أغمي عليَّ وأنا صائم في رمضان؛ فما أثر ذلك على الصوم؟
إن كان إغماء الصائم مستوعبًا جميع اليوم، فلا يصحُّ صومه وعليه قضاء ذلك اليوم، وإن كان إغماؤه في جزءٍ من اليوم فصيامه صحيحٌ ولا قضاء عليك.
صوم رمضان واجبٌ على كلّ مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم؛ قال تعالى: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، وقال جل شأنه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: 185]، وهو أحد أركان الإسلام كما جاء في الحديث الذي رواه الشيخان بسندهما عن ابن عمر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللهُ وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
وقد وعد الله الصائمين بالأجر العظيم نظير صومهم، ففي الحديث الذي رواه الشيخان بسندهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
والفقهاء مجمعون على أنَّ صوم رمضان فريضة على كل مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصوم، ولم يخالف في ذلك أحدٌ من العلماء. ينظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (1/ 125، ط. الحلبي)، و"مواهب الجليل" للحطاب (2/ 378، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للنووي (2/ 345، ط. المكتب الإسلامي).
ومن أُغميَ عليه في رمضان فإمَّا أن يستوعب إغماؤه جميع اليوم، وإمَّا أن يكون إغماؤه في جزء من اليوم.
فالحالة الأولى: أن يكون الإغماء مستوعبًا جميع اليوم، بأن أُغميَ عليه قبل الفجر، ولم يَفِق إلَّا بعد المغرب؛ فجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة على أنَّه لا يصحُّ صومه وعليه قضاء ذلك اليوم؛ إذ النية شرط لصحة الصوم، وهي لا تتصور من المغمى عليه حال إغمائه.
قال العلامة الخرشي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 248، ط. دار الفكر): [إذا أُغميَ عليه اليوم كلَّه من فجره لغروبه فالقضاء، وكذا لو أغمي عليه جُلَّ اليوم سلِمَ أوَّله أم لا] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (6/ 346، ط. دار الفكر): [لو نوى من الليل، ثم أغمي عليه جميع النهار، لم يصح صومه على المذهب] اهـ.
وقال الإمام المَرْدَاوي في "الإنصاف" (3/ 292، ط. دار إحياء التراث العربي): [(ومن نَوَى الصوم قبل الفجر، ثم جُنَّ، أو أغمي عليه جميع النهار: لم يصح صومه). هذا المذهب، وعليه الأصحاب] اهـ.
وذهب الحنفية إلى صحة صومه عن ذلك اليوم، دون ما بعده؛ لأن النية قد وُجِدت في الليل وزوال إدراكه بعد ذلك لا يمنع صحة الصيام كالنوم، وعلى ذلك فلو وُجِدت النية في جزءٍ من الليل حال إفاقته صَحَّ صومه عند الحنفية عن ذلك اليوم الذي نواه.
قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 83، ط. دار الكتب العلمية): [لو نوى الصَّوم من الليل، ثم جُنَّ في النهار، أو أغمي عليه، يصحُّ صومه في ذلك اليوم، ولا يصحُّ صومه في اليوم الثاني، لا لعدم أهلية الأداء، بل لعدم النية؛ لأنَّ النية من المجنون والمغمى عليه لا تُتَصوَّر] اهـ.
والحالة الثانية: أن يكون إغماؤه في جزءٍ من اليوم؛ فصيامه في هذه الحالة صحيح ولا قضاء عليه على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، على تفصيل بينهم في شروط ذلك؛ حيث اشترط المالكية أن تكون فترة إغمائه أقلَّ من نصف اليوم، وأن يكون مفيقًا عند الفجر لتصحَّ نيته، واشترط الشافعية في قولٍ عندهم أن تكون الإفاقة في أوَّل النهار.
وقال العلامة الخرشي في "شرحه مختصر خليل" (2/ 248، ط. دار الفكر): [لو أُغمي عليه أقلَّ اليوم وهو ما دون الجُّلِّ الشامل للنصف فإن لم يسلم أوَّله بأن طلع عليه الفجر مغمىً عليه بحيث لو كان صحيحًا ونوى لما صحَّت نيَّته فالقضاء أيضًا، وإن سَلِم قبل الفجر حتَّى طلع بحيث لو نوى لصحَّت نيته فلا قضاء عليه] اهـ.
وقال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (2/ 366، ط. المكتب الإسلامي): [ولو نوى من الليل، ثم أغمي عليه، فالمذهب: أنَّه إن كان مفيقًا في جزءٍ من النهار، صحَّ صومه، وإلَّا، فلا، وهذا هو المنصوص في "المختصر" في (باب الصيام). وفيه قول: أنه تشترط الإفاقة من أول النهار] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 116، ط. مكتبة القاهرة): [ومتى أفاق المغمى عليه في جزءٍ من النهار صحَّ صومه، سواء كان في أوَّله أو آخره] اهـ.
وبناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن كان إغماؤك مستوعبًا جميع اليوم فلا يصحُّ صومك، وعليك قضاء ذلك اليوم، وإن كان إغماؤك في جزءٍ من اليوم فصيامك صحيحٌ ولا قضاء عليك على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ماذا يعني صيام رمضان بدون صلاة؟
ما حكم الشرع في عمل ترقيع القرنية للمرضى الذين يعانون من سحابات للقرنية، علمًا بأنّهم في أمسِّ الحاجة لهذه العملية، وأنَّ هذا النسيج يُؤْخَذ من مُتَوفًّى حديث الوفاة في خلال ساعتين أو ثلاثة من الوفاة، وأن هذا العمل يقوم به أطباء متخصصون؟
ما حكم إجراء عمليات تجميل رفع الحواجب؟ حيث تتوجه بعض النساء إلى تغيير شكل الحاجين بعدة طرق منها ما هو جراحي ومنها ما هو بغير الجراحة، وأكثر ما يكون رفع الحاجبين عن طريق العمليات الجراحية وذلك بشد جلد الجبهة أو الجبين ليرتفع الحاجب من المنتصف أو من الطرف، وربما يكون ذلك لإصلاح عيب خلقي أو إعادة التجميل إثر حادث أو نحوه، وربما يكون لمجرد الزينة والتجمل بغير حاجة أو ضرورة، فما الحكم؟
هل الدواء الذي يؤخذ للغرغرة في الفم يبطل الصيام؟
ما حكم الاكتفاء في السحور بتناول الماء فقط؟ وهل يحصُل بذلك الأجر والثواب؟يحصل تمام السحور وفضيلته وسنته بتناول شيء من الطعام أو الشراب ومما يحصل به التقوي على أداء العبادة وكان مباحًا شرعًا، فيجوز السحور والاكتفاء بالماء، ويحصل بذلك فضيلته وبركته وتمام الأجر، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ» رواه الإمام أحمد في "المسند".
ما مدى ثبوت مقولة سيدنا جابر رضي الله عنه: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك"؟ وما معناها؟