ما حكم إعطاء الزوج الفقير من الزكاة دون إخباره بذلك؛ فأنا أحيط فضيلتكم علمًا بأنني زوجة لموظف بدرجة مدير عام، وعندي ثلاثة أولاد في الكلية والثانوية العامة والمرحلة الابتدائية، وجميعهم يأخذون دروسًا خصوصية بمبالغ باهظة، بالإضافة إلى أن الابن الذي في الكلية مغترب، وله سكن خاص بالإضافة إلى مصاريف الكلية ومعيشته في الغربة، كل هذه التكاليف الضرورية تجعل دخل زوجي سواء كان مرتبًا أو مكافأة لا تكفي لهذه الاحتياجات الضرورية لتربية الأولاد، وليس لزوجي أي ممتلكات، أما أنا فأملك مبلغًا من المال قدره 100,000 أودعته بدفتر توفير في البنك، وأحصل منه على أرباح لأشتري منها مطالبي الخاصة. وسؤالي هو: هل يحق لي أن أوجه زكاة المال الخاصة بي للصرف منها على سد العجز الموجود بميزانية زوجي؟ علمًا بأنه في حالة الموافقة سأقوم بالصرف بمعرفتي دون أن أُعْلِم زوجي أنها زكاة مالي منعًا لإحراجه، وأيضًا في حالة عدم الموافقة سأكون مضطرة للصرف من مالي الخاص لسد العجز المذكور في ميزانية زوجي الذي لا يملك إلا مرتبه فقط.
يجوز شرعًا للزوجة أن تدفع زكاة مالها إلى زوجها إن كان فقيرًا مستحقًّا للزكاة؛ سواء أكان سينفق عليها منها أم لا، وذلك بشرط تمليكها للزوج وإن لم تعلمه أنها زكاة مالها؛ بحيث تصير يده مطلقةَ التصرف في هذه الأموال بنفسه، أو أن يأذن لها بالتصرف فيها قبل قبضها فيكون بمثابة التملك أو القبض الحكمي. ولا يجوز للزوجة الصرف على البيت من مالها الخاص واحتساب ذلك من زكاة مالها المدفوعة للزوج دون أن يتملكها أولًا على النحو الذي بيَّنَّاه.
المحتويات
الزكاة ركن من أركان الإسلام، نظم الشرع الشريف كيفية أدائها بتحديد مصارفها الثمانية في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].
ومن مقاصد الشريعة: أنها قدَّمت في أداءِ الزكاةِ كفايةَ قرابةِ المزكِّي على غيرهم، وجعلت لسدِّ حاجةِ ذوي رحمه وعصبته المحتاجين أولويةً في صرفها؛ مراعاةً لصلة الرحم، وضمانًا لاستمرار الترابط الأسريّ والتكافل العائلي والعشائري الذي هو اللبنة الأساس في التكافل المجتمعي:
فبدأ بهم القرآن الكريم في مطلق العطاء؛ فقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 215]، وجعل لهم حقًّا في مال الواجد؛ فقال سبحانه: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ [الإسراء: 26]، وجعل ذلك علامة الفلاح، وعدَّه الأفضل لمن يريد وجه الله تعالى: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الروم: 38]، وهذا كلُّه يشمل النفقة الواجبة والمندوبة، ويشمل الزكاة في غير ما تجب فيه النفقة.
قال مجاهد: "سألوه: ما لهم في ذلك؟ ﴿قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾، قال: ههنا يا ابن آدم فضَعْ كَدْحَك وسَعْيَك، ولا تَنْفَحْ بها ذا وذاك وتَدَع ذوي قرابتك وذوي رحمك" أخرجه عبد بن حميد في "التفسير"؛ كما في "الدر المنثور" للسيوطي (1/ 585، ط. دار الفكر).
وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجرَ الزكاة مضاعفًا إذا أعطاها المزكِّي قرابتَه المحتاجين الذين لا تجب نفقتُهم عليه:
فروى الحُمَيْدي والإمام أحمد والدارمي في "مسانيدهم"، والنسائي والترمذي وحسنه وابن ماجه في "سننهم"، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه في "صحاحهم"، عن سلمان بن عامر الضَّبِّي رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»، وصححه الحافظ ابن الملقن في "البدر المنير" (7/ 411، ط. دار الهجرة).
ورواه بنحو لفظه أيضًا: الطبرانيُّ في "المعجم الكبير" من حديث أبي طلحة رضي الله عنه.
وروى ابن زنجويه في "الأموال"، والطبراني في "الكبير"، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ يُضَعَّفُ أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ».
يُشترط في آخذ الزكاة أن لا يكون ممن وجبت نفقته على المزكِّي؛ فقد أجمع الفقهاء على أن من شروط الزكاة أن لا تُعطَى لمن تجب نفقتهم على المزكِّي من أصول أو فروع أو غيرهم؛ لأن دفع الزكاة إلى هؤلاء يغنيهم عن النفقة الواجبة عليه، فيعود نفع الزكاة إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه، إلا أن يكونوا مدينين، فتدفع إليهم حينئذ تحت سهم الغارمين؛ لأنه ليس مطالبًا بسداد ديونهم.
قال الإمام ابن المنذر النيسابوري في "الإجماع" (ص: 48، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين والولد في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 482، ط. مكتبة القاهرة): [(ولا يُعطَى من الصدقة المفروضة للوالدين وإن علوا، ولا للولد وإن سفل) قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم؛ ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته وتسقطها عنه ويعود نفعها إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه، فلم تجز] اهـ.
فكل من لم تجب على المزكِّي نفقتُه جاز دفع الزكاة إليه، ويدخل في ذلك إعطاء الزوجة للزوج المحتاج؛ فإن نفقته غير واجبة عليها، بل نفقتها هي التي تجب عليه حتى لو كانت غنية.
وردت النصوص الشرعية في مشروعية إعطاء الزوجة زوجها خاصة من الزكاة إذا كان محتاجًا:
فعن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: أنها سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصدقة لزوجها والأيتام في حجرها، فقال: «نَعَمْ، لَهَا أَجْرَانِ: أَجْرُ القَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ» متفق عليه. وبوَّب على ذلك الإمامُ البخاري بقوله: (باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر).
قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 330، ط. دار المعرفة): [وقال ابن المنير: اعتل مَن منَعها مَن إعطائها زكاتها لزوجها بأنها تعود إليها في النفقة؛ فكأنها ما خرجت عنها. وجوابه: أن احتمال رجوع الصدقة إليها واقع في التطوع أيضًا، ويؤيد المذهب الأول أن ترك الاستفصال ينزل منزلة العموم، فلما ذكرت الصدقة ولم يستفصلها عن تطوع ولا واجب فكأنه قال: تجزئ عنكِ؛ فرضًا كان أو تطوعًا] اهـ.
وعن جمرة بنت قحافة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في حجة الوداع: «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ، فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ»، فأتت زينب رضي الله عنها فقالت: "يا رسول الله! إن زوجي محتاج، فهل يجوز لي أن أعود عليه؟" قال: «نَعَمْ لَكِ أَجْرَانِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير".
جمهور الفقهاء على جواز دفع المرأة زكاتها إلى زوجها، بل نص الشافعية على استحباب ذلك، خلافًا للإمام أبي حنيفة، ووافقه الإمام مالك في قول، والإمام أحمد في رواية، ووافق صاحباه الجمهور في القول بالجواز:
قال الإمام محمد بن الحسن في "المبسوط" (2/ 149، ط. إدارة القرآن والعلوم الإسلامية): [ولا تعطي المرأة زوجها من زكاتها؛ لأنه يجبر على أن ينفق عليها، وهذا قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: "لا بأس بأن تعطى المرأة زوجها من زكاتها؛ لأنها لا تجبر على أن تنفق عليه"] اهـ.
وقال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 40، ط. دار الكتب العلمية): [وقال أبو يوسف ومحمد: تدفع الزوجة زكاتها إلى زوجها؛ احتجَّا بما رُوي: "أن امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الصدقة على زوجها عبد الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَكِ أَجْرَانِ: أَجْرُ الصَدَقِة، وأَجْرُ الْصَلَة».
ولأبي حنيفة: أن أحد الزوجين ينتفع بمال صاحبه كما ينتفع بمال نفسه عرفًا وعادة، فلا يتكامل معنى التمليك، ولهذا لم يجز للزوج أن يدفع إلى زوجته، كذا الزوجة] اهـ.
