الأربعاء 10 ديسمبر 2025م – 19 جُمادى الآخرة 1447 هـ

حكم شرب الماء في الطواف أثناء أداء المناسك

تاريخ الفتوى: 23 نوفمبر 2021 م
رقم الفتوى: 8122
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم شرب الماء في الطواف أثناء أداء المناسك

ما حكم شرب الماء أثناء الطواف؛ فرجلٌ أكرمه الله بالعمرة، وأثناء الطواف بالبيت عطش عطشًا شديدًا، فشرب أثناء طوافه، ويسأل: هل شربُه الماءَ حين أصابه العطش أثناء الطواف جائزٌ، ويكونُ طوافُه صحيحًا شرعًا؟

ما قام به الإنسان أثناء طوافه بالبيت الحرام مِن شُرب الماء بعد أن أصابه العطش الشديد -هو أمر جائزٌ شرعًا، وطوافه صحيح، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.

المحتويات

 

فضل الطواف بالبيت الحرام

مِن المقرر شرعًا أنَّ أفضل ما يتقرب به العبد من ربه: الطواف بالبيت، فهو عبادة مِن أهم العبادات وأعظمها، وقُربة مِن أفضل القُربات وأرفعِها، وركن في الحج والعمرة فلا يَصِحَّان إلا به، وهو أكثر المناسك عملًا في الحج والعمرة، وشعيرة يثاب عليها المسلم في جميع حالاته، سواء فعلها على سبيل الوجوب والفرضية، أو على سبيل الندب والتطوع؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيم﴾ [البقرة: 158]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق﴾ [الحج: 29].

وقد وصف النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الطوافَ بالبيت بأنه صلاة؛ لحرمته ومكانته وفضله وعَظَمته، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَلَكِنَّ اللهَ أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ النُّطْقَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: الدَّارِمِي والبَيْهَقِي في "السنن"، وابن حِبَّان في "الصحيح"، وابن الجارود في "المنتقى" -واللفظ له-، والحاكم في "المستدرك" وغيرهم.

وفي رواية عنه أيضًا رَفَعَهَا: «إِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ، إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: التِّرْمِذِي والنَّسَائِي في "السنن"، وابن خُزَيْمَة في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.

حكم شرب الماء أثناء الطواف

الطواف وإن كان ذا شأن عظيم ومكانة عالية حتى وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة أو كالصلاة، إلا أنه يجوز شرب الماء فيه، وقد نقل الإجماعَ على جواز ذلك الإمامُ ابن المُنْذِر، فقال في "الإجماع" (ص: 55، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أنَّ شُرب الماء في الطواف جائزٌ] اهـ.

وقال في "الإشراف" (3/ 279، ط. مكتبة مكة الثقافية): [باب الشراب في الطواف: روينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه شَرِبَ ماءً في الطواف، ورَخَّص في الشُّرب في الطواف عطاءٌ، وطاوس، وأحمد، وإسحاق، ولا أعلم أحدًا مَنَعَ منه الطائفَ، وبه نَقول] اهـ.

آراء المذاهب الفقهية الأربعة في حكم شرب الماء أثناء الطواف

الفقهاء وإن أجمعوا على جواز شرب الماء أثناء الطواف لمن أصابه الظَّمَأُ، إلا أنَّ بعضَهم كَرِهَهُ لغير حاجةٍ أو ظَمَأٍ، كالمالكية والشافعية، فإن كان ظمأ فلا بأس به ولا يُكره حينئذ، وأما الحنفية والحنابلة فقد أباحوه مُطلقًا.

قال الإمام السِّنْدِي الحنفي في "لباب المناسك" (ص: 118، ط. دار قرطبة): [فصل في مباحاته: الكلام، والسلام، والإفتاء، والاستفتاء، والخروج منه لحاجته، والشرب] اهـ.

وقال الإمام ابن عَابِدِين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 497، ط. دار الفكر) في بيان أحكام الطواف والسعي: [والمصرح به في "اللباب" كراهةُ البيع فيهما، وكراهةُ الأكل في الطواف لا السعي، ومثل البيع الشراء، وعُدَّ الشُّرب فيهما مِن المباحات] اهـ.

وقال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 68، ط. دار الفكر): [قال ابن فَرْحون إثر قول ابن الحاجب: مِن واجبات الطواف شروطُ الصلاة إلا الكلام: مقتضاه: أنه لا يجوز أن يشرب فيه؛ لأنه لم يُستثن من شروط الصلاة إلا الكلام، وقد أجازوه إذا اضطر إلى ذلك. انتهى. ومفهومه: أنه لا يجوز إذا لم يضطر إلى ذلك، وليس كذلك، قال في "الجلاب": ولا يتحدث مع أحد في طوافه، ولا يأكل، ولا يشرب في أضعافه، قال التلمساني في أثناء شرحه: ويكره أن يشرب الماء إلا أن يضطره العطش، فحمل قوله: "لا يشرب" على الكراهة] اهـ.

