ما حكم زكاة العملات المجموعة على سبيل الهواية؟ فأنا لدي هواية جمع العملات والأوراق المالية القديمة، وأنا أحتفظ بها أكثر من أربع سنوات، وسمعت أنه يجب أن أقوم بدفع الزكاة عنها، فهل عليَّ فيها زكاة؟ وإذا وجب، فما الموقف من السنين السابقة؟
إن كان الاقتناء للعملات القديمة -التي بطل التعامل بها بين الناس وقد زال عنها وصف الثمنية، وصارت في حكم السِّلع- بقصد الاحتفاظ بها وتجميعها لمجرد الجمع فلا يجب فيها زكاة، أما إن كان الاقتناء لها بقصد المتاجرة فيها والتربح من خلالها، فيجب فيها حينئذٍ زكاة عروض التجارة إذا تحققت شروطها من بلوغ النصاب وحولان الحول، ويُراعى في ذلك كلِّه القوانين المنظمة لتَمَلُّك وتداول العملات القديمة.
المحتويات
العملات المالية وسيلة من وسائل التبادل بين الناس في البيع والشراء، وهي إما ورقية مطبوعة، وإما معدنية تُضرب عادة من غير الذهب والفضة، وتُشتهر باسم الفلوس، ويُشترط لاعتبارها أثمانًا تجري عليها المعاملات والأحكام الشرعية اصطلاحُ الناس وتعارفهم عليها، ورواجها فيما بينهم على ذلك، مع كونها صادرة من الجهة المختصة، ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني (5/ 236، ط. دار الكتب العلمية)، و"تبيين الحقائق" للإمام الزيلعي (3/ 316، ط. الأميرية).
ومن المقرر شرعًا وعملًا أنَّ بيان ما يَقْبَل التداول من النقود وإصدار العملات هو حقٌّ خالصٌ لولي الأمر أو مَن يقوم مقامه من المؤسسات النقدية، بل إنها من أخَصِّ وظائفِ الدولة حتى تكون معلومةَ المصْرفِ والمعيارِ، حيث قال الوزير نظام الملك أبو علي الحسن الطوسي الشافعي في "سير الملوك" (ص 233، ط. دار الثقافة): [ضَرْب السَّكَّة لم يكن لغير الملوك في كلِّ الأعصار] اهـ.
وهذا الذي استوعبه الفقهاءُ من الشَّرع الشريف وطبَّقوه في فتاويهم وأحكامهم هو عينُ ما انتهى إليه التنظيمُ القانوني والاقتصادي للدول الحديثة؛ حيث عمدت القوانين إلى إعطاء سلطة إصدار النقد وبيان ما يُقبل منه في التداول والتعامل بين مواطنيها ورعاياها تحت اختصاصات البنوك المركزية وتصرفاتها، وفق ضوابطَ مُحْكَمةٍ ومُشدَّدة من: طبْعها في مطابعَ حكوميةٍ، واستخدامِ ورق وحبر ورسومات مخصوصة، وفحصها لمعرفة التالف منها، ورقْمِها بأرقام مُسَلْسَلة.
ومن ثَمَّ، فإذا أوقفت الدولة التعامل بعملة من العملات في صورتها المعدنية أو الورقية، كما هو الحاصل في الصاغ والمليم من العملات المصرية -فقد ارتفع عن هذه العملات في هذه الحالة ما كانت تمثله من قيمة مالية لزوال الاصطلاح الذي أضفى عليها هذا المعنى وهذه الثمنية، وأصبحت حينئذٍ لا تُعَبِّر إلا عن حقيقتها الفعلية سواء أكانت ورقًا منقوشًا أو معدنًا موزونًا، وليست ثمنًا أو مالًا تجري عليه الأحكام الشرعية، أي: أن هذه العملات بوقف قبولها وتداولها لم تَعُد من المال المثلي الذي تجري العادة باستعماله في التبادل، فصارت بذلك في حكم السلع، فيجري عليها أحكام الاقتناء أو سائر التصرفات كالهدية أو البيع أو الشراء.
