ما حكم وضع الجنائز فوق بعضها عند الصلاة عليها؟ فأنا أعمل في مستشفى لعزل المصابين بفيروس كورونا، وكثيرًا ما تحدث حالاتُ وفاةٍ كثيرةٌفي اليوم الواحد، وهذه الحالات تُجَهّز في المستشفى ويُصلى عليها، ونجد مشقَّةً في وضع صناديقِ الجنازات خلفَ بعضها؛ نظرًا لضيق المكان الذي نُصلي فيه، فاقترح أحد العاملين أن توضعَ الجنازات عند الصلاة عليها في (ركات) متعددة الطوابق بحيث يكون بعضها فوق بعض، كل جنازة في طابق، فهل هناك مانع شرعي من هذا؟
الأمر في ترتيب الجنائز وكيفية وضعها عند اجتماعها للصلاة عليها مبنيٌّ على السعة، وجارٍ على وفق المسموح به من مساحة المنطقة التي توضع فيها أمام الإمام، ولا مانعَ من عمل طوابق (ركات) متعددة الطوابقِ لوضْع الجنازات عند الصلاة عليها مجتمعةً؛ لأن ذلك لا يخرجُ عن مقصود الصلاة وشرطها، ولِما فيه من معنى الإسراع والتخفيف وهما مقصدانِ شرعيان، وحتى لا تشغل مساحات كبيرة، مع مراعاة احترام الموتى وصيانتهم عند وضعهم أو رفعهم من هذه الطوابق.
من المعلوم أن أمر الجنائز في ترتيبها وكيفية وضعها مبنيٌّ على السعة؛ إذ تواردت نصوص الفقهاء على أن الشأنَ وَاسعٌ في وضع الجنازات وكيفية ترتيبها عند اجتماعها للصلاة عليها، ما دام أنها توضع أمام الإمام إلى القبلة؛ فنصوا على أنه إذا وضعت الجنازات أمامَ الإمامِ واحدةً خلفَ واحدةٍ كان حسنًا، وإن جُعل الرجالُ صفًّا واحدًا، ثم الصبيان خلفهم، ثم النساء خلفهم مما يلي كان حسنًا، ويقوم الإمام وسطهم ويصلي عليهم، ويصنع بالنساء كما يصنع بالرجال، وإن وضعت الجنازات شبه الدرج؛ بأن تكون رأس جنازة الثاني عند صدر جنازة الأول كان حسنًا، وإن اختلف الترتيب في الصلاة وقدم النساء على الرجال والصغار على الكبار مضت الصلاة، ولم تجب إعادتها.
قال العلامة السرخسي في "المبسوط" (2/ 65، ط. دار المعرفة، بيروت): [(قال): وإذا اجتمعت الجنائزُ، فإن شاؤوا جعلوها صفًّا وإن شاؤوا وضعوا واحدًا خلف واحد، وكان ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى يقول: توضع شبه الدرج؛ وهو أن يكون رأس الثاني عند صدر الأول، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه أنه إن وُضِع هكذا فحسن أيضًا؛ لأن الشرط أن تكون الجنائز أمامَ الإمامِ وقد وجد ذلك كيف وضعوا، فكان الاختيار إليهم] اهـ.
وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني في "النوادر والزيادات" (1/ 628، ط. دار الغرب الإسلامي، بيروت): [وأما إن كثروا، مثل العشرين والثلاثين، فلا بأسَ أن يُجْعَلوا صفَّيْنِ وثلاثةً ممدودةً عن يمين الإمام ويساره، ويُقدَّم الأفضلُ والأسنُّ إلى الإمام وقُرْبه] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (2/ 278، ط. دار الغرب الإسلامي، بيروت): [الأَمرُ في ذلك وَاسعٌ؛ فلو أخطأ في ترتيب الجنائزِ للصلاة عليها، فقدّم النساء على الرجال والصغار على الكبار لمضت الصلاة ولم تجب إعادتها، وإن علم بذلك بالقرب قبل الدفن] اهـ.
