حكم إصدار شهادة أمان المصريين

تاريخ الفتوى: 15 مارس 2018 م
رقم الفتوى: 4264
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
حكم إصدار شهادة أمان المصريين

ما حكم الشرع في الشهادات المعروفة باسم "شهادة أمان المصريين" للتأمين على العمالة المؤقتة والموسمية وغيرهم من المواطنين؟ ومرفق بالطلب نموذج لهذا النوع من الشهادات من أحد البنوك الوطنية التي تُصْدِر هذه الشهادات.

لا مانعَ شرعًا من شراء "شهادة أمان المصريين"، ولا تُعَدُّ أرباح هذه الشهادات من قبيل الربا؛ لأنَّها ليست فوائد قروض، وإنما هي عبارةٌ عن أرباحٍ ناتجةٍ عن عقودٍ استثماريةٍ تحقق مصالح أطرافها. ولا مانع أيضًا من ارتباط الشهادة بوثيقة تأمينٍ جماعيٍّ؛ فإنَّ التأمين بكل أنواعه أصبح ضرورةً اجتماعيةً تُحتِّمها ظروف الحياة ويَصْعُبُ الاستغناء عنه؛ لوجود الكَمِّ الهائل من العُمَّال في المصانع والشركات الاقتصادية العامة والخاصة وفي غير ذلك من الأعمال، وليس المقصود من التأمين هو الربح أو الكسب غير المشروع، وإنما هو التكافل والتضامن والتعاون في رفع ما يصيب الأفراد من أضرار الحوادث والكوارث، وليس التأمين ضريبةً تُحَصَّل بالقوة، وإنما هو تكاتفٌ وتعاونٌ على البر والإيثار المأمور بهما في الإسلام. كما أنه يجوز شرعًا أخذ الجائزة على الشهادة لمن توافقه قرعة السحب.

المحتويات

 

مفهوم شهادة أمان المصريين وبيان خصائصها

"شهادة أمان المصريين" هي نوعٌ من الأوراق المالية التي تصدر تحت إشراف البنك المركزي كوعاءٍ ادخاريٍّ لحساب الأفراد الطبيعيين من العمالة الموسمية والمؤقتة واليومية والمرأة المَعِيلة وغيرهم من المواطنين، أي أن البنوك المشترِكة في إصدارها تكون وسيطًا بين الأشخاص والدولة من أجل توفير نوعٍ من الضمان والحماية لهؤلاء وأُسَرِهم من خلال جَني العائد أو التأمين المترتب على الاشتراك فيها كما سيأتي بيانه.

وتتميز هذه الشهادة بأنها لمدة ثلاث سنواتٍ وتتجدد تلقائيًّا، بالإضافة إلى ارتباطها بوثيقةِ تأمينٍ توفر تغطيةً تأمينيةً بمنحةٍ أو معاشٍ لمدةٍ محددةٍ يستحقها ورثة صاحب الشهادة أو مَن يعيِّنهم إذا توفي دون بلوغ سِنِّ الستين عامًا، ويُسَدَّد قسطُ هذا التأمين من أرباح الشهادة لا من أصل قيمتها عند إصدارها.
والهدف من إصدارها كما قرَّره الخبراء والاقتصاديون: هو دعم الوعي الادخاري لدى قطاعٍ عريضٍ من الناس؛ كالمرأة المعيلة والعمَّال في مجالات المهن الخَطِرة والمقاولات والزراعة والحِرَف اليدوية.. ومَن يمكن أن يندرج معهم من أصحاب الدخول غير الثابتة، بما يضمن لهم ولأسرهم موارد ماليةً مستقرةً وآمنةً ضد المخاطر المستقبلية.
كما أنها تساعد وبشكلٍ كبيرٍ في تمويل خطة التنمية في الدولة وتدعم مبادرة البنك المركزي للشمول المالي؛ مما يقلل من مشكلة التضخم المالي في الدولة، ويُجنِّب مشكلاتِ إصدارِ البنكنوت وزيادة كمية المعروض منه في المجتمع وما يترتب عليه من زيادةٍ في الأسعار وظلمٍ بَيِّنٍ لمحدودي الدخل. وتساعد أيضًا في تقوية الاقتصاد المصري في منظومةٍ تنهض بالمجتمع -خاصةً هذه الطبقات الكادحة-، وتعزز أسباب التكافل والتعاون فيه، وتُقلِّل مِن نسبة البطالة.

