ما حكم التعاقد على شراء المحاصيل من الفلاحين قبل الحصاد؟ فهناك رجلٌ يعمل تاجرًا للحبوب (من نحو القمح والأرز وغيرهما)، ويتعامل معه الفلاحون على محاصيلهم قبل الحصاد بشهرين أو ثلاثة، بحيث يتفق معهم على شراء كمية محددة من المحاصيل ويعطيهم المال في مقابل تسلم الكميات المتعاقد عليها بعد ذلك، ويسأل: ما حكم هذه المعاملة شرعًا؟
شراء التاجر محاصيلَ الحبوب مِن نحو القمح أو الأرز أو غيرهما مِن الفلاحين قبل حصادها بشهرين أو ثلاثة، هو عبارةٌ عن عقد بيعٍ على موصوفٍ في الذِّمَّةِ بثمن عاجلٍ، وهو ما يعرف بـ"بيع السلم"، وهو جائز شرعًا ولا حرج فيه متى توافرت شروطُه، مِن بيان كمية المَبِيع ونَوْعه وصِفَتِه ومقداره ووقتِ التسليم ومكانِه والثمن المقبوض وكلِّ ما مِن شأنه أن يَرفع الجهالة ويَمنع النزاع بين البائع والمشتري، مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.
المحتويات
الأصل في عقد البيع أن يكون المبيع مملوكًا للبائع وحاضرًا وقت التعاقد عليه؛ وذلك لما رواه أصحاب "السُّنَنِ" عن حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي، أَفَأَبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ».
إلا أنَّ الشرع الشريف قد استثنى من هذا العموم بعضَ أنواع البيوع التي يَصِحُّ فيها بيع المعدومات -كما في مسألتنا-، والتي تعرف ببيع "السَّلَمِ أو السَّلَفِ"، وهو عبارةٌ عن "عقدٍ على موصوفٍ في الذِّمَّةِ ببدلٍ يُعطَى عاجلًا"، كما عَرَّفَهُ الإمام النَّوَوِي في "روضة الطالبين" (4/ 3، ط. المكتب الإسلامي).
والأصل في مشروعية هذا النوع من البيوع: الكتاب، والسُّنَّة، وإجماع الأُمَّة.
فمِن الكتاب العزيز قولُ الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: 282].
قال الإمام شمس الدين أبو عبد الله القُرْطُبِي في "الجامع لأحكام القرآن" (3/ 377، ط. دار الكتب المصرية) عند تفسير هذه الآية: [قال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: هذه الآيةُ نزلت في السَّلَمِ خاصَّة] اهـ.
ومِن السُّنَّة المطهرة ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وقد نقل الإجماعَ على جوازه غيرُ واحدٍ من الأئمة، وممن نص على ذلك الإمامُ ابن المُنْذِر في "الإشراف" (6/ 101، ط. مكتبة مكة الثقافية)، ولا يُعرف مخالِفٌ لهذا الإجماع إلا ما جاء عن التابعي الجليل سعيد بن المُسَيِّب رضي الله عنه، كما في "فتح الباري" للحافظ ابن حَجَر العَسْقَلَانِي (4/ 428، ط. المكتبة السلفية).
الحكمة مِن مشروعية هذا البيع على خلاف الأصل هي دفعُ حاجة الناس بتوفير رأس المال المطلوب للنفقة على الأعمال وأصحابها، ولهذا سُمِّي بـ"بيع المَفَالِيس".
قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (4/ 207، ط. مكتبة القاهرة) في بيان الحكمة مِن مشروعية السَّلَم: [لأنَّ بالنَّاس حاجةً إليه؛ لأنَّ أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النَّفَقَةِ على أنْفُسهم وعليها لِتَكْمُلَ، وقد تُعْوِزُهُم النَّفَقَةُ، فَجُوِّزَ لهم السَّلَمُ ليَرْتَفِقُوا، ويرتفق المُسْلِمُ بالاسْتِرْخَاصِ] اهـ.
وقد اتفق الفقهاء على أنه يُشترط لصحة بيع السلم عدةُ شروط، وهي معرفة جنس الشيء المُسْلَمِ فيه (المبيع)، وبيان صفته، وقَدْره، والأَجَل المضروب له، ومعرفة ثمنه وتسليمه في مجلس العقد، وتعيين مكان التسليم إذا كان المبيع مما له حملٌ ومؤونة، كلُّ ذلك بما يَرفع الجهالة ويَمنع وقوع النزاع، فمتى توافرت هذه الشروط في هذا البيع كان صحيحًا وجائزًا شرعًا ولا حرج فيه.