وقال العلامة ابن المُلقن الشافعي في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (9/ 625، ط. دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث): [قيل: يوضع شبه الدرج؛ رأس الثاني عند صدر الأول، وإن شاؤوا جعلوها واحدًا بعد واحدٍ، وإن شاؤوا صفًّا واحدًا، وإن كان القوم سبعة: قاموا ثلاثة صفوف خلفه: ثلاثة، ثم اثنان، ثم واحد. قلتُ: والأولى عندي: اثنان ثم اثنان ثم اثنان؛ لكراهية الانفراد] اهـ.
وهذا كلُّه يقتضي أنَّ الأمرَ في ترتيبِ الجنائز واسعٌ، وأنه جارٍ على وفق المسموح به من مساحة المنطقة التي توضع فيها أمام الإمام، ولا يخفى الاحتياج -مع كثرة الجنازات- إلى وضعها في طوابق كما في السؤال، وأن ذلك لا يخرجُ عن مقصود الشرع في حصول الصلاة، وكونها أمامَ الإمام.
وبناءً على ذلك: فلا مانعَ من عمل طوابق (ركات) متعددة الطوابقِ لوضْع الجنازات عند الصلاة عليها مجتمعةً؛ لأن ذلك لا يخرجُ عن مقصود الصلاة وشرطها، ولِما فيه من معنى الإسراع والتخفيف، وهما مقصدانِ شرعيان، وحتى لا تشغل مساحات كبيرة، مع مراعاة احترام الموتى وصيانتهم عند وضعهم أو رفعهم من هذه الطوابق.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
يقول السائل: ما حكم الوقوف على القبر حتى الانتهاء من الدفن؟ وما ثواب ذلك شرعًا؟
ما حكم الدفن في مقبرة عُلْوِية إذا ضاقت المقبرة السفلية، واضطُّر لبناء مقبرة فوقها؟
ما حكم الصلاة على من أوصى بحرق جثته؟ وهل يسمح للإمام المسلم أن يصلي صلاة الجنازة في حالة وصية الميت أن تحرق الجثة؟
ما حكم صلاة الجنازة في الشارع بالنعال في زمن الوباء؟ حيث إنه نظرًا لِما تمرُّ به بلدان العالم ومنها مصر جرَّاء فيروس كورونا المستجد، والقرارات التي اتخذتها السلطات للحدِّ من انتشار هذا الوباء من غلق المساجد ونحوها من دُور العبادات، يقومُ المسلمون بالصلاة على الجنائزِ في الشوارع أو في الأماكنِ الواسعة، والكثير منهم يصلي على الجنازة دون أن يخلع نعليه، بدعوى أن هذا ليس مسجدًا، فهل صلاتهم بالنعال على هذا النحو صحيحة؟
ما حكم التعزية بقول المعزي لأهل الميت: (الله يُعَزِّيكُم)؟
ما حكم إقامة الشعائر والتجمعات في زمن الوباء؟ فالخطاب المرسل من فضيلة الشيخ رئيس لجنة الفتوى بالإدارة الدينية بجمهورية قازاخستان، والمتضمن: نستهل رسالتنا هذه بالشكر على خدمتكم التي تقدمونها للأمة الإسلامية، وندعو الله أن يوفقنا جميعًا على أعمال فيها مرضاته تعالى.
نظرًا لما يمر به العالم من انتشار مرض كورونا؛ يرى المتخصصون أن التجمعات الإنسانية هي من الأسباب الرئيسية في انتشار المرض وتداوله بين الناس، ومما يدل على ذلك: أن الشعائر والتجمعات التي تقام في المسجد كصلاة الجمعة وصلاة الجماعة وغير ذلك قد باءت خطرًا على أرواح المصلين.
فلذا نرجو من حضراتكم أن تشاركونا ما الإجراءات التي اتخذتموها؟ وما أصدرت لجنة الفتوى لديكم من فتاوى بشأن هذا الوضع؟ وفي أي حالة من الأحوال توقف صلاة الجمعة وغيرها من الشعائر؟ حفظكم الله وحفظ المسلمين من كل مرض وسوء، وجزاكم الله خيرًا.