التكييف الفقهي لإصدار شهادة أمان المصريين وبيان حكمها

تحليل هذه المعاملة يُظهِرُ أنها تشتمل على عملياتٍ ثلاث:
العمليَّة الأولى: فتح وعاء ادخاري بين العميل من جهةٍ والبنك من جهةٍ أخرى:
وتكييف هذه العمليَّة بإجراءاتها المختلفة هو أنها من قبيل العقود المستحدثة والحكمُ فيها الحِلُّ إذا حققت مصالح أطرافها ولم تشتمل على ما حُرِّم شرعًا إذا خَلَتْ من الغرر والضرر، ولا علاقة لها بالربا، وهذا ما استقرت عليه الفتوى في الديار المصرية، وهو ما جرى عليه قانون البنوك المصري رقم 88 لسنة 2003م، ولائحته التنفيذية الصادرة عام 2004م، فليست الأرباح حرامًا؛ لأنها ليست فوائد قروضٍ، وإنما هي عبارةٌ عن أرباحٍ ناتجةٍ عن عقودٍ استثماريةٍ تحقق مصالح أطرافها، ولذلك يجوز التعامل مع البنوك، وأخذ فوائدها شرعًا، والإنفاق منها في جميع وجوه النفقة الجائزة من غير حرج.
العمليَّة الثانية: وثيقة التأمين:
وتكييفها هو تكييف التأمين الذي هو من المعاملات المستحدثة التي لم يرد بشأنها نصٌّ شرعي بالحِلِّ أو بالحرمة -شأنه في ذلك شأن معاملات البنوك- فقد خضع التعامل به لاجتهادات العلماء وأبحاثهم المستنبطة من بعض النصوص في عمومها؛ كقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]، وكقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» رواه البخاري، إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة الواردة في هذا الباب.
والتأمين بكل أنواعه أصبح ضرورةً اجتماعيةً تُحتِّمها ظروف الحياة ويَصْعُبُ الاستغناء عنه؛ لوجود الكَمِّ الهائل من العُمَّال في المصانع والشركات الاقتصادية العامة والخاصة وفي غير ذلك من الأعمال، وليس المقصود من التأمين هو الربح أو الكسب غير المشروع، وإنما هو التكافل والتضامن والتعاون في رفع ما يصيب الأفراد من أضرار الحوادث والكوارث، وليس التأمين ضريبةً تُحَصَّل بالقوة، وإنما هو تكاتُفٌ وتعاوُنٌ على البر والإيثار المأمور بهما في الإسلام.
و"شهادة أمان المصريين" تَدْخُل تحت التأمين الاجتماعي: وهو تأمينُ مَن يعتمدون في حياتهم على كسب عملهم غير الثابت من الأخطار التي يتعرضون لها، ويقوم على أساس فكرة التكافل الاجتماعي تحت إشراف الدولة.
وهذا النوع من التأمين يكاد الإجماع أن يكون مُنْعِقدًا على أنه موافقٌ لمبادئ الشريعة الإسلامية؛ لكونه تبرعًا في الأصل، وتعاونًا على البر والتقوى، وتحقيقًا لمبدأ التكافل الاجتماعي والتعاون بين المسلمين دون قصدٍ للربح، ولا تُفسده الجهالةُ ولا الغرر، ولا تعتبر زيادة مبلغ التأمين فيه عن الاشتراكات المدفوعة ربًا؛ لأن هذه الأقساط ليست في مقابل الأجل، وإنما هي تبرعٌ لتعويض أضرار الخطر.
ويُدَلِّل على جوازه أيضًا ما يلي:
أَوَّلًا: قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]؛ فهذا أمرٌ من الله عزّ وجلّ بالوفاء بالعقود، وهو عامٌّ يشمل جميع أنواع العقود إلا ما نهى عنه الشارع، ويدخل في هذا العموم عقدُ التأمين.
