يقول السائل: في أحد الأيام نمت وأنا على جنابة، فسألت أحد أصدقائي؛ لعله يكون قد سمع في ذلك شيئًا من العلماء، فقال لي: كان يجب عليك الوضوء قبل النوم؟ فهل يجب على الجنب أن يتوضأ إذا أراد النوم؟
ينبغي على المسلم إذا ما حصلت له جنابة أن يُسَارع إلى الطهارة والاغتسال منها ما استطاع إلى ذلك سبيلًا. فإذا أراد النوم قبل الاغتسال فيُستحبّ له الوضوء قبل النوم.
المحتويات
الجنابة لغة: البُعد؛ ضد القُرب، وجنَّب الشيء، وتَجانبه، واجتنبه أي: بعد عنه، يُقال: أجنب الرجل؛ أي: أصابته الجنابة، وإنما قيل له: جُنُب؛ لأنه نُهي أن يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر، فتجنَّبها وأجنَب عنها، أي: تَنحَّى عنها، وشرعًا: أمر معنوي يقوم بالبدن يمنع صحة الصلاة حيث لا مُرَخِّص.
فإذا ما حصلت الجنابة فينبغي المسارعة إلى الطهارة منها ما استطاع الجنب إلى ذلك سبيلًا.
وقد استحب فقهاء الشافعية والحنابلة للجنب أن يتوضأ ويغسل فرجه إذا أراد النوم أو الطعام أو معاودة الجماع، وعليه يستحب للجنب أن يتوضأ إذا أراد أن يشرع في أي عمل وهو جنب؛ قال العلامة الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (2/ 156، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا: ويكره للجنب أن ينام حتى يتوضأ، ويستحب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو يطأ من وطئها أولًا، أو غيرها أن يتوضأ وضوءه للصلاة ويغسل فرجه في كل هذه الأحوال.. نص عليه الشافعي في "البويطي"، واتفق عليه الأصحاب] اهـ.
وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (1/ 260، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويستحب للجنب إذا أراد النوم، أو الأكل، أو الوطء ثانيًا أن يغسل فرجه ويتوضأ] اهـ.
والأخبار الواردة في ذلك كثيرة؛ منها ما رواه الإمام البخاري عن أبي سلمة رضي الله عنه أنه قال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَرْقُدُ وَهوَ جُنُبٌ؟ قَالَتْ: "نَعَمْ، وَيَتَوَضَّأُ"، وما رواه الإمام مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ".
وعلَّلوا لاستحبابهم الوضوء أيضًا بقولهم: إنه يؤثر في حدث الجنب فيزيل الجنابة عن أعضاء الوضوء؛ قال العلامة الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (2/ 156، ط. دار الفكر): [وهذا الذي قلناه وقاله المصنف والأصحاب: (إن الوضوء يؤثر في حدث الجنب ويزيله عن أعضاء الوضوء) هو الصحيح الذي قطع به الجمهور، وخالف فيه إمام الحرمين فقال: (لا يرتفع شيء من الحدث حتى تكمل الطهارة)] اهـ.
لفقهاء المالكية في وضوء الجنب إذا أراد النوم قولان؛ أحدهما بالوجوب والآخر بالندب، قال العلامة أبو عبد الله محمد عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (1/ 130، ط. دار الفكر): [لا خلاف أنَّ الجنب مأمور بالوضوء قبل النوم، وهل الأمر به إيجاب أو ندب؟ في المذهب قولان] اهـ.
أما فقهاء الحنفية فيرون أنَّ الجنب له أن ينام بلا وضوء؛ قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 38، ط. دار الكتب العلمية): [ولا بأس للجنب أن ينام ويعاود أهله.. وله أن ينام قبل أن يتوضأ وضوءه للصلاة] اهـ.
لما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً"، ويرون كذلك أنه ينبغي على الجنب أن يغسل يده ويتمضمض إذا أراد أن يأكل أو يشرب؛ قال في المرجع السابق نفسه: [وإن أراد أن يأكل، أو يشرب فينبغي أن يتمضمض، ويغسل يديه ثم يأكل ويشرب] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم طواف المريض حاملًا القسطرة؟
ما هي الشروط التي يجب توافرها في الجورب حتى يصح المسح عليه في الوضوء؟ وما هي كيفية المسح عليه؟
ما حكم طهارة المتوضئ إذا شك في خروج شيء منه؟ حيث يقول السائل: بعد أن أقضي حاجتي وأستنجي يُخَيّل إليّ أنّ شيئًا يخرج من القبل، وأشك في ذلك، وقد تحريت ذلك عدة مرات فلم أجد شيئًا؛ فهل يؤثر هذا في صحة الوضوء؟
قال السائل: إحدى قريباتي متزوجة، وبعد زواجها حدث لها خللٌ في عادتها الشهرية، فأحيانًا تزيد فترة الحيض وتارة تنقص، وأحيانًا تأتي الدورة مبكرًا بضعة أيام عن عادتها وتارة تتأخر عنها بضعة أيام؛ فكيف لها أنْ تتطهر لتصلي وتصوم؟
ما المعنى المراد من حديث: «دم الحيض أمر كتبه الله على بنات آدم»؟ فهناك سائلة تقول: خلال جلسة مع أحد أصدقائي قالت إحداهن: إن دم الحيض عقوبة للنساء؛ فقالت لها أخرى: إن هذا من سنن الله تعالى في خلقه، وممَّا اقتضته طبيعة التكوين الجسدي للمرأة، وهو أمر قد كتبه الله على النساء جميعًا؛ فنرجو منكم بيان ذلك.
دائما ما نتعرض للنقد الشديد من الأوروبيين الذين يقتنون الكلاب؛ لأننا نخاف من نجاستها أن تصيب ثيابنا. هل هناك مذهب فقهي يقول بطهارة الكلاب يرفع عنا الحرج؟