أصول السنة، ومدح أهلها، وذم مخالفيها، وله قصيدة طويلة لامية في مدح الإِمام أحمد وأصحابه.. وكان قد رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه وبشره بالموت على السُّنَّة، ونظم في ذلك قصيدة طويلة معروفة] اهـ.
وقد امتلأت مدائحه النبوية بالاستغاثة والتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتلقَّى العلماء شعرَه بالقبول، ولم يطعن في مدائحه النبوية أحدٌ من العلماء من أهل عصره فمَن بعدهم.
فمما قاله الإمام الصرصري: كما في "المجموعة النبهانية في المدائح النبوية" للعلّامة الشيخ يوسف النبهاني [ت: 1350هـ] (1/ 119، ط. دار الفكر):
يا حبيبَ الرحمــــن في الخـــــلق يا مَــن تعـــــرف الأرضُ فضلَه والسـمـــاءُ
أنت ذُخــــــــــــرٌ لنا وعـــونٌ على خَطْــ ـــبِ زمـــــــــان به اللبيــــــبُ يُساءُ
فأَغِــثْـــــــــــني وكن لضعفي مُجيــــــــــرًا في مَقــــــــامٍ تخــــــــــافه الأتقيـــــــــاءُ
ومما قاله أيضًا: كما في "المجموعة النبهانية" (1/ 398، ط. دار الفكر):
فَأَدِّ عني ســـلامًا زاكيًـــا أَرِجًـــــــــــا لا لغوَ فيه ولا إثمًا ولا كذبًا
وقل عُبَيْدُكَ يرجو منكَ مَكرُمةً رَجاءَ عافٍ لوعدٍ ظلَّ مرتَقِبًا
وقال أيضا (4/ 304):
فبـــــــــلِّغْ -هــــــــــداكَ اللهُ- عني تحيــــــــةً مُعطَّـــــــرةً الأنفـاسِ محروسةَ الصَّفْوِ
وقُلْ عَبْدُكَ المسكينُ يحيى سَرَتْ به جِراحُ التَّنَائي فائْتِــها أحسنَ الأَسْوِ
- والإمام العارف الشاعر أعلم الشعراء وأشعر العلماء: شرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد البوصيري [ت: 696هـ] صاحب القصائد الغراء في مدح النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وأشهرها قصيدته المسمّاة "الكواكب الدرية في مدح خير البرية" والمشهورة بـ"البردة" أو "البُرأة"، التي يقول فيها:
ما سامني الدهرُ ضيمًا واستجَرْتُ به إلا ونِلْـــــــــتُ جِـــــــوارًا منه لم يُضَــــــــمِ
ولا التمستُ غِنَى الدارين مِن يَـــــــده إلا استلمتُ الندى مِن خير مُستَلَمِ
ويقول في همزيته أيضًا:
فَأَغِثْنا يا مَنْ هُوَ الغَــــــوْثُ والغَيْـ ـثُ إذا أَجْهَدَ الوَرى الّلأْواءُ
والجوادُ الذي بِهِ تُكْشَفُ الغُمْـ ـمَةُ عَنّا وَتُكْشَـــــــفُ الحَـوْباءُ
يا رَحِيْمًـــــــا بالمؤمنــــــِيْنَ إِذا مــــــا ذَهِلَتْ عَنْ أَبْنــائِها الرَضْـعاءُ
جُـــــدْ لِعاصٍ وَمَا سِواى هُوَ العا صِي وَلكِنْ تَنَكُّرِي اسْتِحْياءُ
يانَبِـــــــيَّ الهُدَى اسْتِغــــــاثَةُ مَلْهُو فٍ أَضَرَّتْ بِحـــــالِهِ الحَـــــوْباءُ
- والإمام المجتهد شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد [ت: 702هـ]، في قصيدته التي مدح بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتي أولها:
شرف المصطفى رفيـــــــعٌ عمــــادُهْ لَيْسَ يُحصَى لكثـــــــرةٍ تعدادُهْ
يَا رســــــــــولَ الملـــــــــــيك دعوةُ مَن زاد به شوقُـــــــه وصحَّ وِدادُهْ