وعند المالكية أقوال: فمنهم من كره ذلك، ومنهم من اشترط ألا يستعين بها في النفقة عليها:
قال الإمام أبو سعيد الأزدي المالكي في "التهذيب في اختصار المدونة" (1/ 445، ط. دبي): [ولا تعطي المرأة زوجها من زكاتها، قال أشهب: فإن فعلت ولم يرد ذلك عليها فيما يلزمه من مؤونتها أجزأها، وإن رد ذلك عليها فيما يلزمه لم يجزها] اهـ.
وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي في "النوادر والزيادات" (2/ 295، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأمَّا المرأة تُعطِي زوجها من زكاتها فلا يجزئها عندَ مالكٍ. وقال ابن أبي ذئبٍ، وسفيانُ، وأهلُ المشرقِ: إنَّه يجزئها. وإنِّي أرى: إنْ كان يستعين به في النفقة عليها فلا يجزئها. وإن كان بيده ما ينفق عليها وهو فقيرٌ ويصرف هذا في كسوته ومصالحه فذلك يجزئها] اهـ.
وقال القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي في "الإشراف" (1/ 421، ط. دار ابن حزم): [مسألة: نص مالك على أن المرأة لا تعطي زوجها زكاتها. وقال أصحابنا: هو على الكراهة دون التحريم. وقال أبو حنيفة: لا يجوز. فدليلنا قوله عليه الصلاة والسلام لامرأة ابن مسعود رضي الله عنهما: «تَصَدَّقِي عَلَيْهِ وَعَلَى بَنِيهِ، فَإِنَّهُ لَهُ مَوْضِعٌ»، ولأنه كل من لا تجب نفقته بحال جاز أن تدفع إليه الزكاة؛ كابن العم والأجنبي] اهـ.
وقال الإمام اللخمي المالكي في "التبصرة" (3/ 966، ط. وزارة الأوقاف قطر): [واختُلف إذا أعطت الزوجةُ زكاتَها لزوجها؛ فمنع من ذلك في "المدونة"، وذكر أبو الحسن ابن القصار عن بعض شيوخه: أن ذلك على وجه الكراهية، فإن فعلت أجزأها. وقال ابن حبيب: إن كان يستعين بما تعطيه في النفقة عليها لم تجزئها، وإن كان بيده ما يُنفق عليها منه وهو فقير ويصرف ما تعطيه في كسوته ومصلحته أجزأها] اهـ.
وقال الإمام الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 499، ط. دار الفكر): [(وهل يمنع إعطاء زوجة) زكاتها (زوجًا) لعودها عليها في النفقة (أو يكره؟ تأويلان)، وأما عكسه: فيمنع قطعًا، ومحل المنع: ما لم يكن إعطاء أحدهما الآخر ليدفعه في دينه أو ينفقه على غيره، وإلا جاز] اهـ.
ونص الشافعية على أنه يسن للزوجة أن تدفع زكاتها إلى زوجها، وإن أنفقها عليها:
قال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (8/ 537، ط. دار الكتب العلمية): [فأما الزوجة فيجوز لها دفع زكاتها إلى زوجها من السهام كلها] اهـ.
وقال الإمام الشاشي الشافعي في "حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء" (3/ 141، ط. مؤسسة الرسالة): [ويجوز أن تدفع الزوجة من زكاتها إلى زوجها، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: لا يجوز] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (7/ 154، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ويسن لها أن تعطي زوجها من زكاتها ولو بالفقر وإن أنفقها عليها خلافًا للقاضي؛ لحديث زينب زوجة ابن مسعود رضي الله عنهما في البخاري وغيره] اهـ.
وعند الحنابلة روايتان عن الإمام أحمد:
قال الإمام أبو داود السجستاني في "مسائله" عن الإمام أحمد بن حنبل (ص: 119، مكتبة ابن تيمية): [سمعت أحمد يقول: "لا تعطي المرأة زوجها من الزكاة"، كررتها عليه، فقال مثل ذلك] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "الكافي" (1/ 429، ط. دار الكتب العلمية): [وهل للمرأة، دفع زكاتها إلى زوجها؟ على روايتين: إحداهما: يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لزينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنهما: «زَوْجُكِ ووَلَدُكِ أَحَقُّ مَن تصدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِم» رواه البخاري، ولأنه لا تلزمها نفقته فلم تحرم عليه زكاتها كالأجنبي. والثانية: لا يجوز؛ لأنها تنتفع بدفعها إليه، لوجوب نفقتها عليه، وتبسطها في ماله عادةً، فلم يجز دفعها إليه؛ كالولد] اهـ.
