حكم الوصية بقطع صلة الرحم

تاريخ الفتوى: 29 يونيو 2000 م
رقم الفتوى: 4764
من فتاوى: فضيلة الدكتور نصر فريد واصل
التصنيف: الوصية
حكم الوصية بقطع صلة الرحم

ما حكم الوصية بقطع صلة الرحم؛ فقد منعني زوج شقيقتي من زيارتها في المستشفى بحجة وجود وصية من شقيقتي بمنعي من زيارتها، وقام بنفسه بمنعي من الدخول إليها في الرعاية المركزة، وتوفيت بعد خمسة أيام، فقام بدفنها ولم يبلغني بالوفاة أو الدفن، وأبلغ الناس عند الدفن أنه توجد وصية أيضًا بذلك.. إلخ. ويطلب السائل الإفادة عما إذا كان توجد وصية في الإسلام بقطع الرحم، وما حكم الإسلام في زوج شقيقتي وإخوته فيما قاموا به؟

الوصية من مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، وتعتريها الأحكام التكليفية الشرعية: الحل والحرمة والإباحة والندب والاستحباب، فتكون الوصية محرمة إذا كانت بمعصية من المعاصي. وعليه: فالوصية المذكورة بقطع صلة الرحم هي وصية بمعصية يحرم تنفيذها شرعًا.

المحتويات

 

حكم الوصية

يقول الله تبارك وتعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180].
وروى ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ مَاتَ عَلَى وَصِيَّةٍ مَاتَ عَلَى سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ، وَمَاتَ عَلَى تُقًى وَشَهَادَةٍ، وَمَاتَ مَغْفُورًا لَهُ»، وقد أجمعت الأمة على مشروعية الوصية.

مما سبق يتبين أن الوصية من مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، وأنها تعتريها الأحكام التكليفية الشرعية: الحل والحرمة والإباحة والندب والاستحباب، فتكون الوصية محرمة إذا كانت بمعصية من المعاصي؛ كالوصية لشخص بخمر أو دار للهو وما شاكل ذلك أو الوصية بقطيعة رحم أو قطع معونة عن محتاج إليها.

حكم الوصية بقطع صلة الرحم

في واقعة السؤال: فإذا ثبت أن شقيقة السائل قد أوصت بقطع صلة الرحم بينها وبين شقيقها السائل فإن هذه الوصية تكون وصية بمعصية، وهي مخالفة للقواعد الشرعية التي أمر بها الإسلام من صلة الرحم وتحريم قطعها الثابت بالأحاديث النبوية الشريفة الواردة في هذا الباب؛ كقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما روته السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِى وَصَلَهُ اللهُ وَمَنْ قَطَعَنِى قَطَعَهُ اللهُ» رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- وأبو داود والترمذي.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُم وَيَقْطَعُونِي، وأُحسنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إلَيَّ، وأَحْلُمُ عَنهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَال: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ» رواه مسلم، ومعنى هذا الحديث كما ورد في "صحيح مسلم بشرح الإمام النووي" (7/ 639): [إنك بصلتك لمن يقطع رحمك كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن، بل ينالهم الإثم العظيم من قطيعته وإدخالهم الأذى عليه، وقيل: معناه إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم؛ لكثرة إحسانك إليهم وقطيعتهم لك] اهـ بتصرف يسير.

فإذا كانت شقيقة السائل قد أوصت وطلبت عدم حضور شقيقها إليها بالمستشفى أو عدم حضور جنازتها حقيقة فقد كان من الواجب على زوجها وإخوته عدم تنفيذ تلك الوصية؛ لأنها وصية بمعصية، وقد أعانوها عليها، والإعانة على المعصية معصية، وهي وصية باطلة شرعًا، وكل من يشارك في تنفيذها ويُصِرّ عليها يكون مشاركًا في معصية، وكأنها نذرت بمعصية؛ وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» رواه البخاري، وكان يتعين عليهم ديانة وإنسانية ألا يحرِمُوا السائل من رؤية شقيقته، وألا يوسعوا هوة الخلاف بينهما مهما كانت الأسباب والدوافع خاصة إنها كانت في حالة مرض الموت.

حث الشرع على العفو والصفح الجميل عن الناس

الذي نودّ أن نلفت النظر إليه في مثل هذه المواقف هو ما ذكره القرآن الكريم من قوله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ۞ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 133-134].