قال العلامة ابن مَازَه الحنفي في "المحيط البرهاني" (6/ 304، ط. دار الكتب العلمية): [العقد في جانب الفلوس تعلق بها من حيث إنها ثمن باعتبار العدد، وبالكساد بطلت الثمينة باعتبار العدد، فإنه بعد الكساد يباع وزنًا لا عددًا، وقولنا بلا خلاف انتباه إلى أن بعد الكساد وإن كانت تباع وزنًا، والموزون يصلح ثمنًا؛ لأن الثمنية من حيث الوزن لم تحدث بالكساد حتى يجعل حلها عن الثمنية من حيث العدد، وإنما زالت الثمنية من حيث الوزن بالاصطلاح على الثمنية من حيث العدد، فإذا زالت بالاصطلاح على العدد عادت الثمنية باعتبار الوزن الذي كان في الأصل بسبب الكساد] اهـ.
الحكم الشرعي في مدى وجوب الزكاة في العملات القديمة التي وَقَفَ التعامل بها يتفرع بحسب مقصود المكلف من التعامل:
فإن كان الجَمْع لهذه العملات لمجرد الرغبة في الاقتناء، فلا تجب فيها الزكاة مهما بلغت قيمتها أو ثمنها؛ لأنها غير مرصودة للنماء؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ» متفقٌ عليه، و"هذا الحديث أصلٌ في أنَّ أموال الْقِنْيَةِ لا زكاة فيها" كما قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (7/ 55، ط. دار إحياء التراث العربي).
قال الإمام ابن رشد المالكي في "المقدمات الممهدات" (1/ 284، ط. دار الغرب الإسلامي): [الأموال في الزكاة تنقسم على ثلاثة أقسام... وقسم ثان: الأغلب منه إنما يراد للاقتناء، لا لطلب الفضل والنماء.. فلا زكاة عليه فيه] اهـ، فظهر منه أنَّ انتفاء تنمية الأموال بسبب القنية هو العِلة في عدم طلب الزكاة في هذه الأموال، كما أفاده العلامة الزُّرْقاني في "شرحه على الموطأ" (2/ 157، ط. مكتبة الثقافة العربية). أما إن كان مقصود المكلف من جمع هذه العملات هو المتاجرة فيها والتربح منها، فتجب فيها الزكاة؛ لاندراجها -والحالة هذه- تحت أحكام عروض التجارة؛ لأنه أرصدها للنماء والربح، فعن سَمُرَةَ بن جندب رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا أن نُخرِج الصدقةَ مِمَّا نُعِدُّ للبيع" رواه الإمام أبو داود في "سننه".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "لَيْسَ فِي الْعُرُوضِ زَكَاةٌ إِلَّا فِي عَرْضٍ فِي تِجَارَةٍ فَإِنَّ فِيهِ زَكَاةً" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، والبيهقي في "السنن".
وهو ما تواردت عليه نصوص جمهور الفقهاء:
قال العلَّامة أبو محمد بن شاس المالكي في "عقد الجواهر الثمينة" (3/ 901، ط. دار الغرب الإسلامي): [التجارة هي الاسترباح بالبيع والشراء، لا بالحرفة والصناعة] اهـ.
وقال الإمام الغزالي الشافعي في "الوسيط" (2/ 475، ط. دار السلام): [كما أن أموال القنية التي يرتبط بأعيانها غرض، إذا عزم على ترك استعمالها بإرصادها للتجارة وجبت الزكاة، وهذا مذهب عائشة وابن عمر، والجديد من قولي الشافعي رضي الله عنه] اهـ.
وقال العلَّامة الحَجَّاوي الحنبلي في "الإقناع" (1/ 275، ط. دار المعرفة) في تعريف عروض التجارة: [وهي ما يُعَدُّ لبيعٍ وشراءٍ لأجل ربحٍ، غير النقدين غالبًا] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ العملات القديمة التي بطل التعامل بها بين الناس قد زال عنها وصف الثمنية، وصارت في حكم السِّلع، فإن كان اقتناؤك لها بقصد الاحتفاظ بها وتجميعها لمجرد الجمع فلا يجب عليك فيها زكاة، أما إن كان اقتناؤك لها بقصد المتاجرة فيها والتربح من خلالها، فيجب عليك فيها حينئذٍ زكاة عروض التجارة إذا تحققت شروطها من بلوغ النصاب وحولان الحول، ويُراعى في ذلك كلِّه القوانين المنظمة لتَمَلُّك وتداول العملات القديمة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم دفع الزكاة لجمعية تقوم بصرفها في إطعام الطعام والتأهيل العلمي والرد على الشبهات؟ فهناك جمعية رائدة في العمل الخيري ومنفردة في مجال الرد على الشبهات المثارة حول الإعجاز العلمي والطبي في القرآن والسُّنة النبوية المطهرة.