اشترط جمهور الفقهاء في دفع الزكاة إلى مستحقيها تحقق التمليك فيها، وذلك فيما يمكن فيه التمليك، وذلك ظاهرٌ في المصارف الأربعة الأولى، دون الأخيرة.
قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (2/ 202، ط. دار المعرفة): [لا يحصل الإيتاء إلا بالتمليك، فكلُّ قُربةٍ خَلَت عن التمليك لا تجزي عن الزكاة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني" (2/ 500، ط. مكتبة القاهرة): [وأربعةُ أصنافٍ يأخذون أخذًا مُستَقِرًّا، ولا يُراعَى حالُهُم بعد الدفع؛ وهم: الفقراء، والمساكين، والعاملون، والمؤلَّفَة؛ فمَتَى أخذوها مَلَكوها مِلكًا دائمًا مُستَقِرًّا لا يجب عليهم رَدُّها بِحَالٍ.
وأربعةٌ منهم وهم: الغارمون، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل؛ فإنهم يأخذون أخذًا مُرَاعًى، فإن صَرَفُوهُ في الجهة التي استَحَقُّوا الأخذَ لِأَجْلِهَا، وإلَّا استُرجِعَ منهم.
والفرق بين هذه الأصناف والتي قبلها: أن هؤلاء أَخَذُوا لِمَعنًى لَم يَحصُل بأخذهم للزكاة، والأَوَّلُون حَصَلَ المقصودُ بأخذهم؛ وهو: غِنَى الفقراء والمساكين، وتأليف المؤلَّفِين، وأداء أجر العاملين] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "الإقناع" (1/ 229، ط. دار الفكر): [وأضاف في الآية الكريمة الصدقاتِ إلى الأصناف الأربعة الأُولى بِلَامِ المِلكِ، وإلى الأربعة الأخيرة بفي الظرفية؛ للإشعار بإطلاق المِلكِ في الأربعة الأولى، وتقييده في الأربعة الأخيرة، حتى إذا لم يَحصُل الصرفُ في مصارفها استُرجِعَ] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز شرعًا للزوجة أن تدفع زكاة مالها إلى زوجها إن كان فقيرًا مستحقًّا للزكاة؛ سواء علمت أنه سينفق عليها منها أم لا، إلا أن الزوجة إذا فعلت ذلك فإنه يجب عليها تمليكها للزوج وإن لم تعلمه أنها زكاة مالها؛ لأن من شروط الزكاة تمليكها لمستحقها، ولأنها حقٌّ خالصٌ لِمَن تُعطَى له؛ بحيث تصير يد الزوج مطلقةَ التصرف فيما مُلِّكَ من هذه الأموال، إلا أن يأذن لها بالتصرف فيها قبل قبضها؛ فيكون بمثابة القبض الحكمي. فلا يجوز لك الصرف على البيت من مالك الخاص واحتساب ذلك من زكاة مالك المدفوعة للزوج دون أن يتملكها الزوج أولًا ثم ينفق هو منها كما ينفق المرء من مال نفسه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إخراج زكاة المال في المساهمة في مستشفى متخصص في علاج الأطفال؟ فلقد منَّ الله عليَّ بمبلغ من المال وحال عليه الحول واستوجب الزكاة، وقد علمتُ أنه يجوز أن تُدفَع زكاة المال في بناء مستشفى متخصص في علاج الأطفال (أطفال السرطان)، فقمت بإخراج زكاة المال للجهة المشرفة على هذا العمل، وبعد فترة قليلة سمعت أنه لا يجوز صرف زكاة المال في هذه الأعمال كزكاة، ولكنها تصبح من أبواب الصدقة الجارية، فما مدى صحة هذا الكلام وجوازه؟ وإن كان لا يجوز فماذا تشيرون عليه بعمله؟