إن العفو من صفات الكرام والصفح الجميل مما حث عليه الإسلام ودعا إليه في قوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199]، ما أحسن وما أجمل أن يمدّ كل طرف من الأطراف يده إلى الآخر تاركًا وراء ظهره مخلفات الماضي، وبدء صفحة جديدة من المودة والحب والإخاء؛ ليسعد المجتمع بأفراده وأسره ويعيش الناس جميعًا في أمن وأمان، وخير الفريقين الذي يمد يده إلى الآخر كما أخبر بذلك رسول الإنسانية ومعلم البشرية صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: «يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ» متفق عليه. هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال. ومما ذكر يعلم الجواب.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم مشاركة الأعمام بنت الأخ في الوصية الواجبة؟ فقد ورد سؤال نصه كالتالي: تُوفّي رجل وترك أولادًا وبنات، وترك ابنة ابن توفي حال حياته، فورثت البنت في جدها بطريق الوصية الواجبة.
فهل يرث أعمام البنت معها في نصيبها الذي ورثته بطريق الوصية الواجبة؛ لعدم وجود ولد يحجبهما؟


هل رغبة المتوفاة في الحج عن ولدها تعتبر وصية؟ فقد توفيت جدة أولادي وتركت أموالًا، ولم يكن لها أولاد غير زوجي المتوفى قبلها، والذي ترك لي خمسة أبناء، وكانت جدتهم تنوي أن تحج عنه في العام القادم إلا أنها توفيت، والآن هل يحق لنا أخذ الأموال التي كانت ستحج بها لرعاية أبنائي؛ حيث إن أبناء إخوتها يرفضون ذلك ويعتبرون رغبتها في الحج عن زوجي وصية يجب إنفاذها؛ علمًا بأنه قد حج عنه أقاربه عدة مرات من قبل، وأنا وأبنائي في حاجة لهذه الأموال عونًا على ظروف الحياة؟


ما حكم وصية المسلم لغير المسلم؟ حيث توفي رجل مسلم عن زوجة مسيحية، ولم ينجب منها أولادًا، وانحصر ميراثه الشرعي في أخيه وأختيه إحداهما توفيت بعده وتركت أولادًا ذكورًا وإناثًا، وهذا الرجل هذا قد أوصى بثلث تركته إلى شخص مسيحي الديانة، وهذا الموصى له قد طالب قضاء بصحة ونفاذ هذه الوصية، ثم تصالح مع ورثة المتوفى بمقتضى محضر صلح أقر فيه بعدوله عن قبوله الوصية وبردها، كما وثق بالشهر العقاري إقرارًا بعدوله عن قبول الوصية وبردها معترفًا فيه بصدور محضر الصلح بينه وبين ورثة المتوفى، ثم طلب السائل بيان الحكم الشرعي في الأمور الآتية:
1- هل يحق للموصى له بعد أن رد الوصية وعدل عنها أن يطالب مرة أخرى بصحتها ونفاذها؟
2- هل يجب أن يوقع على محضر الصلح جميع الورثة الشرعيين بقبولهم رد الموصى له لهذه الوصية وعدوله عنها، أم يكتفى بتوقيع أغلبهم على هذا المحضر؟
3- هل تجوز وصية المسلم للمسيحي؟


حكم تقديم الوصي حسابا للتركة؟ حيث سأل في رجل أوصى آخر على أولاده القصر وصاية مختارة، وكان هذا الرجل وصيًّا على إخوته وصاية مختارة من قبل أبيهم، وعند حصر تركة الوصي الأول استلم الوصي الثاني جميع تركته لا غير بدون أن يتسلم شيئًا من تركة الموصي الأول، مع كون أولاده بالغين الرشد عند الوصاية الثانية، وهم الذين وضعوا أيديهم على أعيان تركة أبيهم بدون مدخل للوصي الثاني أصلًا، فهل الوصي الثاني لا يجبر على تقديم حساب التركة الأولى التي لم يتسلم شيئًا من أعيانها كما ذكر لجهة الاقتضاء، أو لا؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب.


ما حكم التسوية بين الأولاد في العطايا والهبات؟ فأنا لي أخ وأربع أخوات، وقد كتب والدنا للذكرين منّا نصف ممتلكاته في حياته، وترك الباقي نرثه جميعًا؛ فهل ما فعله أبي فيه ظلم للبنات؟ أليس ذلك يزرع الأحقاد والكراهية وقطيعة الرحم بيننا؟

وماذا عن هبة النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما لأحد أبنائه بستانًا؛ فَقَالَ له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَعْطَيْتَ كُلَّ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ»؟ وماذا عن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»، وقوله: «لا وَصِيةَ لوارِثٍ»؟

وأعتقد أنّ الذي يباح تمييزه عن إخوته هو الابن من ذوي الهمم، والابن الذي ساعد والده في زيادة ثروته، والذي ليس له حظ من التعليم بأن كان فلاحًا مثلًا، وأن ذلك في مذهب الإمام أحمد بن حنبل فقط دون بقية المجتهدين. فما قولكم؟


ما حكم تنفيذ الوصية غير الموثقة التي أقرها الورثة؟ حيث توفيت زوجتي، وتركت مصاغًا ذهبيًّا أوصت به لولديها، ولها مؤخر صداق، وقائمة منقولات، ولها متعلقات شخصية، والوصية بخطها، ولكن لم تُوَقِّع عليها، وليس عليها شهود، ولكن الورثة كلهم يُقِرّون بأنَّها منها، فما حكم الشرع في هذه الوصية وفي متعلقاتها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57