هل للدائن أن يؤخِّر أَجَل السداد إذا تَعَسَّر المدين مُقابِل الزيادة على المال المستحق بالتراضي بينهما؟
الزيادة في الدَّين بين الأفراد مقابل تأجيل ميعاد سداده حرامٌ شرعًا؛ سواء تراضى الطرفان على ذلك أو لم يتراضيا، بخلاف مصاريف وغرامات تأخير دَينِ البنوك إذا كانت جاريةً على مُعَدَّل الدراسة الاكتوارية الذي يحدده البنك المركزي -دراسة المخاطر الإقتصادية-، فالأخذ بهذا المُعَدَّل لا يعدُّ من قبيل الربا المحرم؛ إذ الزيادة فيه ظاهرية غير حقيقية؛ لأنها تمثل جَبْر النَّقْص في القيمة الشرائية للدَّيْن المستحق رَدُّه للبنك؛ فالمسدِّد للدَّيْن -في الحقيقة- يَرُدُّ نفس قيمة المال الذي تَأخَّر عن تسديده وإن زاد عدده في ظاهر الأمر.
المحتويات
من المعلوم من الدين بالضرورة حرمة الربا؛ حيث وردت حرمته في صريح الكتاب والسُّنة، وأجمعت الأُمَّة على تحريمه؛ قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 275].
وروى الإمامان البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ». قالوا: وما هن يا رسولَ الله؟ قال: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ».
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَعَنَ اللهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وشاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ» رواه أحمد.
الذي عليه فقهاءُ المذاهبِ الأربعة: أنَّ التراضي بين المتعاقدين على الحرام لا يبيحه ولا يُحِلُّه.
يقول الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (30/ 150، ط. دار الفكر): [ومبادلة الدَّين بالدَّين حرام شرعًا وإن وُجِد التراضي؛ لنَهْي النبي صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد الجد المالكي في "المقدمات" (2/ 518، ط. دار الغرب الإسلامي): [فكل ما يتراضَى عليه المتصالحان فهو جائزٌ ما لم يَجُرَّ ذلك إلى تحليل حرام أو تحريم حلال] اهـ.
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (7/ 128، ط. دار المعرفة): [لم يكن التراضي جائزًا إلَّا بما تَحِلُّ به البيوع] اهـ.
وقال العَلَّامة ابن قدامة في المغني (6/ 436، ط. عالم الكتب): [وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الْمُسلِف إذا شرط على الْمُستَسْلِف زيادةً أو هديةً، فأسلف على ذلك، أنَّ أخذَ الزيادةِ على ذلك ربا] اهـ.
فتراضي المتعاقدين على الزيادة في أصل الدَّيْن إذا تَأخَّر المدين عن الوفاء حرامٌ شرعًا؛ لأنَّ ذلك من قبيل ربا النسيئة الذي كان مُشتَهَرًا عند العَرَب، ونَزَل القرآن بالنهي عنه. قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (3/ 348، ط. دار الشعب): [وغالبه -أي الربا- ما كانت العرب تفعله من قولها للغريم: (أتقضي أُم تُرْبِي؟)، فكان الغريم يزيد في عَدَد المال ويصبر الطالبُ عليه، وهذا كله مُحَرَّمٌ باتِّفاق الأُمة] اهـ.
الحرمة لهذه المعاملة إنما تكون في المعاملات الجارية خارج البنوك، أي: بين الأفراد، أَمَّا المعاملات التي تجريها البنوك والتي تضيف مصاريف وغرامات عن كل دَينٍ تَأخَّر سداده جَرَّاء الضرر الواقع عليها، ويكون ذلك بمعاييرَ محددةٍ فلا حَرَجَ فيها؛ وذلك لأنَّ الغرامة الحاصلة من التأخير في تلك الحالة جاريةٌ على مُعَدَّل الدراسة الاكتوارية، والأخذ بهذا المُعَدَّل لا يعدُّ من قبيل الربا المحرم؛ إذ الزيادة فيه ظاهرية غير حقيقية؛ لأنها تمثل جَبْر النَّقْص في القيمة الشرائية للدَّيْن المستحق رَدُّه للبنك؛ فالمسدِّد للدَّيْن -في الحقيقة- يَرُدُّ نفس قيمة المال الذي تَأخَّر عن تسديده وإن زاد عدده في ظاهر الأمر.
يُضاف لذلك أن للشخصية الاعتبارية -المُتَمَثِّلَة في الدولة والهيئات العامة ومنها البنوك- من الأحكام ما يختلفُ عن أحكام الشخصية الطَّبَعِيَّة؛ إذ اعتبر الفقهاء أربع جهات لتغيُّر الأحكام، من بينها تغيُّر الأحكام على قَدْر طبيعة الأشخاص؛ فأقَرُّوا -على سبيل المثال- عدم استحقاق زكاةٍ على مال الوقف والمسجد وبيت المال، فما لا يجوز في حق الأفراد الطَّبَعِيِّين قد يختلف حكمه في حق الشخصية الاعتبارية.
على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنَّ التراضي بين الدائن والمدين والذي يَحْصُل به تأخير الدائن أَجَل السداد إذا تَعَسَّر المدين مُقابِل الزيادة على المال المستحق غير جائز شرعًا بين الأفراد الطَّبَعِيِّين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هناك رجلٌ عليه دَيْنٌ حَلَّ موعدُ سداده، لكنه لا يَزال مُتعسِّرًا في السداد، فهل يُجبَر على أن يستدين ثانيًا لسَدَاد الدَّيْن الأول الذي حَلَّ أجَلُه؟
ما حكم الصلاة على الميت الذي عليه دين؟ حيث ورد في كتب الحديث أنّ النبي صلّى الله عليهِ وآله وسلّم ترك صلاة الجنازة على من مات وعليه دين؛ فهل الصلاة على من مات وعليه دين حرام؟ نرجو منكم بيان الحكم الشرعي في ذلك.
ما حكم الزكاة على المال المدفوع مقدما لإيجار شقة؛ فقد أعطى السائل مبلغًا من المال مُقَدَّمَ إيجار نظير استئجار شقة من مالكها على أن يُخْصَم نصف الإيجار من المقدَّم المذكور، ويُسَدِّد النصف الآخر وذلك لمدة اثني عشر عامًا. ويسأل: هل على المال الذي أعطاه للمالك زكاة شرعًا؟
السؤال عن إنسان أخذ مالًا من صاحبه بدون علم صاحب المال وكان الآخذ صغيرًا، فلما كبر أراد أن يرجع المال الذي أخذه من صاحبه ولكن لا يوجد معه مال. فماذا يفعل لكي يتوب الله عليه؛ لأنه يحس بالذنب؟
ما حكم الشرع فيما يعرف بين الناس بـ"النقوط" الذي يُقدَّم عند حدوث مناسبة عند إنسان آخر، هل هو دَيْنٌ واجب الرد أو هديةٌ لا يجب رَدُّها؟
سائل يقول: توفي رجل وعليه ديون، وله مال محجوز عليه من دائنين بمقتضى أحكام. فهل المال المحجوز عليه يعتبر من مال المتوفى؟ وإذا كان يعتبر من ماله فهل يقدم فيه مصاريف التجهيز والتكفين والدفن على قضاء الديون؟ وهل يدخل في التجهيز والتكفين إقامة ليلة المأتم يصرف فيها أجرة سرادق وفراشة؟ وما هو الكفن اللازم شرعًا؟