الأربعاء 17 ديسمبر 2025م – 26 جُمادى الآخرة 1447 هـ

مدى وجوب قضاء زكاة المال لمن لم يؤدها لسنوات لعدم علمه بوجوبها

تاريخ الفتوى: 15 مارس 2020 م
رقم الفتوى: 7157
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
مدى وجوب قضاء زكاة المال لمن لم يؤدها لسنوات لعدم علمه بوجوبها

هل يشترط لوجوب الزكاة العلمُ بفرضيتها؟ وإن وجد إنسان مسلم في بلاد المسلمين يجهل وجوبها، ومرَّ عليه أعوام، فهل يجب عليه قضاء ما فات؟

ليس من شروط وجوب الزكاة العلمُ بها؛ فإنَّ المُكلّف إذا اكتملت عنده شروطها وهو مسلم، حرّ، مالك للنصاب، وحال على هذا النصاب الحول، وكان هذا المال فائضًا عن حاجته، وحاجة من يعول؛ فإنَّه يجب عليه إخراجها، فإن تركها لعامٍ أو أعوامٍ لعدم علمه بوجوبها، ثم علم ذلك، فإنَّه يجب عليه إخراجُها عن ما مضى من الأعوام.

المحتويات

 

شروط وجوب الزكاة

تقرَّر في الشرع الشريف أنَّ الزكاة واجبة على كل مسلمٍ، حرٍّ، مالكٍ للنصاب، وحال على هذا النصاب الحول، وكان هذا المال فائضًا عن حاجته وحاجة مَن يعول؛ وذلك لما أخرجه البخاري في "صحيحه" عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن، فقال: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنِّي رَسُولُ الله، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ الله قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ الله افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ».

وروى أبو داود في "سننه" عن علي -رضي الله عنه وكرم وجهه- أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَإِذَا كَانَتْ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ -يَعْنِي- فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ، فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ»، قال: فلا أدري أعليٌّ يقول: فبحساب ذلك، أو رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وزاد المالكية في شروط الوجوب فيما يتعلق بزكاة الماشية: مجيء الساعي. انظر: "الشرح الصغير" لسيدي أحمد الدردير (1/ 590، ط. دار المعارف).

وشرط الوجوب: هو الذي نكلف به؛ أي: بسببه، فدخول الوقت شرطٌ في وجوب الصلاة، والنقاء من الحيض شرطٌ في وجوب الصلاة والصوم والطواف، وبلوغ بعث الأنبياء شرط في وجوب الإيمان. انظر: "فتح الودود" للشيخ يحيى الولاتي (ص: 18-19، ط. المطبعة المولوية بفاس).

وأما شرط الأداء: فكل ما هو شرط في الوجوب فهو شرط في الأداء، ويزيد شرط الأداء بالتمكن من الفعل. انظر: "نشر البنود" للشيخ الشنقيطي (1/ 44، ط. مطبعة فضالة بالمغرب).

هل يشترط لوجوب الزكاة العلمُ بفرضيتها

المقرر عند جماهير الفقهاء أنَّ العلم ليس شرطًا من شروط وجوبها؛ ففي "المدونة" من كتب المالكية (1/ 334، ط. دار الكتب العلمية): [قال: وسألت مالكًا عن الرجل يعلم الإمام أنه لا يؤدي زكاة ماله الناض، أترى أن يأخذ منه الإمام الزكاة؟ فقال: إذا علم ذلك أخذ منه الزكاة. قلت: أرأيت قومًا من الخوارج غلبوا على بلد من البلدان، فلم يؤدوا زكاة مواشيهم أعوامًا، أيأخذ منهم الإمام إذا كان عدلًا زكاة تلك السنين إذا ظفر بهم؟ فقال: نعم. قلت: وهذا قول مالك؟ فقال: نعم] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 337، ط. دار الفكر): [إذا مضت عليه سنون، ولم يؤدّ زكاتها لزمه إخراج الزكاة عن جميعها؛ سواء علم وجوب الزكاة أم لا، وسواء كان في دار الإسلام أم دار الحرب، هذا مذهبنا. قال ابن المنذر: لو غلب أهل البغي على بلد، ولم يؤد أهل ذلك البلد الزكاة أعوامًا، ثم ظفر بهم الإمام، أخذ منهم زكاة الماضي في قول مالك والشافعي وأبي ثور] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 512، ط. مكتبة القاهرة): [ولو أسلم في دار الحرب، وأقام بها سنين لم يؤدّ زكاة، أو غلب الخوارج على بلدة، فأقام أهله سنين لا يؤدون الزكاة، ثم غلب عليهم الإمام أدوا الماضي، وهذا مذهب مالك والشافعي] اهـ.

والحجة في وجوب الزكاة لمن اكتملت عنده شروط وجوبها -حتى ولو لم يعلم بوجوبها- أن الزكاة من أركان الإسلام، وهذه الأركان يجب عليه العلم بها، وعدم علمه بها تقصير منه، ولهذا فلم تسقط كالصلاة والصيام.

قال الإمام ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (1/ 42، ط. دار الفكر- بيروت): [قال العلامي في "فصوله": من فرائض الإسلام تعلمه ما يحتاج إليه العبد في إقامة دينه، وإخلاص عمله لله تعالى، ومعاشرة عباده. وفرض على كل مكلف ومكلفة بعد تعلمه علم الدين والهداية، تعلم علم الوضوء، والغسل، والصلاة، والصوم، وعلم الزكاة لمَن له نصاب، والحج لمَن وجب عليه، والبيوع على التجار؛ ليحترزوا عن الشبهات والمكروهات في سائر المعاملات. وكذا أهل الحرف، وكل مَن اشتغل بشيء يفرض عليه علمه وحكمه ليمتنع عن الحرام فيه] اهـ.