وقد نقل الإجماعَ على ذلك الإمامُ ابن المُنْذِر، فقال في "الإشراف" (6/ 101-102، ط. مكتبة مكة الثقافية): [وأجمَعَ كلُّ مَن نَحفظ عنه مِن أهل العلم على أنَّ السَّلَمَ الجائزَ أنْ يُسْلِمَ الرجلُ على صاحبه في طعامٍ معلومٍ موصوفٍ مِن طعامِ أرضٍ عامَّةٍ لا يُخطئُ مثلها، بكيلٍ معلومٍ أو وزنٍ معلومٍ إلى أَجَلٍ معلومٍ دنانير أو دراهم معلومة، يدفع ثمن ما أّسْلَمَ فيه قبل أنْ يَتَفَرَّقَا مِن مقامهما الذي تَبَايَعَا فيه، ويُسَمَّى المكانُ الذي يُقبض فيه الطعام، فإذا فَعَلَا ذلك وكَانَا جَائِزَيِ الأمر، كان سَلَمًا صحيحًا، لا أَعلم أحدًا مِن أهل العلم يُبْطِلُهُ] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن شراء التاجر المذكور محاصيلَ الحبوب مِن نحو القمح أو الأرز أو غيرهما مِن الفلاحين قبل حصادها بشهرين أو ثلاثة، هو عبارةٌ عن عقد بيعٍ على موصوفٍ في الذِّمَّةِ بثمن عاجلٍ، وهو ما يعرف بـ"بيع السلم"، وهو جائز شرعًا ولا حرج فيه متى توافرت شروطُه، مِن بيان كمية المَبِيع ونَوْعه وصِفَتِه ومقداره ووقتِ التسليم ومكانِه والثمن المقبوض وكلِّ ما مِن شأنه أن يَرفع الجهالة ويَمنع النزاع بين البائع والمشتري، مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم بيع المال المشاع من دون إذن باقي الشركاء؟ فقد اشترى مجموعةٌ من الأفراد ماكينة رَيٍّ على المشاع لِسَقْيِ المحاصيل الزراعية، وبعد فترة بَاعَها أحدُ الشركاء بدون إذن الآخَرين، فما حكم هذا البيع شرعًا؟
ما حكم استغلال بعض المتعافين حاجة المرضى بطلب مقابل مادي لإعطاء البلازما المستخلصة من دمه في ظل انتشار هذا الوباء الذي يهدد أمن البشرية واستقرارها؟
ما حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها؟ حيث تقوم شركة متخصصة بتصميم المنصات الإلكترونية بعمل منصة تجارة إلكترونية مخصصة لعرض المنتجات وبيعها لإحدى الشركات التي أطلقت سوقًا إلكترونيًّا خاصًّا بها، مع الاتفاق على التزام الشركة بتقديم التكنولوجيا اللازمة لتطوير وتشغيل المنصة كما يتراءى للعميل، ولا يتعدى دور الشركة القيام بالجانب التقني، المتضمن: تصميم البنية البرمجية، وواجهة الاستخدام، وأدوات إدارة المحتوى، ونظام المعاملات الإلكترونية، ثم عمل التطوير والتعديل البرمجي اللازم لاحقًا بحسب ما يتراءى للعميل، من دون علم منها بطبيعة هذه المنتجات.
وهذه المنصة لا يعدو دورُها دورَ الواجهة التي يعرض عليها آلاف البائعين منتجاتهم وبضائعهم، وقد وُجد أن عددًا قليلًا منهم يعرض على القسم الخاص به من المنصة منتجات محرَّمة، وليس لشركة البرمجيات أي سلطة على اختيار المنتجات المعروضة أو إدارتها، أو أي مشاركة في عمليات الشحن والتخزين ونحوها، ولا يتعدَّى دورُها تطويرَ البرمجيات بشكل مستمر بناءً على طلب العميل، وتسليمها في مواعيدها المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهل هناك أي مخالفة شرعية فيما تقوم به الشركة من أعمال في هذا الخصوص؟
ما حكم المشاركة المتناقصة بحيث يبيع الشريك حصته لشريكه شيئا فشيئا؟ فقد تشاركت أنا وصديقي واشترينا محلًّا تجاريًّا، وقسَّمناه إلى 10 أسهم (بلاطات)، أنا اشتركتُ بسبعة أسهم، وصديقي بالثلاثة الباقية، ثم اتفقنا على أن يبيع لي نصيبَه المذكور في المحل سهمًا فسهمًا بثمن معلوم على ثلاثة مواسم معلومة، على أن يتم سدادُ ثمنِ كلِّ سهمٍ عند إتمام بيعه، وتم توثيق ذلك بيننا وتحديد مواعيد السداد، وأنا قد اشتريتُ محلًّا آخر بالتقسيط ورتبتُ مواعيد الأقساط على مواعيد سداد المبالغ المستحقة لي لدي شريكي.
يشتري شخصٌ أشياءَ متنوعةً فيبيعها في بلدٍ آخر، فهل له حدٌّ لا يتعداه في كسب الأرباح، أم له البيع كيفما تطاوعه نفسُه طمعًا في استرجاع مؤنِ الرحلة ما دام المشتري راضيًا بذلك؟
السؤال عن اشتراط قبض الثمن عند مبادلة الذهب القديم أو الكسر بالذهب الجديد؛ هل يشترط قبض ثمن الذهب القديم أولًا بحيث يبيع التاجر الذهب القديم ويقبض ثمنه في يده ثم يشتري بعد ذلك الذهب الجديد ويدفع ثمنه؟ أم أن ذلك لا يشترط؟