ثانيًا: ما رواه الإمام أحمد من حديث عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ الضَّمْرِيِّ رضي الله عنه قال: شهدتُ خُطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنًى، وكان فيما خطب: «وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ»؛ فنهى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن أخذ مال الغير بالباطل إلا أن يُعْطِيَه بمحض اختياره وطيب نفسٍ منه، وهكذا هو التأمين؛ ففيه يتراضى الطَّرَفان على أخذ المال على وجهٍ مُعيَّن؛ فيكون حلالًا.
ثالثًا: أَنَّ التأمين -وهو تبرعٌ من المُؤَمَّن عليه؛ حيث يتبرع بالقسط المدفوع، وتبرعٌ من جهةٍ أخرى من شركة التأمين؛ حيث تتبرع بقيمة التأمين وذلك على سبيل توزيع المخاطر والتعاون على حمل المبتلى- لا يشتمل على منهيٍّ عنه شرعًا؛ لأنه عقدُ تبرعٍ وليس عقدَ معاوضةٍ فيفسده الغرر؛ فإن الغرر فيه لا يفضي إلى نزاعٍ بين أطرافه؛ لكثرة تعامل الناس به وشيوعه فيهم وانتشاره في كل المجالات، فَمَا أَلِفَهُ الناس ورضوا به دون تَرتُّب نزاعٍ حوله يكون غير منهيٍّ عنه، ومن المقرر شرعًا أن عقود التبرعات يُتهاوَن فيها عن الغرر الكثير، بخلاف عقود المعاوضات فإنه لا يُقبَل فيها إلا الغرر اليسير. انظر: "الفروق" للقرافي (1/ 151، ط. دار إحياء الكتب العربية، سنة 1344هـ)، و"حاشية ابن عابدين" (5/ 416-429)، و"القواعد الفقهية" لابن رجب (القاعدة الخامسة بعد المائة)، و"الموسوعة الفقهية" (31/ 160، حرف: غ، مادة: غرر).
العمليَّة الثالثة: رصد جوائز ماليةٍ بطريق القرعة بين مشتري الشهادة:
وهي مبادرةٌ تشجيعيةٌ للأفراد على الاكتتاب في مثل هذه الشهادات، وتتميز هذه الجوائز بأنها تُمنَحُ نتيجة سحبٍ ربع سنويٍّ يدخل فيه أصحاب هذه الشهادات، مع استبعاد الفائزين من السحوبات المستقبلية، ويُقسم إجمالي تكلفة هذه الجوائز على جميع الأطراف المشاركة من البنوك وشركة مصر لتأمينات الحياة.
وهذه الصورة من التعامل داخلةٌ في نطاق الوعد بجائزةٍ الذي أباحه بعض الفقهاء، والأصل فيها أن تكونَ هادفةً وتعودَ على المجتمع بالنفع العام وتحقق فيه الخير والنماء، وأن تكون بعيدةً عن القمار والميسر والمراهنة والتدليس والغرر أو الجهالة، وبشرط أن تكون الجائزةُ من أموال المنظمين لهذه المسابقة أو من أي جهةٍ تقدمها للفائزين، ولا يجوز باتفاق الفقهاء أن يكون مال الجائزة من جميع المتسابقين؛ بأن يدفع كلٌّ منهم القليلَ ليحصل بعضُهُم على الكثير الذي يشمل ما قام بدفعه هو وما دفعه غيره من المتسابقين؛ لأن ذلك من باب المراهنة والمقامرة والميسر الذي نهى عنه الإسلام في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ وَالْأَنصابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90].
وبما أن الشهادةَ المذكورةَ شهادةٌ ادخاريةٌ يقصد المشتري من شرائها الادّخارَ والانتفاعَ بما تقدمه من عائدٍ أو تأمين، وأن الجائزة التي تقدمها البنوك المشترِكة في إصدار هذه الشهادة ومعهم شركة التأمين بغرض التشجيع على الشراء إنما هي من خالص أموالها ولا يتحمّلها المشتري من قيمة الشهادة المدّخرة فكل ذلك جائزٌ شرعًا.

