ما حكم هدم مسجد قديم والانتفاع بأرضه؟ فقد ورد سؤال من محافظة سيناء: أنه يوجد بمدينة العريش مسجد قديم مبني بالطوب اللبن في ميدان المالح، ولما كان خط التنظيم قد قضى بإنشاء متنزه عمومي بهذا الميدان منذ عامين حيث لا يوجد بالمدينة أي منتزهات، ولكون هذا المكان في مدخل المدينة واعتبر أنسب مكان لهذا الغرض، وبالتالي اقتضى الأمر هدم المسجد، ولكن حرصًا على إقامة الشعائر الدينية قررنا تأجيل الهدم حتى قمنا ببناء مسجدين في نفس المنطقة بدلًا منه أحدهما يبعد عنه بحوالي 200 متر لجهة الشرق، والثاني يبعد بنفس المسافة للجهة البحرية، وكلا المسجدين يزيد في المساحة على المسجد القديم سالف الذكر ومبني بناءً جيدًا بالإسمنت، وأحدهما يعتبر مسجدًا نموذجيًّا من حيث البناء والسعة، ولكن عندما شرعنا في إجراءات هدم المسجد القديم توجه إلينا بعض الأهالي بالرغبة في الإبقاء عليه، وبسؤالهم عن السبب ذكروا أن هذا المسجد قريب من محلاتهم التجارية فأبدينا استعدادنا لإقامة مسجد ملحق بجمعية تحفيظ القرآن الكريم حيث لا يبعد عن المسجد القديم إلا خطوات جارٍ حاليًا بناء هذا المسجد إلا أننا فهمنا أن ما ذكروه ليس السبب الحقيقي للاعتراض، وإنما هم يتحرجون من هدم المسجد القديم. والمطلوب به الإفادة بالرأي.
لا مانع شرعًا من هدم المسجد المذكور والانتفاع بأرضه في المنافع العامة للمسلمين إذا كان الحال كما ورد بالسؤال.
نفيد بأن المسجد وقف مؤبد، ومن ثم لا يصلح بيعه ولا هبته ولا التصرف فيه بالنقل إلى مكان آخر أو التحويل إلى غرض آخر غير العبادة وإقامة الشعائر الدينية، غير أنه قد تطرأ حالات أو ظروف تبرر فيها الضرورة والمصلحة العامة للمسلمين بيع المسجد أو تحويله إلى مكان آخر أو أخذ جزء منه؛ كأن ينهدم أو يصير إلى حالة يتعذر معها الانتفاع به في الغرض المخصص له، أو تتخرب الجهة التي هو فيها ويبقى غير منتفع به، أو أن يكون في موضع قذر وغير صالح، أو أن يضيق بأهل الناحية ويتعذر توسيعه في مكانه، أو يحتاج إلى جزء منه للطريق العام ففي هذه الحالات وحالات الضرورة المماثلة يصح بيع المسجد أو نقله أو تحويله إلى مكان آخر كما نص على ذلك الفقهاء؛ جاء في كتاب "المغني" لابن قدامة الحنبلي (6/ 28، ط. مكتبة القاهرة): [أن الوقف إذا خرب وتعطلت منافعه؛ كدارٍ انهدمت، أو أرضٍ خربت وعادت مواتًا ولم تمكن عمارتها، أو مسجد انتقل أهل القرية عنه وصار في موضع لا يُصلّى فيه، أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه، أو تشعب جميعه فلم تمكن عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته، وإن لم يكن الانتفاع بشيءٍ منه بيع جميعه. قال أحمد في رواية أبي داود: إذا كان في المسجد خشبتان لهما قيمة جاز بيعهما وصرف ثمنهما عليه. وقال في رواية صالح: يحوَّل المسجد خوفًا من اللصوص، وإذا كان موضعه قذرًا. قال القاضي: يعني إذا كان ذلك يمنع من الصلاة فيه، ونص على جواز بيع عرصته -أرضه- في رواية عبد الله، -قال صاحب المغني-: وبهذا القول أقول؛ لإجماعهم على جواز بيع الفرس الحبيس -الموقوفة على الغزو- إذا كبرت] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (4/ 357، ط. دار الفكر، بيروت) نقلًا عن "جامع الفتاوى": [لأهل المحلة تحويل المسجد إلى مكان آخر إن تركوه بحيث لا يُصلّى فيه، ولهم بَيْعُ مسجدٍ عتيقٍ لم يُعرف بانِيهِ وصرْف ثمنه في مسجد آخر] اهـ.
وجاء في "مجمع الأنهر" (1/ 748، ط. دار إحياء التراث العربي): [لو ضاق الطريق وبجنبه مسجدٌ واسعٌ مُستغنى عنه يُوسَّع الطريق منه؛ لأن كليهما للمسلمين، والعمل بالأصلح كما في "الفرائد" وغيره] اهـ. ونص على مثل ذلك في "الدر المنتقى".
