مدى إجزاء الصلاة المكتوبة عن ركعتي الطواف

تاريخ الفتوى: 29 مايو 2023 م
رقم الفتوى: 7665
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
مدى إجزاء الصلاة المكتوبة عن ركعتي الطواف

هل تجزئ الصلاة المكتوبة عن ركعتي الطواف؟ بحيث إنه بعد الانتهاء من الطواف أقيمت الصلاة المكتوبة فصلَّاها من قام بالطواف؛ فهل يلزمه أن يصلي ركعتين مخصوصتين للطواف أو أن الصلاة المكتوبة التي صلَّاها تكفيه عن هاتين الركعتين؟

 

يُسن للطائف أن يُصلي ركعتين بعد الطواف، ويستحب أن يكون ذلك خلف مقامِ سيدنا إبراهيم عليه السلام، يجهر فيهما بالقراءة ليلًا، ويُسِرُّ بها نهارًا، وتنوب الصلاة المكتوبة بعد الطواف وتجزئ عنهما؛ لأنَّهما رَكْعَتان شُرِعَتَا للنُّسُكِ، فأجْزَأتْ عنهما الصلاة المكتوبة، وإن كان الإتيان بهما أَوْلَى؛ خروجًا من الخلاف، ولما في فعلهما استقلالًا من إصابة فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

لذلك فإن صلاة الرجلِ المذكور للفريضة المكتوبة بعد أَنْ أتمَّ الطواف تُجزئه عن سُنَّةِ ركعتَيِ الطواف من غير حرج عليه في ذلك شرعًا.

المحتويات

فضل الطواف

الطواف بالكعبة المشرفة عبادةٌ مِن أفضل العبادات، وقُربةٌ مِن أشرف القربات، وطاعة من أجلِّ الطاعات، وهو أنواعٌ عدة؛ منها: طواف الإفاضة وهو ركن من أركان الحج، وطواف العمرة وهو ركنٌ مِن أركانها، وطواف التطوع؛ كطواف تحية المسجد الحرام.

وللطائف أجرٌ عظيمٌ، وثوابٌ جزيلٌ مِن الله عزَّ وجلَّ؛ فعن الحَجاج بن أَبي رُقَيَّةَ قال: كُنْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَإِذَا أَنَا بِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَبِي رُقَيَّةَ، اسْتَكْثِرُوا مِنَ الطَّوَافِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ حَتَّى تُوجِعَهُ قَدَمَاهُ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يُرِيحَهُمَا فِي الْجَنَّةِ» أخرجه الإمام الفاكهي في "أخبار مكة".

كما أنَّ الطائف بالبيت الحرام تُرفَعُ له الدرجات، وتُحطُّ عنه السيئات، وتُزَادُ له الحسنات بكلِّ خُطوةٍ يَخطُوها؛ فعَنْ عبد الله بن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ؛ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمًا، وَلَمْ يَقَعْ لَهُ أُخْرَى؛ إِلَّا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَحُطَّتْ عَنْهُ خَطِيئَةٌ، وَرُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ» أخرجه الإمامان: ابن خزيمة في "صحيحه"، وابن أبي شيبة في "مصنفه".

وعنه أيضًا رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ طَافَ أُسْبُوعًا -يعني: سبعًا- يُحْصِيهِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ» أخرجه الأئمة: أحمد في "مسنده" واللفظ له، وعبد الرزاق في "مصنفه"، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال".

صلاة ركعتين بعد الطواف

وصلاة ركعتين بعد الطواف سُنَّةٌ مؤكدةٌ، ويستحب صلاتهما خلف مقامِ سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لقول الله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: 125]، ولأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَمْ يَدَعْهُما، فدلَّ ذلك على سُنِّيَّتِهِمَا وتأكيد أمرهما، وهذا ما ذهب إليه المالكية في أحدِ أقوالٍ ثلاثةٍ اختاره القاضي عبد الوهاب -كما جاء في "المعونة على مذهب عالِم المدينة" (ص: 573، ط. المكتبة التجارية)- والإمام ابن يونس -كما جاء في "الجامع لمسائل المدونة" (4/ 510، ط. دار الفكر)-، والشَّافعيَّة في الأصحِّ؛ كما في "المجموع" للإمام النووي (8/ 62، ط. دار الفكر)، والحَنابِلة في الصحيح؛ كما في "كشاف القناع" لأبي السعادات البُهُوتِيِّ (2/ 484، ط. دار الكتب العلمية).