هل يُحسب مال الإيفاء بالنذر من جملة زكاة المال؟ حيث قام السائل بإيداع مبلغ خمسمائة ألف جنيه في أحد البنوك للإيفاء بنذور قد قطعها على نفسه إن فرَّج الله كربه، وهي ذبح ذبيحة بمبلغ خمسة آلاف جنيه وتوزيعها على الفقراء والمساكين، ونذر إخراج مبلغ ستمائة جنيه، كما قام ببناء قبرين صدقةً: أحدهما للرجال، والثاني للنساء من فقراء المسلمين بمبلغ عشرين ألف جنيه، كما نذر أداء عمرة له ولبناته الثلاث بمبلغ ثلاثين ألف جنيه، كما ساهم في بناء مسجد بمبلغ ثمانية آلاف جنيه، كما أخرج مبلغ سبعة آلاف جنيه لمرضى السرطان، وألفَي جنيه لدار أيتام، وثلاثة آلاف جنيه للفقراء والمساكين. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في هذه المبالغ: هل تدخل ضمن زكاة المال؟ وهل تحسب فيما عليه من زكاة لأكثر من حَوْل؟ وما هي قيمة الزكاة المفروضة على هذا المبلغ المودع بالبنك وهو خمسمائة ألف جنيه؟
هل يجوز التفاضل بين المستحقين للزكاة؛ بحيث تكون الأولوية في الدفع إلى بعض الأصناف المستحقة دون بعضها أو لا بد من المساواة؟
- هل يجوز دفع مال الزكاة أو الصدقة كلّه أو بعضه للأبناء أو لأبناء الأبناء إذا كانوا محتاجين؟
- هل يجب على الوالد أو الجدّ أن يُنْفِقَ على الابن أو ابن الابن إذا كان محتاجًا؟
- وما حدود الشخص المُوسِر الذي يجب عليه عندئذٍ النفقة، وما حدود الشخص المُعْسِر الذي تجب له النفقة؟
ما حكم أداء الزكاة لصندوق الإعانات الاجتماعية بإحدى الجهات الحكومية؟ حيث طلبت وزارة الخارجية إفادة عن القرار الوزاري رقم 960 لسنة 1974م الصادر بتنظيم الخدمات الاجتماعية للعاملين المدنيين بالدولة تنفيذًا للقانون الذي قد نص على أن من أغراض هذا الصندوق صرف إعانات مالية للمذكورين في حالات الوفاة أو المرض الذي يستلزم علاجه نفقات تجاوز إمكانيات العامل، وكذلك صرف إعانات في حالات الكوارث الأخرى وفي سواها من الحالات التي تستدعي ذلك، كما تحددت موارد الصندوق ومن بينها ما يتقرر في موازنة الوزارة من اعتمادات لهذا الغرض، وكذلك ما يقدم إلى الصندوق من الهبات والتبرعات، وأن البعض قد رغب في أداء ما يجب عليهم من الزكاة الشرعية سواء كانت زكاة مال أو زكاة فطر إلى هذا الصندوق، وقد انتهى كتاب الوزارة إلى طلب الإفادة بحكم الشريعة الإسلامية في هذا الشأن، وهل يجوز أن تؤدى الزكاة للصندوق المذكور ويسقط بذلك الفرض عن مؤديها؟
هل يجوز إخراج الزكاة والهبات والصدقات والتطوع لدعم الاقتصاد المصري؛ حيث يمر الاقتصاد حاليًّا بأزمة شديدة يتضرر منها جميع المواطنين بمختلف الطبقات، ومن المعلوم أن الاقتصاد يشمل إنشاء أو إقامة مشروعات استثمارية لتوفير فرص العمل للشباب وضخ موارد تجهيز الجيش لمواجهة الأعداء أو أي أزمات أخرى، كما يتم من خلال الاقتصاد تجهيز المستشفيات لعلاج المرضى بمختلف الأطياف، وأيضًا تجهيز دور العبادة والمدارس والجامعات للنهوض برسالتها، وقد قررت الحكومة إنشاء صندوق يتبع وزارة المالية لجمع تبرعات من المواطنين في الداخل والخارج للمتضررين في الأحداث الأخيرة سواء الأفراد أو المنشآت.
لذا، نرجو من سيادتكم موافاتنا برأي الدين في مشروعية إخراج الزكاة بشتى أنواعها في دعم الاقتصاد مع ذكر حيثيات وأدلة الرد، سواء بالجواز أو عدم الجواز، كما نريد معرفة الآلية الشرعية لتنفيذ ذلك في حال الإجازة لدفع أموال الزكاة للاقتصاد بحيث نصل بهذه الأموال إلى مستحقيها ونحقق الهدف منها وهو: مراعاة الفقراء، وسد احتياجات غير القادرين، ودفع عجلة الإنتاج، خاصةً أن سيادتكم لكم رؤية اقتصادية يشهد لها الجميع.