الخلاصة

عليه: فلا مانعَ شرعًا من شراء "شهادة أمان المصريين"، ولا تُعَدُّ أرباح هذه الشهادات من قبيل الربا؛ لأنَّها ليست فوائد قروض، وإنما هي عبارةٌ عن أرباحٍ ناتجةٍ عن عقودٍ استثماريةٍ تحقق مصالح أطرافها. ولا مانع أيضًا من ارتباط الشهادة بوثيقة تأمينٍ جماعيٍّ؛ فإنَّ التأمين بكل أنواعه أصبح ضرورةً اجتماعيةً تُحتِّمها ظروف الحياة ويَصْعُبُ الاستغناء عنه؛ لوجود الكَمِّ الهائل من العُمَّال في المصانع والشركات الاقتصادية العامة والخاصة وفي غير ذلك من الأعمال، وليس المقصود من التأمين هو الربح أو الكسب غير المشروع، وإنما هو التكافل والتضامن والتعاون في رفع ما يصيب الأفراد من أضرار الحوادث والكوارث، وليس التأمين ضريبةً تُحَصَّل بالقوة، وإنما هو تكاتفٌ وتعاونٌ على البر والإيثار المأمور بهما في الإسلام. كما أنه يجوز شرعًا أخذ الجائزة على الشهادة لمن توافقه قرعة السحب.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم استخدام التمويل في غير الغرض المنصوص عليه في العقد؟ فقد حصل أحد الأشخاص على تمويل وتسهيلات ائتمانية من أحد البنوك لأغراض معينة تم تحديدها في العقود المبرمة بينه وبين البنك؛ فهل عليه وزر في ذلك شرعًا؟ وما حكم استخدامها في غير الأغراض والمجالات التي حددت في الموافقات الائتمانية؟


ما حكم الشرع في المضاربة على أسهم الشركات التي تعمل في الأنشطة المباحة؛ كالحديد والصلب، وكذا الاشتراك في صناديق الاستثمار المختلفة؟


ما حكم عدم التزام الصيدلي بشراء الدواء من غير الشركة المنتجة له بالسعر المحدد؟ فأنا أعمل صيدليًّا، وفي بعض الأحيان يأتي إليَّ شخص ببعض الأدوية كي يبيعها لي كان قد اشتراها لعلاجه ثم فاضت عن حاجته، فإن اشتريت الدواء منه بسعره المدوَّن من قِبل الشركة للبيع للجمهور فلن أربحَ شيئًا، فهل يجوز لي أن أشتري هذا الدواء منه بسعر أقل من السعر المدوَّن حتى أحقق ربحًا؟


ما حكم صرف مبلغ مؤخر صداق الزوجة من مستحقات زوجها المتوفى قبل توزيعها على الورثة؟ فنحن شركة  تعمل في مجال الخدمات البترولية وقد توفي أحد العاملين بالشركة وتقدمت زوجته بطلب للشركة مرفق به وثيقة عقد زواجها من المتوفى مثبت بها صداق وقدره عشرون ألف جنيه، وكذا إشهاد وفاة ووراثة مثبت به أنها أحد الورثة، ويتضمن طلبها أن تقوم الشركة بصرف مبلغ مؤخر الصداق لها من مستحقات زوجها والتي تتضمن: (صافي مستحقات (التركة)، ومكافأة نهاية الخدمة، وقيمة التعويض المستحق من التأمين الجماعي، ومصاريف الجنازة) قبل توزيعها على الورثة، وفي ضوء ما سبق نلتمس من سيادتكم إفادتنا بفتوى في تلك الحالة حتى يتسنى للشركة استقطاع مبلغ مؤخر الصداق المشار إليه من التركة وصرفه للمذكورة من عدمه.


هل لي حقُّ التَّصرُّفِ في ممتلكاتي حال الحياة؛ كأن أُوقفها، أو أبيعها كلها، أو أساهم في عمل خير؟ وهل إذا تصرفت فيها بالبيع أو الشراء أو الوقف أكون قد حرمت الورثة؟


ما حكم البيع  في المتاجر الإلكترونية؛ ففي عصر الرقمنة أصبح لدينا نوع جديد من التجارة تسمى "دروب شيبنج"؛ حيث يمكن للبائع عرض سلعة لا يملكها في متجر إلكتروني، وعندما يشتري الزائر السلعة فإنها ترسل إليه مباشرة من عند مُوَرِّد السلعة، علمًا بأنَّ البائع لا يملك هذه السلعة في الأصل، ويمكن للزبون (المشتري) إعادة السلعة إن كان فيها خلل ما واستعادة نقوده.

فما حكم الشرع في هذا النوع الجديد من المعاملات؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 يوليو 2025 م
الفجر
4 :35
الشروق
6 :13
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 49
العشاء
9 :16