المختار للفتوى

والمختار للفتوى أنَّ الصلاة المكتوبة بعد الطواف -كالمغرب في مسألتنا- تنوب وتجزئ عن ركعتَي الطواف على القول بأنهما سُنَّة كما سبق؛ لِفِعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مِن غير أن ينكِر عليه أحدٌ مِنَ الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؛ فعن ابن جريج قال: "أُخْبِرتُ أنَّ مُسْلِم بن مُرَّة الجمحي طاف مع ابن عمر رضي الله عنهما قبل غروب الشمس"، قال: "فأنجزنا وقد أقيمت الصلاة، فصلينا المغرب، ثم قام ولم يُصَلِّ، فأنشأ في سُبْعٍ آخَرَ، فقلتُ: لَمْ تُصَلِّ على سُبْعِكَ؟ قال: أَوَلَسْنَا قد صلينا؟ ثم قال: تُجْزِئُ هَذِهِ الصَّلَاةُ مِن رَكْعَتَيِ السُّبْعِ" أخرجه الإمام الفاكهي في "أخبار مكة".

الأدلة على أن الصلاة المكتوبة تجزئ عن ركعتَي الطواف

ويدل على ذلك أيضًا الكثيرُ مِنَ الآثار الواردة والمروية عن الصحابة والتابعين؛ كابن عباسٍ رضي الله عنهما، وعَطاءٍ، وجابرِ بن زَيْدٍ، والحسنِ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وإسحاقَ وغيرهم.

فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه كان يقول: "إِذَا فَرَغَ الرَّجُلُ مِنْ طَوَافِهِ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّ الْمَكْتُوبَةَ تُجْزِئُ مِنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ" أخرجه الإمام الفاكهي في "أخبار مكة".

وعن سالم قال: "تُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ" أخرجه الإمام ابن أبي شيبة في "المصنف".

وعن كَيْسان قال: "تُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ".

وعن مجاهد، وابن الأَسْوَدِ، وسعيد بن جُبَيْرٍ، قالوا: "تُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ" أخرجهما الإمامان: ابن أبي شيبة في "المصنف"، والفاكهي في "أخبار مكة".

وعن عطاء قال: "تَجْزِيكَ الْفَرِيضَةُ مِنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ".

وعن أبي الشعثاء قال: "تُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَيِ السُّبْعِ".

وقال مجاهد: "أَيُّمَا صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ أُقِيمَتْ مَعَ فَرَاغِكَ مِنْ سُبْعِكَ؛ فَإِنَّ الْمَكْتُوبَةَ تُجْزِئُ مِنْ رَكْعَتَيِ السُّبْعِ".

وعن سفيان قال: سئل ابن أبي ليلى ها هنا بمكة عمن طاف بالبيت فأقيمت الصلاة: أتجزئ عنه؟ قال: "نَعَمْ؛ هُوَ بِمَنْزِلَةِ السُّجُودِ، يُرْكَعُ بِهِ".

وسأل رجلٌ سفيانَ الثوري فقال: يا أبا عبد الله، أرأيتَ ركعتي الفجر؛ أماضِيَتَانِ هُمَا مِنْ ركعتَي الطواف؟ قال: "نَعَمْ". أخرج هذه الآثارَ الإمامُ الفاكهي في "أخبار مكة".

وكون الصلاة المكتوبة تُجزئ عن صلاة ركعتي الطواف يُخَرَّج على القول بسُنِّيَّة هاتين الركعتين، وهو ما نص عليه فقهاء الشافعية والحنابلة في الصحيح؛ كما إذا صلى الفرض عند دخوله المسجد فإن هذا الفرض يُجزئه عن تحية المسجد، وكما يَقرأ السجدة في آخر القيام في الركعة فينوبُ هذا الركوع عن السجود للتلاوة؛ ولأنَّهما رَكْعَتان شُرِعَتَا للنُّسُكِ فأجْزَأتْ عنهما المَكْتُوبَةُ؛ كرَكْعَتَي الإحْرام.

قال الإمام الخَطَّابِيُّ في "معالم السنن" (1/ 255، ط. المطبعة العلمية): [يطوف الرجل فيصادف الصلاة المفروضة عند فراغه من الطواف؛ فيصليها فينوب عن ركعتي الطواف، وكما يقرأ السجدةَ في آخر الركعة فينوب الركوع عن السجود] اهـ.

وقال الإمام العِمْرَانِيُّ الشافعي في "البيان" (4/ 299، ط. دار المنهاج): [إن صلى بعد الطواف صلاة فرض؛ فإن قلنا: إنَّ ركعتي الطواف سُنَّةٌ: أجزأه ذلك عنهما؛ كما إذا صلى الفرض عند دخول المسجد فإنها تجزئ عن تحية المسجد] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 348، ط. مكتبة القاهرة): [وإذا صلى المكتوبة بعد طوافه، أجزأَته عن ركعتي الطواف، روي نحو ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعطاء، وجابر بن زيد، والحسن، وسعيد بن جبير، وإسحاق.. ولنا: أنهما ركعتان شُرِعَتَا للنُّسُك، فأجزأَت عنهما المكتوبةُ، كركعتي الإحرام] اهـ.

