سائل يقول: هل هناك في الإسلام صيغة معينة لتعزية أهل الميت، أو أن الأمر على إطلاقه وعمومه وبما يتيسر؟
من مظاهر الأخلاق الحسنة التي دعى إليها الشرع الشريف تقديم التعزية لأهل الميت.
والتعزية مصدر، والاسم عزاء؛ والتعزية تعني التصبر، والعزاء يعني الصبر؛ قال الفيومي في "المصباح المنير" (2/ 408، ط. المكتبة العلمية): [عزي يعزي من باب تعب: صبر على ما نابه. وعزيته تعزية؛ قلت له: أحسن الله عزاءك؛ أي: رزقك الصبر الحسن والعزاء.. وتعزى هو تصبر، وشعاره أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون] اهـ.
وقد تقرَّر في الشرع الشريف استحباب تعزية أهل الميت، ووَعْد المُعزِّي بالثواب العظيم؛ فقد روى الترمذي وابن ماجه في "سننيهما" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ».
أمَّا ما يتحقّق به هذا الفعل المندوب من الصيغ والألفاظ فالأمر فيه على السعة؛ فتتحقق التعزية بكل تعبير حسن يُذَكِّر بالصبر على المصيبة ويدعو إليه، ويشتمل على الدعاء للمتوفى وأهله، وهذا هو المنصوص عليه في كتب المذاهب الأربعة المتبعة.
قال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 317، ط. دار المعرفة): [وليس في التعزية شيء مؤقت يقال: لا يعدى إلى غيره] اهـ.
وقال الإمام الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 618، ط. دار الكتب العلمية]: [ولا حجر في لفظ التعزية] اهـ.
وقال الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 229، ط. دار الفكر): [وكان محمد بن سيرين إذا عزى قال: أعظم الله أجرك، وجبر مصيبتك، وأحسن عزاءك عنها، وأعقبك عقبًا نافعًا لدنياك وأخراك، وكان مكحول يقول: أعظم الله أجرك، وأحسن عقباك، وغفر لمتوفاك، قال ابن حبيب: وكل واسع بقدر ما يحضر الرجل وبقدر منطقه] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 405، ط. مكتبة القاهرة): [ولا نعلم في التعزية شيئًا محدودًا] اهـ.
إلا أنَّه يُفضل استعمال ما ورد في السنَّة المطهرة من الألفاظ والصيغ؛ كما ورد في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه إن ابنًا لي قبض، فأتنا، فأرسل يقرئ السلام، ويقول: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ».
وروى البيهقي في "السنن الكبرى" عن أبي خالد الوالبي مرسلًا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَزَّى رجلًا، فقال: «يَرْحَمُكَ اللهُ وَيَأْجُرُكَ».
قال العلامة الحدادي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 110، ط. الخيرية): [ولفظ التعزية: عظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك، وألهمك صبرًا، وأجزل لنا ولك بالصبر أجرًا. وأحسن من ذلك: تعزية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإحدى بناته كان قد مات لها ولد، فقال: «إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى». ومعنى قوله: «إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ»؛ أي: العالم كله ملك الله، فلم يأخذ ما هو لكم، بل أخذ ملكه فهو عندكم عارية. ومعنى قوله: «وَلَهُ مَا أَعْطَى»؛ أي: ما وهبه لكم ليس خارجًا عن ملكه، بل هو له. وقوله: «وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى»؛ أي: من قد قبضه فقد انقضى أجله المسمى، فلا تجزعوا واصبروا واحتسبوا] اهـ.
وقال الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 229): [أحسن التعزية: ما جاء به الحديث: «آجَرَكُمْ اللهُ فِي مُصِيبَتِكُمْ وَأَعْقَبَكُمْ اللهُ خَيْرًا مِنْهَا؛ إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ»] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم استغلال أدوات العمل في أغراض شخصية؛ فأنا أعمل في شركة، وخلال العمل كنت أستخدم التليفون العادي والمحمول في مكالمات شخصية، وأيضًا آلة التصوير في أغراض شخصية، وبعد أن عرفت أن هذا غير جائز شرعًا حاولت أن أكفر عن هذا الذنب، وحاولت تقدير المبلغ الذي استخدمت بقيمته التليفون العادي والمحمول وآلة التصوير، ولكن المشكلة التي أريد من فضيلتكم مساعدتي فيها هي: هل يمكن التبرع بهذا المبلغ باسم أصحاب الشركة، أم يجب مصارحتهم أخذًا بمبدأ رد المظالم لأصحابها، علمًا بأن ليس لدي الشجاعة لمواجهة أصحاب الشركة بذلك وحتى لا يسيء أصحاب الشركة فهم الموضوع، فهل لو تبرعت بهذا المبلغ باسم أصحاب الشركة لا يقبل الله توبتي إلا بمصارحتهم؟ أرجو من فضيلتكم الرد على سؤالي وعدم إهمال رسالتي.
ما كيفية ترتيب الجنازات عند الصلاة عليها مجتمعة صلاة واحدة؟ خاصَّة إذا اشتملت الجنائز على الرجال والنساء والأطفال؟
نرجو منكم بيان أنواع الشهداء في الإسلام وبيان كل نوع وسببه. وهل يدخل في ذلك من مات بداء البطن، أو بالطَّاعون، أو بالغرق، أو الهدم ونحو ذلك؟
ما الحكم في رجل أحدث بابًا في حائط منزل مشترك بينه وبين شركاء آخرين مع وجود الباب الأصلي للمنزل المذكور، وذلك من غير رضاء الشركاء ولا إرادتهم، فهل له إحداث الباب المذكور أو ليس له ذلك ويؤمر بسد الباب الذي أحدثه وإعادة جدار المنزل إلى الحالة التي كان عليها؟ مع العلم بأن هذا الحائط يحمل فوقه أخشاب سقف الطبقة الأولى وما يليها من طبقات المنزل المذكور.
وإذا أحدث أحد الشركاء طاقة -أي شباكًا- في منزل مشترك؛ لأجل الضوء والهواء، وذلك في حال حياة شريكه وبعلمه ورضاه، ثم مات هذا الشريك، فهل لوارثه الحق في طلب سد الشباك المذكور أو ليس له ذلك؟ مع العلم بأن هذا الشباك ليس مشرفًا على موضع نساء ولا على ساحة جار، وإنما يشرف على طريق.
أفيدونا بالجواب عن الحكم الشرعي في هاتين المسألتين، ولكم الثواب.
ما رأي الشرع في إكرام أصدقاء الوالدين بعد موتهما؟ حيث قرأت أن الشرع الشريف جعل صلة أصدقاء الوالدين بعد موتهما من صور البر بهما، فنرجو منكم توضيح ذلك الأمر.
ما حكم صلاة الجنازة في الشارع بالنعال في زمن الوباء؟ حيث إنه نظرًا لِما تمرُّ به بلدان العالم ومنها مصر جرَّاء فيروس كورونا المستجد، والقرارات التي اتخذتها السلطات للحدِّ من انتشار هذا الوباء من غلق المساجد ونحوها من دُور العبادات، يقومُ المسلمون بالصلاة على الجنائزِ في الشوارع أو في الأماكنِ الواسعة، والكثير منهم يصلي على الجنازة دون أن يخلع نعليه، بدعوى أن هذا ليس مسجدًا، فهل صلاتهم بالنعال على هذا النحو صحيحة؟