وبما أن المسجد المسؤول عنه قديم ومبني بالطوب اللبن، وبما أن الظاهر من السؤال أن أهل الجهة التي بها المسجد لا يعترضون جديًّا على هدمه بعد أن زالت الضرورة لهذا المسجد، وإنما يتحرجون من ذلك فقط، وبما أن حاجة الناس إلى أرض المسجد للانتفاع بها في المنافع العامة قائمة ولم تبقَ له ضرورة تدعو إلى التمسك ببقائه، خصوصًا وهو بحالته من القدم؛ مما يجعل سقوطه أو تصدّعه متوقع الحصول في أي وقت، وبما أن ذلك المسجد لو تصدّع أو انهدم وحده لِقِدَمِهِ لما أقيم غيره مكانه لاستغناء أهل الجهة عنه بالمسجدين اللذين بنيا وبالمسجد الثالث الجاري بناؤه بالمنطقة التي بها المسجد المذكور وقريبا منه، لذلك كله نرى أنه لا مانع شرعًا من هدم المسجد المذكور والانتفاع بأرضه في المنافع العامة للمسلمين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم توزيع وقف على الفقراء والمساكين دون التفرقة بينهم؟ فقد سألت المعاهد الدينية بالآتي: هل يوجد مانع من صرف نصيب المساكين والفقراء على عدد رءوسهم؛ نظرًا لصعوبة التمييز بين المسكين والفقير، وذلك للتمكُّن من صرف المبلغ الموجود الآن بالتطبيق لشرط المرحومة الواقفة المرفق؟ هذا، وإن عدد التلاميذ من الفريقين غير محصور الآن.
ما حكم عمل وديعة من أموال التبرعات؟ فقد تشرفت مؤسسة خيرية لخدمة وتنمية المجتمع بإنشاء مركز نموذجي لتحفيظ القرآن الكريم بالجهود الذاتية على نفقتها الخاصة، بهدف تعليم أطفالنا تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وتحفيظهم القرآن، وتجويده، إلى جانب اللغة العربية، والعلوم، والرياضيات، واللغات وكل ذلك مجانًا، وتفتح المؤسسة باب التبرع لأهل الخير، وإيداع تبرعاتهم في حساب المؤسسة في صورة وديعة، يتم استخدام عائدها في الإنفاق على تشغيل المركز للرعاية العلمية لأكثر من (300) طفل بالطاقم الإداري والتعليمي وكل متطلبات تشغيل المركز. برجاء التكرم من فضيلتكم بإبداء رأي الدين في هذا الإجراء؟
ما حكم صرف الفائض من وقف المسجد إلى مسجد آخر؟ فهناك رجلٌ أوقف وقفًا على مسجدٍ خاص وسجَّل وقفيته على يد القاضي في المحكمة الشرعية، وعيَّن عليه ناظرًا عنه ليقوم برعاية شؤون الوقف وصرف رِيعه على المسجد المذكور، وقام الناظر بأداء ما وُكِّل إليه بدقة وأمانة، غير أنه اتضح له بعد مرور فترة من الزمن ازدياد ريع الوقف أكثر بكثير من اللازم وعن المتطلبات الشهرية والسنوية للمسجد، وأن المسجد أصبح الآن ليس بحاجة أكثر مما يصرف عليه، وظلت دراهم ريع المسجد تزداد سنة بعد سنة ويجمع له في البنك.
ما حكم استعمال سيارة العمل في الأغراض الشخصية؟
ما حكم تغيير الوقف من الإنفاق على المسجد إلى الإنفاق على مصالح الناس؛ فقد أوقف أحد الأشخاص قطعة أرض للإنفاق على مسجد معين، ثم صار هذا المسجد تابعًا لوزارة الأوقاف فيما بعد، والتي أصبحت هي من يتولى الإنفاق عليه، وعائلة الواقف الآن في احتياج إلى قطعة الأرض هذه للإنفاق من ريعها على الجَبّانة الخاصة بالعائلة ودار مناسباتهم، فهل يصح نقل الوقف من الإنفاق على المسجد إلى الإنفاق على الجبانة ودار المناسبات؟
تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك- عن حكم بناء مسجدٍ في جزءٍ من أرض حريم القرية، والذي وزعت الحكومة السابقة الكثير من أرض هذا الحريم على الناس -وقد يكونون من أهل القرية الأصليين أو ممن جاء مهاجرًا من قريةٍ أخرى لأن له وظيفةً في هذه القرية أو لغير ذلك من الأسباب- لبناء البيوت لأنفسهم، وقد بنوها وسكنوها وصارت كبلدةٍ مستقلة، مع العلم بأن الحكومة لم تكن قد خصصت للمسجد أرضًا يُقام عليها، والآن لما صار الأمر في بلادنا حكمًا ذاتيًّا لم يسمح إمام القرية لهم ببناء المسجد؛ قائلًا: إن الحريم حرام، ولا يجوز فيه حتى بناء المسجد.
والمسجد الذي بني على أرضٍ من حريم القرية؛ فهل لإمام القرية أن يقوم بوقفه لله تعالى لتصح فيه صلاة تحية المسجد والاعتكاف؟