سائل يقول: أرجو من فضيلتكم التكرم بالردّ على مَن يزعم أن الأشاعرة والماتريدية يقدمون العقل على النقل؟
المحتويات
العقل في اللغة يُطلَق على الحِجا والنُّهى، وهو ضد الحمق، ويطلق ويراد منه: الفهم والتمييز؛ قال الراغب في "المفردات" (2/ 110، مادة: ع ق ل، ط. دار القلم): [العَقْلُ: يقال للقُوَّةِ المُتَهَيِّئَةِ لقَبولِ العِلم، ويقال للذي يَسْتَنبِطُه الإنسانُ بتلكَ القوَّةِ: عَقْلٌ] اهـ.
والعقل في مفهوم العرب هو العاصم الذي يعصم الإنسان -بعد توفيق الله وهدايته- من الطيش والحمق والتسرع في الأمور دون رويَّة وأناة، وذلك بما يضفيه عليه ذلك العقل من الوعي والإدراك؛ الأمر الذي يقيه مخاطر الزلل والخطل؛ ينظر: "أدب الدنيا والدين" (ص: 19، ط. دار مكتبة الحياة).
وظيفة العقل هي معرفة ماهية وصفة الواقع، ومعرفة الأمر في نفسه على حسب قدرة البشر من دون ترتيب حكم تكليفي عليها، فنحن نستخدم العقل عن طريق النظر في العالم الخارجي للتعرُّف على وجود الله، أي: على أنَّ الله موجود، ولكنَّ وجوب الإيمان بالله تعالى بحيث يعاقب مَن لا يؤمن ويثاب مَن يؤمن إنما يُعْرَف من الشَّرع لا من العقل.
أخطأ بعض العلماء عندما ظن أن أهل السنة والجماعة أو الأشاعرة والماتريدية يُقدِّمون العقل على النقل، وقد تلقَّف كثيرون هذه المقالة وأشاعوها، وفي الحقيقة فإن هذا الظن نتج عن الابتعاد عن التدقيق في عبارات القوم.
وسبب هذا الظن ما ذكره الإمام الرازي في كتابه "أساس التقديس" (ص: 220-221، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [اعلم أن الدلائل القطعية العقلية إذا قامت على ثبوت شيء ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك، فهناك لا يخلو الحال من أحد أمور أربعة:
- إما أن يصدق مقتضى العقل والمنطق فيلزم تصديق النقيضين -وهو محال-.
- وإما أن نبطلها فيلزم تكذيب النقيضين وهو محال.
- وإما أن نكذب الظواهر النقلية، ونصدق الظواهر العقلية.
- وإما أن نصدق الظواهر النقلية ونكذب الظواهر العقلية وذلك باطل؛ لأنه لا يمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقلية إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع وصفاته وكيفية دلالة المعجزة على صدق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وظهور المعجزات على يد محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولو صار القدح في الدلائل العقلية القطعية، صار العقل مُتهمًا غير مقبول القول، ولو كان كذلك لخرج عن أن يكون مقبول القول في هذه الأصول.
وإذا لم تثبت هذه الأصول، خرجت الدلائل النقلية عن كونها مفيدة، فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل يُفضي إلى القدح في العقل والنقل معًا، وأنه باطل. ولمَّا بطلت الأقسام الأربعة لم يبق إلا أن يُقطع بمقتضى الدلائل العقلية القاطعة: بأن هذه الدلائل النقلية إما أن يقال: إنها غير صحيحة، أو يقال: إنها صحيحة، إلا أن المراد منها غير ظواهرها، ثم إن جوزنا التأويل: اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل. وإن لم يجز التأويل فوضنا العلم بـها إلى الله تعالى. فهذا هو القانون الكلي المرجوع إليه في جميع المتشابهات] اهـ.
فالإمام الرازي إنما يتكلم عن الظواهر النقلية، وليست هذه الظواهر هي النقل دائمًا، فما فعله أهل السنة والجماعة في هذا الباب هو تطبيقٌ للشرع الشريف في إعمال العقل وهو مناط التكليف وإدراك حقائق الكون والشرع لتحقيق الإيمان، وهو المسلك القويم الذي يقودنا للتعرف على الله سبحانه وتعالى. وممَّا سبق يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يسأل: بم نُجيب إذا سُئلنا: أين الله، وهل مكانه سبحانه وتعالى فوق العرش كما ورد في القرآن الكريم؟ حيث خرج علينا بعضُ من يقول بذلك القول مستندًا إلى حديث الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء.
ما حكم طلب الشفاعة من سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام بقول اشفَع لنا يا رسول الله صلَّى الله عليكَ وعلى آلِكَ وسلَّمَ؟
ما الرد على دعوى الخطأ في توقيت صلاة الفجر في الديار المصرية. حيث أحضر بعض المصلين في المسجد كتابًا به بعض الآراء الشاذة التي تقول بأنَّ صلاة الفجر لا تجوز بعد الأذان مباشرة، ولا بدَّ من الانتظار لمدة 25 دقيقة؛ حتى تجوز الصلاة وإلا كانت باطلة، على خلاف ما تعلمناه منكم بصحة الصلاة بعد الأذان مباشرة؛ وحيث إنّ هذا الأمر أثار فتنة بين المصلين بالمسجد، فما مدى صحة هذا الكلام؟ ولسيادتكم جزيل الشكر.
سائل يقول: هناك مَن يطعن في صحة نسبة القول بمشروعية استقبال النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستدبار القبلة عند الدعاء أمام المقام الشريف إلى الإمام مالك؛ فما مدى صحة هذا الأمر؟ وكيف نرد على من يطعن في ذلك؟
ما المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا»؟ وهل فيه دليل على عدم جواز الاستعانة بالحساب الفلكي في إثبات الأهلة، أو إبطاله هو أو غيره من العلوم؟
ما حكم السفر لبلاد غير المسلمين؛ حيث قد ثار هذا السؤال في ذهني عقب مطالعة فتوى من فتاوى التنظيم المتسمي بـ"الدولة الإسلامية"؛ فيها: أن جنودهم يحرم عليهم السفر والخروج إلى دار الكفر بغير مبرر شرعي؟