وقال علاء الدين المَرْدَاوِيُّ الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 18): [فائدة: لو صلى المكتوبة بعد الطواف: أجزأ عنهما على الصحيح من المذهب] اهـ.

ومع كون صلاة المكتوبة تجزئ عن صلاة ركعتي الطواف، إلا أنَّ الإتيان بهما استقلالًا أَوْلَى؛ خروجًا من الخلاف الوارد في ذلك، ولِمَا في فِعْلِهمَا من إصابةٍ لِسُنَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفعلية، وفي إصابتها ما لا يخفى من الفضل والخير.

فعن نافع قال: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يُصَلِّي لِكُلِّ سُبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ"، وقال إسماعيل بن أمية: قلت للزهري: إن عطاء يقول: تجزئه المكتوبة من ركعتي الطواف. فقال: «السُّنَّةُ أَفْضَلُ؛ لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سُبُوعًا قَطُّ إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" معلَّقًا.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنه يُسن للطائف أن يُصلي ركعتين بعد الطواف، ويستحب أن يكون ذلك خلف مقامِ سيدنا إبراهيم عليه السلام، يجهر فيهما بالقراءة ليلًا، ويُسِرُّ بها نهارًا، وتنوب الصلاة المكتوبة بعد الطواف وتجزئ عنهما؛ لأنَّهما رَكْعَتان شُرِعَتَا للنُّسُكِ، فأجْزَأتْ عنهما الصلاة المكتوبة، وإن كان الإتيان بهما أَوْلَى؛ خروجًا من الخلاف، ولما في فعلهما استقلالًا من إصابة فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ كما سبق بيانه.

وفي واقعة السؤال: فإن صلاة الرجلِ المذكور للفريضة المكتوبة بعد أَنْ أتمَّ الطواف تُجزئه عن سُنَّةِ ركعتَيِ الطواف من غير حرج عليه في ذلك شرعًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الشرع الشريف فيما نفعله كل يوم بعد صلاة العشاء من:

قراءة سورة الإخلاص (5 مرات).

ثم نقول: أستغفر الله العظيم (5 مرات)، وبَعدَها الصلاةُ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم (5 مرات).

ثم قراءة سورة الإخلاص (3 مرات).

ثم نقول: حسبي الله والنبي على كلِّ مُعتَدِي مِن العدُو والأَقْرَبِ (٣ مرات).

ثم الدعاء، وبعده قراءة سورة الفاتحة.


سائل يقول: رجلٌ يؤُم زوجته في الصلاة المكتوبة في البيت، ويسأل: ما مكان وقوفها منه عند اقتدائها به في الصلاة؟ وما الحكم فيما لو وقفت عن يمينه؟


ما حكم الصلاة أثناء العمل في بلاد غير المسلمين؟ فالشركات التي تقوم بالإشراف على اللحم الحلال في بلد من بلاد غير المسلمين لا تدع فرصة للذبَّاح المسلم لأداء فريضة الصلاة في وقتها بحجة أن العمل عبادة، وأن بإمكان المسلم أن يصلي في أي وقت، علمًا بأنه يوجد ذبَّاح آخر احتياطي. وطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك.


ما حكم صلاة الفجر لمن يسافر قبلها؟ فأنا أخْرُج من بيتي مسافرًا قبل الفجر، ولا أَصِل مكان العمل إلَّا بعد طلوع الشمس؛ فما الحكم؟


جمعية خيرية، من أهدافها تيسير رحلات الحج والعمرة لأعضائها، ويقوم مرافقون مع بعثة الحج أو العمرة على تنظيم البعثة وراحتها قبل السفر أو بعده، وتتحمل الجمعية نفقات حج المرافق فردًا كان أو أكثر، كما تقدم الجمعية للحاج دعمًا ماليًّا. وطلب السائل بيان حكم الآتي:
أولًا: هل حج أو عمرة المرافق -المكلف من الجمعية بخدمة أعضائها أثناء الحج والعمرة- من نفقات الجمعية جائز شرعًا؟
ثانيًا: هل يجوز للجمعية أن تتحمل نفقات المرافقين جميعًا دون مخالفة شرعية؟
ثالثًا: هل الدعم الذي تقدمه الجمعية لأعضائها جائز شرعًا؟


هل يجوز شرعًا للعاملين بالمستشفى ترك العمل لأداء صلاة القيام -التراويح- في جماعة؟ علمًا بأن هؤلاء العاملين مرتبطون بأداء عمل مباشر، وكذا غير مباشر، في خدمة المرضى، وتركهم العمل يُنْقِصُ في الأغلب الأعمّ من الخدمة المقدمة للمرضى، وقد يلحق الضرر بأحدهم أو بعضهم.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 مايو 2025 م
الفجر
4 :28
الشروق
6 :5
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 38
العشاء
9 :4