لَكَ أشكو حالًا مِن الدين والدنــ ــــيا شديدٌ غلــــــوه واقتصادهْ
هو حَـــــــــــــدٌّ بَيْنَ الســـرور وبَيْنِي كدَّرَ العيـــــشَ عكْسُه واطرادُهْ
فعليك السلام من ذي اشتياق أنت فِي الحشر كنزه وعتادهْ
وقد ذكرها الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "رفع الإصر عن قضاة مصر"، وفي آخرها:
يا رسول الله دعوة من زاد به شوقه وصح وداده
لك اشكو حالًا من الدين والدنـيا شديد غلوه واقتصاده
هو حد بين السرور وبيني كدر العيش عكسه واطرده
فعليك السلام من ذي اشياق أنت في الحشر كنزه وعتاده
- والإمام العلامة كمال الدين بن الزملكاني الشافعي [ت: 727هـ] شيخ الشافعية في عصره، وذلك في قصيدته التي مطلعُها:
أهـــــــــواكِ يا ربة الأستـــــــــار أهــــــــواكِ وإن تبــــــــاعدَ عن مغنـــــــــــاي مغنـــــــــاكِ
وقد ذكرها العلّامة المؤرخ صلاح الدين الصفدي في كتابيه "أعيان العصر وأعوان النصر"، و"الوافي بالوفيات"، يقول في آخرها (وفيها تعريض بذم مَن أنكر التوسل أو التشفع بجاه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم):
يا صاحبَ الجــــــاه عند الله خالقِــــه ما رَدَّ جاهَـــــــــــك إلا كلُّ أفّــــــــــــــــــــــــــاكِ
أنت الوجيــــــه على رغم العِــــدا أبدا أنت الشفيــــــــــــــــعُ لفتّـــــــاكٍ ونسّـــــــــــاكِ
يا فــــــرقةَ الزَّيْــــغ لا لُقِّيــــتِ صـــــالحةً ولا شفى الله يومــــــًا قلب مرضــــــــــاكِ
ولا حظيتِ بجــــــــــاه المصطفى أبدًا ومَــــن أعانـــــــــكِ في الدنيـــــــــــا ووالاكِ
يا أفضلَ الرســــل يا مَوْلى الأنام ويا خيرَ الخـــــلائق من إنــــــــسٍ وأمْــــــــلاك
ها قد قصدتُكَ أشكو بعضَ ما صَنَعَتْ فِيَّ الذنوبُ وهذا ملجأ الشاكي
قد قيَّدَتْني ذنوبي عن بلوغ مــــــدى قصدي إلى الفوز منها فهي أشراكي
فاستَغْفِرِ اللهَ لي، واسْـــــــألْه عصمته فيما بقــــــي، وغِنًى مِن غير إمســـــــاك
عليك من ربِّك اللهِ الصـــــــلاةُ، كمــا منا عليك الســــــــــــلامُ الطيِّبُ الزاكي
قال العلامة الصفدي بعد أن ذكرها في كتابيه: [ولم أقف للشيخ رحمه الله تعالى على نظم هو خير من هذه القصيدة؛ لقصدها الصالح] اهـ.
- والإمام الأديب جمال الدين بن نُباتة الفارقي [ت: 768هـ] في قصيدته اللامية، وهي في ديوانه، وذكرها الإمام التاج السبكي في "معجم الشيوخ" (ص: 462، ط. دار الغرب الإسلامي)، وذكر أنه سمعها منه:
يا خاتم الرسل لي في المذنبين غدًا على شــــــــــــــفاعتك الغراء تعويل
صلى عليك الذي أعطـــاك منـــــــــــــزلةً شفيعها في مقام الحشر مقبول
أنت المَــــــــــلاذُ لنا دنيــــــــــا وآخِـــــــــرةً فباب قصدك في الدارين مأهول
- والإمام الأديب بهاء الدين السبكي الشافعي [ت: 773هـ] ابن قاضي القضاة وشيخ الشافعية تقي الدين السبكي، وذلك في تائيته التي أنشدها أمام الحجرة النبوية الشريفة، وهي في "المجموعة النبهانية في المدائح النبوية" (1/ 534، ط. دار الفكر) وفيها يقول:
ألَا يا رســــولَ الله جئــــــــتُكَ زائرًا فخُذْ بيدي واجعل قراي بجَنَّةِ
أتيتُ وشكلي ذو مقدِّمتَـــين مِن ذنوب وتَسْـــآلٍ، فجُدْ بالنتيجةِ
وإني ظلمْتُ النفسَ كلَّ ظُــلامة وجئتُكَ، فاستغفرْ لنفسٍ ظَلُومةِ
وكُن لي إذا ما فَــــــرَّ منيَ والدي وأمـــي وأولادي وأهـــلي وإخوتي
وكن بهـــــــــــــــمُ برًّا؛ فإن جميعَهم لِبِـــرِّكَ محتاجون في كل بُــــــــــرْهةِ
- والإمام المحدث جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشي الشافعي [ت: 819هـ]، كما في "المجموعة النبهانية" (3/ 142) في قوله:
يا سيد الرُّسْلِ يا أزكى الورى نسبًا ومَن فضـائلُه لم يُحصِـها جِيـلُ
محمـدٌ عبـدُكَ المسكينُ ناظـمُــــــــها يبغي نوالًا له بالبــاب تطفـيــــلُ
- والإمام شمس الدين محمد بن كميل المنصوري الشافعي [ت: 848هـ]، كما في "المجموعة النبهانية" (1/ 484) في قوله:
يا سيدي يا رســـولَ الله خُذ بِيَدي فأنتَ قَصْدي وأنتَ السُّؤلُ والأرَبُ
يا صاحبَ النجدةِ العُظمَى لِمُعْتَلِقٍ بِجـــــــــــاهِه ولذاكَ اليـــــــــــومِ أرتَقِــــــــبُ
عُبَــــــيْـدُكَ ابنُ كُمَـيْلٍ ســــــائلٌ أَرَبًـــــــــــا ودمعُـه ســــــــــائلٌ والقلبُ مكتَـــــــــــئِبُ
- وحافظ الدنيا وقاضي القضاة الإمام شهاب الدين ابن حجر العسقلاني الشافعي [ت: 852هـ] أمير المؤمنين في الحديث، وقد أفاض في أشعاره ومدائحه النبوية بالاستغاثة والتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك كله مبسوط في ديوانه، وهو مطبوع بحيدر آباد الدكن بالهند سنة 1381هـ/ 1962م، فمن ذلك (ص: 26-27):
نبـــــــيَّ الله يا خيــــــــرَ البرايــــــــــــــا بجـــــــاهك أتَّقي فصلَ القضــــاء
وأرجو يا كريــــــــم العفـــــو عمـــا جنَـــتْه يدايَ يا ربَّ الحِبَــــــــــــــــاء
فقل يا أحمدُ بنَ عليٍّ اذْهَبْ إلى دار النعيـــــــــــــم بلا شقــــــــــاءِ
عليك ســلامُ ربِّ الناس يتلو صلاةً في الصباح وفي المساء
ومن ذلك قوله مخاطبًا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم (ص: 10):
فاشفع لمادِحك الذي بِكَ يتَّقي أهـــوالَ يوم الدِّينِ والتعذيبِ
فلأحمـــــــدَ بنِ عليٍّ الأثَريِّ في مَأهُولِ مَدحِك نَظْمُ كلِّ غريبِ
قد صحَّ أن ضَـــناه زاد، وذنبُه أصلُ السِّقَام وأنتَ خيرُ طبيبِ
صلَّى عليــك وسلَّم اللهُ الذي أعطاك فضلًا ليس بالمَحسوبِ
ومن مخاطبته للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أيضًا قولُه (ص: 16):
يا سيدي يا رســـــولَ الله قد شَرُفَــــــــــــــتْ قصائدي بمديـــحٍ فيك قد رُصِـــــفا
مدحتُك اليوم أرجو الفضل منك غدًا من الشفاعة، فالْحَــــــــظْني بها طرفا
ببــــــــابِ جــــــــودِك عبدٌ مذنِـــبٌ كَلِــــــفٌ يا أحسنَ الناسِ وجـــــهًا مشرقًا وقفا
بكُم توسَّلَ يرجو العفــــــــوَ عن زلـــــــــلٍ مِن خَـــوفه جَفْنُه الهــــامي لقد ذَرَفـــــــا
ومن ذلك أيضًا قوله مادحًا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ختم "سنن أبي داود" (ص: 20):