فضلًا عن مساهمتها في تعليم ودراسة القرآن الكريم وعمل المؤتمرات العلمية والدورات التثقيفية للدعوة إلى دِين الله تعالى ببيان مظاهر الإعجاز الرباني والنبوي، وإعداد باحثين في الإعجاز العلمي.
كما تقوم بعمل وجبات إطعام للفقراء في القُرى طول العام، وغيرها من أنشطة الجمعية التي تساهم في الدعوة إلى دِين الله تعالى.
فهل يجوز الإنفاق على أنشطة الجمعية من أموال الزكاة تحت بند (في سبيل الله)؟ علمًا بأن هذه الخدمات تقدم بالمجان.
زوجتي تعمل بإحدى الدول العربية وتقوم بادخار نقودها بغرض استكمال ما يمكننا من دفع مقدم لإيجار شقة أكبر من التي نقيم فيها، فهل تجب الزكاة في هذا المال المدخر؟ وهل يجوز لي إخراج الزكاة نيابة عنها؟ وهل يجوز لي دفع الزكاة لأختي المريضة الفقيرة؟
لديَّ مصنع صغير يُصَنِّعْ بعض المنتجات، فهل يمكن إعطاء بعض هذه المنتجات للباعة المستحقين مقابل زكاة المال كلها أو بعضها؛ حيث إنهم سيبيعونها وينتفعون بثمنها، فكأننا بعناها وأعطيناهم الثمن؟ وفي حالة جواز ذلك شرعًا هل نعطيها لهم بقيمتها التجارية أو بالقيمة التي سيأخذها بها منهم المستهلك؟
سائل يقول: زوجتي تمتلك ذهبًا كثيرًا للزينة، وكأي امرأة تقوم ببيع بعضه إذا احتاجت. فهل على هذا الذهب زكاة؟ وما مقدارها إن كان؟
لقد يسرنا الله تعالى لإنشاء جمعية خيرية، ونشاطها الأساس يهدف إلى إعداد حَمَلة القرآن ليكونوا صالحين كقدوة لغيرهم في أخلاقهم وشخصيتهم، حيث نعد لهم برامج تدريبية متخصصة بطريقة عملية لننمي فيهم حفظ القرآن والتخلُّق بالأخلاق الحميدة وتمسكهم برسول الله كقدوة، مع الاتفاق مع المراكز المتخصصة في التنمية البشرية لتنمية المهارات السلوكية ومهارات التفكير لهم، وذلك لبناء شخصيتهم متعددة المواهب، واكتشاف مواهبهم وتنميتها وتأصيل انتمائهم لأجدادهم المسلمين. والسؤال: هل يجوز أن نصرف أموال الزكاة على هذه البرامج حيث إنها تحتاج لدعم مالي ضخم يصل إلى ألف وخمسمائة جنيه شهريًّا للطفل الواحد، أمكن تخفيضها لتصل إلى ثلاثمائة وثمانين جنيهًا شهريًّا عن طريق الاعتماد على المتطوعين؟ وهل يجوز أن نصرف هذه الأموال على تعليمهم الحِرَف والمهارات اليدوية؟ حيث إنها تنمِّي الفصَّ الأيمن من المخ، وتعلمهم معنى الاعتماد على النفس، وتعلمهم معنى الكسب من عمل اليد، وتوجِّه طاقتهم، وهل يجوز أن نصرف منها على تعليمهم الرياضة البدنية لتنمية أجسامهم؟ وهل يجوز أن نصرف منها على إيجارات أو تمليك مقر لتعليم القرآن وإعداد حمَلة القرآن؟ أرجو من سيادتكم بيان الحكم الشرعي.
هل يجوز إرسال زكاة الفطر إلى محافظة أخرى أو بلد آخر غير مكان إقامة المزكي؟