سائل يقول: ورد في بعض الأحاديث النبوية الشريفة أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الجلوس والمشي والاتكاء على المقابر. فنرجو منكم بيان الحكمة من هذا النهي الوارد في هذه الأحاديث ومعناه.
نهى الشرع الشريف عن المشي على القبر، أو الجلوس عليه، أو الاتِّكاء؛ احترامًا لحُرمة صاحب القبر، وصونًا لكرامته؛ لأن حرمة الميت كحرمة الحي، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح".
وعن عقبة بن عامر الجُهني رضي الله عنه قال: "لَأَنْ أَمْشِيَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ سَيْفٍ، أَوْ أَخْصِفَ نَعْلِي بِرِجْلِي، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ، وَمَا أُبَالِي أَوَسَطَ الْقُبُورِ قَضَيْتُ حَاجَتِي، أَوْ وَسطَ السُّوقِ" أخرجه ابن ماجه في "السنن".
وعن عمارة -أو عمرو- بن حزم رضي الله عنه، قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالسًا على قبرٍ، وفي رواية: مُتَّكِئٌ عَلَى قَبْرٍ، فقال: «انْزِلْ مِنَ الْقَبْرِ؛ لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ وَلَا يُؤْذِيكَ» أخرجه الإمام أحمد في "المُسند"، والحاكم في "المستدرك".
وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لَيَمْشِي الرَّجُلُ عَلَى الرَّضْفِ حَافِيًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ أَخِيهِ" أخرجه الروياني في "المسند".
وقد اختلف العلماء في معنى النهي الوارد في هذه الأحاديث: فذهب جماعة من السلف؛ كإبراهيم النخعي، ومكحول الهذلي، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وتبعهم جمهور الفقهاء؛ الحنفية والشافعية والحنابلة؛ إلى أنَّ النهي الوارد يفيد الكراهة، وهو على عمومه في معنى المشي والجلوس، فكرهوا المشي على القبور والجلوس عليها؛ لِمَا فيه من التهاون بالميت والاستخفاف بحقه.
بينما حمل بعض الفقهاء -كالمالكية وبعض متأخري الحنفية- النهي على الجلوس لقضاء الحاجة، ورأوا أنَّه حينئذ يفيد التحريم، وأجازوا المرور والجلوس فيما عدا ذلك؛ مستدلين على الجواز بما ورد من جلوس بعض الصحابة؛ كسيدنا علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وأرضاهم؛ قال العلَّامة شرف الدين الطيبي في "الكاشف عن حقائق السنن" (4/ 1407، ط. مصطفى الباز): [وقوله: "أن يقعد عليه" حمله الأكثرون على ما يقتضيه الظاهر من الجلوس والقعود على القبر؛ لِمَا فيه من الاستخفاف بحق أخيه المسلم، وحمله جماعةٌ على الجلوس على القبر لقضاء الحاجة، ونسبوه إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه] اهـ.
وقال الإمام الخطَّابي في "معالم السنن" (1/ 316، ط. المطبعة العلمية): [قلت نهيه عن القعود على القبر يُتأوَّل على وجهين: أحدهما أن يكون ذلك في القعود عليه للحدث، والوجه الآخر: كراهة أن يطأ القبر بشيء من بدنه، وقد رُوي أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم لما رأى رجلًا قد اتكأ على قبرٍ؛ فقال: لا تؤذ صاحب القبر] اهـ. ومما ذُكِر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم عمل الأربعين للميت؟
يوجد لدينا مقابر بمنطقة البساتين، وقد امتلأت هذه المقابر عن آخرها. فهل يجوز بناء دورٍ ثانٍ للمقابر لوضع الجثث الجديدة؟
ما هي السنة في حمل الجنازة إلى المقابر؟ فقد سُئِل بخطاب المحافظة بما صورته: لا يخفى على فضيلتكم أن مدينة القاهرة قد أصبحت مترامية الأطراف، وأن المباني اتسعت فيها اتساعًا كبيرًا؛ بحيث إن الإنسان قد يقضي بضعة ساعات سائرًا على الأقدام لأجل الوصول من جهة إلى أخرى، كذلك لا يخفى على فضيلتكم أن موتى المسلمين ينقلون إلى الجبانات المراد الدفن فيها بطريقة الحمل على الأكتاف، ويسير المشيعون خلف النعش من الجهة التي حصلت فيها الوفاة إلى المدفن، ويتحمل المشيعون في هذا السبيل الكثير من العناء والمتاعب.
أرجو من فضيلتكم التكرم ببيان آداب الجنازة؛ حيث إنَّ بعض الناس ينتظرُ الجنازة عند المقابر، وبعضهم يدخل المقابر ويتركُ الجنازة لقراءة الفاتحة لذويهم الموتى من قبل، وبعض أهالي المُتَوفّين يتركُ الدفن ويُسْرِع لتلقي العزاء، وبعض المسلمين في المدن يشيّعون الجنازة راكبين.
كما أنَّ بعض الأهالي يرفضون صلاة الجنازة بالمساجد، وتقامُ بالشوارع؛ لكثرة المصلين، ويقوم بعض المُشَيِّعين بالاكتفاء بالإشارة بالسلام بدلًا من المصافحة عند كثرة المُشَيِّعين أو مستقبلي العزاء. فما هو الرأي الشرعي في ذلك كله؟
ما هي الكيفية الشرعية لتغسيل الميت؟
ما حكم اتباع النساء الجنائز؟