وقال العلامة القرافي المالكي في "الفروق" (2/ 149-150، ط. عالم الكتب) في الفرق الرابع والتسعين بين قاعدة ما لا يكون الجهل عذرًا فيه وبين قاعدة ما يكون الجهل عذرًا فيه: [اعلم أن صاحب الشرع قد تسامح في جهالات في الشريعة فعفا عن مرتكبها، وآخذ بجهالات فلم يعف عن مرتكبها. وضابط ما يعفى عنه من الجهالات: الجهل الذي يتعذر الاحتراز عنه عادة، وما لا يتعذر الاحتراز عنه ولا يشق لم يعف عنه] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق: فإنَّ الزكاة ليس من شروط وجوبها العلم بها، فإنَّ المكلف ما إذا اكتملت عنده شروط الوجوب المقرّرة عند الفقهاء فإنه يجب عليه إخراجها، فإن تركها لعامٍ أو أعوامٍ لعدم علمه بوجوبها، ثم علم ذلك، فإنَّه يجب عليه إخراجها عن ما مضى من الأعوام.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

تقوم إحدى الشركات سنويًّا بإخراج مبلغ كبير لحساب الزكاة. والسؤال: هل يجوز للشركة إخراج جزء من هذا المبلغ أو المبلغ بالكامل لصالح بعض العاملين بالشركة في الظروف الآتية:
- الحالات المرضية المزمنة أو التي تفوق قدرتهم المالية، والتي لا يغطيها التأمين الطبي.
- حالات الكوارث والتي لا يمكن للموظف مواجهتها بمفرده.
- حالات القرض الحسن للمستحقين.


ما حكم إخراج المرأة زكاة عن مالها الخاص؟ فأنا فتاة أعمل وغير متزوجة ولي مصدر دخل خاص بي، فهل يجب عليَّ الزكاة أم يعتبر ما يخرجه والدي باعتباره ولي أمري يفي بالغرض؟ مع الأخذ في الاعتبار أنني أتصدق من مالي ولكن ليس بنية الزكاة. وفي حالة وجوب الزكاة من مالي، أرجو التكرم بتعريفي بميعادها، وطريقة حسابها، والمصادر المفضل خروجها فيها. أيضًا هل يجب علي أن أخرج زكاة على الحليِّ الخاصة بي وهي للتزين فقط أم لا؟


هل تجب زكاة المال على دفاتر توفير الأيتام في حالة بلوغ المال النصاب؟ فنحن نتشرف أن نحيط علم سيادتكم بأنه تردد في شهر رمضان السابق في بعض المحطات الفضائية أن دفاتر توفير الأبناء الأيتام تجب فيها زكاة مال، ويلزم الوصي بإخراجها في حالة بلوغ المال للنصاب. لذلك نلتمس من سيادتكم إفادتنا بصحة هذا القول من عدمه؛ لأنه يوجد لدينا دفاتر توفير للأيتام ومجهولي النسب. وما هو النصاب الشرعي لزكاة المال؟ حتى يمكننا مراعاة شرع الله في ذلك.


نحن إخوة أشقاء وإخوة لأب، وقد تُوفِّي والدنا، ولنا أخ غير ميسور هو المسؤول عن أخواتنا: يقوم برعايتهن وكفالتهن بالإضافة لأسرته الخاصة.

فهل يجوز للميسُورِين منَّا إخراج جزء من زكاة المال لأخواتنا يُسَلَّم لأخينا هذا لينفق به عليهن؟ وهل يجوز إعطاء جزء من الزكاة لزوجة أبينا لترعى نفسها وأولادها؟


ما حكم أداء الزكاة لصندوق الإعانات الاجتماعية بإحدى الجهات الحكومية؟ حيث طلبت وزارة الخارجية إفادة عن القرار الوزاري رقم 960 لسنة 1974م الصادر بتنظيم الخدمات الاجتماعية للعاملين المدنيين بالدولة تنفيذًا للقانون الذي قد نص على أن من أغراض هذا الصندوق صرف إعانات مالية للمذكورين في حالات الوفاة أو المرض الذي يستلزم علاجه نفقات تجاوز إمكانيات العامل، وكذلك صرف إعانات في حالات الكوارث الأخرى وفي سواها من الحالات التي تستدعي ذلك، كما تحددت موارد الصندوق ومن بينها ما يتقرر في موازنة الوزارة من اعتمادات لهذا الغرض، وكذلك ما يقدم إلى الصندوق من الهبات والتبرعات، وأن البعض قد رغب في أداء ما يجب عليهم من الزكاة الشرعية سواء كانت زكاة مال أو زكاة فطر إلى هذا الصندوق، وقد انتهى كتاب الوزارة إلى طلب الإفادة بحكم الشريعة الإسلامية في هذا الشأن، وهل يجوز أن تؤدى الزكاة للصندوق المذكور ويسقط بذلك الفرض عن مؤديها؟


زوجتي تعمل بإحدى الدول العربية وتقوم بادخار نقودها بغرض استكمال ما يمكننا من دفع مقدم لإيجار شقة أكبر من التي نقيم فيها، فهل تجب الزكاة في هذا المال المدخر؟ وهل يجوز لي إخراج الزكاة نيابة عنها؟ وهل يجوز لي دفع الزكاة لأختي المريضة الفقيرة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :12
الشروق
6 :45
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 58
العشاء
6 :21