وقال أيضًا (3/ 76): [وقال مالك في "المَوَّازِيَّة": لا بأس بشرب الماء في الطواف لمن يصيبه ظمأ] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 46، ط. دار الفكر): [قال الشافعي: لا بأس بشرب الماء في الطواف، ولا أكرهه بمعنى المأثم، لكني أُحب تَرْكَهُ؛ لأن تَرْكَهُ أحسَنُ في الأدب] اهـ.

وقال أيضًا (8/ 60): [ذكرنا أن مذهبنا أن الشرب في الطواف مكروهٌ أو خلافُ الأَوْلَى، فإن خالَف وشَرب لَم يبطل طوافه، وقال ابن المنذر: رَخَّص فيه طاوس وعطاء وأحمد وإسحاق، وبه أقول، قال: ولا أَعلم أنَّ أحدًا مَنَعَهُ] اهـ.

ووجه كونه مكروهًا أو خلاف الأَوْلَى: أنه ينبغي على الطائف أن يكون في طوافه خاشعًا متخشعًا، حاضر القلب، ملازم الأدب بظاهره وباطنه في هيئته وحركته ونظره؛ لأن الطواف يشبه الصلاة في حسن الأدب والخشوع والخضوع إلى رب العزة سبحانه وتعالى، ومِن ثَمَّ فالأَوْلَى للطائف أن يتأدبَ بآدابها، ويستشعرَ بقلبه عَظَمة مَن يطوف ببيته جَلَّ وَعَلَا. ينظر: "المجموع" للإمام النووي (8/ 46).

وقال الإمام أبو يعقوب الكَوْسَج في "مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه" (5/ 3309-3310، ط. عمادة البحث العلمي- الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة): [قلتُ: الشرب في الطواف؟ قال أحمد: لا بأس به.. عن طاوس قال: لا بأس بالشرب في الطواف، قال إسحاق كما قال في المسألة] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (3/ 343، ط. مكتبة القاهرة): [ولا بأس بالشرب في الطواف؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شَرب في الطواف، رواه ابن المنذر، وقال: لا أَعلم أحدًا مَنَعَ منه] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ ما قام به الرجلُ المذكورُ في أثناء طوافه بالبيت الحرام مِن شُرب الماء بعد أن أصابه العطش الشديد -هو أمر جائزٌ شرعًا، وطوافه صحيح، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج، كما سبق بيانه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم كشف الكتف الأيمن في أثناء الإحرام؟ وهل هو فرض أو سُنَّة؟ وماذا لو تركه المُحرم؟ وهل يُشرع فعله للنساء المُحْرِمات؟


ما حكم الحج والعمرة لمن يقوم بمساعدة غيره في أداء المناسك؟ فوالدتي سيدة كبيرة ولا تستطيع الحركة بمفردها، ولذلك سأكون معها بالكرسي المتحرك في الطواف والسعي، هل مناسك العمرة والحج بالنسبة لي تكون صحيحة أو أنه لا بد أن أساعد والدتي أولًا حتى تنتهي هي من طوافها وسعيها ثم أؤدي المناسك الخاصة بي؟


ما حكم من أحرم بالحج ثم مات بعد الوقوف بعرفة؟ فقد توفي أحد الحُجَّاج أثناء أدائه حَجَّةَ الفريضة، وذلك بعد الوقوف بعرفة وقبل إكمال باقي أعمال الحج، ولا يستطيع ذَوُوه أن يُكمِلوا الحَجَّ عنه، فما حُكمُه؟ وهل يجب عليهم في تركته شيءٌ؟


ما حكم ما تم دفعه من ثمن الأضحية التي ماتت قبل استلامها من البائع؟ فقد اشتريت بهيمة للأضحية من أحد تجار المواشي وعاينتُها، ودفعتُ أكثر ثمنها بناءً على وزنها مبدئيًّا وقت المعاينة، مع الاتفاق على أنها في ضمان البائع حتى موعد تسليمها المتفق عليه بيننا وهو يوم العيد؛ حيث يتم الوزن حينئذ ودفع باقي الثمن الذي يتحدد بناءً على هذا الوزن النهائي، وتراضينا على ذلك، وبعد يومين ماتت هذه البهيمة، وأرجع لي التاجر المبلغ الذي كنت قد دفعته له. وسؤالي حتى لا أقع في الإثم: هل يجب عليَّ شيءٌ تجاه البائع؟ وهل يحصل لي ثواب الأضحية في هذه الحالة؟


هناك بعض المناسك في الحج يبدأ وقتها بنصف الليل، فكيف يتم حساب منتصف الليل في الحج حتى تقع أعمال المناسك صحيحة؟


ما حكم تعيين نية الطواف في الحج؟ فرجلٌ يقول: والدتي امرأةٌ مُسِنَّةٌ، وقد أكرمها اللهُ تعالى بالحج هذا العام، وبعد عودتها سألتُها عن المناسك وكيف أدت الحج؟ فقالت: إنها كانت تفعل مثل ما يفعل غيرها، متبعة إرشادات مسؤول فَوْج الحجيج معهم، وطافت للقدوم والإفاضة والوداع مِن غير تعيين النية في كلٍّ منها. فهل يقبل منها ذلك أو كانت تحتاج إلى تعيين النية لكلِّ طواف قبل أدائه؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 10 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :8
الشروق
6 :40
الظهر
11 : 48
العصر
2:37
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :18