حكم قيام الصيدلي بعمل خصم على سعر الأدوية بقصد الترويج

تاريخ الفتوى: 21 أكتوبر 2013 م
رقم الفتوى: 5576
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطب والتداوي
حكم قيام الصيدلي بعمل خصم على سعر الأدوية بقصد الترويج

ما حكم قيام الصيدلي بعمل خصم على سعر الأدوية بقصد الترويج؟ حيث يقوم بعض الصيادلة ببيع الأدوية بخصمٍ مُعَيَّنٍ أقلَّ مِمَّا هو مكتوبٌ ومُسَعَّرٌ جَبْرِيًّا مِن قِبَلِ وزارة الصحة؛ وذلك حتى يُرَوِّجَ لصيدليته الخاصة، وذلك على حساب زملائه الصيادلة، فهذا الصيدلي يَنْفَعُ المريضَ بِبَيْعِ الدواء بأقل مِن سعره الأصلي لكنه قد يَضُرُّ زملاءه الصيادلة الملتزمين بالتسعير الجبري والربح الجبري. فما الحكم الشرعي في ذلك؟

ما يقوم به بعض الصيادلة بِعَمَلِ خصوماتٍ على الأدوية هو أمرٌ جائز شرعًا، وفاعِلُها مُثابٌ على فِعلِهِ شرعًا، داخِلٌ في رحمة الله تعالى بتيسيره على المرضى؛ وذلك بشرط ألَّا يخالف تعليمات الجهات المختصة، ولا يضرّ بسوق الدواء، ولا يدخل في حد الإغراق الممنوع، فإذا أدَّى ذلك إلى الضرر رُفع الأمر إلى الجهات المختصة المسؤولة عن هذا الأمر لكي يُنَظِّمُوهُ بِمَا يُحَقِّقُ التوازن.

هناك فرقٌ بين تقليل الربح في البيع والتجارة من أجل المنافسة، أو حتى التيسير على الناس، وهو أمر محرّك لعجلة الإنتاج ويستفيد منه الجمهور، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَأَحَلَّ ٱللهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْ﴾ [البقرة: 275]، وبيَّن ما يُسَمَّى في الاقتصاد بـالإغراق (Dumping)، وهو مصطلح اقتصادي يقصد به بيع السلعة بثمن بخسٍ وكميات كبيرة لإخراج المنافسين والاستيلاء على السوق، وهذا الأخير مُضِرٌّ بالسوق في كثيرٍ مِن صُوَرِهِ وأشكاله، ومُخِلٌّ بقانون العَرْضِ والطَّلَبِ، ومُضْعِفٌ للاقتصاد الوطني، بما يُؤَثِّرُ على أمن الدول واستقرارها، كما يؤثر على العمالة الوطنية؛ ولذلك كان الإغراقُ مُجَرَّمًا على المستوى الدولي، وقد تَفَطَّنَ المسلمون لذلك قديمًا: فروى الإمام مالك في "الموطأ" أنَّ عمر بن الخطابِ مَرَّ بِحَاطِبِ بنِ أبي بَلْتَعَةَ رضي الله عنهما وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيبًا لَهُ بِالسُّوقِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: "إِمَّا أَنْ تَزِيدَ في السِّعْرِ وَإِمَّا أَنْ تُرْفَعَ مِنْ سُوقِنَا".
وأخرج البيهقي في "السنن الكبرى" مِن طريق الإمام الشافعي عن عمر رضي الله عنه "أنّه مَرَّ بِحَاطِبٍ بِسُوقِ الْمُصَلَّى، وَبَيْنَ يَدَيْهِ غَرَارَتَانِ فِيهِمَا زَبِيبٌ، فَسَأَلَهُ عَنْ سِعْرِهِمَا، فَسَعَّرَ لَهُ مُدَّيْنِ لِكُلِّ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَدْ حُدِّثْتُ بِعِيرٍ مُقْبِلَةٍ مِنَ الطَّائِفِ تَحْمِلُ زَبِيبًا، وَهُمْ يَعْتَبِرُونَ بِسِعْرِكَ، فَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ فِي السِّعْرِ، وَإِمَّا أَنْ تُدْخِلَ زَبِيبَكَ الْبَيْتَ فَتَبِيعَهُ كَيْفَ شِئْتَ. فَلَمَّا رَجَعَ عُمَرُ حَاسَبَ نَفْسَهُ، ثُمَّ أَتَى حَاطِبًا فِي دَارِهِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الَّذِي قُلْتُ لَيْسَ بِعَزْمَةٍ مِنِّي، وَلَا قَضَاءٍ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَرَدْتُ بِهِ الْخَيْرَ لِأَهْلِ الْبَلَدِ، فَحَيْثُ شِئْتَ فَبِعْ، وَكَيْفَ شِئْتَ فَبِعْ".
فلَم يأذن عمر رضي الله عنه بِبَيْعِ حاطبٍ بسعرٍ أقلَّ مِن السعر المُتَدَاول به في السوق إلَّا بَعْدَ أن تَبَيَّنَ له بَعْدَ النَّظَرِ أنَّ ذلك لا يَضُرُّ بمَصلَحَةِ التُّجَّارِ، وإلَّا لَم يُخَيِّرْه.
قال الحافظ أبو عمر بن عبد البَرِّ في "الاستذكار" (6/ 413، ط. دار الكتب العلمية): [قال الليث: وقال ربيعة: السُّوقُ موضع عصمة ومنفعة للمسلمين؛ فلا ينبغي للوالي أن يتركَ أهل الأسواق وما أرادوه مِن أنفسهم إذا كان في ذلك فسادٌ لغيرهم، ولو كان في ذلك إخراجهم مِن السُّوق وإدخال غيرهم فيه] اهـ.
أما مُجَرَّدُ إرخاص السلع وتقليل الربح فيها تيسيرًا على الناس في شرائها أو جَذْبًا للمشترين وتنافُسًا في استقطاب الجمهور فهو أمرٌ محمودٌ شرعًا وعُرفًا، والضابط فيما بين ذلك وبين الإغراق الممنوع هو الإضرار بالسوق، وقد حَدَّدَت القراراتُ واللوائحُ الاقتصاديةُ صُوَرَ الإغراق المـُجَرَّم.
والشرعُ وإنْ كان وَسَّعَ التنافُسَ في التجارة وإثراء الاقتصاد بتقليل الربح والتيسير على الناس إلَّا أنَّ ذلك مَشرُوطٌ بعدم الضرر العامِّ؛ ولذلك جُعِلَ للحاكم تقييدُ المباح بما يراه محققًا للمصلحة العامة، وهذه اللوائح ما هي إلَّا ترجمةٌ للتجارب الاقتصادية في حياة الأفراد والمجتمعات، وأما الضَّررُ الظَّنِّيُّ المُدَّعَى غيرُ متحقّق الوقوع والذي لا يتساوى فيه أفراد التُّجَّار ولا يضرّ بالسوق العام الذي يؤثر في الاقتصاد الوطني فإنه لا يترتب عليه تحريمٌ، ولا يجب على الحاكم المَنْعُ منه؛ إذْ إنَّ الضررَ المتحققَ الوقوعِ يُحَدِّدُهُ الخبراءُ الاقتصاديون دُونَ غيرهم، وهو الذي حَدَّدَتْهُ اللوائح والقوانين التي أشرنا إليها.
والغرض مِن تسعير الأدوية الذي قامت به وزارة الصحة وألزمت به التجار هو عدم زيادة سعر الدواء على المريض وضمان سلامة الدواء، فإذا كان الدواء صحيحًا مطابقًا للمواصفات القياسية الموضوعة للأدوية؛ مِن سَرَيَان صلاحيتها، وعدم فسادها بتعرضها للأجواء غير المناسبة لها أو تخزينها بطرقٍ غير صحيحة، وعدم الغش فيها: فإن إنقاص سعره بمجرده لا يترتب عليه حكمٌ شرعيٌّ بالحُرمة؛ بل إن صاحبه يُثاب على نيته وقصده إذا قصد بذلك التخفيف على المحتاجين والمرضى والتيسير على الناس، ومِثل هذا التصرف قد دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لصاحبه بالرحمة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والبخاري في "الصحيح" مِن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، واللفظ له.
إلَّا أنْ يَتَّخِذَ هذا الإنقاصُ شَكْلًا مِن الأشكال الممنوعة التي تَضُرُّ بالاقتصاد أو بقطاع الصيادلة.
وبِناءً على ما سَبَقَ: فإنَّ قيامَ بعض الصيادلة بِعَمَلِ خصوماتٍ على ما يبيعونه مِن أدويةٍ هو أمرٌ لا حرج فيه شرعًا، بل هو مِن الممارَسات الاقتصادية التي تُسْهِمُ في تحريك عَجَلَةِ الإنتاج، وتُيَسِّرُ على كثيرٍ مِن الناس أمورَ معيشتهم وعلاجهم، وفاعِلُها مُثابٌ على فِعلِهِ شرعًا، داخِلٌ في رحمة الله تعالى بتيسيره على المُشتَرِين؛ وذلك بشرط ألَّا يخالف تعليمات الجهات المختصة، ولا يضرّ بسوق الدواء، ولا يدخل في حد الإغراق الممنوع، فإذا أدَّى ذلك إلى الضرر كان للقائمين على قطاع الأدوية أنْ يُنَظِّمُوهُ بِمَا يُحَقِّقُ التوازن ويُقَلِّلُ الخسائر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم ذبح الحيوان المصاب بالحمى القلاعية؟ حيث انتشر في بعض البلاد الريفية مرض "الحمى القلاعية"، ونَوَدُّ السؤال عما يلي:
أولًا: هل يجوز بيع الحيوانات المصابة بهذا المرض؟ وما حكم من يُخفي هذا المرض عند البيع؟ وما الحكم فيمن اشترى حيوانًا، واكتشف بعد شرائه إصابته بهذا المرض؟
ثانيًا: هل تجزئ الأضحية بالحيوانات المصابة بهذا المرض؟
ثالثًا: ما حكم تهريب الحيوانات المصابة بهذا المرض وإدخالها إلى البلاد بطرق غير مشروعة؟


ما حكم رفع الأجهزة الطبية عن المريض الميؤوس من شفائه، وما الفرق بين ذلك والقتل الرحيم؟


هل يجوز لأطباء الامتياز ممارسة مهنة الطب بالأجر أثناء سنة الامتياز إن غلب على ظنِّ طبيب الامتياز أنه لا يضر المرضى، وأنه وصل إلى الكفاءة المطلوبة في الفرع الذي سيمارس المهنة عمليًّا فيه؟ علمًا بأن التدريب يكون مُقسَّمًا إلى فروع: شهرين في فرع من فروع الطب كالباطنة، ثم شهرين أو أكثر في فرع آخر، وهكذا.
فهل له أن يعمل فيما أتمَّ التدريب فيه قبل إنهاء سنة الامتياز؟


ما حكم استخدام بخاخ الفم حال الصيام؟ فأنا أُعاني من تقرحات شديدة بالفم، وأرشدني الطبيب إلى استخدام بخاخ الفم عدة مرات أثناء اليوم، فهل يؤثر استخدامهما على صحة صومي؟


سائل يسأل عن الإفادة الشرعية في خصوص الاستعانة بذوي الخِبْرة في علاج الإدمان، ويطلب بيانًا في ذلك الأمر.


ما حكم تركيب أطراف صناعية؟ حيث تذكر السائلة أن الله تعالى رزق ابنها الوحيد بطفلة جميلة إلا أنها وُلدت ببتر خِلْقي بالذراع اليسرى -نصف ذراع من دون كف- وأن الطبيب أفادها بأنه يمكن تركيب أطراف صناعية للطفلة عند بلوغها أربع سنوات، والسؤال: هل في مثل هذه الحالة يجوز تركيب الأطراف الصناعية أم يكون ذلك اعتراضًا على حكم الله تعالى؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :39
الظهر
12 : 50
العصر
4:21
المغرب
7 : 2
العشاء
8 :20