تُوفيت والدتي بفيروس كورونا المستجد، وقام العاملون بمستشفى العزل بتجهيزها والصلاة عليها، ثم تسليمها لنا لدفنها، فأخذناها وصلينا عليها مرة ثانية، فما حكم هذه الصلاة الثانية؟
يجوز شرعًا تكرار الصلاة على الميت؛ سواء لمن لم يُدرك الصلاة عليه، أو لمن صَلَّى عليه وأراد الصلاة عليه مرة أخرى، أو لمن تُرْجَى بَرَكَتُهُ من أهل الفضل والصلاح؛ فَقد فعَل ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، وَتَبِعَهُ السلف الصالح.
المحتويات
هذه الصورة تعرف في كتب الفقه بتكرار الصلاة على الميت، وهي كصلاة من فاتته الجنازة، بأن كان وليًّا للميت، أو ممن ترجى بركته من أهل الفضل والصلاح، ومن فاتته الصلاة من هؤلاء ونحوهم حتى دفن الميت فلهم الصلاة على القبر.
وقد ورد في عدَّة أحاديثَ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلَّى على ميت بعد دفنه والصلاة عليه، منها ما جاء في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا أسود -أو امرأةً- كان يقُمُّ المسجد فمات، فسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه، فقالوا: مات، قال: «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ -أَوْ قَالَ: قَبْرِهَا-» فأتى قبرها فصلى عليها.
ولا يقال بالخصوصية؛ لأنه لو كان كذلك لما ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة يصلون معه؛ قال الحافظ ابن حبان في "صحيحه" (7/ 357، ط. مؤسسة الرسالة، بيروت): [ففي ترْك إنكاره صلى الله عليه وآله وسلم على من صَلَّى على القبر أبين البيان لمن وفقه الله للرشاد والسداد أنه فعلٌ مباحٌ له ولأُمَّته معًا، دون أن يكون ذلك بالفعل لهم دون أمته] اهـ.
وقال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (1/ 315، ط. المطبعة العلمية، حلب): [وفيه بيان جواز الصلاة على القبر لمن لم يلحق الصلاة على الميت قبل الدفن] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/ 553، ط. دار المعرفة، بيروت): [وفيه المكافأة بالدعاء، والترغيب في شهود جنائز أهل الخير، وندب الصلاة على الميت الحاضر عند قبره لمن لم يصل عليه] اهـ.
قد نصَّ على ذلك فقهاء الحنفية والشافعية:
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 314، ط. دار المعرفة، بيروت): [وأحب أن تكون الصلاة على الميت صلاة واحدة، هكذا رأيت صلاة الناس؛ لا يجلس بعد الفراغ منها لصلاة من فاتته الصلاة عليه، ولو جاء ولي له، ولا يخاف على الميت التغير فصلى عليه رجوت أن لا يكون بذلك بأس إن شاء الله تعالى] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 51، ط. دار الكتب العلمية): [(وإذا صُلِّي عليه) أي الميت (فحضر من) أي شخص (لم يصل) عليه (صلى) عليه ندبًا؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى على قبور جماعة، ومعلوم أنهم إنما دفنوا بعد الصلاة عليهم، وتقع هذه الصلاة فرضًا كالأولى، سواء أكانت قبل الدفن أم بعده، فينوي بها الفرض كما في "المجموع" عن المتولي ويثاب ثوابه] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 382، ط. مكتبة القاهرة): [فأما من أدرك الجنازة ممن لم يصل، فله أن يصليَ عليها، فعل ذلك عليٌّ وأنسٌ رضي الله عنهما، وسلمان بن ربيعة، وأبو حمزة ومعمر بن سمير] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنه يجوز شرعًا تكرار الصلاة على الميت؛ سواء لمن لم يُدرك الصلاة عليه، أو لمن صَلَّى عليه وأراد الصلاة عليه مرة أخرى، أو لمن تُرْجَى بَرَكَتُهُ من أهل الفضل والصلاح؛ فَعَلَ ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، وَتَبِعَهُ السلف الصالح، وهذا ما عليه الفتوى.
وفي واقعة السؤال: فصلاتكم على والدتكم التي توفيت بفيروس كورونا مرةً ثانية بعد أن صلَّى عليها العاملون بمستشفى العزل صحيحة شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
كيف نقوم بترميم مقبرة متهالكة؛ فقد توفيت خالتي وزوجها ودُفِنَا في مقبرة كانا يمتلكانها، وليس لهما وارث إلا إخوة وأخوات أشقاء لخالتي المتوفاة؛ ونظرًا لمُضي أكثر من ثلاثين عامًا على بناء هذه المقبرة، فقد تهالكت ولم يعُد يجدي معها الترميم، ولا يمكن دفن أحد جديد فيها، وللورثة الحق في الدفن فيها. فما الطريقة المناسبة لترميمها دون الوقوع في محظور شرعي؟
ما حكم قراءة القرآن في المآتم وسرادقات العزاء؟ وما حكم أخذِ الأجرة على هذا العمل؟ حيث إن هناك بعض الناس يزعم أن ذلك بدعة.
ما حكم نقل رفات الميت إلى قبر منفرد بعد دفنه؛ فقد توفي رجل، ودفن بمقابر أسرته، ويرغب أبناؤه في نقل رفاته بعد مرور عام؛ حيث تم الدفن مع شقيقته، فهل يجوز ذلك؟
ما الفرق بين الحساب الرياضي (الفلكي) والرؤية الشرعية؟
هل يعد الجهل عذرًا شرعيًّا لمن صدر منه ما ينافي الإسلام بحيث لا يُحْكَم بكفره؟ وما هو ضابط الجهل الذي يعد عذرًا؟
هل يجوز الصلاة على الميت في المسجد؟ وإذا دخل الميت المسجد بعد أداء فرض صلاة الظهر أو المغرب أو العشاء؛ فهل نصلي السنة أولًا، أو نقدم صلاة الجنازة؟