يا سيدَ الرُّسْل الذي فاق الورى بأْسًــــا سمَا كلَّ الوُجودِ وَجُـــــودا
هذي ضـــــراعةُ مُذنِبٍ مُتمسِّــكٍ بولائــــكم مِن يومِ كان وليــــــــــــدا
يرجو بك المحيا السعيد وبعثه بعد الممات إلى النعيم شهودا
صلَّى عليـــك وســـلَّم اللهُ الذي أحيـــــا بك الإيمـــــان والتوحيــدا
وقال مخاطبًا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ومادحًا له (ص: 29):
وكم مُذنبٍ وَافَاه يطلب نجدةً تُنَجِّيه في الأُخرى فأنجَى وأنْجَدَا
أيا خيرَ خلقِ اللهِ دعوةُ مذنبٍ تَخَـــــــــوَّفَ مِن نار الجحيم تَوَقُّــــدا
له سندٌ عــــــالٍ بمدحِـــــك نَيّـــــِرٌ وبابُـــــك أمسى منه أسْـــنَى وأَسْنــدا
وأنت الذي جنَّبْتَنا طارقَ الرَّدَى وأنت الذي عرَّفْتَنا طرق الهُدَى
- والحافظ السخاوي [ت: 902هـ] في "الضوء اللامع" (5/ 44، ط. مكتبة الحياة)، كما في "ترجمة نقيب الأشراف السيد العفيف عبد الله بن محمد الحسيني الحلبي الشافعي":
[لَقِيتُه بمنزله بحلب وهو مفلوج فأنشدني قوله:
يا رســول الله إني كذا لأرجو أن تَكَفَّل يومَ عرضي
بإدخالي الجنان بلا حساب إذا كنت النوافل لي وفرضي
وهـا أنت المؤمَّـل للبرايا فحقًّا بعضــنا أولى ببعضِ
قيل: ولو قال: عُبَيدُك يا رسول الله يرجو ... شفاعتك العميمة يومَ عرضِ لكان أحسن؛ فإن ما قاله من بحر الوافر مع اختلاله في الوزن] اهـ.
- والحافظ العلّامة المجتهد جلال الدين السيوطي الشافعي [ت: 911هـ]، كما نقله العلامة النبهاني في "شواهد الحق" (ص: 221، ط. المطبعة الميمنية، سنة 1323هـ):
يا أكرمَ الرُّسْل، يا من في إشــارته حَوْزُ المُــــــنَى وبلوغُ القصــــد مِن أَمَمِ
ومن غدا في الورى توشيحُ مِلَّــــــتِه يزهو على الزاهِرَيْن الروضِ والنُّــــجُمِ
تَعَطُّـــــــــفًا لِمُحِـــبٍّ فيــــك، ليــس له تَعَـــــطُّفٌ عنــك، معدود مِن الخَـــــــدَمِ
يا صاحبَ العَلَمِ الهادي لِقــاصده حسنَ البيان، أَجِرْني في حِمَى العَلَمِ
فمطلَبي أنتَ أَوْلَى في النَّجــاح له وأنت أَدْرَى به، يا مُسْــــــــبِغَ النِّعَـــــــــــــمِ
من كان فيما عرى تجريد مقصده له رأى منــــــــــك حبلا غير مُنفَصِـــــــــم
ومَن يَلُذْ بحِمَــــاه، وهـــو مَلْجَــــــؤُنا فلا اعتــــــراض بما يخــــــــشاه مِن نِقَــم
عليه منا صــــــــــــلاةٌ ما لها عــــــــــددٌ تفصيــــلُ مُجْمَـــــــــــــلها يربو على الدِّيَـم
- والشيخ عبد العزيز بن علي الزمزمي المكي الشافعي [ت: 963هـ] في قصيدته "الفتح المبين في مدح شفيع المذنبين"، كما في "المجموعة النبهانية في المدائح النبوية" (1/ 200):
يا عزيزَ الجَنَـــــــــابِ دعوةُ عبدٍ لك في الرِّقِّ يستـحقُّ الوَلاءَ
كيف عبدُ العزيز عبدُك يَلقَى ذِلَّـــــــةً أو إضـــــــــاقةً أو شـــــقاءَ
ويقول الشيخ العيدروس في ترجمته في "النور السافر": ومن شعره الحسن أبيات الفرج التي استغاث فيها بصاحب الخلق الحسن سيد المرسلين ورسول رب العالمين، وهي هذه:
يا رسولَ الله عجِّـــــــــــلْ بالفرج قد توالى الكرب واشتد الحرجْ
يا رسول الله في جاهِــــــــك لي سَـــــــــــــعَةٌ إن ضـــــــاق بي كلُّ نَهَجْ
قســــــــــمًا بالله مـــا لاذ امــــــــــــرؤٌ بك في خطبٍ رجـــــــــا إلا انبــــلجْ
- وسيدي الإمام العارف العلامة محمد بن أبي الحسن البكري الصِّدِّيقي الشافعي المصري [ت: 993هـ] شيخ أهل عصره، ومقدَّم علماء الأزهر الشريف في مصره، في لاميته الشهيرة وقد ذكرها المؤرخ العيدروس في "النور السافر"، وسماها: "الوسيلة العظيمة"، والعلامة ابن العماد الحنبلي في "شذرات الذهب":
ما أرســــل الرحمــــن أو يرســلُ من رحمـــــــــة تصعــــد أو تنـــــزلُ
في ملكــــــــوت الله أو مُلكــــــــه من كل ما يختص أو يشـــــــمل
إلا وطـــــــه المصــــــطفى عبـــــدُه نبيُّــــــــــــــه مُختــــــــــــــاره المُرسَـــــــل
واســـــــــــطةٌ فيـــــها وأصـــــــــلٌ لها يعـــــلم هـــــذا كلُّ مَن يعقِـــــــــــــــل
فلُذْ به في كلِّ مــــــا ترتجــــــــــــي فهـــو شفيـــــــــــــــــعٌ دائمًا يُقبَـــــــل
وعُــــذْ به مِن كل ما تختـــــــــشي فإنـــه المَأمَـــــــــــــنُ والمَعْقِـــــــــــــــل
وحُــــــطَّ أحمـــــــــــالَ الرجــا عنده فإنـه المرجِــــــــــــعُ والمَوئِــــــــــــــــــل
ونـــــــــــادِهِ إنْ أزْمــــــــــةٌ أَنشَبَــــــــــتْ أظفــــارَها واستحكم المُعضِـل
يا أكــــــــــرمَ الخــــــلقِ على ربــــــــهِ يا خيرَ مَن فيــــــهم به يُسْـــــــــأَل
قد مسَّني الكــــربُ وكم مــــــــــرةٍ فرَّجْــــــتَ كربًا بعضُــــه يُذهِــــــــل
ولن ترى أعجـــــــــــزَ مني فمـــــــــــــا لِشِــــــــدَّةٍ أقــــــــوى ولا أحمـــــــلُ
فبالذي خصَّــــــــــــــــــك بين الورى برتبـةٍ عنها العُــــــــلَى تَنـــــــــــــــــزلُ
عَجِّــــــــلْ بإذهـــاب الذي أشتكي فإن توقَّفْــتَ فمَـــــن أســـــــــــألُ
فحيلتي ضاقت وصبري انقضى ولست أدري ما الذي أفعل
فأنت بــــــــــــابُ الله أيُّ امـــــــــــــــرئٍ أتـــــــاه مِن غيـــــرك لا يدخــــل
صلى الله عليك ما صــــــــــافحَتْ زهرَ الروابي نسمــــــــــة شَـمألُ
مُسَـــــــــــــلِّمًا ما فاح عطرُ الحمى وضـــــــاع منه النَّــــــــدُّ والمَنْدَلُ
والآلِ والأصحـــــــــاب ما غرَّدَتْ ســــاجعةٌ أُمْلُودُهـــا مُخْضَــــــــلُ
- ومفتي الحنفية بدمشق في زمنه الشيخ محمد بن إبراهيم العمادي [ت: 1135هـ]، كما في "المجموعة النبهانية" (2/467) في قصيدته التي أرسلها مع الركب إلى المدينة المنورة:
فاشْفَعْ لعَبدِكَ كي يزورَكَ سيدي ويرى ضريحًا بالرســالة مُشرِقًا
ومما ذُكر يُعلم أنَّ إنشاد الأبيات المشتملة على الاستغاثة بالنبي الأكرم والحبيب الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم جائزٌ شرعًا، بل هو من جملة المندوبات، وقد قامت على ذلك الشواهد والبينات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.